المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

روى لنا عنه أبو المعالي الأبَرْقُوهيّ بالإِجازة في «مُعجمه» . - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ٤٥

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الخامس والأربعون (سنة 621- 630) ]

- ‌[الطبقة الثالثة والستون]

- ‌ومن الحوادث سنة إحدى وعشرين وستّمائة

- ‌استرداد الأشرف خلاط

- ‌ظهور السُّلطان جلال الدِّين

- ‌استيلاء لؤلؤ على الموصل

- ‌بناء الكاملية

- ‌قدوم الأقسيس من اليمن

- ‌عودة التتار من القفجاق

- ‌استيلاء غِياث الدِّين على شيراز

- ‌تملُّك امرأة على الكُرْج

- ‌سنة اثنتين وعشرين وستّمائة

- ‌إيقاع جلال الدِّين بالكرْج

- ‌ملْك جلال الدِّين مراغة

- ‌ملك جلال الدِّين تبريز

- ‌وفاة الناصر لدين الله

- ‌بيعة الظاهر بأمر الله

- ‌قضاء القضاة ببغداد

- ‌اشتداد الغلاء بالموصل والجزيرة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وستّمائة

- ‌وصول الخِلع من الظاهر بأمر الله إلى أولاد العادل بمصر

- ‌تقديم الأشرف الطاعة للمعظّم

- ‌سفر خال ابن الجوزي إلى الكامل في مصر

- ‌عصيان نائب كرمان على جلال الدِّين

- ‌أخذ ملك الروم عِدَّة حصون لصاحب آمد

- ‌موت ملك الأرمن

- ‌الأرنبة العجيبة

- ‌تحوّل بنت إلى رجل

- ‌غنم مُرّ

- ‌زلزلة الموصل وشهرزور

- ‌انخساف القمر

- ‌برْد ماء عين القيّارة

- ‌كثرة الحيوانات

- ‌القحط والجراد بالموصل

- ‌وفاة الظاهر بأمر الله

- ‌بيعة المستنصر باللَّه

- ‌رسليَّة ابنُ الأَثير

- ‌كسْر جلال الدِّين للكرْج

- ‌سنة أربع وعشرين وستّمائة

- ‌الوقعة بين جلال الدِّين والتتار

- ‌انتقام جلال الدِّين من الإسماعيلية

- ‌فتح خُوَيّ ومَرَند

- ‌القضاة بدمشق

- ‌شنق ابن السقلاطوني

- ‌ترتيب مُسْند أحمد

- ‌مرض المعظّم وموته

- ‌قدوم رسول ملك الفرنج

- ‌الحجّ الشاميّ

- ‌سنة خمس وعشرين وستّمائة

- ‌المنشور بولاية الناصر

- ‌تحرّك الفرنج بالسواحل

- ‌غارة المسلمين على صور

- ‌نزول الملك العزيز على بعلبكّ

- ‌المشيخة والحسبة بدمشق

- ‌نزول جلال الدِّين على خِلاط ثانية

- ‌جَرْيُ الكُوَيْزِ الساعي

- ‌تأسيس المستنصريَّة

- ‌موقعة الرَّيّ بين جلال الدِّين والتتار

- ‌تملُّك كَيْقُباذ مدينة أرزَن

- ‌ظهور محضر للعناكيّين

- ‌تدريس المسمارية

- ‌تقييد الفتوى

- ‌طلوع الفرنج إلى صيدا

- ‌خلعة الزعامة

- ‌رسول جلال الدِّين

- ‌العقد على ابنة صاحب الموصل

- ‌قدوم الحجّاج إلى بغداد

- ‌قدوم الحجّاج على الدويدار

- ‌تغلّب ابن هود على الأندلس

- ‌سنة ستّ وعشرين وستّمائة

- ‌دخول الفرنج بيت المقدس

- ‌حصار الكامل دمشق

- ‌دخول الكامل دمشق

- ‌الاشتغال بعلوم الأوائل

- ‌خروج الأمجد من بَعْلَبَكّ

- ‌حصار جلال الدِّين خلاط

- ‌سنة سبع وعشرين وستّمائة

- ‌كسرة الخوارزمية أمام الأشرف

- ‌انكسار الخُوارزْميّ في رواية سبط ابن الجوزيّ

- ‌رجوع رسل الخليفة

- ‌الخطبة للمستنصر باللَّه في المغرب

- ‌تسيير ملابس الفتوّة للخُوارزْميّ

- ‌الخطبة للمستنصر باللَّه في تلمسان

- ‌رواية الموفّق البَغْداديُّ عن كسرة الخُوارِزْميَّة

- ‌سنة ثمان وعشرين وستّمائة

- ‌ذِكْر أحداث في المغرب

- ‌اضمحلال أمر الخُوارزْميّ

- ‌الاحتفال بقدوم صاحب إربل في بغداد

- ‌إمام مشهد أبي بكر

- ‌الغلاء بمصر

- ‌حبس الحريري

- ‌الشروع ببناء الدار الأشرفيَّة

- ‌التدريس بالتقوية والشامية الجوّانية

- ‌صُلِبَ التكريتي الكَحّال

- ‌التدريس بالصاحبية

- ‌ستة تسع وعشرين وستّمائة

- ‌خروج العسكر للتصدّي للتّتار

- ‌القبض على نائب الوزارة القُمّي

- ‌سنة ثلاثين وستّمائة

- ‌فتح الكامل مدينة آمد

- ‌تقليد الخليفة بسلطنة الكامل

- ‌الغلاء ببغداد

- ‌الواقعة بين صاحب ماردين وصاحب الروم والأشرف

- ‌دخول مَكَّة

- ‌رسليَّة الجيليّ

- ‌وفاة صاحب إربل

- ‌استيلاء عسكر الكامل على مَكَّة

- ‌فراغ دار الحديث الأشرفية

- ‌ذكر من توفي فيها

- ‌سنة إحدى وعشرين وستمائة

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الميم

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الياء

- ‌سنة اثنتين وعشرين وستمائة

- ‌حرف الألف

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الراء

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌[حرف الصاد]

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف الظاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الياء

- ‌سنة ثلاث وعشرين وستمائة

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف السين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الظاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف الميم

- ‌حرف الياء

- ‌[الكنى]

- ‌سنة أربع وعشرين وستمائة

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف العين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الميم

- ‌حرف الياء

- ‌سنة خمس وعشرين وستمائة

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف الثاء

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف العين

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الواو

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الياء

- ‌سنة ست وعشرين وستمائة

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف العين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف الياء

- ‌سنة سبع وعشرين وستمائة

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الياء

- ‌سنة ثمان وعشرين وستمائة

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف الثاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف العين

- ‌حرف الميم

- ‌حرف الياء

- ‌سنة تسع وعشرين وستمائة

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌[الكنى]

- ‌سنة ثلاثين وستمائة

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الراء

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف العين

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الياء

الفصل: روى لنا عنه أبو المعالي الأبَرْقُوهيّ بالإِجازة في «مُعجمه» .

روى لنا عنه أبو المعالي الأبَرْقُوهيّ بالإِجازة في «مُعجمه» . والدُّبَيْثيُّ في «تاريخه» وقال: مات في شعبان، وقد جاوز المائة.

‌حرف الزاي

506-

زيادة بن عِمران [1] بن زيادة، الفقيه، أبو النما، المِصْريُّ، المالكيُّ، المقرئ، الضرير.

قرأ بالروايات على أبي الجود. وتَفَقَّه على أبي المنصور ظافر بن الحسين، وأبي محمد عبد الله بن شاس. وقرأ العربيةَ على أبي محمد عبد الله ابن عبد العزيز العَطَّار، وسَمِعَ من الأَرْتَاحِيّ، وغيره.

وتصدَّر للإِقراء بالجامع العتيق، وبالمدرسة الفاضلية، وتخرَّجَ به جماعة.

قرأ عليه من شيوخنا سِبْطُهُ أبو محمد الحسن بن عبد الكريم، والنِّظامُ مُحَمَّد التَّبريزيُّ.

وتُوُفّي في مستهلِّ شعبان.

‌حرف الطاء

507-

طاهِرُ بن سَلُّوم [2] بن طاهر بن أحمد بن طاهر الأَزَجيُّ، البَيِّع، ابن الشِّيرَجِيّ.

روى عن وجيه بن هِبَة الله السَّقَطِيّ. ومات في صفر، وقد شاخ.

‌حرف العين

508-

عبد الله بن عبد الرحمن [3] بن طلحة.

أبو العلاء، البَصْريُّ، المالكيّ.

[1] انظر عن (زيادة بن عمران) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 315 رقم 2406، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 190، ومعرفة القراء الكبار 2/ 639 رقم 603، وغاية النهاية 1/ 295، 296، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 142، وحسن المحاضرة 1/ 499، 500.

[2]

انظر عن (طاهر بن سلّوم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 301 رقم 2375.

[3]

انظر عن (عبد الله بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 319، 320 رقم 1417.

ص: 344

سمع من عبد الله بن عمر بن سَليخ. روى عنه بالإِجازة أبو المعالي الأبَرْقُوهيّ.

وتُوُفّي بالبصرة في شوَّال.

509-

عبد الله بن عَبْد الغني [1] بْن عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن سرور.

الحافظ، المُحدِّث، جمال الدِّين، أبو موسى، ابن الحافظ الأوحد أبي مُحَمَّد، المَقْدِسيُّ، ثمّ الدّمشقيُّ، الصَالحيُّ، الحَنْبَليُّ.

وُلِدَ في شوَّال سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.

وسمع من: عبد الرحمن بن عليّ ابن الخِرَقيّ، وإسماعيل الْجَنْزَويّ، والخُشُوعيّ. ورحل به أخوه عزّ الدِّين مُحَمَّد، فَسَمِعَ ببغداد من ابن كليب، والمبارك ابن المَعْطُوش، وابن الْجَوْزيّ، وطائفة من أصحاب ابن الحُصَيْن.

وسَمِعَ «المُسْند» من عبد الله بن أبي المجد بالحَرْبيّة. ورحلا إلى إصْبَهان فسمعا سَنَةَ أربعٍ وتسعين من: مسعود الْجَمَّال، وخليل بن أبي الرجاء، وأبي جعفر الطَّرَسُوسيّ، وأبي المكارم اللَّبَّان، وأبي جعفر الصَّيْدلانيّ، وطائفة. فلمّا رجعا رحلا إلى مصرَ، وسَمِعَ عند والِدِه من فاطمة بنت سَعْد الخير، وأبي عبد الله الأَرْتَاحِيّ، وابن نَجا، وجماعة. ثمّ ارتحلَ مرَّةً ثانية إلى العراق، فدخل إلى واسط، وسَمِعَ من أبي الفَتْح المَنْدائي، ورحلَ إلى نَيْسابور فَسَمِعَ من منصور الفُرَاوي، والمؤيِّد الطُّوسيّ، وجماعة. وسمع بالحجاز، والموصل، وإربل.

