الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حوادث] سنة أربع وخمسين وثلاثمائة
فيها عُمل يوم عاشوراء ببغداد مأَتَمُ الحسين كالعامَ الماضي [1] .
وفيها وثبت غلمان سيف الدولة على غلامه نجا الكبير وضربوه بالسيوف، وكان أكبر غلمانه ومُقَدَّم جيشه [2] .
وسار سيف الدولة إلى خِلاط فملكها وكانت لنجا [3] .
وفيها تُوُفِّيت أخت مُعِزّ الدولة ببغداد، فنزل المطيع في طيّارة إلى دار مُعِزّ الدولة يعزّيه، فخرج إليه معزّ الدولة ولم يكلّفه الصعودَ من الطيّارة، وقبّل الأرض مَرات، ورجع الخليفة إلى داره [4] .
وفيها بنى نقفور [5] ملك الروم قَيْساريّة، بناها قريبا من بلاد المسلمين
[1] المنتظم 7/ 23.
[2]
انظر: تكملة تاريخ الطبري- ص 189، النجوم الزاهرة 3/ 339، الأعلاق الخطيرة- ج 3 ق 1/ 307 و 308.
[3]
خلاط: بكسر أوّله، وآخره طاء مهملة، قصبة أرمينية الوسطى. (معجم البلدان 2/ 380 و 381) .
[4]
انظر: البداية والنهاية 11/ 255، المنتظم 7/ 23 و 24، النجوم 3/ 339.
[5]
في الأصل «يقفور» .
وسكنها ليغير كلّ وقت، وترك أبناءه بالقسطنطينية، فبعث أهل طَرَسُوس والمَصِّيصة إليه يسألونه أن يقبل منهم حِمْلًا كل سنة، ويُنْفِذ إليهم نائبا له يقيم عندهم، فأجابهم، ثم رأي أنّ أهل البلاد قد ضَعُفوا جدًّا وأنّهم لا ناصر لهم، وأنّهم من القحط قد أكلوا الميتة والكلاب، وأنّه يخرج كل يوم من طرسوس ثلاثمائة جنازة، فبدا له في الإجابة، ثم أحضر رسولهم وقال: مَثَلُكُمْ مِثْل الحّية في الشتاء إذا لحقها البرد ضعُفَتْ وذبلت حتى يظنّ الظانّ أنّها ميّتة، فإذا أخذها إنسان وأحسن إليها ودفّاها انتعشت ولدغته قتلته، وأنا إنْ أترككم حتى تستقيم أحوالكم تأذَّيت بكم، ثم أحرق الكتاب على رأس الرسول فاحترقت لحيته، وقال: قم، ما لهم عندي إلّا السيف. ثم سار بنفسه إلى المَصِّيصة ففتحها بالسيف في رجب، وقتل وسبى وأسر ما لا يُحصَى، ثم سار إلى طَرَسوس فحاصرها، فطلب أهلُها أمانًا، فأعطاهم، ففتحوا له، فدخلها، ولقي أهلَها بالجميل، وأمرهم بالخروج منها وأن يحمل كل واحد من ماله وسلاحه ما أطاق، ففعلوا، وبعث من يَخْفُرُهم إلى أنطاكية، وجعل الجامع إصطَبْلًا لدوابّه، وعمل فيها وفي المَصِّيصة جيشًا يحفظونهما وأمر بتحصينهما. وقيل رجع جماعة من أهل المَصِّيصة إليها وتنصّروا [1] .
وكان السبب في فتح المَصّيصة أنهّم هدموا سُورها بالثقوب، فأشار عليهم رجل بحيث أن يُخْرِجوا الأسارى ليعطف عليهم الملك نقفور [2] ، فأخرجوهم، فعَّرفه الأسارى بعدم الأقوات، وأطمعوه في فتحها، فزحف عليها. ولقد قاتل أهلها في الشوارع حتى أبادوا من الروم أربعة آلاف، ثم غلبوهم بالكثرة وقتلوهم وأخذوا من أعيانهم مائة ضربوا رقابهم بإزاء طرسوس، فأخرج أهل طَرَسُوس مَن عندهم من الأسرى فضربوا أعناقهم على باب البلد، وكانوا ثلاثة آلاف [3] .
[1] في الأصل «تبصّروا» . والتصويب عن المنتظم 7/ 24. وانظر: تكملة تاريخ الطبري 190، زبدة الحلب 1/ 142، 143، الكامل 8/ 560، 561، تجارب الأمم 2/ 211، تاريخ الأنطاكي.
[2]
في الأصل «يقفور» .
[3]
راجع في هذا: تكملة تاريخ الطبري 190، تجارب الأمم 2/ 210- 212، المنتظم 7/ 24،
وفيها حجّ الركبِ [1] من بغداد.
وفيها تُوُفّي شاعر زمانه أبو الطيّب أحمد بن الحسين الجعفي المتنّبي عن نيّف وخمسين سنة، قُتل بين شيراز وبغداد وأُخِذ ما معه من الذهب [2] .
