المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رسالة الإمام مالك فى السنن والمواعظ والآداب - جمهرة رسائل العرب في عصور العربية - جـ ٤

[أحمد زكي صفوت]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌مقدمة

- ‌الباب الخامس [فى العصر العباسى الأول أيضا]

- ‌الرّسائل فى العصر العباسى الأول أيضا

- ‌1 - كتاب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر

- ‌2 - كتاب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر

- ‌3 - كتاب المعتصم إلى الآفاق عند القبض على بابك الخرمى

- ‌4 - كتاب المعتصم إلى ملك الروم

- ‌5 - كتاب إبراهيم بن المهدى إلى المعتصم

- ‌6 - كتابه إلى إسحق بن إبراهيم الموصلى

- ‌7 - رواية أخرى

- ‌8 - كتابه إلى صديق له

- ‌9 - كتاب له

- ‌10 - كتاب له

- ‌11 - كتاب له فى التشوق

- ‌12 - كتاب له

- ‌13 - كتاب له

- ‌14 - كتاب له

- ‌15 - كتابه إلى منصور بن المهدى

- ‌16 - كتابه إلى العباس بن موسى

- ‌17 - فصل له

- ‌18 - فصل له

- ‌19 - كتاب يعقوب الكندى إلى بعض إخوانه

- ‌20 - بين عبد الله بن الحسن الأصبهانى وابن الزيات

- ‌21 - كتاب الحسن بن وهب إلى ابن الزيات

- ‌22 - كتاب الحسن بن وهب إلى ابن الزيات

- ‌23 - رد ابن الزيات عليه

- ‌24 - كتاب ابن الزيات إلى الحسن بن وهب

- ‌25 - رد الحسن بن وهب على ابن الزيات

- ‌26 - كتاب ابن الزيات إلى الحسن بن وهب

- ‌27 - كتاب الحسن بن وهب إلى ابن الحسن بن سهل

- ‌28 - كتاب الحسن بن وهب إلى القاسم بن الحسن بن سهل

- ‌29 - كتاب الحسن بن وهب إلى محمد بن إسحق

- ‌30 - كتابه إلى إسحق بن يحيى

- ‌31 - كتابه إلى محمد بن عبد الله بن طاهر

- ‌32 - جواب تعزية له

- ‌33 - تعزية له

- ‌34 - كتابه إلى إسحق بن إبراهيم

- ‌35 - كتابه إلى عبد الرحمن بن خاقان

- ‌36 - كتاب تعزية له

- ‌37 - كتاب له فى الشكر

- ‌38 - كتاب فى الشكر

- ‌39 - كتاب الحسن بن وهب إلى إبراهيم بن العباس

- ‌40 - كتابه إلى أبى تمام الطائى

- ‌41 - كتاب له

- ‌43 - كتاب ميمون بن إبراهيم إلى الحسن بن وهب

- ‌43 - كتاب الحسين بن الحسن بن سهل إلى صديق له

- ‌44 - رد صديقه عليه

- ‌45 - كتاب عبد الرحمن بن أحمد الحرانى إلى محمد بن سهل

- ‌46 - كتاب ابن الزيات بالعهد للواثق على مكة

- ‌47 - كتاب إبراهيم بن العباس إلى الواثق

- ‌48 - كتاب إبراهيم بن العباس إلى ابن الزيات

- ‌49 - كتاب إبراهيم بن العباس إلى ابن الزيات

- ‌50 - كتابه إلى عمر بن فرج

- ‌51 - كتابه إلى ابن الزيات

- ‌52 - كتابه إلى ابن الزيات

- ‌53 - كتابه إلى ابن الزيات

- ‌54 - كتاب ابن الزيات عن الخليفة إلى أحد عماله

- ‌55 - فصول لابن الزيات

- ‌56 - كتاب لابن الزيات

- ‌57 - كتاب رجل إلى ابن الزيات

- ‌58 - كتاب الجاحظ إلى محمد بن عبد الملك الزيات

- ‌59 - كتاب الجاحظ إلى أحمد بن أبى دواد

- ‌60 - كتاب له فى الاستعطاف

- ‌61 - كتابه إلى بعض إخوانه فى ذم الزمان

- ‌62 - كتاب الجاحظ فى استنجاز وعده

- ‌63 - كتاب آخر

- ‌64 - كتاب آخر

- ‌65 - كتاب له فى الاستمناح

- ‌66 - كتابه إلى أبى حاتم السجستانى

- ‌67 - كتابه إلى قليب المغربى

- ‌68 - فصول للجاحظ

- ‌69 - رسالة الجاحظ فى بنى أمية

- ‌71 - رسالة ابن التوءم إلى الثقفى

- ‌72 - كتاب عمرو بن عثمان القينى إلى محمد بن عبيد الله العتبى

- ‌73 - كتاب المتوكل فى الإعلان بلقبه

- ‌74 - كتاب المتوكل إلى عماله فى النصارى وأهل الذمة

- ‌75 - كتاب المتوكل بولاية العهد لبنيه

- ‌76 - كتاب عبيد الله بن يحيى بن خاقان إلى الحسن بن عثمان

- ‌77 - كتاب أبى العيناء إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان

- ‌78 - كتاب عبد الله بن خاقان إلى أبى الجهم

- ‌79 - كتاب أبى العيناء إلى أبى نوح

- ‌80 - كتاب أبى على البصير إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان

