الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الأَوهام:
خديج بْن رافع بن عدي، والد رفع بْن خديج.
قال الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِمِ فِي الأطراف": ومن مسند خديج من رافع بْن عدي والد رافع عَلَى ما قيل، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
حديث أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عَنْ كراء الأرض فِي المزارعة: عَنْ عَلِيّ بْن حجر، عَنْ عُبَيد اللَّه بْن عَمْرو، عَنْ عبد الكريم بْن مالك الجزرئ، عَنْ مجاهد قال: أخذت بيد طاوس حَتَّى أدخلته عَلَى (1) رافع بْن خديج، فحدثه عَن أَبِيهِ بِهِ، قال أَبُو الْقَاسِمِ: كذا قال عبد الكريم، وقد روى عَمْرو بْن دينار، قال: كان طاوس يكره أن يؤاجر أرضه فقَالَ لَهُ مجاهد: اذهب إِلَى ابْن رافع بْن خديج فاسمع حديثه، قال أَبُو الْقَاسِمِ: وهذا هو الصواب، ولا أعلم لخديج صحبة فضلا عَنْ رواية، انتهى كلامه.
ولعُمَري لقد أصاب فِي قوله: ولا أعلم لخديج صحبة فضلا عَنْ رواية، لكنه وهم وهما قبيحا، وأخطأ خطأ شنيعا حيث نسب الخطأ فِي ذلك إِلَى عبد الكريم الجزري، وهو منه برئ، وإنما وقع الوهم فِي ذلك من بعض المتأخرين فِي بعض النسخ دون الكل، ولم يقع ذلك من عبد الكريم، ولا من الراوي عنه، ولا من النَّسَائي، ولا من شيخه، ولا من الراوي عنه، ولو تأمل أَبُو الْقَاسِمِ رحمه الله كلام النَّسَائي، أو راجع بعض الاموال الصحاح، لظهر لَهُ الصواب فِي ذلك من الخطأ إن شاء اللَّه، وعلم براءة عبد الكريم مما نسبه إليه، وأنا أذكر ما قاله النَّسَائي فِي ذلك عَلَى ما وقع فِي الأصول الصحاح لتظهر صحة ذلك إن شاء
(1) ضبب المؤلف عليها.
اللَّه، قال النَّسَائي فِي المزارعة، بعد أن ذكر حديث منصور وغيره، عَنْ مجاهد، عَنْ أسيد بْن ظهير، عَنْ رافع بْن خديج (1) : خالفه عبد الكريم، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ، حَدَّثَنَا (2) عُبَيد اللَّه بْنِ عَمْرو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قال: أَخَذْتُ بيد طاوس حَتَّى أدخلته عَلَى ابْنِ رَافِعِ بْنِ خُدَيْجٍ، فَحَدَّثَهُ عَن أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنه نَهَى عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ، فأبى طاوس، وَقَال: سمعت ابْن عباس لا يرى بذلك بأسا.
هكذا هو فِي عدة أصول"حَتَّى أَدْخَلْتُهُ عَلَى ابْنِ رَافِعِ بْنِ خديج"ثم قال: رواه أَبُو عوانة، عَنْ أبي حصين، عَنْ مجاهد، عَنْ رافع مُرْسلاً، ثم رواه عَنْ قتيبة، عَن أبي عوانة ومن عدة طرق عَنْ مجاهد، عَنْ رافع، ثم استدل عَلَى أن طاوسا لم يسمعه من رافع بْن خديج بحديث عَمْرو بْن دينار، قال: كان طاوس يكره أن يؤاجر أرضه بالذهب والفضة ولا يرى بالثلث والربع بأسا، فقَالَ لَهُ مجاهد: اذهب إِلَى ابْن رافع بْن خديج فاسمع حديثه عَن أَبِيهِ.
فقد بان بحمد اللَّه تعالى براءة عبد الكريم من نسبة هذا الوهم إليه، وبان أن هذا الإسناد إنما وقع عند النَّسَائي عَلَى الصواب لا عَلَى الخطأ، وليس من عادة النَّسَائي أن يقع عنده مثل هذا الوهم فيسكت عنه ولا ينبه عَلَى الصواب فيه، فلما سكت عنه دل ذلك عَلَى أَنَّهُ لم يقع عنده إلا عَلَى الصواب مع اتفاق عامة الأصول القديمة من الروايات المختلفة عَلَى ذلك، وقد وقع فِي نسخة سهل بن بشر الإسفراييني، وهم آخر فِي هذا الحديث إلا أَنَّهُ أخف من الوهم الأول، وقع فيها: حَتَّى أدخلته على
(1) المجتبى: 7 / 34، فما بعد.
(2)
في المجتبي: أنبأنا.
رافع بْن خديج فحدثه عَنْ رَسُول اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم، وهذا وإن كان خطأ أيضا فإنه أسهل من الوهم الأول، حيث جعل الحديث عَنْ
خديج، ولعله مات فِي الجاهلية، والله أعلم.
(1) ضبب المؤلف على العبارة.