ومن بقايا سنة أربع اشتدّ الحصار كما ذكرنا على مدينة طَرَسُوس، وتكاثرت عليهم جموع الروم، وضعُفَتْ عزائمهم بأخذ المَصِّيصة وبما هم عليه من القِلّة والغلاء، وعجز سيف الدولة عن نجدتهم، وانقطعت الموادّ عنهم. وطال الحصار وخُذِلوا، فراسلوا نقفور [3] ملك الروم في أن يُسلّموا إليه البلد بالأمان على أنفسهم وأموالهم، واستوثقوا منه بأيمان وشرائط.
ودخل طائفة من وكلاء الروم فاشتروا منهم من البَزّ الفاخر والأواني المخروطة، واشتروا من الروم دوابّ كثيرة تحملهم، لأنه لم يبق عندهم دابّة إلا أكلوها [4] ، وخرجوا بحريمهم وسلاحهم وأموالهم، فوافى فتح [5] الثمليّ من مصر في البحر في مراكب، واتّصل بملك الروم خبرُهُ، فقال لأهل طَرَسوُس:
غدرتم! فقالوا: لا والله لو جاءت جيوش الإسلام كلها، فبعث إلى الثمليّ: يا
[ () ] ابن الأثير 8/ 560 و 561، البداية والنهاية 11/ 254 و 255، العبر 2/ 299، دول الإسلام 1/ 220.
[1]
وقد تقلّد إمارة الحاج ونقابة الطالبيين الشريف أبو أحمد الحسين بن موسى الموسوي، والد الرّضى والمرتضى. (انظر: ابن الأثير 8/ 565 و 566، البداية والنهاية 11/ 255) . وفي الأصل وردت العبارة «حجّ الراكب» .
[2]
ستأتي ترجمته.
[3]
في الأصل «يقفور» .
[4]
في الأصل «أكلوه» .
[5]
في الأصل «ثج» ، وفي حاشية تجارب الأمم 2/ 222 نقلا عن الذهبي «تبح» ، وما أثبتناه عن:
ماريوس كانار في: نخب تاريخية وأديبة جامعة لأخبار الأمير سيف الدولة الحمداني- ص 186- طبعة الجزائر 1921، وتاريخ الأنطاكي (بتحقيقنا) ، وجاء في زبدة الحلب 1/ 148 «تنج» .
هذا لا تُفْسِد [1] على القوم أمرهم، فانصرف، ثم عمل نقفور [2] دعوة لكبار أهل البلد وخلع عليهم، وأعطاهم جملة وَخَفرهم بجيشه حتى حصّلوا ببغراس [3] ، وحصل منهم خمسة آلاف بأنطاكية، فأكرمهم أهلها. ثم دخلت الروم مدينة طَرَسُوس فأحرقوا المنبر وجعلوا المسجد إِصْطَبْلًا [4] .
وأما سيف الدولة فإنه سار إلى أرْزَن [5] وأرمينية، وحاصر بَدْلِيس [6] وخلاط، وبها أَخَوَا نجا غلامه عَصَيَا عليه، فتملّك المواضع ورَدَّ إلى مَيّافارقين [7] . وعمد [8] أهل أنطاكية وطردوا نائب سيف الدولة عنهم، وقالوا نُداري ببيت المال ملكَ الروم أو ننزح [9] عن أنطاكية فلا مُقام لنا بعد طَرَسُوس، ثمّ إنّهم أَمَّروا عليهم رشيق النَّسَيْمِيّ [10] الذي كان على طَرَسوس، فكاتب ملك الروم على حمل الخراج إليه عن أنطاكية، فتقّرر الأمر على حمل أربعمائة ألف درهم في السنة، وجعل على كل رأس من المسلمين والنصارى ثلاثين درهمًا [11] . والأمر للَّه.
[1] في الأصل «يفسد» .
[2]
في الأصل «يقفور» .
[3]
بفتح الباء الموحّدة وسكون الغين المعجمة وفي آخرها سين مكان الزاي- مدينة في لحف جبل اللّكام، مطلّة على نواحي طرسوس. (معجم البلدان 1/ 467) وقد وردت في الأصل «سغراش» .
[4]
راجع في ذلك: تكملة تاريخ الطبري 190، تجارب الأمم 2/ 211، ابن الأثير 8/ 561، المنتظم 7/ 24، العبر 2/ 299، دول الإسلام 1/ 220، البداية والنهاية 11/ 255.
[5]
في الأصل «أررن» والتصويب من تجارب الأمم- الحاشية- ص 212، نخب تاريخية 186.
و «أرزن» : بالفتح ثم السكون وفتح الزاي ونون. مدينة مشهورة قرب خلاط، كانت من أعمر نواحي أرمينية. (معجم البلدان 1/ 150) .
[6]
الأعلاق الخطيرة- ج 3 ق 1/ 309.
[7]
بدليس: بالفتح ثم السكون وكسر اللام وياء ساكنة وسين مهملة. بلدة من نواحي أرمينية قرب خلاط ذات بساتين كثيرة. (معجم البلدان 1/ 358) .
[8]
في الأصل «عمل» ، والتصويب عن تجارب الأمم، ونخب تاريخية.
[9]
في الأصل «ينزح» .
[10]
انظر عنه: ابن الأثير 8/ 561 و 562، البداية والنهاية 11/ 255، معجم البلدان 4/ 28، تجارب الأمم 214.
[11]
ينفرد الذهبي بين المصادر المتوافرة لدينا بهذا النص.