- ‌81 - كتابه إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان

- ‌82 - كتاب أبى على البصير إلى أبى العيناء

- ‌83 - كتاب لأبى على البصير فى الاعتذار

- ‌84 - كتاب آخر

- ‌85 - كتاب آخر

- ‌86 - كتابه إلى على بن يحيى

- ‌87 - كتاب آخر

- ‌88 - فصول لأبى على البصير

- ‌89 - كتاب لغسان بن عمرو الباهلى فى الذم

- ‌90 - كتاب آخر له فى الذم

- ‌91 - كتاب آخر له

- ‌92 - كتاب محمد بن عبد الله بن طاهر إلى المتوكل

- ‌93 - تحميد لإبراهيم بن العباس صدر رسالة الخميس

- ‌94 - تحميد لابراهيم بن العباس فى فتح إسحق بن إسماعيل

- ‌95 - ومن رسالة له فى قتل إسحاق بن إسماعيل

- ‌96 - تحميد له

- ‌97 - تحميد له فى فتح

- ‌98 - تحميد آخر له

- ‌99 - تحميد له

- ‌100 - تحميد له فى فتح

- ‌101 - تحميد له فى آخر كتاب فتح

- ‌102 - كتابه إلى بعض إخوانه فى شفاعة

- ‌103 - كتابه عن المتوكل إلى أهل حمص

- ‌104 - كتابه عن المنتصر إلى طاهر بن عبد الله

- ‌105 - كتابه عن المعتز ولى العهد إلى طاهر بن عبد الله

- ‌106 - كتابه عن المؤيد وهو ولى عهد إلى طاهر بن عبد الله

- ‌107 - كتابه إلى طاهر بن عبد الله

- ‌108 - كتابه إلى طاهر بن عبد الله

- ‌109 - كتابه إلى طاهر

- ‌110 - كتابه إلى طاهر

- ‌111 - كتابه إلى عبد الرحمن بن خاقان

- ‌112 - كتابه إلى الحسن بن رجاء

- ‌113 - كتابه إلى محمد بن الحسن بن الفياض

- ‌114 - كتابه إلى عامل له

- ‌115 - كتاب له فى السلامة

- ‌116 - كتاب له فى السلامة

- ‌117 - كتاب آخر

- ‌118 - ومن فصوله

- ‌119 - ومن كلامه

- ‌120 - كتاب الفضل بن حباب إلى إبراهيم بن العباس

- ‌121 - كتاب رجل إلى المتوكل

- ‌122 - كتاب رجل إلى مالك بن طوق

- ‌123 - كتاب الحسن بن وهب إلى مالك بن طوق

- ‌124 - كتاب أحد الكتاب إلى إبراهيم وأحمد ابنى المدبر

- ‌125 - كتاب عمر بن أيوب إلى أحمد بن المدبر

- ‌126 - كتاب أبى العباس المبرد إلى إبراهيم بن المدبر

- ‌127 - كتاب إبراهيم بن المدبر إلى أبى عبد الله بن حمدون

- ‌128 - كتابه إلى عريب

- ‌129 - كتاب لابن المدبر

- ‌130 - الرسالة العذراء لإبراهيم بن المدبر

- ‌131 - كتاب محمد بن مكرم إلى إبراهيم بن المدبر

- ‌132 - كتابه إلى أحمد بن المدبر

- ‌133 - كتابه إلى أحمد بن دينار

- ‌134 - كتابه إلى أحمد بن دينار

- ‌135 - كتابه إلى نصرانىّ أسلم

- ‌136 - كتابه إلى حاجّ

- ‌137 - كتابه إلى بعض الرؤساء

- ‌138 - كتابه إلى سليمان بن وهب

- ‌139 - كتاب محمد بن مكرم إلى أبى العيناء

- ‌140 - فصول لابن مكرم

- ‌141 - كتاب سعيد بن موسى إلى أبى شراعة

- ‌142 - ردّ أبى شراعة على سعيد بن موسى

- ‌143 - كتاب البيعة للمنتصر بالله

- ‌144 - كتاب المنتصر إلى محمد بن عبد الله بن طاهر

- ‌145 - رقعة المعتز والمؤيد فى خلع أنفسهما من البيعة

- ‌146 - كتاب المنتصر بخلع المعتز والمؤيد

- ‌147 - كتاب البيعة للمعتز بالله

- ‌148 - كتاب عن محمد بن عبد الله بن طاهر إلى أهل بغداد (كتبه سعيد بن حميد)