[1] انظر عن (عبد الله بن عبد الغني) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 674، 675، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 319 رقم 2416، وذيل الروضتين 161، والإشارة إلى وفيات الأعيان 331، والإعلام بوفيات الأعلام 260، والمعين في طبقات المحدّثين 194 رقم 2062، وتذكرة الحفاظ 4/ 1408- 1410، وسير أعلام النبلاء 22/ 317- 319 رقم 194، والعبر 5/ 114، 115، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 43، ومرآة الجنان 4/ 68، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 185- 187 رقم 303، والوافي بالوفيات 17/ 293، 294 رقم 244، والبداية والنهاية 13/ 133، والمنهج الأحمد 365، ومختصر ذيل طبقات الحنابلة 64، والمقصد الأرشد، رقم 520، وذيل التقييد للفاسي 2/ 39 رقم 1123، والمقفى الكبير للمقريزي 4/ 421، 422 رقم 1502، والنجوم الزاهرة 6/ 279، والدرّ المنضد 1/ 1763 رقم 1016، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 47، 48، وشذرات الذهب 5/ 131، والقلائد الجوهرية لابن طولون 1/ 95، 96.

ص: 345

وعُني بالحديث، وكتبَ الكثيرَ بخطه، وخَرَّج، وأَفاد.

وقرأ القرآن على عمِّه الشيخ العماد. وتَفَقَّه على الشيخ المُوفَّق. وقرأ العربيةَ ببغداد على الشيخ أبي البقاء.

قال ابن الحاجب: سألتُ عنه الحافظ الضياء، فقال: حافظٌ، مُتْقِنٌ، دَيِّنٌ، ثقة. وسألت عن الزَّكيَّ البِرْزَاليَّ، فقال: حافظ، ديِّنٌ، مُتَمَيّز.

وقال الضياء: كانت قراءتُه سريعةٌ صحيحة مَلِيحة.

وقال عمر ابن الحاجب: لم يكن في عصره مثلُه في الحفظ والمعرفة والأمانة. قال: وكان كثيرَ الفضل، وافرَ العقل، متواضعا، مهيبا، وقورا، جَوادًا، سَخِيًّا. لَهُ القبولُ التّامَّ مع العِبادة والورع والمُجاهدة.

ونقلتُ من خطِّ الضياء: كَانَ- رحمه الله اشتغل بالفقه والحديث وصار عَلَمًا في وقته. ورحلَ إلى إصْبَهان ثانيا، ومشى على رِجليه كثيرا. وصارَ قُدوةً، وانتفعَ الناسُ بمجالسه الّتي لم يُسبق إلى مثلها. وكان جوادا كريما، واسعَ النَّفس، وعَوَّد النّاسَ شيئا لم نره من أحد من أصحابنا، وذلك أنّ أصحابنا من الْجَبَل والبَلَدِ كلّ من احتاج إلى قَرْض أو شراء غلَّة أو ثوب أو غيرِ ذلك يمضي إليه، فيحتال لَهُ حَتّى يحصل لَهُ ما يطلب، حَتّى كنتُ يضيقُ صدري عليه ممّا يصير عليه من الدّيون، وكثيرٌ من الناس لا يرجع يوفّيه حَتّى سمعته مرّة يقول: عليّ نحو ثلاثة ألف درهم.

سَمِعْتُ الْحَافِظَ أَبَا إِسْحَاقَ الصَّرِيفِينِيَّ قَالَ: مَضَيْتُ إِلَى الْحَافِظِ أَبِي مُوسَى فَذَكَرْتُ لَهُ مَرَضَ ابْنِي، وَأَنَّنَا فِي شِدَّةٍ مِنْ مَرَضِهِ فَقَالَ لِي: هَذِهِ اللَّيْلَةُ تُخْلِيهِ الْحُمَّى. قَالَ: فَخَلَتْهُ الْحُمَّى تِلْكَ اللَّيْلَةَ. سَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا إبراهيم حسن ابن عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: رَأَيْتُ وَالِدِي بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَيَّامٍ وَهُوَ فِي حَالٍ حَسَنَةٍ فَقُلْتُ: مَا لَقِيتَ مِنْ رَبِّكَ؟ فَقَالَ: لَقِيتُ خَيْرًا. فَقُلْتُ: فَكَيْفَ النَّاسُ؟ قَالَ: مُتَفَاوِتُونَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ. وَسَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا عُمَرَ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْجَمَّالَ عَبْدَ اللَّهِ فَقُلْتُ: أَيْشْ عَمِلَ مَعَكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: أَسْكَنَنِي عَلَى بِرْكَةِ الرِّضْوَانِ. سَمِعْتُ الْفَقِيهَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّ يُوسُفَ بْنَ عُثْمَانَ الْقُرَيْرِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ: رَأَيْتُ الْجَمَالَ عَبْدَ اللَّهِ فِي النَّوْمِ فِي سَطْحِ جَامِعِ دِمَشْقَ، وَوَجْهُهُ مِثْلُ الْقَمَرِ، وَعَلَيْهِ ثِيابٌ مَا رَأَيْتُ مِثْلَهَا فَقُلْتُ: يَا جَمَالَ

ص: 346

الدِّينِ مَا هَذِهِ الثِّيَابُ؟ مَا رَأَيْتُكَ تَلْبَسُ مِثْلَ هَذِهِ؟ فَقَالَ: هَذِهِ ثِيَابُ الرِّضَا.

فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: نَظَرَ إِلَيَّ وَتَفَضَّلَ عَلِيَّ، أَوْ مَا هَذَا مَعْنَاهُ. سَمِعْتُ الملك الصالح إسماعيل ابن الْعَادِلِ يَقُولُ: قَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي اسْمُهُ أحمد البرد دار وفيه خير، وكان يَتَرَدَّدُ إِلَى الْجَمَالِ- رحمه الله وَكَانَ يَكْتُبُ لَهُ أَحَادِيثَ، فَرَأَى الْجَمَالَ فِي النَّوْمِ فَقَالَ: أُوصِيكَ بِالدُّعَاءِ الَّذِي حَفَّظْتُكَ إِيَّاهُ، فَقَالَ: مَا بَقِيتُ أَحْفَظُهُ، فَقَالَ: هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الْوَرَقَةِ الَّتِي كَتَبْتُهَا لَكَ، وَسَلِّمْ عَلَى فُلَانٍ- يَعْنِينِي- وَقُلْ لَهُ: يَحْفَظُ هَذَا الدُّعَاءَ، فَمَا نَفْعَنِي مِثْلُهُ، وَهُوَ:

«اللَّهمّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ»

الْحَدِيثَ [1] .

قلت: روى عنه الضياء، والشيخ شمس الدِّين عبد الرحمن، والفَخْر عليٌّ، ونصر الله بن عَيّاش، والشمس محمد بن حازم، ونصر الله بن أبي الفرج النابلسيّ، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وآخرون. وتفرّد القاضي تقيّ الدِّين بإجازته من سنوات.

وقرأت بخطّ الضياء: قال الإمام أبو عبد الله يوسُف بن عبد المنعم بن نعمة يرثي الحافظ أبا موسى:

لَهْفِي على مَيِّتٍ مَاتَ السُّرُورُ بِهِ

لَوْ كَانَ حيّا لأحيى الدِّينَ والسُّنَنَا

فلو كُنْتُ أُعْطَى بِه الدُّنيا مُعَاوَضَةٌ

إذا لَمَا كَانَتِ الدُّنيا لَهُ ثَمَنَا

يا سَيِّدِي ومكان الرُّوحِ من جسدي

هَلَّا دَنَا المَوْتُ مِني حين مِنْكَ دَنَا

وقال فيه الإِمام أبو محمد عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المنعم بْن نِعمة المَقْدِسيُّ- أخو المذكور-:

هَذَا المُصَابُ قَدِيمًا المَحْذُورُ

قَدْ شَاطَ مِنْهُ أَضْلُعٌ وصُدُورُ

وتَقَلَّبَتْ مِنْهُ القُلُوبُ حَرَارَةً

والدَّمْعُ منه ساجم موفور

[1] نصّه بالكامل في «صحيح البخاري» 11/ 82- 83 في الدعوات، باب أفضل الاستغفار من حديث شداد بن أوس، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«سيّد الاستغفار أن يقول: اللَّهمّ أَنْتَ رَبِّي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنّه لا يغفر الذنوب إلا أنت» قال: ومن قالها من النهار موقنا بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل، وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة» .

ص: 347

حمدا فَكَمْ بَلْوى بِفَقْدِ أَحِبَّةٍ

كَادَتْ لِفَقْدِهِم السَّماءُ تَمُورُ

كَانُوا نُجُومًا يَهْتَدِي السَّاري بِهِم

بَلْ هُمْ عَلى مَرِّ الزَّمَانِ بُدُورُ

فَقَدَتْ جَمَالَ الدِّين سُنَّةُ أَحْمَدٍ

ومَساجِدٌ ومَجَالِسٌ وصُدُورُ

مَنْ ذَا يَقُومُ بِوعْظِهِ فِي قَلْبِ مَنْ

غَطَّى عَلَيْه غَفْلَةٌ وَغُرُورُ

حَتَّى تَلِينَ قُلُوبُهم مِنْ بَعْدِ مَا

حَاكَى قَسَاوَتَها صَفًا وصُخُورُ

مِنْ لِلحَدِيثِ وأَهْلِه يا خَيْرَ مَنْ

قَرَأَ الأَحَادِيثَ الَّتي هِيَ نُورُ

مَنْ لِليتَامَى والأَرَامِلِ مَنْ لذي

الحَاجَاتِ إنْ ضَاقَتْ عَلَيْهِ أُمُورُ

أَمَّا القُبُورُ فَلَا تَزَالُ أَنيسَة

بِمَكَانِ قَبْرِكَ وَالدِّيار قُبُورُ

جَلَّتْ صَنائِعُهُ فَعمَّ مُصَابُه

فَالنَّاس فِيهِ كُلُّهُم مَأْجُورُ

في أبيات أُخَر.

