الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى عنه أيضا الحافِظُ الضياء، وقال: تُوُفّي في رجب أو شعبان. وكذا قال المُنذريّ [1] . وروى عنه ابن النجار، وآخرون.
حرف الصاد
234-
صَدَقَة بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ [2] أَبِي بَكْرِ بْنِ فتوح. أبو القاسم، اللَّخْمِيّ، الْجَرِيريُّ، الحُسَينيّ. وبنو حُسَيْن: بَطْن من بني جرير اللَّخْميّين، ويُعْرَفُ هذا بابن الكَيّال، الإِسْكندَرانيّ.
وُلِدَ سَنَة سبع وثلاثين وخمسمائة.
وسمع من: السلفي، وأبي محمد العثماني، وأبي طالب اللَّخْمِيّ.
وحدَّث. ولَهُ شعر، وفَضِيلة، ومروءة.
تُوُفّي في سَلْخ المحرَّم.
235-
صفية بنت أبي طاهر [3] عبد الجبّار بن أبي البقاء هِبَه الله بن القاسم ابن البُنْدار الحَرِيميّ. أمُّ الخَيْر.
سَمِعْتُ من ابن البَطِّي، وكَرَم بن أحمد بن قُنَيَّة [4] . وكانت صالحة قانِتَةً، عابِدة. سَمِعوا منها مرّاتِ، وروى عنها الدُّبَيْثيّ، وابن نُقْطَة، وروى لنا عنها الأبَرْقُوهيّ «جزء» البانياسيّ.
وماتت في سابع صَفَر.
وكَرَم: فمن طلبة الحديث، يَرْوي عن أبي غالب ابن البَنَّاء.
حرف العين
236-
عبد الله بْن أحمد [5] بْن أبي بكر. أبو القاسم. الهَمَذَانيّ، ثمّ
[1] في التكملة 3/ 206.
[2]
انظر عن (صدقة بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 198، 199 رقم 2145.
[3]
انظر عن (صفية بنت أبي طاهر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 200، 201 رقم 2148، والمختصر المحتاج إليه 3/ 265 رقم 1411.
[4]
قنيّة: بضم القاف وفتح النون وتشديد الياء آخر الحروف وفتحها وبعدها تاء تأنيث.
(المنذري) .
[5]
انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 213 رقم 2174.
البَغْداديُّ، الظَّفَرِيُّ، الخَيَّاط، المقري.
سَمِعَ من أبي الفتح بن البطّي. وحدّث. ومات في ذي الحِجَّة.
237-
عبد الله بن جميل [1] بن أحمد بن محمد. أبو إبراهيم وأبو موسى، البَرَدانيّ [2] ، الفِيجِيُّ [3] .
مات بالفِيَجَة.
وحدَّث عن أبي نصر عبد الرحيم اليوسفيّ ب- «جزء» ابن عَرَفَة. وكان صالحا، خيِّرًا.
روى عنه الضّياء، وأثنى عليه، وعمر ابن الحاجب. وحدّثنا عنه العزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ. قرأتُ وفاتَه بخطِّ الضّياء: في ربيع الأول. وقال المُنذريّ: في رابع جُمَادَى الأولى.
238-
عَبْدُ الله بن عُثمان [4] بن يوسُف المَقْدِسيُّ.
قال الضّياء: كَانَ فيما علِمنا من عباد الله الصّالحين، لم تُعرف لَهُ صَبْوةُ ولا زلّة. وكان صابرا على الفَقْر والقِلَّة مُتَوَرِّعًا، يقرأ القرآن قراءة حَسَنة، وقرأ عليه جماعةٌ. وحدَّثني إبراهيمُ بن أبي الفَرَج جارُهُ قال: لم يترك القراءة إلّا ليلة واحدة، وكان يقرأ اللّيل والنّهار رضي الله عنه.
مات في خامس عشر المحرَّم بالْجَبَل.
239-
عبد الله بن نصر [5] بن أبي بكر بن مُحَمَّد الحَرّانيّ.
قاضي حرّان، أبو بكر، الفقيه الحنبليّ، المقرئ.
[1] انظر عن (عبد الله بن جميل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 204 رقم 2156.
[2]
وهو منسوب إلى وادي بردي الموضع المعروف بدمشق.
[3]
وهو منسوب إلى الفيجة، من قرى وادي بردي الغوطة الغربية.
[4]
انظر عن (عبد الله بن عثمان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 197 رقم 2141.
[5]
انظر عن (عبد الله بن نصر) في: الإعلام بوفيات الأعلام 257، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والعبر 5/ 98، 99، والمختصر المحتاج إليه 2/ 175 رقم 816، وسير أعلام النبلاء 22/ 272 دون ترجمة، والمنهج الأحمد 362، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 171، ومختصره 63، والمقصد الأرشد، رقم 548، والدر المنضد 1/ 357 رقم 1002.
دخل إلى بغدادَ وفقَّه بها على غيرِ واحدٍ.
وسَمِعَ من: شُهْدَةَ الكاتبة، وعبدِ الحقّ اليُوسُفيّ، وعيسى بْن أَحْمَد الدُّوشابيّ، وتَجَنّي الوَهْبانية. وانحدرَ إلى واسطَ، فقرأ بها القراءات على أبي طالب الكَتَّانِيّ، وأبي بكر الباقِلّانيَ، وابن قُشام القاضي.
وَوَلِيَ القضاءَ ببلده، وأقرأ القراءاتِ، وحُمِدَتْ سيرتُهُ. وفي ذُرّيته قضاةٌ وفُضلاء. وقد صَنَّفَ في القراءات، وسَمِعَ منه جماعةٌ.
ووُلِدَ سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
روى عنه الضّياء، وابن الحاجب. وَأَخْبَرَنَا عنه سِبْطُه أبو الغنائم بن محاسن، والشهاب الأبَرْقُوهيّ. وقال الضّياء: أخبرني بعضُ أقاربه أنَّه تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين.
240-
عبدُ الله بن يحيى [1] بن أبي البركات.
أبو مُحَمَّد، القُرَشيّ، المَهْدَوِيُّ، ثمّ الإِسْكندَرانيّ.
شيخٌ صالحٌ، عابدٌ. وُلِدَ بعد الأربعين. وقَدِمَ الإسكندرية، وسكنَها، وسَمِعَ بها من السِّلَفيّ. ومات في صفر.