- ‌149 - كتاب سعيد بن حميد إلى بعض أهل السلطان

- ‌150 - كتاب سعيد بن حميد إلى صديق له

- ‌151 - كتاب سعيد بن حميد إلى أبى العباس بن ثوابة

- ‌152 - كتاب سعيد بن حميد إلى فضل الشاعرة

- ‌153 - كتابه إلى فضل الشاعرة

- ‌154 - كتابه إلى فضل الشاعرة

- ‌155 - كتابه إلى أبى هفان

- ‌156 - كتابه إلى بعض إخوانه

- ‌157 - كتابه إلى بعض إخوانه

- ‌158 - كتابه إلى بعض إخوانه

- ‌159 - كتابه إلى بعض إخوانه

- ‌160 - كتاب له فى السلامة

- ‌161 - كتاب له فى الشوق

- ‌162 - كتاب آخر

- ‌163 - كتاب آخر

- ‌164 - كتاب له فى توصية

- ‌165 - كتاب له فى الاعتذار

- ‌166 - كتاب تعزية له

- ‌167 - كتاب تعزية له إلى محمد بن عبد الله بن طاهر

- ‌168 - تعزية له فى مثله

- ‌169 - كتاب له

- ‌170 - تحميد له فى فتح

- ‌171 - فصول لسعيد بن حميد فى المودة

- ‌172 - كتاب سعيد بن عبد الملك إلى سعيد بن حميد

- ‌173 - رد سعيد بن حميد عليه

- ‌174 - كتاب لسعيد بن عبد الملك فى السلامة

- ‌175 - كتاب له فى سلامة الفطر

- ‌176 - كتاب له فى الاعتذار

- ‌177 - تعزية لسعيد بن عبد الملك

- ‌178 - تعزية له

- ‌179 - كتاب له فى توصية

- ‌180 - كتاب آخر

- ‌181 - كتاب له فى إطلاق محبوس

- ‌182 - كتاب له

- ‌183 - ومن فصوله

- ‌184 - كتاب محمد بن عبد الله بن طاهر إلى المعتز

- ‌185 - كتاب محمد بن عبد الله بن طاهر إلى عمال النواحى

- ‌186 - رد الأتراك على كتاب ابن طاهر

- ‌187 - كتاب محمد بن عباد إلى جعفر بن محمود الإسكافى

- ‌188 - رد جعفر على محمد بن عباد

- ‌189 - كتاب ابن طاهر إلى عماله

- ‌190 - رقعة المعتز بخلع نفسه

- ‌191 - كتاب الموالى بالكرخ والدور إلى المهتدى

- ‌192 - رد المهتدى عليهم

- ‌193 - كتاب الموالى بالكرخ والدور إلى المهتدى

- ‌194 - كتاب المهتدى إليهم

- ‌195 - كتابهم إلى المهتدى

- ‌196 - كتابهم إلى القواد

- ‌197 - كتاب المهتدى إليهم

- ‌198 - كتاب القواد إليهم

- ‌199 - كتاب على بن يحيى إلى سليمان بن وهب

- ‌200 - رد ابن وهب عليه

- ‌201 - كتاب ابن وهب إلى سليمان بن عبد الله بن طاهر

- ‌202 - كتاب رجل إلى سليمان بن وهب

- ‌203 - رده عليه

- ‌204 - كتاب اعتذار لسليمان بن وهب

- ‌205 - كتاب أبى العيناء إلى أبى الصقر إسمعيل بن بلبل

- ‌206 - كتاب أبى العيناء إلى بعض الرؤساء

- ‌207 - كتاب أبى العباس بن ثوابة إلى إسماعيل بن بلبل

- ‌208 - كتاب عبيد الله بن عبد الله بن طاهر إلى عبيد الله بن سليمان

- ‌209 - كتاب سعيد بن عبد الملك إلى عبيد الله بن سليمان

- ‌210 - كتاب أبى العيناء إلى عبيد الله بن سليمان

- ‌211 - رد عبيد الله عليه

- ‌212 - كتاب أبى العيناء إلى عبيد الله بن سليمان

- ‌213 - جواب لأحمد بن سليمان بن وهب

- ‌214 - كتابه إلى ابن أبى الأصبغ

- ‌215 - كتابه إلى أخيه عبيد الله بن سليمان

- ‌216 - كتابه إلى صديق له

- ‌217 - كتاب أبى العباس بن ثوابة إلى عبيد الله بن سليمان

- ‌218 - كتاب له

- ‌219 - كتاب ابن ثوابة إلى عبيد الله بن سليمان

- ‌220 - جواب عن تعزية لابن ثوابة

- ‌221 - تعزية له إلى ابنى عمر

- ‌222 - عهد من الموفق إلى أحد الولاة كتبه ابن ثوابة

- ‌223 - كتاب جعفر بن ثوابة إلى عبيد الله بن سليمان

- ‌224 - كتاب أحمد بن أبى طاهر إلى على بن يحيى

- ‌225 - كتابه إلى على بن يحيى

- ‌226 - كتابه فى ذم ابن ثوابة

- ‌227 - كتاب ابن أبى طاهر إلى أبى على البصير

- ‌228 - كتاب عبد الله بن المعتز إلى عبيد الله بن سليمان

- ‌229 - كتابه إلى عبيد الله بن سليمان يهنئه بقدومه

- ‌230 - كتابه إلى عبيد الله بن سليمان يعزيه عن ابنه

- ‌231 - وله فصل من تعزية بولد

- ‌232 - وله تعزية

- ‌233 - وله تعزية أخرى

- ‌324 - وله تهنئة بمولود

- ‌235 - وله فصل فى قبول عذر

- ‌236 - وله فصل فى حاجة

- ‌237 - وله فصل

- ‌238 - وله فصل

- ‌239 - وله فصل

- ‌240 - وله فصل

- ‌241 - وله فصل فى الشوق

- ‌242 - وله شفاعة فى شغل

- ‌243 - وله فصل فى فراق

- ‌244 - وله فصل

- ‌245 - وله فصل

- ‌246 - وله فصل

- ‌247 - وله فى وصف البيان

- ‌248 - وله فى وصف الكتاب والقلم

- ‌249 - كتاب أحمد بن إسمعيل إلى بعض الكتاب

- ‌250 - كتاب أحمد بن إسمعيل إلى صديق له

- ‌251 - كتاب أحمد بن يحيى الأسدى إلى الحسين بن سعد

- ‌252 - كتاب أحمد بن على المازرانى إلى ابن بشر المرثدى

- ‌253 - فصل لعبد الله بن أحمد فى الشكر

- ‌254 - كتاب ابن عبد كان عن أحمد بن طولون إلى ابنه العباس

- ‌255 - كتاب بمذهب القرامطة

- ‌256 - من كتاب عن المعتضد إلى خمارويه بن أحمد ابن طولون

- ‌257 - كتاب عن المعتضد بلعن معاوية بن أبى سفيان

- ‌258 - كتاب أم الشريف إلى ابن أخيها محمد ابن أحمد بن عيسى

- ‌259 - كتاب أم الشريف إلى المعتضد

- ‌260 - كتاب صاحب الشامة إلى بعض عماله

- ‌261 - كتاب بعض عماله إليه

- ‌262 - كتاب محمد بن سليمان الكاتب إلى القاسم بن عبيد الله

- ‌263 - كتاب ابن المعتز إلى القاسم بن عبيد الله

- ‌264 - كتاب ابن المعتز إلى القاسم

- ‌265 - كتابه إلى بعض الرؤساء

- ‌266 - كتابه إلى عليل

- ‌267 - كتاب ابن المعتز إلى بعض الوزراء

- ‌268 - رده عليه

- ‌269 - كتاب قينة إلى ابن المعتز

- ‌270 - رده عليها

- ‌271 - كتاب ابن المعتز إلى بعض إخوانه يصف سرّ من رأى

- ‌272 - كتاب ابن المعتز إلى أحمد بن سعيد الدمشقى

- ‌273 - كتاب آخر إليه

- ‌274 - كتاب إلى عبد الله بن شبيب من صديق له

- ‌275 - كتابه إلى محمد بن طيفور من بعض إخوانه

- ‌276 - كتاب إلى محمد بن طيفور من بعض خاصته

- ‌277 - رده عليه

- ‌278 - كتاب صاحب البريد بالدينور

- ‌279 - كتاب على بن الفرات عن المقتدر فى المواريث

- ‌280 - كتاب الوزير بن مقلة إلى القواد والعمال

- ‌281 - كتاب أحمد بن الضحاك إلى صديق له يصف شعب بوّان

- ‌282 - كتاب عن الإخشيد إلى أرمانوس ملك الروم

- ‌283 - كتاب أبى الطيب المتنبى إلى أحد إخوانه

- ‌284 - كتاب الراضى إلى المتقى

- ‌التوقيعات فى العصر العباسى الأول السفاح

- ‌المنصور

- ‌المهدى

- ‌الهادى

- ‌هرون الرشيد

- ‌المامون

- ‌الواثق

- ‌أبو مسلم الخراسانى

- ‌عمرو بن عبيد

- ‌أبو عبيد الله

- ‌الفيض بن أبى صالح

- ‌يحيى بن خالد البرمكى

- ‌جعفر بن يحيى البرمكى

- ‌الفضل بن يحيى

- ‌الفضل بن سهل

- ‌الحسن بن سهل

- ‌طاهر بن الحسين

- ‌عبد الله بن طاهر

- ‌يوسف بن القاسم

- ‌أحمد بن يوسف

- ‌عمرو بن مسعدة

- ‌محمد بن يزداد

- ‌عبد الله بن محمد بن يزداد

- ‌إبراهيم بن العباس

- ‌محمد بن عبد الله بن طاهر

- ‌عبيد الله بن سليمان بن وهب

- ‌عبد الله بن المعتز

- ‌على بن عيسى

- ‌استدراك

- ‌رسالة الإمام مالك فى السّنن والمواعظ والآداب

- ‌فهرس الجزء الرابع من جمهرة رسائل العرب

- ‌فهرس الرسائل

- ‌فهرس أعلام الكتاب مرتب بترتيب الحروف الهجائية مع إتباع اسم كلّ كاتب بأرقام الصفحات التى وردت فيها رسائله

- ‌فهرس بعض ما ورد فى الهامش من الفوائد التى قد يحتاج القارئ إلى مراجعتها

- ‌فهرس الأمثال التى ورد شرحها فى الهامش

الفصل: ‌رسالة الإمام مالك فى السنن والمواعظ والآداب

‌استدراك

فاتنا أن نورد هذه الرسالة فى موضعها من الجزء الثالث، وها هى ذى:

‌رسالة الإمام مالك فى السّنن والمواعظ والآداب

كتبها الى أمير المؤمنين هارون الرشيد ووزيره يحيى بن خالد البرمكى

ص: 402

بسم الله الرحمن الرحيم «الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فإنى كتبت إليك بكتاب لم آلك فيه رشدا، ولم أدّخرك فيه نصحا، تحميدا لله، وأدبا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتدبّره بعقلك، وردّد فيه بصبرك، وأرعه سمعك، ثم اعقله بقلبك، وأحضره فهمك، ولا تغيبنّ عنه ذهنك، فإن فيه الفضل فى الدنيا، وحسن ثواب الله تعالى فى الآخرة.

أذكر نفسك غمرات الموت وكربه، وما هو نازل بك منه، وما أنت موقوف عليه بعد الموت، من العرض على الله سبحانه، ثم الحساب، ثم الخلود بعد الحساب، وأعدّ لله عز وجل ما يسهّل به عليك أهوال تلك المشاهد وكربها، فإنك لو رأيت أهل سخط الله تعالى، وما صاروا إليه من ألوان العذاب، وشدة نقمته عليهم، وسمعت زفيرهم فى النار وشهيقهم، مع كلوح (1) وجوههم، وطول غمهم وتقلّبهم فى دركاتها على وجوههم، لا يسمعون ولا يبصرون، ويدعون بالويل والثّبور (2) - وأعظم من ذلك حسرة إعراض الله تعالى عنهم، وانقطاع رجائهم، وإجابته إياهم بعد طول الغم بقوله:

«اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ» - لم يتعاظمك (3) شىء من الدنيا إن أردت النجاة من ذلك، ولا أمّنك من هوله، ولو قدّمت فى طلب النجاة منه جميع ما ملك أهل الدنيا، كان فى معاينتك ذلك صغيرا، ولو رأيت أهل طاعة الله تعالى، وما صاروا إليه من كرم الله عز وجل، ومنزلتهم مع قربهم من الله عز وجل، ونضرة وجوههم،

(1) كلح كمنع وكلوحا وكلاحا: تكشر فى عبوس.

(2)

الثبور: الهلاك.

(3)

تعاظمه: عظم عليه.

ص: 403

ونور ألوانهم، وسرورهم بالنعيم المقيم، والنظر إليه، والمكانة منه، لتقلّل فى عينك عظيم ما طلبت به صغير ما عند الله، ولصغر فى عينك جسيم ما طلبت به صغير ذلك من الدنيا، فاحذر على نفسك حذرا غير تغرير، وبادر بنفسك قبل أن تسبق إليها، وما تخاف الحسرة منه عند نزول الموت، وخاصم نفسك على مهل، وأنت تقدر بإذن الله على جرّ المنفعة إليها، وصرف الحجّة عنها، قبل أن يتولى الله حسابها، ثم لا تقدر على صرف المكروه عنها.

واجعل من نفسك لنفسك نصيبا بالليل والنهار، وصلّ من النهار اثنتى عشرة ركعة، واقرأ فيهن ما أحببت، إن شئت فصلّهن جميعا، وإن شئت متفرقات، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال:«من صلّى من النهار اثنتى عشرة ركعة بنى الله له بيتا فى الجنة» ، وصلّ من الليل ثمانى ركعات بجزء من القرآن، وأعط كلّ ركعة حقّها والذى ينبغى فيها من تمام الركوع والسجود، وصلّهن مثنى مثنى، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلى من الليل ثمانى ركعات، والوتر ثلاث ركعات، سوى ذلك، يسلّم من كل اثنتين، وصم ثلاثة أيام من كل شهر: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ذلك صيام الدهر» .

وأعط زكاة مالك طيبة بها نفسك، حين يحول عليها الحول، ولا تؤخّرها بعد حلّها (1)، وضعها فيمن أمر الله تعالى، ولا تضعها إلا فى أهل ملّتك من المسلمين، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن الله تعالى لم يرض من الصّدقة بحكم نبى ولا غيره حتى حدّها هو على ثمانية أجزاء» ، قال عز وجل:«إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ» واحجج حجة الإسلام من أطيب مالك، وأزكاه عندك، فإن الله تعالى

(1) حل الحق حلا وحلولا: وجب.

ص: 404

لا يقبل إلا طيّبا، وبلغنى أن قوله تعالى:«فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ» غفر (1) له.

مر بطاعة الله، وحبب عليها، وأنه عن معاصى الله تعالى، وأبغض عليها، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، فإنما هلك من كان قبلكم بتركهم نهيهم عن المعاصى، ولم ينههم الرّبّانيّون والأحبار (2)، فمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، من قبل أن ينزل بكم الذى نزل بهم، فإن الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، لا يقدّم أجلا، ولا يقطع رزقا» .