وقرأت بخطِّ محمد بن سَلَّام في ترجمة الجمال أبي موسى قال: وعَقَدَ مجلسَ التّذكير وقراءة الْجُمَع، ورغب النّاسُ في حُضوره. وكان جمَّ الفوائد.

كَانَ يُطرّز مجلسه بالخُشوع والبُكاء، وإظهار الجزع. قال: وسمعت أبا الفتح ابن الحاجب يقول: لو اشتغل أبو موسى حقَّ الاشتغال ما سبقه أحد، ولكنّه تارك. قال: وسمعتُ أبا الفَرَج بن أبي العلاء الحَنْبَليّ الفقيه يقول: الجمالُ كثير المَيْل إليهم- يعني السلاطين-. وسمعتُ أبا عبد الله الحافظ مذاكرة يَصفُ ما قاسي أبو موسى من الشدائد والجوع والعُري في رحلته إلى إصْبَهان وإلى نَيْسابور.

وقال أبو المُظَفَّر الْجَوْزيّ [1] : كَانَ الجمالُ ابن الحافظ، أحوالُه مستقيمة حَتّى خالَطَ الصالح إسماعيلَ وأبناءَ الدُّنيا، فتغيَّرت أحوالُه، وآل أمرُه إلى أن مرض في بستان الصالح على ثورا [2] وماتَ فيه، فكفّنه الصالح وصَلَّى عليه.

وقال غيرُه: وقفَ الملك الأشرفُ دار الحديث بدمشق، وجعل للجمال أبي موسى وذرّيته رِزْقًا معلوما، ومسكنا بعلوّ دار الحديث.

[1] في «مرآة الزمان» : 8/ 674- 675.

[2]

هو أحد أنهار دمشق السبعة، كان يسقي عدة قرى من الغوطة الشرقية وينتهي إلى قرية حرستا.

ص: 348

وقال الضياء: تُوُفّي يوم الجمعة خامسَ رمضان.

510-

عبدُ الله بن قَيْصَر [1] . أبو بكر، المَوْصلائيّ، الحاجب.

روى عن: أبي الفَتْح بن شاتيل.

ومات في رجب.

511-

عبدُ الرحمن بن عبد الخالق. أبو القاسم، الكِنانيُّ، الفاسِيُّ.

قال ابن مسدي في «معجمه» : ولد قبل الخمسين وخمسمائة. سَمِعَ من القاضي أبي القاسم بن عيسى الفاسِيّ، وعليّ بن الحُسَيْن اللّواتيِّ، وجماعة.

وبمصر البُوصيريّ. لقيتُه بفاس. مات بعيذابَ في أول السنة.

512-

عبد الرحمن بن عبد المحسن [2] ابن الخطيب أبي الفضل عبد الله ابن أحمد الطُّوسيُّ. ثمّ المَوْصِليُّ، تاج الدِّين.

خطيب المَوْصِل وابن خطبائها. وُلِدَ في رمضان سَنَة ثلاثٍ وسبعين.

وسَمِعَ من جدّه، وتَفَقَّه.

وكان ورعا، صالحا، متواضعا، شاعرا. ولَهُ:

مَا لَاح بَارِقُ مُقْلَتَيهِ

لِنَاظِرِ إلّا وَشَامَهْ [3]

لِلصُّبْحِ يُشْبِهُ والظّلا

م إذا بَدَا خَدًّا وَشَامَهْ [4]

فَاقَتْ مَحَاسِنُه الحِسانَ

عِرَاقَه فينا وشَامَهْ [5]

يَا لَيْتَهُ مِثْلي يَقُولُ

لِمنُ إلَيه بي وَشى مَهْ

[6]

513- عبد الرحمن بن عليّ [7] بن أبي مطر. أبو القاسم، العسقلانيّ، السّكريّ، المعروف بابن المحتسب.

[1] انظر عن (عبد الله بن قيصر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 313 رقم 2401.

[2]

انظر عن (عبد الرحمن بن عبد المحسن) في: طبقات الشافعية للمطري، ورقة 203 أ، وعقود الجمان لابن الشعار 3/ ورقة 220- 222.

[3]

شام البرق.

[4]

الشامة التي على الخدّ.

[5]

الشام البلد المعروف.

[6]

وشي: من الوشاية. ومه: اكفف.

[7]

انظر عن (عبد الرحمن بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 304 رقم 2382.

ص: 349

ولد سنة ست وثلاثين وخمسمائة. وكان شيخا صالحا، مُقبلًا على شأنه.

سَمِعَ ببغداد في الكُهولة. وحدَّث بمصر عن ذاكر بن كامل الخَفّاف.

وتُوُفي فِي ربيع الآخر.

514-

عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد [1] ابن الفقيه أبي مُحَمَّد بن رسلان بن عبد الله بن شعبان. أبو القاسم، المقرئ، الفقيه، الشّافعيُّ، الشَّارِعيُّ.

قرأ القراءات وسَمِعَ من القاسم بن إبراهيم المَقْدِسيِّ، ومُحَمَّد بن عُمَر ابن جامع البنّاء، وجماعة.

وأمَّ بالمسجد المعروف بأبيه وجدّه بالشارع بظاهر القاهرة.

وكان مشهورا بالخير والعَفاف والسَّعي في قضاء حوائج النّاس ومساعدتهم. وعاش ستّا وخمسين سَنَة.

515-

عبد السلام بن عبد الرحمن [2] بن طُلَيس.

أبو مُحَمَّد، الحَرَستانيُّ.

تُوُفّي بحَرَستا في ذي القِعْدَة.

روى عن أبي القاسم الحافظ.

516-

عبد الصَّمَد بن داود [3] بنِ مُحَمَّد بن يوسُف.

أَبُو مُحَمَّد، الأَنصاريُّ، المِصْريُّ، الغَضاريُّ، المقرئ الجنائزيُّ.

وُلِدَ بمصر في سَنَةِ أربعٍ وستّين.

ورُحِلَ به، فسَمِعَ من: السِّلَفِيّ، ومُحَمَّد بن عبد الرحمن الحَضْرَميّ.

وبمصر من: مُحَمَّد بن عليّ الرَّحَبِيّ، وإسماعيل بن قاسم الزَّيّات، وعبد الله

[1] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 310 رقم 2393، وتحفة الأحباب للسخاوي 348.

[2]

انظر عن (عبد السلام بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 321 رقم 2422.

[3]

انظر عن (عبد الصمد بن داود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 317 رقم 2410، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 269، 270، والمشتبه 2/ 463، وتوضيح المشتبه 6/ 286.

ص: 350

ابن بَرِّيّ، وسَعيد بن الحُسَيْن المأمونيّ، وعبد الرحمن بن مُحَمَّد السَّبْيي، وجماعةٍ كثيرة.

وروى عنه: الزَّكيّ المُنذريّ [1] ، ويحيى بن عبد الرحيم بن مسلمة، وعمر ابن الحاجب، والجمال محمد ابن الصابونيّ، وجماعة.

وتُوُفّي في عاشر شعبان، ودُفِنَ بقرب كافور الإخشيد.

517-

عبدُ الغفّار بن أبي الفوارس [2] شجاع بن عبد الله بن نوشتكين.

أبو مُحَمَّد، التُّرْكمانيُّ، الدنوشريُّ، المَحَلِّي.

استوطنَ المَحَلَّةَ، وكان عَدْلًا، شُرُوطيًا.

سَمِعَ: السِّلَفِيّ، والفقيه أبا الطّاهر بن عوف، ومحمد بن محمد الكِرْكَنْتِي.

وُلِدَ بدنوشر: قريةٍ بقرب المَحَلَّة، في سَنَةِ ثلاثٍ وخمسين.

ومات في السادس والعشرين من شوَّال.

روى عنه: الزَّكيّ المُنذريُّ، وجماعةٌ.

وَحَدَّثَنَا عنه: عيسى بن شهاب المُؤَدِّب، وأبو العباس أحمد ابن الأَغْلَاقيّ.

518-

عَبْد الغنيّ بْن عَبْد الكريم [3] بن نِعمة.

أبو القاسم، الثَّوريُّ، السُّفيانيُّ.

كَانَ يذكر أنَّه من وَلد سُفْيان. وكان أديبا، فاضلا، لَهُ شِعْرٌ، وفضيلةٌ.

سَمِعَ من عبد الله بن برّي، وعنه الزّكيّ المنذريّ.

[1] في التكملة 3/ 317.

[2]

انظر عن (عبد الغفار بن أبي الفوارس) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 320، 321 رقم 2420، والعبر 5/ 115، وتوضيح المشتبه 8/ 60، وحسن المحاضرة 1/ 177، وشذرات الذهب 5/ 131، 132.

[3]

انظر عن (عبد الغني بن عبد الكريم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 321 رقم 2421، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 72.

ص: 351

ومات في عشر السبعين في ذي القِعْدَة.

519-

عبد الغنيّ بن المبارك [1] بن المبارك بن أبي السعادات بن عُبَيْد الله. أبو القاسم، البَغْداديُّ.

من بيتِ عدالةٍ ورواية. سَمِعَ من: تَجَنِّي الوهْبَانِيَّة، وعُبَيْد اللَّه بن شاتِيل، وغيرهما. ومات في شعبان.

520-

عبدُ الكريم بن عليّ [2] بن شَمْخ [3] . العَدْلُ، عفيفُ الدِّين، الشّافعيُّ.

أمينُ الحَكَم لقاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن ابن السُّكَّريّ.

كَانَ ديِّنًا، كثيرَ التلاوة. مات في ذي الحِجَّة.

521-

عبد اللطيف بن أبي جعفر [4] عَبْد الْوَهاب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الغنيّ. أبو محمد، الطَّبريّ، البَغْداديُّ.

سَمَّعَهُ أبوه من: أبي المظفر ابن الشّبليّ، وأبي محمد ابن المادِح، وأبي الفَتْح بْن البَطِّي، وأبي بَكْر بْن النَّقُّور.

ووُلِدَ في سَنَةِ إحدى وخمسين تقريبا.

روى عنه: الدّبيثيّ، والبرزاليّ، وعمر ابن الحاجب، والسّيف ابن المجد، والشّرف ابن النابلسيّ، وجماعة. وأجازَ لفاطمة بنت سُلَيْمان.

وكان يقرأ بالأَلْحان، ويُؤَذِّن بالحُجرة الشَّريفة.

وتُوُفّي في رابع شعبان.

سَمِعَ ما رَوى الزَّيْنَبِيُّ عن المُخَلِّص من الأَوّل الكبير [5] على هِبَة الله

[1] انظر عن (عبد الغني بن المبارك) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 180، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 316 رقم 2408.

[2]

انظر عن (عبد الكريم بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 323 رقم 2426.

