الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نزول جلال الدِّين على خِلاط ثانية
وفيها نزل جلال الدِّين ابن خُوارزم شاه مرَّة ثانية على خِلاط، ثمّ هَجَم عليه الشّتاءُ، فَتَرَحَّل إلى أَذْرَبَيْجَان. وخرجَ الحاجب عليٌّ من خِلاط فاستولى على خُوَيّ وسَلَماس وتلك النَّاحية، وساقَ فأخذَ خزائن جلال الدِّين وعائلته وعاد إلى خِلاط، فقيل له: أيشٍ فعلت؟ تَحَرَّشت به ليُهلِكَ البلاد فلم تفكّر [1] .
جَرْيُ الكُوَيْزِ الساعي
وفيها جرى الكُوَيْز [2] السّاعي من واسط إلى بغداد في يومٍ وليلة، ووصل إلى باب سور البَصَليَّة قبل الغُروب بساعة، ورُزِقَ قَبولًا عظيما، وأُعْطِي خِلَعًا وأموالا من الدَّولة والتّجّار. ومن جملة ما حَصَل له نَيّف وعشرون فرسا، وقماش بألف وسبعمائة دينار، ومن الذّهب خمسة آلاف وأربعمائة دينار، واسمُه معتوق المَوْصِليّ. ولازم خدمة الشَّرابيّ [3] . ذكر هذا ابن السّاعي [4] .
تأسيس المستنصريَّة
وفيها شرعوا في أساس المُستنصريَّة ببغداد، وكان مكانَها إصطبلاتٌ وأبنيةٌ، وتولّى عِمَارَتُها أستاذُ دارِ الخلافة [5] .
موقعة الرَّيّ بين جلال الدِّين والتتار
وفيها- وقيل: في التي قبلها كما تقدم بعبارةٍ أخرى- عادت التّتار إلى
[1] الخبر في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 652 وقد تصحّفت فيه: «سلماس» إلى «سلمان» ، وسيرة جلال الدين منكبرتي 299- 319، والمختصر في أخبار البشر 3/ 141، والمختار من تاريخ ابن الجزري 140، وتاريخ ابن الوردي 2/ 216، والعسجد المسبوك 2/ 434.
[2]
في المختار من تاريخ ابن الجزري «الكوثر» ، ومثله في: العسجد المسبوك، والمثبت يتفق مع: دول الإسلام.
[3]
يعني إقبالا.
[4]
خبر (الساعي) في: دول الإسلام 2/ 132، والمختار من تاريخ ابن الجزري 141، والعسجد المسبوك 2/ 435.
[5]
المختار من تاريخ ابن الجزري 141.
الرَّيّ، وجرى بينَهم وبينَ جلال الدِّين حروبٌ. وكان هؤلاء التّتار قد سخط عليهم جِنكزخان وأبعدَهم، وطرد مقدَّمهم، فقصد خُراسانَ، فرآها خرابا، فقصد الرَّيّ ليتغلَّبَ على تلك النّواحي، فالتقى هو وجلال الدِّين، فاقتتلوا قتالا شديدا، ثمّ انهزم جلالُ الدِّين، ثمّ عاود بمن انهزم، وقصد إصْبَهان، وأقام بينَها وبينَ الرَّيّ، وجمع جيشه، وأتاه ابن أتابَك سعدٍ بعد وفاة والده. ثمّ عاد جلال الدِّين، فضرب مع التّتار رأسا، فبينما هُمْ مصطفّون انفرد غياثُ الدِّين أخو السُّلطان، وقصد ناحية، فظنّهم التّتار يُريدون أن يأتوهم مِن ورائهم، فانهزموا، وتبِعهم صاحبُ بلاد فارس.
وأمّا جلالُ الدِّين، فإنَّه لَمّا رأى مفارقة أخيه له، ظنَّ أنّ التّتر قد رجعوا خديعة ليستدرجوه، فانهزم أيضا، ولم يجسر أن يدخل إصْبَهان خوفا من الحصار، فمضى إلى شُبرم.
وأمّا صاحب فارس، فلمّا ساق وراء التّتار، وأبعد ولم يَرَ جلال الدِّين، خاف ورَدّ عن التّتار، ورأى التّترُ أنَّه لا يطلُبهم أحدٌ فوقفوا، وردُّوا إلى إصْبَهَان وحاصروها، وظنُّوا أنّ جلال الدِّين قد عُدِمَ، فبينما هُم كذلك، إذ وصل إليهم قاصدٌ من جلال الدِّين يُعرِّفهم بأنَّه سالم، وأنّه يجمع، ويُنجد أهل إصْبَهان، ففرح أهلُ البلد، وقويت نفوسهم، وفيهم شجاعة طبيعيّة، فقَدِمَ عليهم، ودخل إليهم، ثمّ خَرَج بهم، فالتقوا التّتارَ، فانهزم التّتارَ أقبح هزيمةٍ، فساق جلال الدِّين وراءَهم إلى الرَّيّ قتلا وأسرا، وأقام بالرَّيّ، فأتته رُسُل ابن جنكزخان يقول: إنّ هؤلاء ليسوا من أصحابي، وإنّما نحن أبعدناهم، فاطمأنّ جلالُ الدِّين من جانب ابن جنكزخان، وعاد إلى أَذْرَبَيْجَان..
وأمّا غياث الدِّين أخوه، فقصد خوزستان، فلم يُمكّنْهُ نائبُ الخليفةِ من دخولها، فقصد بلادَ الإسماعيليَّة، والتجأ إليهم، واستجارَ بهم. فقصد جلالُ الدِّين بلاد الإسماعيليّة لِينهبها إنْ لمْ يُسلّموا إليه أخاه، فأرسل مقدَّمُهم يقول:
لا يجوز لنا أن نُسلِّمه إليك، لكن نحن نُنزله عندنا، ولا نمكِّنه أنْ يقصِدَ شيئا من بلادك، والضّمان علينا. فأجابهم إلى ذلك، وعاد فنازل خلاط [1] .
[1] انظر خبر (الموقعة) في: الكامل في التاريخ 12/ 476- 477، وسيرة جلال الدين منكبرتي