241-
عبد الله بن يعقوب [2] بن يوسُف بن عبد المؤمن.
السُّلطان، أبو محمد، المُلَقَّب بالعادل.
بويع بالمغرب إثر خَلْع ابن عَمِّهم عبد الواحد سَنَةَ إحدى وعشرين. ولم يستقِلَّ بالمملكة، بل كَانَ أخوه المأمون أبو العُلى منازِعًا لَهُ، ثمّ قويَ المأمون ودخلَ قصر الإمارة بمرَّاكِش، وقَبَض على العادل في عام أربعة هذا وأحسبه قُتِلَ. فكانت دولتُه أقلَّ من أربعٍ سنين، آخرها في شوّال.
[1] انظر عن (عبد الله بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 201 رقم 2150.
[2]
انظر عن (عبد الله بن يعقوب) في: المختصر في أخبار البشر 3/ 138، والمعجب لعبد الواحد المراكشي 416، وسير أعلام النبلاء 22/ 341، 342 رقم 209، وتاريخ ابن الوردي 2/ 149، والاستقصاء 1/ 196، والوافي بالوفيات 17/ 681 رقم 579، ومآثر الإنافة 2/ 87، والحلل الموشية 124، وشرح رقم الحلل 203، 204، وتاريخ الدولتين الموحّدية والحفصية 15.
242-
عبد البرّ ابن الحافظ أَبِي العلاء [1] الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن الحَسَن الهَمَذَانيّ، العَطّار. أبو محمد.
سَمِعَ: أباه، وعليّ بن مُحَمَّد المُشْكاني راوي «تاريخ» البُخاريّ الصَّغير، ونصر بن مُظَفَّر البَرْمكيّ، وأبا الخير الباغبان، وأبا الوَقْت السِّجْزِيّ، وجماعة.
روى عنه: الضّياء، والصَّدْر البَكْريّ، والزَّكيّ البِرْزَاليُّ، وسائر الرَّحّالة.
وقرأت بخطّ ابن نُقْطَة [2] : أنَّه سَمِعَ من عليّ بن مُحَمَّد المُشْكانيّ «تاريخ» البخاريّ الصَّغير. قال: وذكر لي إسحاق بن مُحَمَّد بن المؤيِّد المِصْريّ: أنّ شيخنا عبد البرّ بن أبي العَلاء تَغَيَّر بَعْدَ سَنَة عشر وستمائة، (وبَلَغَنا أنَّه ثابَ إليه عقلُهُ قبل وفاته بقليل، وحدَّث، وأنّه تُوُفّي بِرُوذْرَاوَر في شعبان من سَنَة أربعٍ وعشرين)[3] .
قلت: وَسَمِعْنَا بإجازته من الشَّرَف أحمد بن عَسَاكر.
243-
عبد الجبَّار بن عبد الغنيّ [4] بن عليّ بن أبي الفضل بْن عليّ بْن عبد الواحد بْن عَبْد الضّيف الأنصاريّ. ابن الحَرَستانيَ، الشافعيّ، الفقيه المُفْتِي، كمال الدِّين، أبو محمد.
نقلتُ ذلك كلّه من خطّ ابن الدُّخْمَيْسِيّ.
سَمِعَ: أبا القاسم الحافظ، وأبا سَعْد بن أبي عَصْرون. وأجاز لَهُ خطيب المَوْصِل أبو الفضل، والحافظ أبو موسى المَدِينيّ.
سَمِعَ منه: الزَّكيّ البِرْزَاليُّ، وخَرَّج لَهُ «جزءا» ، وأبو حامد ابن الصابونيّ، وابن الدُّخْمَيْسي، والفخر محمد بن مُحَمَّد ابن التّبني.
[1] انظر عن (عبد البر بن أبي العلاء) في: التقييد لابن نقطة 391 رقم 509، والمعين في طبقات المحدّثين 192 رقم 2038، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والإعلام بوفيات الأعلام 257، والعبر 5/ 99، وسير أعلام النبلاء 22/ 263، 264 رقم 150، والوافي بالوفيات 18/ 29 رقم 23، ولسان الميزان 3/ 385، 3016 رقم 1538.
[2]
في التقييد 391.
[3]
ما بين القوسين لم يرد في المطبوع من التقييد.
[4]
انظر عن (عبد الجبار بن عبد الغني) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 160، وسير أعلام النبلاء 22/ 272 دون ترجمة، والوافي بالوفيات 18/ 40 رقم 40.
وَأَخْبَرَنَا عنه أبو الفضل بن عساكر.
تُوُفّي في شعبان سَنَة أربعٍ وعشرين وستمائة.
وقال ابن الحاجب: مولده سنة تسع وأربعين وخمسمائة، ودرَّس بالكلَّاسَةِ، والأَكزيَّة، وهُوَ مِن بيت ابن طُلَيْس.
244-
عبد الرحمن بن إِبْرَاهِيم [1] بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل بن منصور. الإمام، بهاء الدِّين أبو محمد المَقْدِسيُّ، الحَنْبَليّ.
وُلِدَ بقرية السَّاويا من الأرض المُقدَّسَةِ في سنة خمس أو ستّ وخمسين وخمسمائة. وكان أبوهُ يَؤُمُّ بأهلها، وهي من عَمَل نابلس. وأُمُّه ستُّ النّظر بنت أبي المكارم. هاجَرَ به أبوه نحوَ دمشق سِرًّا وخِفْيه من الفِرَنْج والبلادُ لهم، ثمّ سافَرَ أبوه إلى مصرَ تاجرا، فماتت أُمُّهُ وكَفِلَتْهُ عَمَّتُه فاطمة زوجةُ الشيخ أبي عُمَر. ولَمّا قَدِمَ الحافظُ عبدُ الغنيّ من الإِسكندرية دَرَّبَهُ على الكِتابة، وأعطاه رِزْقًا، وخَتَمَ القرآن في نحو سَنَة سبعين. ثمّ رَحَلَ في سَنَةِ اثنتين وسبعين في حلبة الشيخ العِماد، فسَمِعَ بحرَّان من أحمد ابن أبي الوفاء، وكان بحرَّان سُلَيْمانُ بن أبي عطاف، وغيرُه من المقادسة.