[3]

قيّده المنذري.

[4]

انظر عن (عبد اللطيف بن أبي جعفر) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 163، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 315، 316 رقم 2407، والمختصر المحتاج إليه 3/ 65 رقم 861، والإشارة إلى وفيات الأعيان 311، والعبر 5/ 115، والنجوم الزاهرة 6/ 279، وشذرات الذهب 5/ 132.

[5]

يعني: الجزء الأول الكبير من «المخلّصيات» .

ص: 352

الشِّبليّ. وسَمِعَ من ابن البَطِّي جميع «مُسْنَد» الطَّيَالسيّ.

522-

عبد اللّطيف ابن الفقيه أبي العزّ [1] يوسُف بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَبِي سَعْد. العَلَّامة، مُوفَّق الدِّين، أبو مُحَمَّد، المَوْصِليّ الأصل، البَغْداديُّ، الفقيه، الشّافعيُّ، النَّحْويُّ، اللُّغَويُّ، المُتَكلِّم، الطّبيبُ، الفَيْلسوفُ، المعروفُ قديما بابن اللّبّاد.

وُلِدَ ببغدادَ في أحد الربيعين سَنَة سبْعٍ وخمسين وخمسمائة.

وسَمَّعَهُ أبوه من: ابن البَطِّي، وأبي زُرْعَة المقدسيّ، وأبي عليّ الحسن ابن عليّ البَطَلْيُوسيّ، ويحيى بن ثابت، وشُهْدَةَ، وأبي الحُسَيْن عبد الحقّ، وجماعة كثيرة.

روى عنه الزَّكيّان: البِرْزَاليُّ والمُنذريّ، والضّياءُ، وابن النجّار، والشهابُ القُّوصيّ، والتّاج عبد الوَهَّاب ابن زين الأُمناء، والكمالُ العَدِيميّ، وابنه أبو المجد الحاكم، والأمينُ أحمد ابن الأشتريّ، والكمال أحمد ابن النَّصِيبيّ، والجمالُ ابن الصَّابوني، والعزّ عُمَر بن محمد ابن الأستاذ، وخطلب وسنقر القضائيان، وعليّ ابن السيف بن تَيْمِيّة، ويعقوب بن فَضائل، وستّ الدّار بنت المجد بن تَيْمِيّة، وخلْقٌ سواهم.

[1] انظر عن (عبد اللطيف بن أبي العز) في: التقييد لابن نقطة 382، 383 رقم 495، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 267، وإنباه الرواة للقفطي 2/ 193- 196، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 297، 298، رقم 2368، وعيون الأنباء لابن أبي أصيبعة 2/ 201- 213، وسير أعلام النبلاء 22/ 320- 323 رقم 195، والمختصر المحتاج إليه 3/ 65، 66 رقم 862، والإعلام بوفيات الأعلام 259، والإشارة إلى وفيات الأعيان 331، والمعين في طبقات المحدّثين 194 رقم 2054، وتذكرة الحفاظ 4/ 1414، والعبر 5/ 115، 116، وتلخيص ابن مكتوم، ورقة 114- 117، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 173، 174 رقم 128، وفوات الوفيات 2/ 16- 19، ومرآة الجنان 4/ 68، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 273، 274، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 132 (8/ 313 رقم 1217) ، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 171، وذيل التقييد للفاسي 2/ 150، 151 رقم 1327، والوافي بالوفيات 19/ 107- 115 رقم 99 (مكرر) ، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 163، أ، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 190، 191، وطبقات الشافعية، له 2/ 410 رقم 378، والعسجد المسبوك 2/ 450، وبغية الوعاة 2/ 311 رقم 1555، وتاريخ الظنون 30 وغيرها، وشذرات الذهب 5/ 132، وهدية العارفين 1/ 614، وديوان الإسلام 4/ 155- 157 رقم 1874، والأعلام 4/ 61، ومعجم المؤلفين 6/ 15.

ص: 353

وحَدَّث بدمشق، ومِصْرَ، والقُدس، وحَرَّان، وبغداد.

وصَنَّف تصانيف كثيرة في اللّغة، والطبِّ، والتاريخ، وغير ذلك.

وكان أحدَ الأذكياء المُتَضَلّعين من الآداب والطبّ وعلم الأَوائل، إلّا أنّ دعاويه أكثر من علومه.

ذكره الوزيرُ جمال الدِّين عليّ القِفْطي في «تاريخ النُّحاة» فقال [1] : المُوفَّق النَّحْويّ الطَّبيبُ المُلَقَّب بالمَطْحن. كَانَ يَدَّعى معرفةَ النَّحْو، واللّغة، وعلم الكلام، والعلوم القديمة، والطبّ. ودخل مصر وادّعى ما ادّعاه فمشى إليه الطّلبة، فقصّر فيما ادّعاه فجفَوْهُ. ثم نفقَ على شَابَّيْن بعَيدِي الخاطر يُعرفان بولديّ إسماعيل بن أبي الحَجّاج المَقْدِسيّ الكاتب، ونقلاه إليهما، وأخذا عنه.

وكان دَميمَ الخِلْقَة نحيلَها، قليل لحمِ الوجه. ولمّا رآه التّاجُ الكِنْديّ لقّبه بالمَطْحن.

قلت: وبالغ القِفْطيّ في الحَطِّ عليه، ويظهر على كلامه فيه الهَوَى، حَتّى قال: ومن أسوأ أوصافه قلةُ الغَيْرةِ.

وقال الدُّبَيْثيّ [2] : غلبَ عليه عِلْم الطبِّ والأدب وبرعَ فيهما.

وقال ابن نُقْطَة [3] : كَانَ حسنَ الخُلُق، جميلَ الأمر، عالما بالنّحْو والغريبين، ولَهُ يَدٌ في الطّبِّ. سَمِعَ «سُنن» ابن ماجة، و «مسند» الشافعيّ من أبي زُرْعَة. وسَمِعَ «صحيح» الإسماعيلي جميعه، و «المدخل» إليه من يحيى بن ثابت بسماعه من أبيه. وسَمِعَ الكثير من ابن البَطِّي، وأبي بكر بن النَّقُّور، وانتقل إلى الشام ومصر. وكان ينتقل من دمشق إلى حلب. ومرَّة سكنَ بأَرْزَنكان وغيرها.

وقال المُوفَّق: سَمِعْتُ الكثيرَ، وكنتُ في أثناء ذلك أتعلّم الخطّ، وأتحفّظ القرآن، و «الفصيح» ، و «المقامات» ، و «ديوان» المتنبّي، ومختصرا في

ص: 354

الفقه، ومختصرا في النَّحْو. فلمّا تَرَعْرَعْتُ حملني والدي إلى كمال الدِّين عبد الرحمن الأنباريّ وكان- يومئذٍ- شيخ بغداد، ولَهُ بوالدي صُحْبةٌ قديمة أيام التّفقّه بالنّظامية، فقرأت عليه خطبة «الفصيح» ، فهذّ كلاما كثيرا لم أفهمه، لكنّ التلاميذَ حوله يُعجبون منه. ثمّ قال: أنا أجفو عن تَعْليم الصّبيان احمله إلى تلميذي الوجيه الواسطيّ يقرأ عليه، فإذا تَوَسَّطَتْ حالُه قرأ عليَّ. وكان الوجيهُ عند بعض أولاد رئيس الرؤساء، وكان رَجُلًا أعمى من أهل الثَّروة والمُروءة، فأخذني بكلتا يديه، وجعل يُعَلّمني من أول النّهار إلى آخره بوجوهٍ كثيرة من التَّلَطّف. وكنتُ أحفَّظُه من كتبه، وأحفظ معه، وأَحضرُ معه حلقة كمال الدِّين إلى أن صِرتُ أسبِقُه في الحِفْظ والفَهْم، وأَصرفُ أكثرَ اللّيل في التّكرار، وأقمنا على ذلك برهة. وحفظت «اللُّمَع» في ثمانية أشهر، وكنت أطالع شَرْحَ الثّمانينيّ، وشَرْح الشريف عُمَر بن حمزة، وشرح ابن بَرهان، وأشرحُ لتلامذة يختصّون بي إلى أن صِرْتُ أَتَكَلَّمُ على كلّ باب كراريسَ، ولا يَنْفَذُ ما عندي.

ثمّ حَفِظْتُ «أدب الكاتب» لابن قُتَيْبة حفظا مُتقنًا، ثمّ حفظتُ «مشكل القرآن» له، و «غريب القرآن» لَهُ، وكلّ ذلك في مُدَّةٍ يسيرة. ثمّ انتقلتُ إلى «الإِيضاح» لأبي عليّ الفارسيّ، فحفظته في شهور كثيرة، ولازمت مُطالعة شروحه وتتبّعتُه التّتبع التّامّ حَتّى تبحّرتُ فيه. وأمّا «التَّكملة» فحفظتُها في أيّام يسيرة كُلَّ يوم كُرّاسًا. وطالعت الكتب المَبْسُوطة، وفي أثناء ذلك لا أُغْفِلُ سماع الحديث والتّفَقّه على شيخنا ابن فَضْلان.

ومن كلام المُوفَّق عبد اللّطيف- وكان فصيحا، مفوَّهًا-: «ينبغي أن تُحاسِبَ نفسك كُلَّ ليلة إذا أَوَيْتَ إلى منامك، وتَنْظُرَ ما اكتَسَبْتَ في يومِك من حَسَنة فتشكُرُ الله عليها، وما اكتسبتَ من سيئةٍ، فتستغفرَ الله منها، وتُقْلِعَ عنها.

وتُرِّتب في نفسك ما تعمله في غَدِك من الحَسَنات، وتسألَ الله الإعانة على ذلك» .

وقال: ينبغي أن تكونَ سيرتُك سيرةَ الصَّدْر الأَوَّل، فاقرأ سيرةَ النبي صلى الله عليه وسلم، وتَتَبَّعْ أفعالَهُ وأحوالَهُ، واقتفِ آثارَهُ، وتَشَبَّه به ما أمكنك، وإذا وقفتَ على سيرته في مَطْعَمِهِ ومَشْرَبِهِ ومَلْبَسه ومَنامه ويَقظَتِه وتمرُّضهِ وتطبُّهِ وتَمتّعه وتطيُّبه، ومعاملته مع ربّه، ومع أزواجه وأصحابه وأعدائِه، وفعلتَ اليَسيرَ من ذلك، فأنت السعيدُ كُلّ السعيد.