أحسن إلى من خوّلك (3) الله تعالى، واشكر تفضيله إياك عليهم، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلّى فانصرف وقال: أطّت (4) السماء، وحقّ لها أن تئطّ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه جبهة ملك ساجد، فمن كان له خول (5) فليحسن إليه، ومن كره فليستبدل، ولا تعذّبوا خلق الله». ألزم الأدب من وليت أمره وأدبه، ومن يجب عليك النظر فى أمره، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال قال للفضل بن العباس:«لا ترفع عصاك عن أهلك، وأخفهم فى الله» ،

لا تستسلم إلى الناس، واستجرهم (6) فى طاعة الله، لا تغمص (7) الناس، واخفض لهم جناحك، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ألا أحدّثكم بوصية نوح ابنه، قال: آمرك باثنين، وأنهاك عن اثنين: آمرك بقول: لا إله إلا الله، فإنها لو كانت فى كفّة، والسموات والأرض فى كفة، وزنتها، ولو وضعتها على

(1) الغفر: الغفران.

(2)

الربانى: منسوب إلى الرب أى الله تعالى كقولهم إلهى: هو المتأله العارف بالله، والحبر بالكسر ويفتح: العالم.

(3)

التخويل: التمليك، خوله الله نعمة: ملكه إياها، والمعنى: إلى خدمك وعبيدك الذين تملكهم وتلى أمرهم.

(4)

أط يئط أطيطا: صوت.

(5)

الخول: ما أعطاك الله من العبيد والخدم، والواحد خائل، وقد يكون الخول واحدا.

(6)

استجرهم. أى استخدمهم، والجرى كغنى: الخادم.

(7)

غمصه كضرب وسمع وفرح: احتقره وعابه وتهاون بحقه.

ص: 405

حلقة قصمتها، وقل: سبحان الله وبحمده، فإنها عبادة الخلق، وبها تقطع (1) أرزاقهم، فإنهما يكثران لمن قالهما الولوج على الله عز وجل. وأنهاك عن الشّرك والكبر، فإن الله محتجب عنهما، فقال له بعض أصحابه: أمن الكبر أن يكون لى الدابة النّجيبة (2)؟

قال: لا، قال: أمن الكبر أن يكون لى الثوب الحسن؟ قال: لا، قال: أفمن الكبر أن يكون لى الطعام أجمع عليه الناس؟ قال: لا، إنما الكبر أن تسفه (3) الحق، وتغمص الخلق».

وإياك والكبر والزّهو، فإن الله عز وجل لايحبّهما، وبلغنى عن بعض العلماء أنه قال:«يحشر المتكبرون يوم القيامة فى صور الذّرّ (4)، تطؤهم الناس بتكبّرهم على الله عز وجل» ، لا تأمن على شىء من أمرك من لا يخاف الله، فإنه بلغنى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال:«شاور فى أمرك الذين يخافون الله» .

احذر بطانة السوء وأهل الردى على نفسك، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من نبىّ ولا خليفة إلا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالا (5)، وهو مع التى استولت عليه، ومن وقى بطانة السوء فقد وقى» واستبطن أهل التقوى من الناس. وأكرم ضيفك فإنه يحق عليك إكرامه. وارع حقّ جارك: ببذل المعروف، وكف الأذى عنه، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» ، وتكلم بخير أو اسكت، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليمسك» .

واتّق فضول المنطق، فإنه بلغنى عن ابن مسعود أنه قال:«أنذركم فضول المنطق» .

(1) أى تقدر.

(2)

النجيبة: الكريمة التى يسابق عليها.

(3)

سفه كفرح: جهل.

(4)

الذر: صغار النمل.

(5)

الخبال: الفساد.

ص: 406

وأكر من وادّك وكافئه بمودته، وإياك والغضب فى غير الله، لا تأمر بخير إلا بدأت بفعله، ولا تنه عن سوء إلا بدأت بتركه، دع من الأمر ما لا يعنيك، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» صل من قطعك، واعف عمن ظلمك، وأعط من حرمك، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إنها أفضل أخلاق الدنيا والآخرة» .

اتّق كثرة الضحك، فإنه يدعو إلى السّفه، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أن ضحكه كان تبسّما. لا تمزح فتذمّ نفسك، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إنى لأمزح ولا أقول إلا حقّا» ، لا تخالف إلى ما نهيت عنه، وإذا نطقت فأوجز، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«وهل يكبّ الناس فى نار جهنم إلا هذا؟ يعنى لسانه» ، لا تصاعر (1) خدّك للناس، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن أهل الجنة كلّ هين لين سهل طلق» .

اترك من أعمال السّر ما لا يحسن بك أن تعمله فى العلانية. اتّق كل شىء تخاف فيه تهمة فى دينك ودنياك، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يقف مواقف التهم» .

أقلل طلب الحوائج من الناس، فإن فى ذلك غضاضة (2)، وبلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل:«لا تسأل الناس» . وليكن مجلسك بيتك أو مسجدك، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «المساجد بيوت المتّقين» . لا تكثر الشّخوص من بيتك إلا فى أمر لا بدّ منه، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ستة مجالس المسلم ضامن على الله ما كان فى شىء منهن فى سبيل الله، أو فى بيت الله، أو فى عيادة مريض، أو شهود جنازة، أو جمعة، أو عند إمام مقسط (3) يعزّره ويوقّره»

(1) صعر خده وصاعره وأصعره: أماله عن النظر إلى الناس تهاونا من كبر.

(2)

الغضاضة: الذلة والمنقصة.

(3)

مقسط: عادل (وفى العدل لغتان: قسط وأقسط. وفى الجور لغة واحدة، قسط بغير الالف) والتعزير: والتفخيم والتعظيم.

ص: 407

أحسن خلقك مع أهلك ومن اعتزّ بك، فإن فى ذلك رضا لربك، ومحبة فى أهلك، ومثراة (1) فى مالك، ومنسأة (2) فى أجلك، فإنه بلغنى عن بعض العلماء من الصحابة أنه قال ذلك أحسن البشر إلى عامّة الناس، واتّق شتمهم وغيبتهم، فإن الله تعالى قال:

«أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ» وبلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تشتم الناس» .

اتق أهل الفحش، ومجالسة أهل الرّدى، ومحادثة الضّعفة (3) من الناس، فإنه بلغنى عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال:«اعتبر الناس بأخدانهم (4)، فإنما يخادن الرجل الرجل مثله» .

أكرم اليتيم وارحمه واعطف عليه، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من كفل يتيما له أو لغيره كنت أنا وهو فى الجنة كهاتين» وأشار بأصبعيه، فضمّهما.

اعرف لابن السبيل حقّه، واحفظ وصيّة الله تعالى فيه، فإنه بلغنى أن أول من أضاف (5) الضيف إبراهيم الخليل عليه السلام.

أعن المظلوم، وانصره ما استطعت، وخذ على يد الظالم، وادفعه عن ظلمه، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقّه، ثبّت الله قدمه يوم تزول الأقدام» .

اتق اتباع الهوى فى ترك الحق، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«إنى أخاف عليكم اثنين: اتّباع الهوى وطول الأمل، فإن اتباع الهوى يصد عن الحق، وطول الأمل ينسى الآخرة» .

(1) مثراة: أى مكثرة.

(2)

منسأة: أى تأخير.

(3)

جمع ضعيف.

(4)

الأخدان جمع خدن بالكسر وهو: الصاحب، وخادنه: صاحبه.

(5)

أضاف الرجل وضيفه: أنزله به ضيفا، وضافه يضيفه ضيفا وضيافة وتضيفه: نزل عليه ضيفا، وفى الأصل «ضاف» وهو تحريف.

ص: 408

أنصف الناس من نفسك، ولا تستطل عليهم، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال:«أشرف الأعمال ثلاثة: ذكر الله على كل حال، ومواساة الأخ من المال (1)، وإنصاف الناس من نفسك» . اغضض بصرك عن محارم الله، فإنه بلغنى عن على كرم الله وجهه أنه قال:«لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك النظرة الأولى، وليست لك الأخرى» .

اتّق المطعم الوبىّ (2)، والمشرب الوبىّ، والملبس الوبىّ، فإن ذلك تذهب أنفته (3)، وتبقى عاقبته، وإن الله سبحانه أدّب رسله، فقال:«كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً» وقال النبى عليه الصلاة والسلام: «من أكل بأخيه المسلم أكلة أطعمه الله مكانها أكلة من نار، ومن سمّع (4) بأخيه المسلم سمّع الله به يوم القيامة، ومن لبس بأخيه المسلم ثوبا ألبسه الله مكانه ثوبا من نار» .