قال البهاءُ: فألِفْتُهم وأُشِيرَ عليَّ بالمَقام بها لأُجَوِّد حفظَ الخَتْمةِ، فقعدتُ بها في دار ابن عَبْدوس فأحسن إليَّ، وقرأت القرآن على جماعةٍ في ستّة أشهر، وصلّيت التّراويح بهم وكنتُ أستحي كثيرا فَأَفْرُغُ وقد ابتلَّ ثوبي من العَرَق في البَرْد، فجمعوا لي شيئا من الفِطْرة من حيثُ لا أعلم، واشترى لي ابن عَبْدوس دابَّةً وجَهَّزني، وسافرتُ مع حُجَّاج حَرَّان إلى بغدادَ، وقد سبقني
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 212 رقم 2173، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 234، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والإعلام بوفيات الأعلام 257، والمعين في طبقات المحدّثين 193 رقم 2048، والعبر 5/ 99، والمختصر المحتاج إليه 2/ 194 رقم 842، وسير أعلام النبلاء 22/ 269- 271 رقم 154، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 170- 172، ومختصره 62، والمنهج الأحمد 361، وتاريخ علماء بغداد للسلامي 780، والوافي بالوفيات 18/ 96 رقم 106، وذيل التقييد 2/ 81 رقم 1190، والمقصد الأرشد، رقم 564، والنجوم الزاهرة 6/ 269، والدر المنضد 1/ 356 رقم 1001، والتذكرة لابن عبد الهادي، ورقة 27، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 99، وشذرات الذهب 5/ 114، ومعجم المؤلفين 5/ 112.
العمادُ ومعه ابن أخته عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر، والشهابُ مُحَمَّد بن خَلَف، فسمعتُ بالمَوْصِل على خطيبها «جزءا» . ثمّ دخلتُ بغدادَ وقد ماتَ الشيخُ عليّ البطائحيّ فَحَزِنْتُ كثيرا، لأنّني كنتُ أُريد أن أقرأ عليه الخَتْمَة. ثمّ سَمِعَنا الحديثَ، فأوَّل جزء كتبته «جزء» من حديث مالك على شُهْدَةَ ولم نُدْرِكْ أعلى سندا منها، وسمعنا عليها «معاني القرآن» للزجّاج، و «مصارع العشّاق» للسّرّاج، و «موطّأ» القَعْنَبيّ. وسمعت على عبد الحقّ بن يوسُف كثيرا، وكان من بيت الحديث فإنَّه رَوَى عَن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، وكان صالحا فقيرا، وكان عَسِرًا فِي السَّماع جِدًّا. وسمعنا عليه «الإِبانة» للسِّجْزِيّ بقراءة الحافظ عبد الغنيّ، ومرضتُ ففاتني مجلسٌ، وكان يمشي معي مِن بيته إلى مكّيّ الغَرّاد فيُعيد فُوتِي [1] ، ورزُقت منه حظّا، لأَنَّه كَانَ يراني مُنْكَسرًا مُواظبًا، وكان يُعيرني الأجزاءَ، فأكتبها، وألهِمَ فِي آخر عِمره القرآن فكان يقرأ كُلَّ يوم عشرين جزءا أو أكثر.
وسمعت على أبي هاشم الدُّوشابيّ، وكان هَرَّاسًا يُربّي الحَمَام، فقلتُ لرفيقي عبد الله بن عُمَر: أريدُ أفاتحه في الطّيور عسى يَلْتَفِتُ علينا، فنقرأ عليه هذين الجزءين فقال: لا تَفْعَل. فقلتُ: لا بُدَّ من ذلك، فقلت: يا سيّدي إنْ كَانَ عندكَ من الطُّيور الجياد تُعطينا وتُفيدنا، فالتفتَ إليَّ قال: يا بُنيّ عندي الطَّيرة الفُلانية بنت الطَّيرة الفُلانية، ولي قَنْصٌ من فُلان، وانبسط، فسمعنا عليه الْجُزءين ولم نَعُدْ إليه.
وسمعنا على ابن صِيلا، وأبي شاكر السّقلاطونيّ، وتجنّي، وابن يلدرك، ومنوجهر، وابن شاتيل- وكان لَهُ ابنٌ شيخٌ إذا جَلَسنا تبيَّنَ كأنَّه الأبُ، وعَمِيَ على كِبَرٍ، وبقي سبعين يوما أعمى، ثمّ بريء وعادَ بصرُهُ- يعني الابن- فسألنا الشيخَ عن السبب فذكر لنا: أنَّه ذهب به إلى قبر الإِمام أحمد وأنّه دَعا وابتهلَ، وقلتُ: يا أمام أحمد أسألُكَ إلّا شفعت فيه إلى ربِّك، يا ربِّ شَفِّعه في وَلَدي، وولدي يُؤمِّن، ثمّ مضينا. فلمّا كَانَ اللّيلُ استيقظ وقد أبصر. ثمّ أخذنا في سماع الدَّرْس على ناصح الإِسلام أبي الفَتْح [2] ، وكنتُ قليل الفهم لضيق
[1] يعني: ما فاته من السماع.
[2]
ابن المنّي الفقيه الحنبلي المشهور، وسيسمّيه.