ص: 355

قال: ومن لم يَحْتَمِل أَلَمَ التَّعلُّم، لم يَذْق لذّة العِلْم، ومن لم يَكْدَحْ لم يُفْلِحْ، وإذا خَلَوتَ من التَّعلّم والتَّفَكّر، فَحرِّك لسانَكَ بذكر الله وتسبيحِه وخاصّة عند النوم. وإذا حَدَّثَ لك فَرَحٌ بالدّنيا، فاذكُرِ الموتَ وسُرعةَ الزَّوال، وأصناف المُنَغِّصات، وإذا حَزَبَك أمرٌ، فاسترجِعْ، وإذا اعترتكَ غَفْلةٌ فاستغفر، واجعلِ الموتَ نَصْبَ عينك، والعِلْم والتُّقَى زَادكَ إلى الآخِرَة، وإذا أردت أن تعصيَ الله، فاطلُبْ مكانا لا يراك فيه، وعليك أن تجعلَ باطنَك خَيْرًا من ظاهرك فإنَّ النّاسَ عيونُ الله على العَبْد يُريهم خيره وإن أخفاه، وشَرَّهُ وإن سَتَرَهُ، فباطنُه مكشوفٌ للَّه، والله يكشِفُه لعباده. واعلم أنّ للدّين عَبَقَةً وعَرفًا يُنادي على صاحبه ونورا وضياء يُشرق عليه ويَدُلُّ عليه، كتاجر المِسْكِ لا يخفى مكانُه.

ثمّ قال: اللَّهمّ أَعِذْنا من شموس الطبيعة، وجموح النفس الرديَّةِ، وسَلِّسْ لنا مقادَ التَّوفيق، وخُذ بنا في سواءِ الطّريق، يا هادِيَ العُمى يا مُرشِدَ الضُّلَّال يا محيي القلوب المَيِّتة بالإيمان خُذْ بأيدينا مِن مهواة الهَلَكَة، ونَجِّنا من رَدْغَةِ الطبيعةِ، وطَهِّرنا من دَرَنِ الدُّنيا الدنيَّة بالإِخلاص لك والتَّقوى، إنَّكَ مالكُ الدُّنيا والآخرة. سبحان من عَمَّ بحكمته الوجود، واستحق بِكُلِّ وجه أن يكونَ هُوَ المَعْبُود، تلألأت بنور جلالك الآفاقُ، وأشرقت شمسُ معرفتك على النفوس إشراقا وأيَّ إشراق.

ومن تصانيفه: «غريب الحديث» ، و «المجرّد» منه، «الواضحة في إعراب الفاتحة» ، كتاب «رُبَّ» ، كتاب «الألف واللّام» ، «شرح بانت سعاد» ، «ذَيْلِ الفصيح» ، «خمس مسائل نحويّة» ، «شرح مقدّمة بابشاذ» ، «شرح الخُطَب النُّبَاتِية» ، «شرح سبعين حديثا» ، «شرح أربعين حديثا طبّية» ، «الرّد على الفخر الرَازيّ في تفسير سورة الإِخلاص» ، «شرح نَقْد الشعر» لقُدامة، كتاب «قوانين البَلاغة» ، «الإنصاف بين ابن بَرِّيّ وابن الخَشَّاب في كلامهما على المقامات» ، «مسألة أنت طالق في شهر قبل ما بعد قبله رَمَضان» ، كتاب «قَبْسَة العَجْلان» في النَّحْو، «اختصار العُمدة» لابن رشيق، «مُقدّمة حساب» ، «اختصار كتاب النَّبات» ، كتاب «الفُصول» في الحكمة، «شرح فصول بُقراط» ، «شرح التّقدمة» له، «اختصار كتاب الحيوان» لأرسطوطاليس. واختصر كتبا كثيرة في الطّبّ.

كتاب «أخبار مصر الكبير» ، كتاب «الإِفادة في أخبار مصر» ، كتاب تاريخ

ص: 356

يتضمّن سيرته، «مقالة في الجوهر والعَرَض» ، «مقالة في النَّفْس» «مقالة في العَطَش» ، «مقالة في السَّقَنْقُور» ، «مقالة في الردّ على اليهود والنصارى» ، كتاب «الحكمة في العلم الإلهي» . وأشياء أكثر ممّا ذكرنا.

قلت: سافر المُوفَّق من حلب ليحجّ من الدَّرب العراقيّ، فدخلَ حَرَّان وحدَّث بها، وسافر، فمرِضَ ودخل بغدادَ مريضا، فتعوَّق عن الحجّ. ثم مات ببغداد في ثاني عشر المحرَّم وصَلَّى عليه شهاب الدِّين السُّهَرَوَرْدِيّ، ودُفِنَ بالوَرْدية.

وقد ذكره المُوفَّق أحمدُ بن أبي أُصيبعة فقال [1]- بعد أن وَصَفَهُ-: كَانَ يتردَّد إليه جماعةٌ من التَّلاميذ وغيرهم من الأَطبّاء للقراءة عليه، وكان كثيرَ الاشتغال لا يُخلي وقتا من أوقاته من النظر في الكتب والتَّصنيف. والّذي رأيتُه من خطه أشياءَ كثيرة جدّا. وكان بينَه وبينَ جَدِّي صُحْبَةٌ أكيدة بمصر. وكان أبي وعمّي يشتغلان عليه. واشتغل عليه عمِّي بكتب أرسطوطاليس. وكانَ قَلمُهُ أجودَ من لفظه. وكان يتنقَّص بالفضلاء الّذين في زمانه وكثير من المُتَقَدِّمين وخصوصا الرئيس ابن سينا. ثمّ ساق من سيرته ما ذكرته أنا، ثمّ قال: وقال موفّق الدِّين: إنّ مِن مشايخه وُلِدَ أمين الدَّولة ابن التلميذ وبالغَ في وصفه وكَرَمِه. وهذا تعصُّب، وإلّا فولدُ أمين الدَّولة لم يكن بهذه المثابة، ولا قريبا منها.

ثمّ قال المُوفَّق: دخلت الموصل، فأقمت بها سَنَةً في اشتغال متواصلِ ليلا ونهارا، وزعم أهلُها أنّهم لم يروا من أحدٍ قبلي ما رأوا منّي من سِعَةِ المحفوظ، وسُرْعَة الخاطر، وسكون الطائر. وسمعت الناس يهرجون في حديث السُّهَرَوَرْدِيّ المتفلسِف، ويعتقدون أنَّه قد فاقَ الأَوَّلِين والآخرين، فطلبت من الكمال ابن يونُس شيئا من تصانيفه- وكان يعتقد فيها- فوقعتُ على «التلويحات» و «اللّمحة» و «المعارج» فصادفتُ فيها ما يدلّ على جَهْل أهل الزَّمان، ووجدت لي تعاليقَ لا أرتضيها هي خيرٌ من كلام هذا الأَنْوَك [2] . وفي أثناءِ كلامه يُثبت حروفا مقطّعة يُوهِمُ بها أنها أسرارا إلهية.

[1] في عيون الأنباء 2/ 202.

[2]

الأنوك: الأحمق.

ص: 357

قال: وعَمِلتُ بدمشقَ تصانيف جمّة منها: «غريب الحديث الكبير» الّذي جمعت فيه «غريب» أبي عبيد، و «غريب» ابن قتيبة، و «غريب» الخَطَّابي. ثمّ عَمِلتُ لَهُ مختصرا سمّيته «المُجَرَّد» . وأعربتُ الفاتحة في نحو عشرين كرّاسا.

قلتُ: ولَهُ كتاب «الجامع الكبير» في المنطق والطّبيعي والإِلهي زُهَاءَ عشرة مجلّدات بقي يصنّف فيه مُدَّةً طويلة.

523-

عبدُ الواحد بن إسماعيل [1] بن صَدَقَة، نفيس الدِّين.

أبو مُحَمَّد، الحَرّانيُّ، ثمّ الدّمشقيُّ، التَّاجِر.

حدَّث عن: أبي الحُسَيْن أحمد ابن الموازينيّ، ونسيبِه مُحَمَّد بن عليّ بن صَدَقَة.

ومات فُجَاءةً بدمشق في ربيع الآخر. كتبَ عنه ابن الحاجب، وغيرُه.

524-

عبدُ الوَهَّاب بن أزهر [2] بن عبد الوهّاب بن أحمد ابن السَّبَّاك.

أبو البركات، البَغْداديُّ.

من أهل نهر القلّائين. ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة.

وسَمَّعَهُ أبوُه من: أَبِي الفَتْح بْن البَطِّي، وأبي عليّ ابن الرّحبيّ، ويحيى ابن ثابت، وغيرهم.

وكانَ من وُكلاء القُضَاةِ، لَهُ خبرة بالشّروط والدّعاوى. ثمّ ارتفع عن الوكالة، ولُقِّبَ بنجْم الإِسلام، وخَدَمَ في مناصبَ، وكان محمودَ السِّيرة.

سَمِعَ منه عُمَر ابن الحاجب، وابن نُقْطَة. وهُوَ أخو عبد العزيز، وأحمد.

تُوُفّي في ربيع الآخر.

ورَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار فِي «تاريخه» [3] وقال: عُزِلَ عن المناصب، ونفي، وحبس بواسط.

[1] انظر عن (عبد الواحد بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 305 رقم 2385.

[2]

انظر عن (عبد الوهاب بن أزهر) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 324- 326 رقم 196، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 304، 305 رقم 2383، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2190، وتوضيح المشتبه 1/ 623 و 5/ 6.

[3]

ذيل تاريخ بغداد 1/ 625.

ص: 358

525-

عَتيق بن حسن بن رَملي، أبو بكر، الأنصاريُّ، الإِسكندرانيُّ.

سَمِعَ من السِّلَفِيّ، وابن عَوْفٍ. أخذَ عنه ابن مَسْدِيّ وأرَّخَهُ.

526-

عُثمان بن قزل [1] ، الأميرُ الكبير.

فخر الدين، أبو الفتح، الكامليّ.

ولد بحلب سنة إحدى وستين وخمسمائة. وكان من كبار أمراء الكامل.

وقفَ المدرسة المشهورة بالقاهرة، والمسجد المقابل لها، وكُتَّاب السَّبيل، والرّباط بمكّة، والرباط بسفح المُقَطَّم. وكان مبسوط اليَدِ بالمعروف والصدقات في حياته وبعد وفاته- رحمه الله.

تُوُفّي في ثامن عشر ذي الحِجَّة بحرَّان، ودُفِنَ بظاهرها [2] .

527-

عليُّ بن أحمد [3] بن إبراهيم. أبو الحَسَن، الهاشميُّ، الواسطيُّ، عُرِفَ بابن العَطَّار، الشَّاعر، نزيلُ بغداد.