اقبل عذر من اعتذر إليك، ورجع عما كرهت، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من اعتذر إلى أخيه المسلم فلم يعذره، كان عليه مثل وزر صاحب مكس (5)» .

لتكن يدك العليا على كل من خالطت، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«اليد العليا (6) خير من اليد السّفلى» .

(1) آساه بماله: أناله منه وجعله فيه أسوة أى قدوة.

(2)

الوبى: مسهل عن الوبىء، يقال: أرض وبيئة ووبثة: أى كثيرة الوباء وهو الطاعون، والمراد هنا: المكوب من طريق غير شريف، المأخوذ من غير حل.

(3)

أنف الشىء وأنفته: أوله وابتداؤه.

(4)

التسميع: التشنيع والتشهير.

(5)

جاء فى لسان العرب: المكس: الضريبة التى يأخذها الماكس، وهو العشار، ويقال للعشار صاحب مكس، وفى الحديث «لا يدخل صاحب مكس الجنة» وفى حديث ابن سيرين قال لأنس:«تستعملنى على المكس أى على عشور الناس فأما كسبهم وبما كسوننى» قيل معناه: تستعملنى على ما ينقص دينى، لما يحذف من الزيادة والنقصان فى الأخذ والترك اه نقلا عن النهاية فى غريب الحديث لابن الأثير- انظر ج 4: ص 103.

(6)

اليد العليا: المعطية، واليد السفلى: المعطاة، وهو حث على البر والصدقة.

ص: 409

اصحب الأخيار، فإنهم يعينونك على أمر الله عز وجل، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما تحابّ رجلان فى الله إلا كان أفضلهما أشدّهما حبّا لصاحبه» .

صل رحمك وإن قطعك، ولا تكافئه بمثل ما أتى إليك، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم «أن رجلا قال له: إن لى أقرباء، أعفو ويظلمونى (1)، وأصل ويقطعونى، وأحسن ويسيئون إلىّ (2)، أفأكافئهم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إذن تتركوا جميعا، ولكن إذا أساءوا فأحسن فإنه لن يزال لك عليهم من الله ظهير (3)».

ارحم المسكين المضطرّ، والغريب المحتاج، وأعنه على ما استطعت من أمره، فإنه بلغنى عن ابن عباس أنه قال:«كل معروف صدقة» .

ارحم السائل واردده من بابك بفضل معروفك، بالبذل منك، أو قول معروف تقوله له، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ردّ عنك مذمّة السائل، [ولو] بمثل رأس الطير من الطعام» .

لا تزهد فى المعروف عند من تعرفه، وعند من لا تعرفه، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تزهد فى المعروف، ولو أن تصبّ من دلوك فى إناء

(1) هكذا فى الأصل، وقد ذكروا أن نون الرفع تحذف جوازا بكثرة فى الفعل المتصل بنون الوقاية نحو قوله تعالى «قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ» بتخفيف النون فى قراءة نافع، فالصحيح عند سيبويه أن المحذوف نون الرفع والمذكور نون الوقاية، وقيل المحذوف نون الوقاية، وتحذف نون الرفع جوازا بقلة فى غير ذلك نحو قوله:

أبيت أسرى وتبيتى تدلكى

وجهك بالعنبر والمسك الذكى

وفى الحديث: «والذى نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حق تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا» .

(2)

وفى الأصل «ويسيئونى» والذى فى كتب اللغة أن «ساء» متعد بنفسه، يقال: ساءه بسوءه: فعل به ما يكره، نقيض سره، وأساءه متعد بحرف الجر، يقال: أساء إليه نقيض أحسن إليه، ويقع متعديا بنفسه ولكن بمعنى أفسد، يقال أساء الشىء: أى أفسده ولم يحسن عمله.

(3)

أى ممن.

ص: 410

المستقى». أرد بكل ما يكون منك من خير إلى أحد الله، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أن قوله عز وجل:«فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ، الَّذِينَ. هُمْ يُراؤُنَ وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ» قال: «المنافق» . الذى إن صلى راءى، وإن فاتته لم يبلغ إليها، «وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ» قال. الماعون. الزكاة التى فرضها الله عز وجل.

إياك والرّياء، فإنه بلغنى أنه لا يصعد عمل المرائى إلى الله عز وجل، ولا يزكّيه عنده. إن استطعت أن تعمل ما عملت فيما بينك وبين الله فافعل، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال. «نضّر الله امرأ سمع مقالتى فوعاها حتى يبلّغها غيره، فربّ غائب أحفظ من شاهد، وربّ حامل فقه غير فقيه» لا يغفل قلب امرئ مسلم عن ثلاث خصال: إخلاص العمل لله، والنصيحة للإمام العادل، والنصيحة لعامة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم. إياك وسوء الخلق، فإنه يدعو إلى معاصى الله تعالى، وقد بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«خياركم أحسنكم أخلاقا» .

اخضع لله إذا خلوت بعملك، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم «أن ملكا أتاه فقال: إن ربك يقرئك السلام ويقول: إن شئت أجعلك ملكا نبيا، أو عبدا نبيا، فأشار إليه جبريل عليه السلام أن تواضع، فما أكل متكئا حتى مات».

لا تظلم الناس فيديلهم (1) الله عليك، فإنه بلغنى عن بعض العلماء من الصحابة أنه قال: «ما ظلمت أحدا أشدّ علىّ ظلما من أحد لا يستعين علىّ إلا بالله تعالى.

احذر البغى، فإنه عاجل العقوبة، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«إن أعجل الخير ثوابا صلة الرحم، وإن أعجل الشر عقوبة اليمين الغموس (2)،

(1) أى فينصرهم ويعطيهم الغلبة.

(2)

اليمين الغموس: هى اليمين الكاذبة التى يتعمدها صاحبها عالما بأن الأمر بخلافه، وسميت بذلك لأنها تغمس صاحبها فى الإثم ثم فى النار.

ص: 411

تترك الديار بلاقع (1)». لا تحلف بغير الله فى شىء، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا تحلفوا بآبائكم، ليحلف حالف بالله أو ليسكت» ولا تحلف بالله فى كل شىء، فإنه بلغنى أن ذلك قوله تعالى:«وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ» .

ارحم الناس يرحمك الله، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من لا يرحم الناس لا يرحمه الله» . أحبب طاعة الله يحبّك الله ويحبّبك إلى خلقه، قال عز وجل لنبيّه:«قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله جعل قرّة عينى فى السجود» وقال بعض العلماء: «ما أسرّ عبد قطّ سريرة خير إلا ألبسه الله رداءها، ولا أسرّ سريرة شرّ قطّ إلا ألبسه الله رداءها» .

وليكن عليك السكينة والوقار فى منطقك ومجلسك ومركبك، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال، والناس يزحفون حوله:«عليكم بالسكينة» .

أعط دابتك إذا ركبتها حظّها من الأرض، وحظّها من المقصد عليها، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا ركبتم هذه الدوابّ العجم فأعطوها حظّها من الأرض» .

عليك بالحلم والإغضاء عما كرهت، ولا تمنع (2) ذلك من أحد بلغك عنه أذى ولا تكافئه، فإن فى ذلك الفضل فى الدنيا والآخرة، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن الله يحب الحليم الحيىّ العفيف المتعفّف» . ادفع السيّئة بالتى هى أحسن، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«أيها السّلمىّ: اتق العقوق وقطيعة الرّحم، فإن فى ذلك شينا فى الدنيا، وتباعدا فى الآخرة» ، وبلغنى عن النبى

(1) جمع بلقع كجعفر: الأرض الففر.

(2)

فى الأصل «ولا تتبع» وأراه محرفا.

ص: 412

صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اشتكت الرّحم إلى الله عز وجل ممن يقطعها، فردّ الله عليها: أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك! » .

إذا غضبت من شىء من أمر الله، فاذكر ثواب الله على كظم الغيظ، قال عز وجل:«وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» .

وبلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما امتلأ رجل غيظا، فكظمه لله، إلا ملأه الله رضوانا يوم القيامة» .

إذا وعدت موعدا فى طاعة الله فلا تخلفه، وإذا قلت قولا فيه رضا الله فأوف به ودم عليه، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من تكفّل لى بستّ أتكفّل له بالجنة: إذا حدّث لم يكذب، وإذا وعد لم يخلف، وإذا اؤتمن لم يخن، وغضّ يصره، وحفظ فرجه، وكفّ يده» .