صَدْري، وكنت أحبّ كتابةَ الحديث فلو كتبتُ النّهارَ كُلُّهُ لم أضجر، ورُبّما سَهرْتُ من أول اللّيل، فما أشعر إلّا بالصّباح. وأشارَ عليّ الحافظ عبد الغنيّ بالسَّفرِ معه إلى إصْبَهان، فاتّفق سفره وأنا مريض. ثمّ تُوُفّي أبي سَنَةَ خمسٍ وسبعين. ثمّ اشتغلتُ في مسائل الخِلاف على الشيخ أبي الفَتْح اشتغالًا جيّدا، وكنت إذ ذاك فقيرا ليس لي بُلْغَةٌ إلّا من الشيخ أبي الفَتْح- يعني ابن المَنِّيّ- واتّفق غلاءٌ كثير فأحسنَ إليَّ، ثمّ وقعَ المرضُ، فخاف عليَّ فجهّزني وأعطاني، واتّفقت أنا، وعليّ ابن الطّالبانيّ، ويحيى ابن الطَّبَّاخ، فترافقنا إلى المَوْصِل، ثمّ ذهبنا إلى مَرَاغَةَ في طلب علم الخِلاف، فاكتريتُ إلى حَرَّان وصبرَ عليَّ الْجَمَّالُ بالأُجرة إلى حَرَّان، وكنتُ أقترِضُ من التّجَار ما أتبلَّغُ به. ثمّ أقمتُ بحرَّان نحو سَنَة أقرأ على شمس الدّين ابن عَبْدوس كتاب «الهِداية» لأبي الخطّاب، ثمّ مضيتُ إلى دمشق، وتزوجتُ ببنت عَمِّي زينب بنت عبد الواحد، وأنفقَ عليّ عَمى، وساعدني الشيخ أبو عُمَر، فكنتُ في أرغد عَيْشٍ إلى أن سافرت إلى بغداد سَنَة تسعِ وسبعين ومعي أخي أبو بكر، وابن عمّي أحمد- يعني: الشمس البُخاريّ- وصُمنا رمضان، وسافرنا مع الحُجّاج، وجَهَّزَنا ابن عَبْدُوس بالكَرى والنّفقة، ولم تكن لي هِمَّةٌ إلّا عِلْمَ الخِلاف. فشرعتُ في الاشتغال على الشيخ أبي الفَتْح، وكان معيدُه الفخر إسماعيل الرَّقَّاء، ثمّ سافرتُ سَنَة ثلاثٍ وثمانين، وخلّفت ببغداد أخي، وابن عَمّي. فسافر ابن عمّي إلى بُخارى، ولحِقني أخي.
نقلت هذا كلّه من خطّ السيف ابن المجد.
وقد سَمِعَ البهاء بدمشق- قبل أن يرحلَ- من عبد الله بن الواحد المِكنَانيّ في سَنَةِ سبْعٍ وستّين، ومن القاضي كمال الدِّين محمد بْن عَبْد الله الشَّهرزوريِّ، ومُحَمَّد بن بَرَكة الصِّلْحِيِّ، وأبي الفَهْم عبد الرحمن بن أبي العَجَائز، وجماعة. وسَمِعَ ببغداد أيضا من أحمد بن مسعود الهاشميّ، وأحمد ابن أحمد بن حَمْدي العَدْل، وأبي بكر أحمد ابن النّاعم، وأحمد بن الحَسَن بن سلامة المِنْبِجِيّ، والحَسَن بن عليّ بن شيرويه، وسعدِ الله ابن الوادي [1] ،
[1] سعد اللَّه بْن نجا بْن مُحَمَّد بْن فهد، أبو صالح ابن الوادي، كان دلالا في الدور، وتوفي في ذي الحجة سنة 574 كما في تاريخ ابن الدبيثي وغيره.
وعبد المُحسن بن تُرَيك، وعبد المُغيث بن زُهَير، ومُحَمَّد بن نَسيم العَيْشُونيّ، ونصرِ الله القَزّاز، وأبي العزّ مُحَمَّد بن مواهب، وأبي الثناء محمد بن محمد الزَّيْتُونيّ، ومسعود بن عليّ بن النَّادر، والمُبارك بن المبارك بن الحَكيم، وسَمِعَ من خلْق بدمشق، وبغداد.
وأجازَ له طائفة كبيرة، وروى الكثيرَ. وكان ينفق حديثه، فحدَّث بقطعةٍ كبيرةٍ منه ببَعْلَبَكَّ [1] ، وبنابلس، وبجامع دمشق.
وكان إماما في الفقه، لا بأسَ به في الحديث.
قال الضّياء في البهاء: كَانَ إماما فقيها، مُناظرًا، اشتغل على ابن المَنِّيّ، وسَمِعَ الكثير، وكتبَ الكثيرَ بخَطِّهِ، وأقامَ بنابلس سنين كثيرة- بعد الفُتُوح [2]- يؤمُّ بالجامع الغربيّ منها، وانتفع به خلْقٌ كثيرٌ من أهل نابلس وأهل القَرَايا.
وكان كريما جوادا سَخِيًّا، حَسَنَ الأَخلاف، مُتواضعًا. ورَجَع إلى دمشق قبلَ وفاته بيسير، واجتهدَ في كتابة الحديث وتسميعه، وشرحَ كتاب «المُقْنِع» وكتاب «العُمْدة» لشيخنا مُوفَّق الدِّين، ووقف من كتبه ما هُوَ مسموع.
وقال أبو الفَتْح عُمَر بن الحاجب: كَانَ أكثر مقامه بنابلُس، وكان مليحَ المَنْظَر، مُطرحًا للتّكلُّف، كثيرَ الفائدة، ذا دين وخَيْر، قَوَّالًا بالحقّ لا يخافُ في الله لومة لائم، راغبا في التّحديث. كَانَ يدخل من الْجَبَل قاصدا لمن يسمع عليه، ورُبّما أتى بغدائه فيطعمه لمن يقرأ عليه. تفرَّدَ بعدَّةِ كتب وأَجزاء، وانقطعَ بموته حديثٌ كثير- يعني بدمشق-. وأمّا رفقاؤه ببغداد، فتأخّروا، ثمّ قال: وُلِدَ سَنَة ستٍّ وخمسين، وتُوُفّي في سابع ذي الحِجَّة سَنَةَ أربع.
[1] حضر عليه ببعلبكّ عدة أجزاء: الفقيه المحدّث أبو الحسين عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه اليونيني المتوفى سنة 701، والزكي المعرّي إبراهيم بن عبد الرحمن بن أحمد بن المغربي البعلبكي المتوفى بعلبكّ سنة 691 هـ-، وأحمد بن محسن بن ملي البعلبكي، وأحمد ابن عبد الله بن عبد العزيز اليونيني المتوفى سنة 699 هـ-. روى عنه: عبد الخالق بن عبد السلام البعلبكي، وست الأهل بنت الناصح البعلبكية.
انظر كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي- القسم الثاني ج 2/ 165، 66 رقم 482.
[2]
أي فتح بيت المقدس سنة 583 هـ. على يد السلطان المجاهد صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنه وأرضاه.