من أعيان الشعراء. مات في آخر سِنِّ الكُهولة في شهر ربيع الآخر.

ومن شعره:

أَتَرَاهُ بَعْدَ قَطِيعَةٍ يَتَعَطَّفُ

بَدْرٌ يَميلُ بِهِ قِوَامٌ أَهْيَفُ

أَنْتَ البَريء مِنَ الإِساءَةِ كُلِّها

يا عاذِلي وأَنَا المُحِبُّ المُدْنَفُ

لا تَلْحَنِي في حُبِّه فَتَتَيُّمِي [4]

طَبعٌ وصَبْري عَن هَواهُ تَكلُّفُ

جَهِلُوا الّذي أَلْقَاهُ في حَمْلِ الهَوى

فِيه ولذَّةَ عشقه لم يعرفوا

[5]

[1] انظر عن (عثمان بن قزل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 324 رقم 2431، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2203، والتاريخ المنصوري 245، والدر المطلوب 306، ونهاية الأرب 29/ 169، والوافي بالوفيات 19/ 503، 504 رقم 509، والعقد الثمين 3/ ورقة 109، والسلوك ج 1 ق 1/ 244، والدارس 1/ 431.

[2]

له شعر في: الوافي بالوفيات.

[3]

انظر عن (علي بن أحمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 23 240 رقم 531، وعقود الجمان.

[4]

في ذيل تاريخ بغداد: «فتكلّفي» .

[5]

قبل هذا البيت بيتان ذكرهما ابن النجار:

كيف اصطباري عنه والقلب الّذي

هو عدّتي

لا يتألّف

دقت معاني العشق عن أفهامهم

واستعذبوا فيه الملام وأسرفوا

ص: 359

ولَهُ:

يَا مَنْ غدا في حبِّهِ هَدْرًا دَمِي

مَا لَذَّ لي إِلّا عَلَيْكَ تَتيُّمي

وهَواك أني في الصَّبابة وَاحِدٌ

وإليَّ أَهلُ العشق فيها ينتمي

وعلى مرارت الصُّدُودِ وصدِّه

ما بَاحَ بالشَّكوى إلى بَشرٍ فمي

يَا مَنْ إِذا ما حَاولَت أَفكارُنا

إِدْرَاكَ سِرِّ جمالِه لم تَفْهَم

لَكِ عِزَّةُ المَعْشوق ذي الحُسنى وَلي

إطراقُ ذي نَدَمٍ وَذِلَّة مُجْرِمُ

[1]

528- عليّ بن بكربسان بن جاولي الملكيُّ الأفضليُّ. الأميرُ شمس الدِّين. مِن أمراء دمشق.

قال القُّوصيُّ: كَانَ من أكابر حجّاب الدَّولة الأفضلية، ومن سادات الأمراء والفُضلاء، تُوُفّي بظاهر دمشق في جُمَادَى الأولى، ولَهُ خمسٌ وستّون سَنَة.

قلت: روى عنه شعرا.

529-

عليّ بن خطَّاب [2] بن مُقلَّد، الفقيه. المقرئ، أبو الحَسَن، الواسطي، المُحَدِثِيُّ [3] ، الشّافعيُّ، الضَّرير.

والمُحدِّث، من قُري واسط، وُلِدَ بها في سَنَةِ إحدى وستّين، وحَفِظَ بها القرآن، وقَدِمَ واسطا، فقرأ بها القراءات على أبي بكر ابن الباقِلّانيَ، وسَمِعَ من أبي طالب الكتَّانّي.

ثم قَدِمَ بغداد، وتَفَقَّه على أبي القاسم يحيى فَضْلان، وغيرِه. وسَمِعَ من أبي الفَتْح بن شاتيل، وجماعةٍ.

وكان بارعا في المَذْهب، والخِلاف. درّس، وأعاد، وأفاد، وأفتى.

[1] وقال ابن النجار: بلغني أن مولده في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بواسط.

[2]

انظر عن (علي بن خطاب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 316، 317 رقم 2409، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 554 رقم 1257، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 125 (8/ 294 رقم 1195، ونكت الهميان 211، 212، وفيه «الحطاب» باللام المهملة وهو تحريف، والوافي بالوفيات 19/ 79 رقم 42، ومعرفة القراء الكبار 2/ 628 رقم 562، والعقد المذهب، ورقة 171، 172، وغاية النهاية 1/ 541 رقم 2314.

[3]

بضم الميم وسكون الهاء المهملة وبعدها دال مهملة وثاء مثلثة. (المنذري) .

ص: 360

ومات في ثامن شعبان.

وكان يقرأ في رمضان تسعين ختمة، وفي باقي السنة في كلّ يومين ختمة. وكان قَيَّمًا بعلم العربية. أقبلت عليه الدُّنيا في آخر عُمره. وجالس الإِمام المستنصر باللَّه.

530-

عليُّ بن عبد الله [1] بن يوسُف بن خطَّاب.

أبو الحَسَن، المُعَافِريُّ، الإِشْبِيليّ، الْمُقْرِئ.

أَخَذَ القراءات عَنْ أَبِي الْحَسَن نَجَبَة صاحب شُرَيحٍ.

وسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه بن زَرْقون، وعبد الرحمن بن مَسْلَمَة الخطيب، وجماعة.

ذكره الأَبَّار فقال: كَانَ فقيها، محدِّثًا، يميلُ إلى الظاهر. ولَهُ النظمُ والنَّثر. وعاش ثمانين سَنَة.

531-

عليُّ بن عبد الرحيم [2] بن يعقوب. الفقيه، أبو الحَسَن، البَكْريُّ، الببَانيُّ- بموحدتين مفتوحتين-.

وبَبا [3] : من أعمال البَهْنَسا، المالكيُّ، المُعَدَّل.

شَهِدَ عند قاضي القضاة أبي المكارم محمد بن عين الدّولة.

وسمع من الحافظ ابن المُفَضَّل.

وكان من أهل الدِّين والصَّلاح، والأمر بالمعروف، والتواضع.

قال المُنذريّ [4] : كَانَ مجتهدا في الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، وكتب بخطِّه كثيرا. وتُوُفّي بالقاهرة في سابعٍ عشر رجب.

532-

عليّ بن عُثمان [5] بن مُجلِّي. الوَاعظ، نظامُ الدين، الجزريّ،

[1] انظر عن (علي بن عبد الله) في: الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 238، 239 رقم 481.

[2]

انظر عن (علي بن عبد الرحيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 314، 315 رقم 2404، وتوضيح المشتبه 1/ 616.

[3]

في الأصل: «ببان» . والتصحيح من التكملة والتوضيح.

[4]

في التكملة 3/ 314.

[5]

انظر عن (علي بن عثمان) في: عقود الجمان لابن الشعار 5/ ورقة 95.

ص: 361

المعروف بابن دُنَيْنَة، الشَّاعر.

كثير التطواف والأَسفار، مَدَحَ الأُمراء والأَكابر.

وقرأ الوعظ على أبي الفرج ابن الجوزيّ، وتَفَقَّه على أبي طالب بن الخلّ، وسمع من أبي الفتح المندائيّ.

وكان طريفا، خفيف الرّوح، حلو المزاح. تُوُفّي بين قارة والنَّبْكِ [1] .

533-

عليّ بن المُقَرَّب [2] بن منصور بن المُقَرَّب بن الحَسَن. الأديب، أبو الحَسَن، الرَّبعِيّ [3] ، العُيُونيّ [4] ، البَحرانيّ، الأحسائيّ، الشَّاعرُ.

وُلِدَ بالأحساء من بلاد البَحْرَين في سَنَةِ اثنتين وسبعين. وحدَّث ببغداد بشيءٍ من شعره.

ودخل المَوْصِل، ومَدَحَ صاحبها. وكان شاعرا مُحْسِنًا، بديعَ الشعر.

تُوُفّي في رجب [5] .

534-

عليُّ بن يحيى [6] بن يوسُف بن أحمد. نجم الدِّين، أبو الحَسَن، المَوْصِليّ، ثمّ الدّمشقيُّ، المِزِّي، ابن خطيب المزّة، الشافعيّ، الشّروطيّ، الشّاهد.

[1] النبك: بلدة تقع شمال شرق دمشق، وهي في منتصف الطريق بين دمشق وبين حمص، تبعد عن دمشق خمسين ميلا تقريبا، وقارة قريبة منها تابعة لها.

[2]

انظر عن (علي بن المقرّب) في: معجم البلدان 4/ 181، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 44، 45، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 325، 326 رقم 2434، وعقود الجمان لابن الشعار 5/ ورقة 254، والمشتبه 1/ 388، والوافي بالوفيات 22/ 222 رقم 158، وتوضيح المشتبه 6/ 438، وتبصير المنتبه 129 و 1061، وهدية العارفين 1/ 706، وديوان الإسلام 4/ 284 رقم 2049، وتذكرة المتبحرين 490، وأعيان الشيعة 41/ 327، والأعلام 5/ 24، ومعجم المؤلفين 24، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 302 وفيه:«علي بن عبد الله بن المقرب» وهو غلط.

[3]

الرّبعي: من ربيعة الفرس. كما قال ابن المقرّب لابن النجار. (ورقة 44) .

[4]

العيوني: بضم العين المهملة والياء آخر الحروف وبعد الواو الساكنة نون، نسبة إلى العيون جمع عين وهي ناحية البحرين. (المنذري) .

[5]

وقال ابن النجار: «بلغنا أنه توفي بالبحرين في محرّم سنة إحدى وثلاثين وستمائة» . وتابعه الصفدي.

[6]

انظر عن (علي بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 308، 309 رقم 2387، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 335.

ص: 362

ولد قبيل الستين وخمسمائة بمسجد الدَّيْلمي تحت الرَّبْوةِ [1] ، وكَانَ أبوه- إذ ذاك- مُقِيمًا به.

وسَمِعَ من أبي القاسم بن عَساكر. وحدَّث. سَمِعَ منه: عليّ القسطار، ونصر الله بن أبي العزَّ الصَّفَّار، ويحيى بن مسلمة، والجمال ابن الصَّابونيّ.

ومات في ربيع الآخر. وهُوَ ابن أخي المَعمَّر عبد الرحيم صاحب ابن طَبَرزَد.

535-

عُمَر بن عبد الملك [2] ،. أبو مُحَمَّد، الدَّينَوَريُّ، الزَّاهد، نزيلُ سَفْحِ قاسيونَ.