إذا حلفت على يمين ليست من طاعة الله فلا تهمّنّ بها وكفّرها، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا نذر فى معصية الله» وكفارتها كفارة يمين، والنذر يمين، وإذا حلفت على يمين ثم رأيت غيرها خيرا منها، فأت الذى هو خير وكفّر عن يمينك، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك. إياك والتزيّد فى القول، وأن تقول قولا وأنت تعلم أنه لم يكن، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: الإمام الكذاب، والعائل المزهوّ (1)، والشيخ الزانى» .

برّ (2) والديك وخصّهما منك بالدعاء فى كل صلاة، وأكثر لهما الاستغفار، وابدأ بنفسك قبلهما، فإن إبراهيم عليه السلام قال:«رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ» فبدأ بنفسه قبل والديه، وبلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سرّه أن

(1) العائل: الفقير، عال يعيل عيلا وعيلة: افتقر، والمزهو: المتكبر، من الزهو: وهو الكبر والتيه والفخر، وقد زهى كعنى، وكدعا قليلة.

(2)

فعله كعلم وضرب.

ص: 413

ينسأ (1) له فى عمره، ويزاد فى رزقه، فليتق الله ربه، وليصل رحمه». اشكر للناس ما أتوا إليك من خيرهم، وكافئهم إن قدرت عليه، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من لم يشكر الناس لم يشكر الله» .

إذا ركبت داية فوضعت رجلك فى الرّكاب فقل: باسم الله، وإذا استويت راكبا فقل:«سبحان الّذى سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين (2)» . فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك كلما ركب دابة. إذا أكلت وشربت فاذكر اسم الله، فإن نسيت فى أول حالك فاذكره إذا ذكرت، بلغنى عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال:«تذكّر اسم الله حين تأكل (3)، فإنه يحول بين الخبيث وبين أن يأكل معك (4)، ويتقيّأ ما أكل» ، فإذا فرغت فقل: الحمد لله الذى أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك إذا أكل وشرب، وإذا أكلت ومعك آخر فكل مما يليك بيمينك، ولا تأكل من فوق الطعام، ولا من بين يدى أحد. فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل يفعله:«اذكر اسم الله، وكل مما يليك، وكل بيمينك ولا تأكل بشمالك» ، وبلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إنها إكلة الشيطان» .

لا تسافر ما استطعت إلا فى يوم الخميس، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يستحبّ أن يسافر يوم الخميس، لا يسافر إلا فيه. إذا أصابك كرب فقل:

يا حىّ يا قيّوم، برحمتك أستغيث، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك عند الكرب.

(1) أى يؤخر.

(2)

أى مطيقين، أقرن للأمر: أطاقه وقوى عليه، وعن الأمر ضعف ضد، وأول الآية الكريمة «وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ، لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي

».

(3)

فى الأصل «تذكر» وأراه محرفا.

(4)

فى الأصل «معه» .

ص: 414

احترس ممن يقرب إليك بالنّميمة، ويبلّغ الكلام عن الناس، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ملعون من لعن أباه ملعون من لعن أمّه، ملعون من غيّر تخوم (1) الأرض، ملعون كلّ صقّار، وهو النمّام» . لا تجرّ ثيابك، فإن الله لا يحب ذلك. وبلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من جرّ ثيابه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» . أطع الله فى معصية الناس، ولا تطع الناس فى معصية الله، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق» .

إذا أصابك حزن أو سقم أو ذلة أو لأواء (2) - يعنى الجوع- فقل: الله ربى لا أشرك به شيئا، ثلاث مرات، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بذلك من أصابه شىء من ذلك. اصبر على ما أصابك من فجائع الدنيا وأحزانها، لقول الله تعالى:«إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ» والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.

لا تمارينّ أحدا وإن كنت محقّا، بلغنى أن قول الله عز وجل:«فَلا رَفَثَ (3) وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ» أنه المراء (4). إذا هممت بأمر من أمور الدنيا ففكّر فى عاقبته، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا هممت بأمر من أمور الدنيا ففكّر فى عاقبته، فإن كان رشدا فأمضه، وإن كان غيّا فانته عنه» .

إياك والتجريد (5) خاليا، فإنه ينبغى لك أن تستحيى من الله إذا خلوت، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا أحبّ أن بلى لى شيئا من لا يستحيى

(1) التخوم: الفصل بين الأرضين من المعالم والحدود.

(2)

فى اللسان: اللأواء: الشدة وضيق المعيشة، ومنه الحديث «من صبر على لأواء المدينة

» واللأواء: المشقة والشدة، وقيل القحط، يقال أصابتهم لأواء وشصاصاء بالفتح وهى الشدة، وتكون اللأواء فى العلة.

(3)

الرفث: الجماع والفحش.

(4)

كذا فى كتب التفسير قالوا: ولا جدال: أى ولا مراء مع الخدم والرفقة، والمراء: المجادلة

(5)

التجريد: التعرية من الثياب.

ص: 415

من الله فى الخلاء». وإياك أن تدخل الحمّام والماء إلا بإزار، ولا يدخل معك أحد الحمّام إلا بإزار، ولن تقدر على ذلك، فإن لم تقدر فغضّ طرفك عن كل أحد كان مكشوفا، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا يحلّ لا مرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يدخل الحمام إلا بإزار» . أفش السلام، وإن استطعت ألّا يسبقك أحد إليه فافعل، تعط بذلك فضلا عن الناس، وبلغنى عن ابن مسعود أنه قال:«السلام اسم من أسماء الله وضعه فيكم فأفشوه فيكم، فإن الرجل إذا سلّم كتب له عشر حسنات» .

أدّب ولدك ومن وليت أمره على خلقك وأدبك، حتى يتأدبوا على ما أنت عليه، فيكونوا لك عونا على طاعة الله، بلغنى عن ابن مسعود أنه قال:«كل مؤدّب يحبّ أن يؤخذ بأدبه، وإنّ أدب الله هو القرآن» . وإذا استشارك أحد فإن شئت تكلمت، وإن شئت سكتّ، واجتهد رأيك، فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«المستشار بالخيار، إن شاء تكلم، وإن شاء سكت» . لا تفش على أحد سرا أفشاه إليك، فإنما هى أمانة استودعكها وائتمنك عليها، إلا أن يكون إفشاؤه خيرا له فى دنياه وآخرته، فأفشها عليه وانصحه فيها، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من حقّ المسلم على المسلم إذا استنصحه أن ينصحه» .

إذا تعلّمت علما من طاعة الله فلير عليك أثره، ولير فيك سمته، وتعلّم للذى تعمله، وتعلّم له السكينة والحلم والوقار، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«العلماء ورثة الأنبياء» . ردّ جواب الكتاب إلى كلّ أحد كتب إليك، فإنما هو كردّ السلام، قال الله عز وجل:«وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها» وقال ابن عباس رضى الله عنهما: «أرى رجع الكتاب علىّ حقا، كما أرى رجع السلام» . الزم الحياء فإنه خلق الإسلام، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«لكل شىء خلق، وخلق الإسلام الحياء» . إذا سافرت فقل: اللهم إنى أعوذ بك

ص: 416

من وعثاء (1) السفر، وكآبة المنقلب، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر فى الأهل والمال، والحور بعد الكور (2)، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك إذا سافر.

إياك وظلم الضعيف ومن لا يستعين عليك إلا بالله، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ثلاثة لا تردّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم فإنها تصعد فوق الغمام، فيقول الله لها: وعزّتى وجلالى لأنصرنّك ولو بعد حين» . إذا ودّعت مسافرا فقل: زوّدك الله التقوى، وغفر لك ذنبك، ويسّر لك الخير حيثما كنت، أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بها أصحابه.

إذا حضرت أمرا ليس لله بطاعة، ولا تقدر على أن تدفعه، فقم عنه ولا تقعد، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا يمنعنّ أحدكم مخافة الناس أن يقول الحق إذا شهده أو علمه» . الزم السّواك فإنه سنّة، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«السّواك من سنن المرسلين» . أفش الصّدقة فإنها تدفع ميتة السوء، وليكن ذلك من أطيب مالك، فإن الله تعالى لا يقبل إلا الطيّب، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن أحدكم ليتصدّق بالتمرة إذا كانت من طيّب- ولا يقبل الله إلا الطيّب- فيجعلها فى كفّه، فيربّيها له كما يربى أحدكم فلوه (3) أو فصيله، حتى تكون فى يده مثل الجبل» .