قلتُ: روى عنه الضّياء، والبِرْزَاليُّ، والسَّيفُ [1] ، والشَّرَف ابن النابلسيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، والشمس ابن الكَمَال، وخلْقٌ كثيرٌ.
وَحَدَّثَنَا عنه ببَعْلَبَكّ: التاجُ عبد الخالق، وعبدُ الكريم بن زيد، ومُحَمَّد ابن بلغزا، وأبو الحُسَيْن شيخُنا، وستُّ الأهل بنت عُلْوان، وداودُ بن محفوظ.
وبدمشق: العزُّ إسماعيل ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والشمس ابن الواسطيّ، والتَّقيُّ أحمد بن مُؤمن، وأبو جعفر محمد ابن الموازينيّ، وإسحاق ابن سُلْطان. وبنابلس العِمادُ عبد الحافظ، وغير هؤلاء. وخُتِمَ حديثُهُ بموت ابن الموازينيّ، وبَيْنَ موتهما أربعٌ وثمانون سَنَة.
245-
عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله بْن [2] مُحَمَّد.
أبو عَمْرو، الكُتاميّ، الإِشْبِيليّ، الفقيه.
سَمِعَ أبا عبد الله بن زَرْقُون، وتَفَقَّه به، ولازَمَه، وأبا محمد بن جُمهور، وأبا عبد الله ابن المُجاهد الزَّاهد. وتَفَقَّه قديما بأبي محمد بن موْجوال، وأخذ القراءات عَن أَبِي بَكْر بْن صاف.
قال الأبَّار: وكان حافظا لمذهب مالك، بعيدا عن الانقيادِ للسماع منه.
وتُوُفّي في شَوَّال ولَهُ ثلاثٌ وثمانون سَنَة.
246-
عبد الرحمن بن عبد العليَّ [3] بن عليّ. قاضي القُضاة، عمادُ الدِّين، أبو القاسم، المِصْريّ، الشافعيّ، المعروف بابن السُّكَّريّ.
جدّ شيخنا عمادِ الدِّين عليّ بن عبد العزيز.
وُلِدَ سَنَة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة.
[1] يعني: ابن المجد.
[2]
انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 15.
[3]
انظر عن (عبد الرحمن بن عبد العليّ) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 210، 211 رقم 2168، وسير الأولياء لصفي الدين الخزرجي 43، 45، ونهاية الأرب 29/ 142، والعبر 5/ 99، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 67، ومرآة الجنان 4/ 57، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 10، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 63 (8/ 170- 172) ، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 174، 175، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 405 رقم 374، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 99، وحسن المحاضرة 1/ 192، وشذرات الذهب 5/ 114.
سَمِعَ: إبراهيم بن سَماقا، وعليَّ بن خَلَف بن مَعْزوز. وصَحِبَ الصَّالحين، وتَفَقَّه على الشهاب مُحَمَّد الطُّوسيّ، وبرعَ في العِلْم، وولي قضاء القاهرة وخطابتها. وحدَّثَ، وأفتى، ودَرَّسَ [1] .
تُوُفّي في ثامن عشر شَوَّال، ولَهُ إحدى وسبعون سَنَة.
247-
عبد الرحمن بن عُمَر [2] بن سَلْمان.
أبو الفَرَج، الأَزَجيّ، المعروف بابن حَدِيد.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى عن نحوٍ من ثمانين سَنَة. وحَدَّث عن عليّ بن أبي سَعْد الخَبَّاز.
248-
عبد الرحمن بن مُحَمَّد [3] بن حَمْدان.
الفقيه، صائنُ الدِّين، أبو القاسم، الطَّيْبِيُّ.
مُصَنِّف «شرحَ التّنبيه» ، ومُعيد النظاميَّة. كَانَ شديدَ الفتوى، مُتْقِنًا، فَرَضِيًّا، حاسِبًا، فاضلا.
249-
عبدُ السَّلام بن أبي بكر [4] بن عبد الملك بن ثابت.
أبو مُحَمَّد، البَغْداديُّ، الْجَمَاجميّ، كَانَ يعمل الْجَمَاجِم [5] .
وهُوَ رجل صالح. حدَّث عن أبي طالب بن خُضَيْر.
250-
عبد الصَّمَد بن الحَسَن [6] بن يوسُف بن أحمد. أبو محمد،
[1] وقال النوبري: ولي الخطابة بالجامع الحاكمي بالقاهرة، والتدريس بمدرسة منازل العز بمصر، ثم صرف عن القضاء والخطابة، وكان هيوبا، وصحب جماعة من المشايخ، وله معهم أحوال ومكاشفات. (نهاية الأرب 29، 142) .
[2]
انظر عن (عبد الرحمن بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 204، 205 رقم 2157.
[3]
انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: الوافي بالوفيات 18/ 239 رقم 289، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 65 (8/ 175) ، والبداية والنهاية 13/ 122، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 405، 406 رقم 375، وهدية العارفين 1/ 524.
ولم يذكره «كحّالة» في (معجم المؤلفين) مع أنه من شرطه.
[4]
انظر عن (عبد السلام بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 196 رقم 2139، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 178، والمختار من تاريخ ابن الجزري 140.
[5]
وهي الأقداح من الخشب.
[6]
انظر عن (عبد الصمد بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 218 رقم 2163، والوافي
الأَصْبَحيّ، المِصْريّ، الشافعيّ، المعروف بالمقاماتيّ، لأنّه حفظ «مقامات» الحريريّ.
ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
سَمِعَ من السِّلَفيّ أبيات شِعْر وحدَّث بها، وكتبَ الكثير بعد ذلك. وسَمِعَ من الأَرْتَاحِيّ، وأبي يعقوب بن الطُّفَيْل، وجماعة. وكان أخباريا كثيرَ المحفوظ.
تُوُفّي في رمضان. روى عنه المُنذريّ [1] .
251-
عبد العزيز بن سحنون [2] بن عليّ.
بَرهانُ الدِّين، أبو مُحَمَّد، الغُمَاريُّ، النَّابيُّ، النَّحْويّ، العَدْل.
وُلِدَ سَنَة أربعٍ وخمسين.
وقَدِمَ مصر سَنَة ثمانٍ وستّين، وحدَّث عن السِّلَفيّ، وعبد الله بن بَرِّيّ، وجماعة بعدهما. وتصدَّر لإقراء العَرَبية بجامع مِصْرَ، وانتفعَ النّاسُ به. روى عنه الزَّكيُّ المُنذريّ، وغيره.