كَانَ شيخا زاهدا، عابدا، قَانِتًا، مُخْبِتًا، مُنْقَطِعًا إلى عبادة الله تعالى، صاحبَ أحوالٍ ومُجاهدات. لَهُ زاويةٌ وأصحاب.

قال الضياء: اجتمعت به بالبلاد، وزُرت شيخَه، وبِدلالتي قَدِمَ إلى الشام وسكن بالْجَبَلِ [3] .

قلت: وهُوَ والدُ الخطيب جمال الدِّين محمد إمام كفربطنا [4] .

تُوُفّي في ليلة الحادي والعشرين من شعبان.

536-

عُمَر بن أبي المجد [5] كرم بن أبي الحسن عليّ بن عمر.

[1] الربوة: من متنزّهات دمشق.

[2]

انظر عن (عمر بن عبد الملك) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 318 رقم 2414، والعبر 5/ 116، ومرآة الجنان 4/ 68، والنجوم الزاهرة 6/ 279، وشذرات الذهب 5/ 132.

[3]

أي: جبل قاسيون.

[4]

كفربطنا: هي قرية في غوطة دمشق الشرقية.

[5]

انظر عن (عمر بن أبي المجد) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ، ورقة 198، 199، و (المطبوع) 15/ 2900، والتاريخ المجدد لابن النجار (باريس) ورقة 117، والتقييد لابن نقطة 399 رقم 526، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 313 رقم 2400، وتاريخ إربل 1/ 456، وتلخيص مجمع الآداب 1/ 430، والمختصر المحتاج إليه 3/ 103، 104، رقم 949، والعبر 5/ 116، وتذكرة الحفاظ 4/ 1414، والمعين في طبقات المحدّثين 194 رقم 1056، والإعلام بوفيات الأعلام 259، والإشارة إلى وفيات الأعيان 331، وسير أعلام النبلاء 22/ 325، 326 رقم 197، وذيل التقييد 2/ 249، 250 رقم 1550، والنجوم الزاهرة 6/ 279، وشذرات الذهب 5/ 132، وديوان الإسلام 3/ 262 رقم 1401.

ص: 363

أبو حفص، الدَّينَوريُّ، ثمّ البَغْداديُّ، الحَمَّاميُّ.

وُلِدَ سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.

وسَمِعَ من جدِّه لأُمِّه أَبِي الفَتْح عَبْد الوهَّاب بْن مُحَمَّد الصَّابونيُّ، ومن نصر بن نصر العُكْبَرِيّ، وأبي الوَقْت السِّجْزِيّ، والمبارك بن المبارك ابن التَّعاويذي السَّرّاج، وفاطمة بنت سَعْد الله الميهنيّ، وغيرهم.

وأجاز له أبو الفتح الكَرُوخي، وأبو حفص عُمَر بن أحمد الصَّفَّار الفقيه، وأبو الفَرَج عبد الخالق اليُوسُفيُّ، وأبو المعالي أحمدُ بن محمد بن المذاريّ، وجماعة. وتفرَّدَ بالإِجازة من أكثر هؤلاء.

وحدَّث بالكثير. وكان شيخا مباركا، صحيح السماع والإِجازة.

روى «صحيح» البخاري، و «الدّارميّ» ، و «عبد» [1] ، وجماعة أجزاءٍ تفرّد بها عن أبي الوَقْت. وروى «الجامع» للتِّرْمِذِيّ بالإِجازة عن أبي الفَتْح.

روى عنه: ابن نُقْطَة، والدُّبَيْثيّ، والبِرْزَاليُّ، والسيفُ بن قدامة، وأبو المظفّر ابن النابلسيّ، والفخرُ بن البُخاريّ، والشهابُ الأبَرْقُوهيّ، والتقيّ ابن الواسطيّ، والعزّ أحمد ابن الفاروثيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزَّين، والرشيدُ محمد بن أبي القاسم، والمجد عبد العزيز الخليليّ والعماد إسماعيل ابن الطَّبَّال وسَمِعَا [2] منه «جامع» التِّرْمِذِيّ.

وروى عنه بالإجازة: وروى عنه بالإجازة: زاهدةُ أخت الأبَرْقُوهيّ، وفاطمةُ بنت سليمان، وأبو الحسين اليونينيُّ، والعمادُ إبراهيمُ الماسِح، وطائفة آخِرَهم بقاء القاضي تقيّ الدِّين سُلَيْمان.

وتُوُفّي في سادس رجب.

ويقالُ لَهُ: الْجَعفري، لأَنَّه من محلَّة الجعفرية [3] .

وقال الأَبَرْقُوهيّ في «معجمه» : كان من أهل العبادة والعفاف، منقطعا

[1] يعني: «المنتخب من مسند عبد بن حميد» .

[2]

يعني: الخليلي وابن البطال.

[3]

ببغداد.

ص: 364

عن الناس، خَاشِعًا عند قراءة الحديث [1] .

537-

عُمَر بن أبي بكر [2] بن عمر ابن الصياد. أبو محمد، الحَرْبيُّ.

سَمِعَ من: أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن أحمد اليُوسُفيُّ، وفارس الحفَّار. ومات في صفر.

538-

عيسى ابن المُحدِّث أبي محمد عَبْدِ الْعَزِيزِ [3] بْنِ عيسى بن عبد الواحد بن سُلَيْمان اللَّخْمِيّ، الأندلسيّ. الشّريشيّ، ثم الإسكندرانيّ، المقري، أبو القاسم.

سَمَّعه أبوه من السِّلَفِيّ أجزاء فيها كثيرة، وكان لَهُ بها أصول.

وكان مقرئا بصيرا بالقراءات المشهورة والشواذ. تصدَّرَ للإقراء ببلده مُدَّة، وقرأ عليه الشيخ زينُ الدِّين عبد السلام الزَّواوي، ورشيدُ الدِّين أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّر، والتقيُّ يعقوبُ بن بَدْران الجرائديّ.

وحدَّث عنه: الحافظ عبدُ العظيم، والكمالُ العبّاسيّ الضرير، والحافظُ محبّ الدِّين ابن النجار، وإسحاق بن أسد، وجماعة من المحدّثين والقراء، وَحَدَّثَنَا عنه أبو محمد الحَسَن سِبْطُ زيادة.

ولد سنة خمسين وخمسمائة ظنّا. وأقرأ بمصر أيضا.

وكان غيرَ ثقة ولا صادقٍ مع جلالته وفضائله.

قرأتُ بخطّ عمر ابن الحاجب قال: كَانَ لو رأى ما رأى قال: «هذا

[1] وقال ابن نقطة: سمعت منه، وسماعه صحيح، وهو شيخ صالح. (التقييد 399) .

[2]

انظر (عمر بن أبي بكر) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 94، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 302 رقم 2377.

[3]

انظر عن (عيسى بن عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 312 رقم 239، وذيل الروضتين 161، وتاريخ إربل 1/ 295، والإشارة إلى وفيات الأعيان 33، والإعلام بوفيات الأعلام 260، وتذكرة الحفاظ 4/ 1414، والعبر 5/ 116، 117، ومعرفة القراء الكبار 2/ 614- 619 رقم 583، وسير أعلام النبلاء 22/ 315 رقم 191، وغاية النهاية 1/ 609، ونهاية الغاية، ورقة 179، ولسان الميزان 4/ 401، والنجوم الزاهرة 6/ 279، وبغية الوعاة 2/ 235، 236، وحسن المحاضرة 1/ 499، وشذرات الذهب 5/ 133، وروضات الجنات 1/ 308.

ص: 365

سماعي، أو «لي من هذا الشيخ إجازة» . قال: وكان يقول: جمعتُ كتابا في القراءات فيه أربعةُ آلاف رواية. ولم يكن أهلُ بلده يُثنون عليه. وكان فاضلا، مقرئا، كيِّس الأخلاق، مُكْرِمًا لأهل العِلْم.

قلت: وكان قد قرأ القراءات السبع على أبي الطيِّب عبد المُنعم بن يحيى بن الخُلُوف الغَرْنَاطيّ نزيل الإسكندرية سَنَة بضعٍ وسبعين، وماتَ سَنَة سِتٍّ وثمانين. وكان قد أخذ القراءات عن والده ابن الخُلُوف وشريح. وأسند القراءات و «التّيسير» عنه في إجازته للزَّواوي في سَنَةِ ستٍّ عشرة وستمائة. ولم يذكر لَهُ شيخا سوى أبي الطيِّب، وإنما ذكر وكثّر في أواخر عُمره- نسأل الله السلامة-، ولو كَانَ قرأ على أبي القاسم بن خَلَف الله صاحب ابن الفَحّام لكان لَهُ إسنادٌ عالٍ كصاحبيه أبي الفضل الهَمْدانيّ، وجمال الدِّين الصَّفْراويّ وما جَسَرَ- مع وجودهما- أن يزعم أنَّه قرأ على شيخِهما. لكنّي بأخرةٍ قرأتُ بخطِّ ابن مَسْدِيّ: سَمِعَ من عبد الرحمن بن خَلَف الله، وقرأ عليه بالروايات، وعلى ابن سعادة الدّانيّ. وابن سعادة- هذا- من أصحاب ابن هذيل وطبقته فأغرب عنه ب- «التيسير» عن عبد القُدوس، عن أبي عَمْرو الدّانيّ. وكتب إليه مُخبرًا أبو الفتوح الخطيب، وأبو الحَسَن الأَرْتَاحِيّ، وأبو سَعْد السَّمعانيّ. وقفت على أثباته ودستور إجازاته وما ذكرته فمن ذلك، إلى أن قال: ولَهُ كتاب «الجامع الأكبر والبحر الأَزخر» في اختلاف القُرَّاء، يحتوي على سبعة آلاف رواية وطريق. ومن هذا الكتاب وقع الناسُ فيه، والله أعلم بما يخفيه. جمعت عليه ختمة بالسبع من طريق «التّجريد» ، وسمعتُ منه كثيرا. قال: وولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وفي أسانيده تخليطٌ كثير، وأنواع من التَّركيب والشَّره.

في كلام نحو هذا لابن مَسْدِيّ.

وقد سألتُ عنه العَلَّامة أبا حيّان الأَنْدَلسِيّ- أبقاهُ الله- فكتب إليَّ فيما كتب: كَانَ لَهُ اعتناءٌ كثير بالقراءات، وتصانيف عِدَّة. وكان أبوه قد اعتنى به في صغره. وكان فقيها، مُفتيًا. قرأ عليه النّاسُ وأخذوا عنه، وتكلَّم بعضُهم فيه.