إذا نزلت بك كربة من كرب الدنيا فليكن مفزعك فيها إلى الله عز وجل حين تنزل بك. بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لن ينزل بعبد قطّ أمر

(1) الوعئاء: المشقة.

(2)

الحور: النقصان، والكور: الزيادة، وفى الحديث:«نعوذ بالله من الحور بعد الكور» أى من النقصان بعد الزيادة، وقيل معناه من فساد أمورنا بعد صلاحها.

(3)

الفلو بالكسر وكعدو وسمو: الجحش أو المهر فطما أو بلغا السنة، والفصيل ولد الناقة إذا فصل عن أمه.

(27 - جمهرة رسائل العرب- رابع)

ص: 417

كان مفزعه فيه إلى الله إلا فرّج الله عنه». لا تضطجع على بطنك إذا نمت، ولا فى غير نومك، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إنها لضجعة يبغضها الله» . أوف بالعهد إذا أعطيته من نفسك لكل أحد، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«أحقّ ما وفّى به عهد الله» .

إذا حضرت السلطان فاشفع بخير، وإياك والكلام عنده إلا بما يرضى الله، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أنها تبلغ ما بلغت، يكتب له بها سخطه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أنها تبلغ ما بلغت، يكتب له بها رضوانه إلى يوم القيامة» . أسرّ ما أردت به الله ما استطعت، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«صدقة السّر تطفئ غضب الرب» . اتق كثرة التزكية لنفسك، أو ترضى بها من أحد يقولها لك فى وجهك. بلغنى أن رجلا امتدح رجلا عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال:«ويحك قطعت عنقه! ولو سمعها ما أفلح أبدا» . إياك ومدح الناس والثناء عليهم فى وجوههم، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«احثوا (1) التراب فى وجوه المدّاحين» . طهّر ثيابك ونقّها من معاصى الله تعالى، فإنه بلغنى أن قوله «وثيابك فطهّر» يأمره ألّا يلبسها على عذرة (2). واكره لكل أحد ما تكره لنفسك، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه بايع جريرا البجلىّ على الإسلام والنصيحة لكل مسلم.

إياك والحسد والشّره، بلغنى أنهما خلقان مرديان لصاحبهما فى الدنيا والآخرة، وقال صلى الله عليه وسلم:«لا حسد إلا فى اثنتين: رجل آتاه الله مالا وسلّطه على إنفاقه فى الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضى بها ويعلّمها» . اقتد فى أمورك برأى

(1) حثا التراب فى وجهه يحثوه ويحثيه حثوا وحثيا: رماه.

(2)

العذرة: الغائط.

ص: 418

ذوى الإنصاف من أهل التقوى، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «خياركم شبانكم المتشبّهون بشيوخكم، وشراركم شيوخكم المتشبّهون بشبانكم» . لا تحتكر (1) أحدا، ولا تجالس مأبونا (2)، فإن الوحدة خير من جليس السوء.

عليك بمعالى الأخلاق وكريمها، واتق رذائلها وما سفسف منها، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن الله يحب معالى الأخلاق، ويكره سفسافها (3)» .

إذا رأيت من فضلت عليه فى دينك ودنياك فأكثر حمد الله عليه، فإن ذلك من الشكر، بلغنى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:«ما أنعم الله على عبد بنعمة فقال الحمد لله، إلا كان ذلك أعظم من تلك النعمة وإن عظمت» .

لا تركب الميثرة (4) الحمراء، ولا تلبس المعصفر، فإنه بلغنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك. إذا غضبت وأنت قائم فاقعد، وإن كنت قاعدا فاضطجع، بلغنى ذلك عن النبى صلى الله عليه وسلم. لا تتطيرنّ من شىء تراه أو تسمعه، وإذا كان من ذلك شىء فقل: اللهم لا يأتى بالخير إلا أنت، ولا يدفع السوء إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله، بلغنى أنّ النبى صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك لمن رأى من ذلك شيئا. لا تتوضأ بشىء مما تأكل من الطعام، ولا تدلك به فى الحمام، فإن ذلك من الجفاء، لا تتخلّقنّ بالخلوق (5) إلا أن يكون فى إثر النّورة (6) ليذهب ريحها، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بينما رجل فى بردتين له متخلّق

(1) الحكر بالفتح: سوء المعاشرة، وفعله كضرب، يقال: فلان يحكر فلانا إذا أدخل عليه مشقة ومضرة فى معاشرته ومعايشته.

(2)

أى متهما بشر.

(3)

سفساف الأخلاق: رديئها.

(4)

الميثرة: مركب من مراكب الأعاجم من ديباج أو حرير، وثوب معصفر: مصبوغ بالعصفر

(5)

الخلوق: ضرب من الطيب، وتخلق: تطيب.

(6)

النورة: حجر الكلس ثم غلبت على أخلاط تضلف إلى الكلس من زرنيخ وغيره وتستعمل لإرالة الشعر.

ص: 419

يتبختر فيهما إذ ساخت به الأرض فهو يتجلجل (1) فيها إلى يوم القيامة.

لا تغبّرنّ (2) أظفارك بالحنّاء ولا يديك إذا دخلت الحمام، فإنه ليس من سيمى أهل الفضل، ولا تحلف بالطلاق ولا بالعتاق، فإنها من أيمان الفسّاق. بلغنى عن عمر رضى الله تعالى عنه أنه قال: «أربع جائزة إذا تكلّم بهن: الطلاق والعتاق والنكاح والنذر، وأربعة يمسون والله عليهم ساخط، ويصبحون والله عليهم غضبان:

المتشبهون من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، ومن أتى بهيمة، أو عمل عمل قوم لوط». لا نتطيبنّ بشىء من الطيب يظهر لونه، فإن النبى صلى الله عليه وسلم قال:«طيب الرجل ما بطن لونه وظهر ريحه، وطيب النساء ما ما ظهر لونه وبطن ريحه» .

الزم الرأى الحسن، والهدى (3) الحسن، والاقتصاد. بلغنى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال:«الرأى الحسن جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة» .

إن استطعت ألّا تدع العمامة والبرد فى العيدين والجمعة فافعل. بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يلبس العمامة والبرد فى العيدين والجمعة، وقال:«إن الله تعالى أعزّ الإسلام بالعمائم والألوية» . إذا طلاك أحد بالنّورة فبلغ المراقّ (4) فلا يل ذلك منك إلا نفسك ومن يحسن ذلك من نسائك، فإنه بلغنى عن بعض العلماء أنه كان يلى ذلك من نفسه.

لا بأس أن تغتسل بماء الحمّام وأنت جنب وتصلّى، بلغنى عن ابن عباس أنه سئل عن الجنب يغتسل فى الحمام، فقال: إن الماء لا يجنب (5)، وإذا تنخّمت

(1) التجلجل: السئوخ فى الأرض.

(2)

غبره به تغبيرا: لطخه به، وفى الأصل «لا تغيرن» وهو تصحيف.

(3)

الهدى: الطريقة والسيرة.

(4)

مراق البطن: مارق منه ولان، جمع مرق، أو لا واحد لها.

(5)

أى لا ينجس.

ص: 420

فى المسجد فادفنه، بلغنى عن بعض العلماء أنه قال:«هى خطيئة، وكفّارتها دفنها» .

إذا نمت فقل عند منامك: «اللهم أنت القائم الدائم لا تزول، خلقت كل شىء لا شريك لك، علمت كل شىء بغير تعليم، اغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» .

بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ألا قلتم كما قال علىّ بن أبى طالب» رضى الله عنه! وهو الذى قال ذلك. إذا أتيت الحاجة فلا تستقبل القبلة بفرجك ولا تستدبرها ولا تستنج بيمينك، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر أصحابه ألّا يستقبلوا القبلة، ولا يستنجوا بأيمانهم، ولا يستنجوا بعظم ولا روث.

إذا انصرفت من الصلاة فقل: «اللهم إنى أسألك من الخير كلّه ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم. اللهم إنى أسألك من الخير ما سألك عبادك الصالحون، وأعوذ بك من الشر ما عاذ منه عبادك الصالحون. اللهم آتنا فى الدنيا حسنة، وفى الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار» ، بلغنى عن ابن مسعود أنه قال: ما دعا مرسل ولا عبد صالح بشىء حسن إلا هو فيه. يعنى فى هذا الدعاء. لا تشتم عبدا لك ولا أمة بزنى. فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قذف أمة أو حرة أو يهودية أو نصرانية، فلم يضرب فى الدنيا ضرب يوم القيامة ثمانين جلدة» .