وتُوُفّي في ثامن عشر ذي الحِجَّة.
252-
عبد العزيز بن علي [3] بن عبد العزيز بن زَيْدان.
أبو محمد وأبو بكر، السُّماتيُّ [4] ، القُرْطُبيّ، نزيلُ فاس.
روى عن أبي إسحاق بن قَرْقُول، ونَجَبَة بن يحيى، وأخذ بفاس عن أبي الحَسَن بن حُنَين، وهو أكبر شيوخه.
[ () ] بالوفيات 18/ 444 رقم 466.
[1]
في التكملة 3/ 208.
[2]
انظر عن (عبد العزيز بن سحنون) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 213، 214 رقم 2175، وغاية النهاية 1/ 393، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 187، وتوضيح المشتبه 2/ 8 و 6/ 351، وبغية الوعاة 2/ 100.
[3]
انظر عن (عبد العزيز بن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 633- 635، وسير أعلام النبلاء 22/ 272، «دون ترجمة، والوافي بالوفيات 18/ 530، 531 رقم 535، وبغية الوعاة 2/ 101، 102.
[4]
هكذا جوّده المؤلف- رحمه الله بضم السين المهملة. ووقع في (تكملة الصلة)«السّمّاتي» بالتشديد والفتح.
قال الأبار [1] : سَمِعَ منه «المُوَطّأ» في سَنَة خمس وستّين وخمسمائة، عن ابن الطّلّاع محمد، و «الشّهاب» للقُضَاعيّ، عن أبي الحَسَن العَبْسيّ سماعا.
وأجازَ لَهُ جماعةٌ. وكان مِن أهل الفقه، والحديث، والنَّحْو، واللّغة، والتّاريخ، والأخبار، وأسماءِ الرجال، متصرّفا في فنون كثيرة، أديبا، نحْويًا، شاعرا، معلّما بالعربية، متقدِّمًا في صناعتها. سَمِعَ منه جِلَّةٌ، وسماه التُّجِيبيّ في «مشيخته» وقال: سَمِعْتُ منه وسَمِعَ عليّ.
قال الأبّار: مولد ابن زَيْدان بقرطبة سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتُوُفّي بفاس في خامس رجب سَنَة أربعٍ وعشرين.
وقال ابن مَسْدِيّ: أخبرني ابنه يحيى أنَّه مات في سَنَة ثلاثٍ وعشرين في ثالث رجب.
قال ابن مَسْدِيّ: هُوَ عَلَّامة زمانه، ورئيسُ أَقرانه، كَانَ آخر من حدَّث بفاس عن الكِنانيّ. وذكر لي أنَّه سَمِعَ بعضَ كتاب الجنابة من «المُوَطّأ» من أبي عبد الله ابن الرَّمّامة. خَرَّج لنفسه «مشيخة» ولم يكن بفاس أنبلُ منه، قَدِمَها وهُوَ ابن ثماني سنين، وعاش أربعا وسبعين سَنَة.
قلت: هذا مِن أعيان الرّواة بالمغرب، ومن طبقة شيوخه سَمِيُّه عبد العزيز بن عليّ بن محمد السُّمَاتي المقرئ من أهل إشبيلية. وقد مَرَّ.
253-
عبد المُحسن بن أبي العَمِيد [2] بن خالد بن عبد الغَفَّار بن إسماعيل. الإِمامُ، حجَّة الدِّين، أبو طالب، الخَفِيفِيُّ [3] ، الأَبْهرِيُّ، الشافعيّ، الصُّوفيّ.
[1] في تكملة الصلة.
[2]
انظر عن (عبد المحسن بن أبي العميد) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 84 أ، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 199، 200 رقم 2147، والمختصر المحتاج إليه 3/ 88، 89 رقم 920، وسير أعلام النبلاء 22/ 259، 260 رقم 144، والإعلام بوفيات الأعلام 257، والعبر 5/ 99، 100، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 498، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 132 (8/ 314) ، والعقد المذهب، ورقة 250، والعقد الثمين للفاسي 5/ 493- 495، وشذرات الذهب 5/ 115.
[3]
الخفيفي: بفتح الخاء المعجمة ثم فاء. وقد ضبطها الدكتور بشار بضم الخاء في (التكملة لوفيات النقلة 3/ 199) وعاد ونبّه إلى وهمه فصحّحه في (سير أعلام النبلاء 22/ 259 بالحاشية 2) .
ولد في رجب سنة ستّ وخمسين وخمسمائة.
وتَفَقَّه بهَمَذَان على أبي القاسم بن حيدر القَزْوينيّ، وعَلَّق «التّعليقة» عن الفَخْر النُّوقانيّ.
وسَمِعَ بأصبهان من الحافظ مُحَمَّد بن عبد الجليل كوتاه، وأحمد بن ينال التّرك، وأبي موسى المَدِينيّ، وببغداد من أَبِي الفَتْح بن شاتيل، وأبي السّعادات القَزّاز، وبأَبْهَر من أبي الفتوح عبد الكافي الخطيب، وبهَمَذَان من أبي المحاسن عبد الرزّاق بن إسماعيل القُومسانيّ، وعبد المنعم الفُرَاويّ. وبدمشق من عبد الرحمن بن عليّ اللَّخْمِيّ، وإسماعيل الجنزويّ، وبمصر مِن هِبَة الله البُوصيريّ، وبالإسكندرية من القاضي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحَضْرَميّ، وبمكّة من محمود بن عبد المنعم القَلَانسيّ الدّمشقيّ، وبواسط من أبي بكر ابن الباقِلّانيَ.
وكانَ كثيرَ الأسفار والحجّ، وصاحِبَ صلاة، وتَهَجُّد، وصيام، وعِبادةٍ.
ولَهُ قَدَمٌ في الفقه، والتَّصُّوف، وجاور مُدَّة، وحَضَر حِصار عَكّا مع السُّلطان صلاح الدِّين، ثمّ أقامَ ببغداد، وأَمَّ بالصوفية برباط الخَلِيفة.