وقفتُ على إجازته لأبي يوسف يعقوب بن بَدْران الجرائديّ، وقد قرأ عليه بالسبع، وقراءة يعقوب، وابن القعقاع، وابن مُحَيْصن، وأشهدَ على نفسه لَهُ بها في صفر سَنَة سبع وعشرين، وأسند فيها عن أبي طاهر السِّلَفيّ. وذكر أنَّه أجازه أبو الفتوح ناصرُ بن الحَسَن الخَطيب. وأسند في هذه الإجازة عن

ص: 366

رجلين، أحدهما: أبو محمد عبد الله بْن محمد بْن خلف بن سعادة الأصبحيّ الدّانيّ- وسيأتي ذكره- وأنه قرأ عليه أربعة وثلاثين كتابا، وتلا عليه بكلِّهِنَّ، منها كتاب «التّيسير» ثم ساقَ أسماءها جميعا. ثمّ سمَّى بعدها خمسة عشر كتابا ذكر أنَّه تلا بهِنّ كلِّهِنَّ على عبد الله- هذا-. وذكرَ الشيوخ الّذين روى عنهم القرآن والكتبَ المذكورة، وأسندها عنهم شيخه عبدُ الله بن مُحَمَّد بن خَلَف فذكر منهم: أبا مروان عبد الملك بن عبد القدُّوس- وأنه قرأ على أبي عَمْرو الدّانيّ- وأبا الحَسَن شُرَيح بن مُحَمَّد، وسُلَيْمان بن عبد الله بن سُلَيْمان الأنصاريّ، عن أبي معشر الطَّبريّ، وذكر أبا سَعيد رحمةَ بن موسى القُرْطُبيّ، عن مكيّ بن أبي طالب، وأبي عليّ الأَهْوازيّ، وغيرهما، وأبا عبد الله محمد بن جامع الأَنْدَلسِيّ، عن يعقوب بن حامد، عن أبي عبد الله بن سُفْيان مؤلّف «الهادي» ، وأبا عبد الله مُحَمَّد بن عبد الرحمن المُقرئ، وأبا الحَجّاج يوسُف بن علي بن حَمْدان، وأبا عبد الله الخَوْلانيّ، وأبا مُحَمَّد عبد الله بن محمد بن السّيد الطليوسيّ. وأما عبدُ الملك، ورحمة، وسُلَيْمان، وابن جامع، وابن حَمْدان، فمجاهيل أو لم يكونوا موجودينَ في الدُّنيا، بل هي أسماءٌ موضوعة لغير موجود! وأما مُحَمَّد بن عبد الرحمن، فإنَّه توفّي بعد الخمسمائة.

وذكر لَهُ شيخنا أبو حيّان ترجمة، ثمّ قال: ثمّ الّذين أَرَّخوا في علماء أهل الأندلس ذكروا أبا مُحَمَّد- هذا- شيخ ابن عيسى فلم يذكروا في شيوخه أحدا من هؤلاء، هذا مع علمهم، واطِّلاعهم على أحوال أهل بلادهم.

ثم قال: أَخْبَرَنَا الخطيبُ أبو عبد الله بن صالح الكِنانيّ الشاطبيّ إجازة، وغيرُه عن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن أبي بكر القُضاعيّ عرف بالأبّار صاحب كتاب «التكملة» :، قال: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن خَلَف بْن سعادة الأَصْبَحيّ من أهل دانية يُكنى أبا محمد، سَمِعَ أبا بكر بن نُمارة، ولازم بِبَلْنَسِيَةَ أبا الحَسَن بن سَعْد الخير، ثمّ رحل إلى المشرق، فسمع بالإِسكندرية من أبَوي الطّاهر السِّلَفِيّ وابن عَوْف، وغيرهما. حدَّث عنه أبو القاسم عيسى ابن الوجيه أبي محمد عبد العزيز الشَّريشيّ وحَمَّلَهُ الرواية عَن قومٍ لم يَرَهمْ وَلَا أدركهم وبعضهم لا يُعْرَفُ، وذلك من أوهام هذا الشيخ عيسى واضطرابه في روايته، وسَمِعَ أيضا من أبي عبد الله الحَضْرَميّ، وأبي القاسم عليّ بن مهديّ

ص: 367

الإسكندرانيّ، وأكثر عنهم.

إلى أن قال شيخنا أبو حيّان: وأبو عبد الله الأَبَّار متى عرض لَهُ في «تاريخه» ذُكِرَ أبي القاسم بن عيسى يحذِّر منه حَتّى إنَّه ذكره في موضع وقال:

إنما أكرّر الكلام عليه ليُحْذَر منه، أو قريبا من هذا المعنى أو نحوه. وذكر أيضا أنَّه نَسَبَ دواوين شِعْر لناسٍ ما نظموا حرفا قطُّ ولا عُلِمَ ذلك منهم.

ثمّ قال أبو حيّان: فانظر إلى ابن عيسى كيف ادَّعى أنَّه قرأ على ابن سَعادة القرآنَ بنحوٍ من خمسين كتابا!! وأنه قرأ منها أربعة وثلاثين كتابا؟! ونسبته إلى الرواية عن هؤلاء المشايخ الذين ما ذكر أحدٌ أنَّه روى عن واحد منهم، بل أكثر ما ذكر لَهُ الأَبَّار رجلانِ من أهلِ الأندلس ابن نمارة، وابن سَعْد الخير- نعوذُ باللَّه من الكَذِب والخِذْلان- وآخر من روى القراءات تلاوة عن واحد عن أبي عَمْرو الدّانيّ فيما علمنا أبو الحَسَن بن هُذَيْل، وتُوُفّي سنة أربع وستين وخمسمائة، فكيف يكون ابن سعادة يُحَدِّث بالتّلاوة عن واحد عن أبي عمرو وكان حيّا في سَنَة ثلاثٍ وسبعين؟ ورُبّما عاش بعد ذلك سنين.

قال: وأما الرجل الآخر الّذي روى عنه أبو القاسم بن عيسى القراءات، فهو أبو الحَسَن مقاتل بن عبد العزيز بن يعقوب، قال: قرأتُ عليه «التّجريد» لابن الفحَّام وبما تضمّنه، حدَّثني به عن مؤلِّفه. وبهذا السند قرأتُ عليه مفرداته العَشْرَ، وقرأت عليه كتاب «تلخيص العبارات» لابن بَلّيمة، وتلوتُ عليه بما تضمّنه، حدّثني به عن مؤلّفه، وتلوتُ عليه بكتاب «العنوان» ، حدَّثني به عن الحَسَن بن خَلَف، عن مؤلّفه، وعن ابن مؤلّفه، عن أبيه. قال ابن عيسى:

وتلوت عليه وعلى غيره من المقرءين بكتب كثيرة لا تسع هذه الإجازة، وهي مذكورة في كتاب «التّبيين في ذِكر من قرأ عليه ابن عيسى من المقرءين» . ومن هذه الكتب والكتب التي بقيت ولم نذكرها التي تلوتُ بها على بقية شيوخي هي التي خرَّجت منها سبعةَ آلاف رواية التي تلوتُ بها.

قال أبو حيّان: ومقاتل بن عبد العزيز- هذا الّذي ذكره- أنَّه روى عن ابن الفحَّام، وابن بَلِّيمة لا نعمله إلّا مِن جهة ابن عيسَى فينبغي أن يبحث عن مقاتل أكان موجودا؟ وليس ذلك، لأن يَصِحَّ إسنادُ ابن عيسى عنه، فإنَّ إسنادا فيه ابن عيسى لن يصحَّ أبدا.

ص: 368

قلت: أقطعُ بأنّ رجلا اسمه مُقاتل منعوتٌ بأخذ القراءات عن الأربعة المذكورين والحالة هذه لم يوجد أبدا ولا خُلِقَ قَطُّ. وقد طال الخطابُ في كَشْفِ حالِ الرَّجل. وبدونِ ما ذكرنا يُتْرَكُ الشخصُ، أما خَافَ من اللهِ إِذْ زعم أنَّه صَنَّف كتابا فيه سبعةُ آلاف رواية؟ فو الله إنَّ القرَّاء كلهم من الصحابة إلى زمانه- أعني الذين سُمُّوا من أهل الأداء في المشارق والمغارب ودُوِّنوا في التّواريخ- لا يبلغون سبعةَ آلاف بل ولا أربعة آلاف وأنا متردِّدٌ في الثلاثة آلاف هل يصلون إليها أم لا؟ هذا أبو القاسم الهُذليّ الّذي لم يَرْحَل أحَدٌ في القراءات ولا في الحديث مثلَه، ولَهُ مائة شيخ قرأ عليهم القرآنَ، جمَع في كتابه الغَثَّ والسَّمين، والمشهورَ والشاذّ، والعالي والنازلَ، وما تَحلُّ القراءةُ به وما لا تحلُّ، وأربَى على المُتقدِّمين والمتأخرين لم يُمْكِنْهُ أن يأتي في كتابه بأكثر من خمسين رواية من ألف طريق، وقد يكونُ الطريقُ مثل أن يروي مُسلم الحديث عن قُتَيْبة، عن الَّليْث، وعن عبدِ الملك بن شُعَيْب بن الَّليْث، عن أبيه، عن الَّليْث، فيسمّي ذلك طريقين.

وقد تفرَّد القاضي تقيُّ الدِّين سُلَيمان بالإجازة منه.

وتُوُفّي في سابع جُمَادَى الآخرة.

وما أنا ممّن يُتَّهم بالحَطِّ على ابن عيسى، فلو كنتُ مُداهنًا أحدا لداهنتُ في أَمْرِهِ، لأنّني قرأتُ «التَّيسيرَ» في مجلس على سِبْط زيادة بأصل سماعه منه.

قال: أَخْبَرَنَا عبد الله بن محمد بن خَلَف، أَخْبَرَنَا ابن عبد القدُّوس عن مؤلّفه، فوددتُ لو ثبت لي هذا الإسناد العالي، ولكنّه شيء لا يَصِحُّ. وأمّا إجازته من الشريف الخطيب، فصحيحة- إن شاء الله- قد سَمِعَ بها الحافظ ابن النّجّار، وغيره.

وقرأتُ كتاب «العنوان» في القراءات على سبط زيادة، بسماعه من ابن عيسى، بإجازته من الخطيب. أخبرنا أبو الحسين الخشّاب، أَخْبَرَنَا المُصنِّف.

[حرف الغين] 539- غالب بن مُحَمَّد بن غالب بن حبيش- بفتح الحاء وشين معجمة. أبو عَمْرو، اللَّخْمِيّ، الأَنْدَلسِيّ، المقرئ، نزيل دمشق.

ص: 369