الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحبّ لكم قيس بن عيلان كلّها
…
ويعجبنى فرسانها ورجالها (1)
ومالى لا أهوى بقاء قبيلة
…
أبوك لها بدر وأنت هلالها!
فبعث إليه برسوله الذى حمل إليه النبيذ، وبصاحب شرابه، وكل ما كان فى خزانته من الشراب، وبثلثمائة دينار.
(الأغانى 20: 40)
143 - كتاب البيعة للمنتصر بالله
ومات المتوكل على الله سنة 247 هـ فبويع ابنه المنتصر بالله بالخلافة، وكانت نسخة البيعة التى أخذت له:
«بسم الله الرحمن الرحيم: تبايعون عبد الله المنتصر بالله أمير المؤمنين، بيعة طوع واعتقاد، ورضا ورغبة، بإخلاص من سرائركم، وانشراح من صدوركم، وصدق من نيّاتكم، لا مكرهين ولا مجبرين، بل مقرّين عالمين بما فى هذه البيعة وتأكيدها، من طاعة الله وتقواه، وإعزاز دين الله وحقّه، ومن عموم صلاح عباد الله، واجتماع الكلمة، ولمّ الشّعث، وسكون الدّهماء (2)، وأمن العواقب، وعزّ الأولياء، وقمع الملحدين، على أن محمدا الإمام المنتصر بالله عبد الله وخليفته المفترض عليكم طاعته ومناصحته، والوفاء بحقه وعقده، لا تشكّون ولا تدهنون (3) ولا تميلون ولا ترتابون، وعلى السّمع له والطاعة، والمسالمة والنّصرة، والوفاء والاستقامة، والنصيحة فى السّر والعلانية، والخفوف (4) والوقوف عند كل ما يأمر به عبد الله الإمام المنتصر بالله أمير المؤمنين، وعلى أنكم أولياء أوليائه، وأعداء أعدائه
(1) لكم أى لأجلكم، وقيس: هو قيس بن عيلان بن مضر. والمعنى: أحب جميع العرب المضرية لأجلكم (وسعيد المكتوب إليه من باهلة، وهم بنو مالك بن أعصر بن سعد بن قيس).
(2)
الدهماء: جماعة الناس.
(3)
الإدهان: إظهار خلاف ما يضمر، والغش.
(4)
الخفوف: العجلة وسرعة السير.
من خاصّ وعامّ، وأبعد وأقرب، وتتمسّكون ببيعته بوفاء العقد، وذمّة العهد، سرائركم فى ذلك مثل علانيتكم، وضمائركم مثل ألسنتكم، راضين بما يرضاه لكم أمير المؤمنين فى عاجلكم وآجلكم، وعلى إعطائكم أمير المؤمنين بعد تجديدكم بيعته هذه على أنفسكم، وتأكيدكم إياها فى أعناقكم، صفقة أيمانكم راغبين طائعين عن سلامة من قلوبكم وأهوائكم ونيّاتكم، وعلى ألّا تسعوا فى نقض شىء مما أكّد الله عليكم، وعلى ألّا يميل بكم مميل (1) فى ذلك عن نصرة وإخلاص، ونصح وموالاة وعلى أن لا تبدّلوا، ولا يرجع منكم راجع عن نيته وانطوائه إلى غير علانيته، وعلى أن تكون بيعتكم التى أعطيتم بها ألسنتكم وعهودكم، بيعة يطّلع الله من قلوبكم على اجتبائها (2) واعتقادها، وعلى الوفاء بذمته بها، وعلى إخلاصكم فى نصرتها وموالاة أهلها، لا يشوب ذلك منكم دغل (3) ولا إدهان، ولا احتيال ولا تأوّل، حتى تلقوا الله موفين بعهده، ومؤدّين حقّه عليكم، غير مستشرفين (4) ولا ناكثين، إذ كان الذين يبايعون منكم أمير المؤمنين إنّما يبايعون الله، يد الله فوتى أيديهم فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه، ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما، عليكم بذلك وبما أكّدت هذه البيعة فى أعناقكم، وأعطيتم بها من صفقة أيمانكم، وبما اشترط عليكم بها، من وفاء ونصر وموالاة واجتهاد ونصح، وعليكم عهد الله إن عهده كان مسئولا، وذمة الله وذمة رسوله، وأشدّ ما أخذ على أنبيائه ورسله وعلى أحد من عباده من متأكّد وثائقه، أن تسمعوا ما أخذ عليكم فى هذه البيعة ولا تبدّلوا، وأن تطيعوا ولا تعصوا، وأن تخلصوا ولا ترتابوا، وأن تتمسّكوا بما عاهدتم عليه تمسّك أهل الطاعة بطاعتهم، وذوى العهد والوفاء بوفائهم
(1) مميل بالفتح مصدر كميل، ويصح أن يكون بالضم، اسم فاعل.
(2)
اجتباه: اختاره.
(3)
الدغل: الفساد.
(4)
استشرفه حقه: ظلمه، وسيأتى فى كتاب البيعة للمعتز «غير مستريبين» .
(15 - جمهرة رسائل العرب- رابع)
وحقّهم، لا يلفتكم عن ذلك هوّى ولا مميل، ولا يزيغ بكم فيه ضلال عن هدى، باذلين فى ذلك أنفسكم واجتهادكم، ومقدّمين فيه حق الدين والطاعة، بما جعلتم على أنفسكم، لا يقبل الله منكم فى هذه البيعة إلا الوفاء بها، فمن نكث منكم ممن بايع أمير المؤمنين هذه البيعة عما أكّد عليه، مسرّا أو معلنا، أو مصرّحا أو محتالا، فأدهن فيما أعطى الله من نفسه، وفيما أخذت به مواثيق أمير المؤمنين وعهود الله عليه، مستعملا فى ذلك الهويسنى دون الجدّ، والرّكون إلى الباطل دون نصرة الحق، وزاغ عن السبيل التى يعتصم بها أولو الوفاء منهم بعهودهم، فكلّ ما يملك كلّ واحد ممن خان فى ذلك بشىء نقض عهده، من مال أو عقار أو سائمة أو زرع أو ضرع صدقة على المساكين فى وجوه سبيل الله، محرّم عليه أن يرجع شىء من ذلك إلى ماله، عن حيلة يقدّمها لنفسه أو يحتال بها، وما أفاد (1) فى بقية عمره من فائدة مال يقلّ خطرها أو يجلّ قدرها، فتلك سبيله إلى أن توافيه منيّته، ويأتى عليه أجله، وكلّ مملوك يملكه اليوم إلى ثلاثين سنة من ذكر أو أنثى، أحرار لوجه الله، ونساؤه يوم يلزمه الحنث، ومن يتزوج بعدهن إلى ثلاثين سنة، طوالق البتة طلاق الحرج (2)، لا مثنويّة (3) فيه ولا رجعة، وعليه المشى إلى بيت الله الحرام ثلاثين حجّة (4) لا يقبل الله منه إلا الوفاء بها، وهو برىء من الله ورسوله، والله ورسوله منه بريئان، ولا قبل الله منه صرفا ولا عدلا (5)، والله عليكم بذلك شهيد؛ وكفى بالله شهيدا».
(تاريخ الطبرى 11: 71)
(1) أى استفادة.
(2)
انظر ص 140 من الجزء الثالث.
(3)
أى لا استثناء.
(4)
الحجة: السنة.
(5)
الصرف: التوبة، والعدل: الفدية.