وسَمِعَ الكثير بقراءته على بن كُلَيب، ويحيى بن بَوْش، وطبقتهما. وكان يحجّ كلّ سَنَة على السَّبيل الّذي للِجهة [1] .
قال ابن النجّار: كَانَ كثيرَ المُجاهدة، والعِبادة، دائمَ الصّيام سَفَرًا وحَضَرًا، عارفا بكلام المشايخ، وأحوال القَوْمِ. وكانت لَهُ معرفةٌ، وحِفْظٌ، وإتقانٌ. كتبنا عنه، وكانَ ثِقَةً صَدُوقًا، ثمّ حَجَّ، وجاوَرَ، وصارَ إمام المَقَام إلى أن تُوُفّي في ثامن صفر.
قلت: روى عنه ابن النجّار، والضّياء، وابن الحاجب، وأبو عبد الله الدُّبَيْثيّ، وأبو الفَرَج بن أبي عُمَر، وقُطْب الدّين القسطانيّ، وغيرُهم.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْمَعَالِي بِمِصْرَ: حَدَّثَكُمْ أبو طالب عبد المحسن بن
[ () ] ووقع في (العبر 5/ 99) : «الحقيقي» ، بالحاء المهملة وقافين. وهو غلط.
[1]
أي كان يحج نيابة عن زوجة الخليفة، وهي التي يعبّر عنها ب- «الجهة» .
فرامرزَ الْخَفِيفِيُّ، وَأَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالا: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَنَالَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ:«يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [1] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ مُعَاذٍ مِثْلَهُ. وَأَخْبَرَنَا أبو المجد العُقَيْليّ إجازة، أَخْبَرَنَا عبد المُحسن الخَفِيفيّ بمنى، أَخْبَرَنَا عبد المنعم- فذكر حديثا.
254-
علي بْن عَبْد الوهاب [2] بْن مُحَمَّد بْن أبي الفَرَج. الرئيس موفّقُ الدِّين، أبو الحَسَن، الْجُذامي، الإِسْكندَرانيُّ، المالكيُّ.
صَدْرُ الِإسكندرية وعينها.
ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. وحَدَّث عن السِّلَفيّ، وعن أبي الفتوح نصرِ بن قَلاقس الأَزْهَري.
تُوُفّي في سادس ربيع الآخر.
255-
عليّ بن يونس [3] بن أحمد بن عُبَيْد الله.
الأجلّ، عماد الدِّين، أبو الحَسَن، البَغْداديُّ.
حدَّث عن أبي الفَتْح بن البَطِّي، وخديجة النَّهْروانيَّة.
ومات في شهر ذي الحجّة. وهو أخو الوزير عبيد الله بن يونس.
256-
عمر بن أبي الحارث [4] أعزّ بن عمر بن محمد بن عمّويه.
[1] في صحيحه (193) و (325) ، والبخاري (44) والطيالسي (1966) والترمذي (2593) من طريق هشام، به.
[2]
انظر عن (علي بن عبد الوهاب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 203، 204 رقم 2155.
[3]
انظر عن (علي بن يونس) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 79، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 214 رقم 2176، وتلخيص مجمع الأدباء 2/ رقم 1158.
[4]
انظر عن (عمر بن أبي الحارث) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 93، 94، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 202 رقم 2152، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 99.
أبو حفص، القرشيّ، التّيميّ، السّهرورديّ، ثمّ البغداديّ، الصّوفيّ.
ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الوَقْت «المائة الشُّريحيّة» .
وهُوَ أخو مُحَمَّد وقد ذُكِرَ [1] ، وكذا أبوهما تقدَّم يروي عن أبي عليّ بن نبهان.
توفّي هذا، في ثالث عشر ربيع الأول.
257-
عيسى، السّلطان الملك المعظّم [2] . شرف الدّين، ابن السّلطان الملك العادل سيف الدّين أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أيّوب بْن شاذي، صاحب دمشق، الفقيهُ الحنفيُّ، الأديب.
ولد بالقاهرة في سنة ستّ وسبعين وخمسمائة.
ونشأ بالشام، وحَفِظَ القرآنَ، وتَفَقَّه وَبَرَعَ في المَذْهَبِ، واعتني «بالجامع الكبير» فشرَحَهُ في عِدّة مُجَلَّدات بمعاونة غيرِه. ولازمَ تاجَ الدِّين الكِنْديّ مدّة،
[1] في وفيات سنة 606 هـ-.
[2]
انظر عن (عيسى السلطان المعظم) في: الكامل في التاريخ 12/ 471، 472، والتاريخ المنصوري 153، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 644- 652، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 212 رقم 2171، وذيل الروضتين 25، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 243، 244، وتاريخ الزمان، له 262، ووفيات الأعيان 3/ 494- 496 رقم 488، ومفرّج الكروب 4/ 208- 224، وزبدة الحلب 3/ 201، وأخبار الأيوبيين لابن العميد 137، والدر المطلوب 287، 288، ونهاية الأرب 29/ 143- 147، والمختصر في أخبار البشر 3/ 138، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والإعلام بوفيات الأعلام 257، ودول الإسلام 2/ 138، والعبر 5/ 100، وسير أعلام النبلاء 22/ 120- 122 رقم 83، وتاريخ ابن الوردي 2/ 148، والجواهر المضية 1/ 402، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 4- 6، والبداية والنهاية 13/ 121، 122، ومرآة الجنان 4/ 57، 58، والعسجد المسبوك 2/ 427- 429، ومآثر الإنافة 2/ 75، 81، 84، وتاريخ ابن خلدون 5/ 351، وأمراء دمشق في الإسلام 62 رقم 198 وص 150، وثمرات الأوراق لابن حجة الحموي 332 و 334، والذهب المسبوك للمقريزي 73- 76، والسلوك، له ج 1 ق 1/ 224، والنجوم الزاهرة 6/ 267، 268، وحسن المحاضرة 1/ 219، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 49، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 291، والطبقات السنية 2/ ورقة 983- 984، وشذرات الذهب 5/ 115، 116، وطبقات الحنيفية للزيله لي، ورقة 23، والفوائد البهية للكنوي 151- 153، وشفاء القلوب 276- 290، وترويح القلوب 58، وتاريخ ابن الفرات 5/ ورقة 197 ب.
