الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالحضرة ما قد اتصل بك، وعرفت جملته وتفصيله، وجهته وسبيله، وقد خار الله عز وجل لسيدنا أمير المؤمنين وللناس بعده، بما تهيّأ من قمعهم وردعهم، خيرة ظاهرة متصلة بالكفاية الشاملة التامة، بمنّ الله وفضله، ولم ير سيدنا- أيده الله- استصلاح أحد من هذه العصبة إلا السودان، فإنهم كانوا أخفّ جناية، وأيسر جريرة، فرأى- أعلى الله رأيه- إقرارهم على أرزاقهم القديمة، وتصفيتهم بالعرض على المحنة، لعلمه أن العساكر لا بد لها من رجّالة، وأمر- أعلى الله أمره- أن يستخدم بحضرته من تؤمن بائقته، وتخفّ مؤنته، وترجى استقامته، وبالله ثقة أمير المؤمنين وتوفيقه، وقبلك وقبل مثلك رجّالة أنت أعلم بمن مرضت طاعته منهم ومن يعود إلى صحّة وصلاح، فإن قنع من ترضاه منهم بأصل الجارى عليه، فتمسّك به، وأقرّه على جاريه، ومن رأيت الاستبدال به فأمره إليك، والله المستعان».
(تاريخ الطبرى 12: 77)
281 - كتاب أحمد بن الضحاك إلى صديق له يصف شعب بوّان
وكتب أحمد بن الضحّاك (1) الفلكى إلى صديق له يصف شعب بوّان (2):
«بسم الله الرحمن الرحيم: كتبت إليك من شعب بوّان، وله عندى يد بيضاء مذكورة، ومنّة غرّاء مشهورة، بما أولانيه من منظر أعدى (3) على الأحزان،
(1) جاء فى تاريخ بغداد ج 4: ص 211: «حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الضحاك الواسطى ببغداد سنة 311
…
الح» وربما كان هو صاحب هذا الكتاب.
(2)
شعب بوان: بأرض فارس بين أرجان والنوبندجان، وهو أحد متنزهات الدنيا، موصوف بالحسن وكثرة الأشجار وتدفق المياه وكثرة أنواع الأطيار، وقد وصفه المتنبى فى قصيدته التى مطلعها:
مغانى الشعب طيبا فى المغانى
…
بمنزلة الربيع من الزمان
(انظر ديوان المتنى ص 463، ومعجم البلدان 7: 298).
(3)
أعداه عليه: نصره وأعانه وقواه.
وأقال من صروف الزمان، وسرّح طرفى فى جداول تطّرد بماء معين (1) منسكب، أرقّ من دموع العشّاق، مرّرتها لوعة الفراق، وأبرد من ثغور الأحباب، عند الالتئام والاكتئاب، كأنها- حين جرى آذيّها (2) يترقرق، وتدافع تيّارها بتدفّق، وارتجّ جبابها يتكسّر، فى خلال زهر ورياض ترنو (3) بحدق مولّه- قضب (4) لجين فى صفائح عقيان، وسموط درّ بين زبرجد ومرجان، أثر على حكمة صانعه شهيد، وعلم على لطف خالقه دليل، إلى ظلّ سجسج أحوى، وخضل ألمى (5)، قد غنّت عليه أغصان فينانة، وقضب غيدانة (6)، تشوّرت لها القدود المهفهفة خجلا وتقيّلتها (7) الخصور المرهفة تشبّها، يستقيدها النسيم فتنقاد، ويعدل بها فتنعدل، فمن متورّد يروق منظره، ومرتجّ يتهدّل مثمره، مشتركة فيه حمرة نضج الثمار بنفحة (8) نسيم النّوّار.
وقد أقمت به يوما وأنا لخيالك مسامر، ولشوقك منادم، وشربت لك
(1) تطرد: تجرى، والمعين: الماء الجارى على وجه الأرض، من معن الماء ككرم ومنع: أى جرى، أو من عان الماء يعين: أى جرى أيضا.
(2)
الآذى: الموج، وحباب الماء: الفقاقيع التى تطفو فوقه كأنها القوارير.
(3)
رنا: أدام النظر، والموله: الذاهب العقل وفى الأصل «تولد» .
(4)
فى الأصل «قصب» وهو تصحيف، واللجين: الفضة، والعقيان: الذهب، وسموط جمع سمط بالكسر: وهو القلادة.
(5)
أرض سجسج: ليست بصلبة ولا سهلة، ويوم سجسح: لا حر مؤذ ولا قر، وكل هواء معتدل طيب: سجسج، وأحوى: وصف من الحوة بالضم: وهى سواد إلى الحضرة، أو حمرة إلى السواد، والخضل: كل شىء ند يترشف نداه، وألمى: وصف من اللمى، واللمى مثلثة اللام:
سمرة فى الشفة.
(6)
امرأة فينانة: كثيرة الشعر طويلته، والغيد بالتحريك: النعومة ولين الأعطاف، والوصف منه على أفعل أفعلاء، فالأغيد من النبات: الناعم المتثنى، والغيداء: المرأة المتثنية من اللين، وقد جاء بالوصف منه هنا على فعلانة، ولم أجده فى كتب اللغة.
(7)
تشورت: خجلت. يقال شورت الرجل وبالرجل فتشور. إذا خجلته فخجل، وجارية مهفهفة أى ضامرة البطن دقيقة الخصر، وتقيله: أشبهه، والمرهفة الرقيقة اللطيفة.
(8)
فى الأصل «ينفحه» .