وكان ينزل إلى داره بدرب العَجَم من القَلْعة والكتابُ تحت إبطهِ، فأخذ عنه «كتابَ» سِيبَويْه، وشَرَحَهُ للسِّيرافيّ، وأخذ عنه «الحُجَّة في القراءات» لأبي عليّ الفارسيّ، و «الحماسة» وغير ذلك من الكتب المُطوَّلَة، وحفظَ «الإِيضاحَ» في النَّحْو، وسَمِعَ «المُسْند» من حَنْبَل المُكَبِّر، وسَمِعَ من عُمَر بْن طَبَرْزَد، وغيرِه.
ولَهُ «ديوان» شِعْر.
قال القُّوصيّ: سَمِعْتُ منه ديوانهُ، وصَنَّف في العَرُوض ومع ذلك فما يُقيم الوزن في بعض الأَوْقات. وكان مُحِبًّا لمذهبِهِ، متغاليا فيه، كثيرَ الاشتغال مع كثرة الأشغال، وكان مُحِبًّا للفضيلة، قد جعل لمن يعرض «المُفَصَّل» للزمخشريّ مائة دينار، ولمن يحفظ «الجامع الكبير» مائتي دينارٍ، ولمن يحفظ «الإيضاحَ» ثلاثين دينارا، سوى الخِلَع. وقد حجَّ في أيام والده سَنَةَ إحدى عشرة وستمائة. وجَدَّد البرك والمَصَانِع، وأحسن إلى الحُجّاج كثيرا. وبنى سُورَ دمشق، والطّارمة الّتي على باب الحَدِيد، والخان الّذي على باب الجابية، وبنى بالقُدس مدرسة، وبنى عند جعفر الطَّيَّار- رضي الله عنه مسجدا [1] .
وعمل بمُعان دارَ مَضيف وحَمَّامين. وكانَ قد عزم على تسهيل طريق الحاجّ وأن يبني في كلّ منزلة. وكان يَتَكَلَّم مع العُلماء، ويُناظر، ويبحث. وكان مَلِكًا حازِمًا، وافرَ الحُرمةِ، مشهورا بالشَّجاعَة والإِقدام، وفيه تواضع، وكَرَمٌ، وحياء، وقد ساقَ على فَرَس واحدٍ من دمشق إلى الإِسكندرية في ثمانية أيام في حدود سنة سبع وستمائة إلى أخيه الملك الكامل محمد، فلمّا التقيا، قال لَهُ الكامل بعد أن اعتنقه والتزمَهُ: اطلع اركب، فقال:
وإذا المَطِيّ بنا بَلَغْنَ مُحَمَّدًا
…
فَظُهورُهُنَ على الرِّكابِ حَرَامُ
فطرِب الكامل وأَعجبه.
وكان قد أعدَّ الجواسيس والقُصَّاد، فإنَّ الفِرنج كانوا على كتفه، فلذلك كَانَ يَظْلِمُ، ويَعْسِفُ، ويُصادِر. وأخربَ القدس، لعجزه عن حِفْظه من الفِرنج، وأدار الخُمور، وكان يَمْلِكُ مِن العَرِيش إلى حِمْص، والكَرَك، والشّوبك، وإلى العلى.
[1] يعني: بمؤتة، وهي تقع جنوب عمان.
وكان عديمَ الالتفات إلى ما يرغبُ فيه المُلوكُ من الأُبَّهَة والتَّعْظيم، وينهى نوابَه عن مُزَاحمة الملوك في طلوع العَلَم على جبل عرفات. وكان يركب وحدَه مِرارًا عديدة، ثمّ يتبعه غِلْمانُه يتطاردون خلفه. وكان مُكرمًا لأصحابه كأَنَّهُ واحدٌ منهم، ويُصلِّي الْجُمُعة في تربة عَمِّه صلاح الدِّين ويمشي منها إلى تُربة أبيه.
تُوُفّي في سَلْخ ذي القِعْدَة سَنَةَ أربعٍ، ودفن بالقلعة، ثمّ نقل إلى تربته ومدرسته بقاسيون، سامحه الله.
ونقلت من خطِّ الضّياء قال: كَانَ شُجاعًا، فَقِيهًا، وكان يشرب المُسْكِرَ [1] ويجوِّزَ شُرْبَهُ!، وكان ربّما أعطى العَطاء الكثير لمن لا يشرب حَتّى يشربه. وأَسَّسَ ظُلمًا كثيرا ببلاد الشام، وأَمَرَ بخراب بيت المقدس، وغيرها من الحُصون.
وقال ابن الأثير [2] : كَانَ عالما بعدَّة علومِ، فاضلا فيها، منها: الفقه، ومنها علمُ النَّحْو، وكذلك اللّغة. نَفَق العِلْمُ في سُوقِهِ وقصدَهُ العُلماء من الآفاق فأكرَمَهُم وأعطاهم، إلى أن قال: لم يسمع أحدٌ منه ممّن يصحبه كلمة نزقة. وكان يقول كثيرا: اعتقادي في الأُصول ما سطَّره أبو جعفر الطّحاويّ.
وأوصى أن يُدفن في لحدٍ، وأن لا يُبنَى عليه بناءٌ، بل يكون قبره تحتَ السماء، وكان يقول في مرضه: لي عند اللِه في أمر دمياط ما أرجو أن يرحمني به.
وقال ابن واصل [3] : كَانَ جُند المعظّم ثلاثة آلاف فارس لم يكن عند أحد من إخوته جُند مثلهم في فرط تَجَمُّلِهم، وحُسنِ زَيِّهم، فكان بِهذا العَسْكر القليل يُقاوم إخوتَهُ، فكان الكاملُ يخافه لِما يتوهَّمهُ من مَيْل عَسْكر مِصْرَ إليه لِما يعلمونه من اعتنائه بأمر أَجناده. وكان المُعَظَّمُ يخطب لأخيه الكامل في بلاده، ويضرب السكّةَ باسمه، ولا يذكر اسمَه مع الكامل. وكان مع شهامته، وعِظَم هيبته قليل التّكلّف جِدًّا، لا يَرْكَبُ في السَّنَاجق السلطانية في غالب
[1] يعني المختلف فيه، لا المتفق على تحريمه.
[2]
في «الكامل» : 12/ 472.
[3]
في «مفرج الكروب» : 4/ 209- 210 بتصرف.