إذا كنت مسافرا أو مقيما فامسح إن شئت على خفّيك، إن كنت مسافرا ثلاثة أيام ولياليهن، وإن كنت مقيما فيوما وليلة. بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك، وعمر بن الخطاب رضى الله عنه وعلىّ بن أبى طالب وابن عباس رضوان الله عليهم قالوا ذلك. إذا صافحك أحد فلا تنزعنّ يدك عن يده حتى يكون هو الذى ينزع يده عن يدك، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه لم يصافح أحدا فنزع يده حتى يكون هو الذى ينزع يده. إذا أقبل عليك رجل بوجهه يحدّثك فلا تصرف وجهك عنه حتى يكون هو الذى يصرف وجهه عنك، وإذا جلست إلى جنب رجل

ص: 421

أو جلس إلى جنبك رجل، فلا تقومنّ من بين يديه، ولا تجاوزنّ ركبتك ركبته.

بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه لم تتجاوز ركبته ركبة جليس له. وإذا أحسست من أمير ظلامة أو تغطرسا فقل: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أعزّ من خلقه جميعا، الله أكبر مما أخاف وأحذر، وأعوذ بالله الممسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه من شر فلان، اللهم كن لى جارا من فلان وجنوده أن يفرط (1) علىّ أحد منهم أو أن يطغى، جلّ جلالك، وعز جارك، ولا إله غيرك، تقول ذلك ثلاث مرات، بلغنى عن ابن عباس أنه قال ذلك وأمرنا به، وإذا كتبت إلى أحد من غير أهل الإسلام فلا تكتبنّ:«سلام الله عليك» ولكن اكتب: «السلام على من اتبع الهدى» . بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كتب ذلك إلى مسيلمة. إذا عطت فى الخلاء فاذكر اسم الله خفيا.

لا تدّهن فى مدهن ذهب ولا فضة، ولا تستجمر فى مجامر (2) الذهب والفضة.

بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الشرب فى إناء الذهب والفضة، لا تنم على الحرير والدّيباج فإنه لبسة النساء. بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن لبس الحرير والديباج إلا للنساء. إذا رأيت أمرا فى أهلك وخاصّتك مما ينبغى تغييره، فلا تحابينّ منهم أحدا، وقم فيه بالذى يحقّ عليك، بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«انصر أخاك ظالما أو مظلوما» .

إذا هممت بأمر من طاعة الله عز وجل فلا تحبسه إن استطعت فواقا (3) حتى تمضيه، فإنك لا تأمن الأحداث، وإذا هممت بأمر غير ذلك، فإن استطعت ألّا تمضيه فواقا فافعل، لعل الله تعالى يحدث لك تركه. لا تستحى إذا دعيت لأمر ليس بحق أن تقول لا، فإن الله تعالى يقول:«وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ» .

(1) أى يعجل على بالعقوبة.

(2)

المجامر جمع مجمرة بالكسر: وهى المبخرة.

(3)

الفواق بالضم ويفتح: ما بين الحلبتين من الوقت، أو ما بين فتح يدك وقبضها على الضرع.

ص: 422

إذا سمعت المؤذّن يؤذن فقل كما يقول، إلا أنك تقول إذا قال: حىّ على الصّلاة، حىّ على الفلاح، لا حول ولا قوة إلا بالله. بلغنى ذلك عن النبى صلى الله عليه وسلم «لا تخلونّ بامرأة ليست لك بمحرم (1) «بلغنى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال:«ما خلا رجل بامرأة ليست له بمحرم إلا كان ثالثهما الشيطان» ، إذا قال الإمام آمين، فقل آمين، فإنه ينبغى إذا فرغ من أمّ (2) القرآن أن يقول آمين، ويقوله من خلفه سرّا ولا يجهريه. بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا أمّن الإمام فأمّنوا، فإن الملائكة تؤمّن لتأمين الإمام، فمن وافق منكم تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» .

إذا قضيت الحاجة فلا تبدأ بشىء حتى تغسل فرجك بالماء. بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لأهل مسجد قباء: إنما نزلت هذه الآية فيكم «فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ» . فأنبئونى ما هذا التطهير الذى ذكرتم به فأثبتم (3) عليه؟ قالوا: «والذى بمثك بالحق نبيا، ما منّا امرأة ولا رجل يأتى الخلاء فيبدأ بشىء دون غسل فرجه بالماء» . إذا أكلت طعاما فعلق بين أصابعك فالعقها، وأسنانك فتخلّل. فإنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ليس شىء أشدّ على الملك من أن يرى فى الرجل طعاما وهو يصلى» .

إذا نزلت منزلا فقل: «أعوذ بكلمات الله التامّات من شر ما خلق» . بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من نزل منزلا فقال هذه الكلمات وقى شرّ منزله حتى يرتحل منه» . لا تأكل شيئا من ثمن طعام لا يحلّ لك أكله، ولا شيئا من ثمن شراب لا يحل لك شربه، قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الخمر:

«إن الذى حرّم شربها حرّم ثمنها» ولا تداو بشىء لا يحل لك أكله ولا شربه،

(1) المحرم: ذات الرحم فى القرابة التى لا يحل تزوجها.

(2)

أم القرآن: الفاتحة.

(3)

فى الأصل «فاثبتوا» .

ص: 423

ولا تبعه ولا تشتره ولا تطعمه ولا تطعمه أحدا ولا تسقه. ولا تداو به أحدا صغيرا ولا كبيرا ولا بهيمة ولا غيرها، بلغنى عن بعض علماء الصحابة أنه نعت لبعير له خمر فقال:«لا والله لا أوجره (1) خمرا» .

لا تأكل لحم شىء من السباع ولا ذا مخلب من الطير. بلغنى أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كلّ ذى ناب من السباع. إذا فزعت فى منامك فقل:

«أعوذ بكلمات الله التّامات من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن شر الشياطين، وأن يحضرون» . بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا فزع أحدكم فى منامه فليقل ذلك» . إذا قلت لأحد أقسمت عليك لتفعلنّ، فلم يفعل الذى أقسمت عليه أن يفعله وجب عليك الحنث، وكفّر عن يمينك، وكذلك إن قلت له: أحلف عليك أو أشهد عليك لتفعلنّ فلم يفعل، وجب عليك الحنث، وكذلك إذا كنت وقّتّ له وقتا معلوما فتركه حتى جاوز الوقت.

لا تبدأنّ أحدا من غير أهل الإسلام بالسلام، لكن لو سلّم هو فقل: وعليكم.

بلغنى أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بذلك. لا بأس أن تأكل جنبا- وإن كنت لم تتوضأ- إذا غسلت يديك. لا تقل لأحد صلى الله عليك. بلغنى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: «لا تنبغى الصلاة من أحد لأحد إلا للنبى عليه الصلاة والسلام» ولا تقل لأحد: جعلنى الله فداءك. بلغنى أن الزبير قال للنبى صلى الله عليه وسلم ذلك وهو مريض، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم:«ما تركت أعرابيتك بعد! » وبلغنى عن بعض العلماء أنه قال: لا يفد أحد أحدا.

لا بأس بمصافحة الجنب ومباشرته. بلغنى عن ابن مسعود أنه قال: «أربعة

(1) أوجره الدواء: صبه فى فيه.

ص: 424

ليس عليهم جنابة: الأشنان (1) والماء والثوب والأرض». لا بأس بمصافحة اليهودى والنصرانى والصلاة فى بيوتهم. لا تبلغ بشىء من أدبك إذا أدّبت وعاقبت أحدا على جرم اجترمه أربعين سوطا، قال صلى الله عليه وسلم:«من بلغ حدا فى غير حدّ فهو من المعتدين» . إذا أحببت أحدا لله فأعلمه «لما قال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم إنى أحبّ فلانا لله، قال: أما أخبرته؟ قال: لا، قال: فأخبره، فلما أخبره قال:

أحبّك الله الدى أحببتنى له».

لا تشفع فيمن وجب عليه حدّ من حدود الله إذا انتهى إلى الإمام ولا تحل دونه، ولا بأس أن تشفع قبل ذلك، قال ذلك بعض علماء الصحابة- وتشفّع فى سارق- فقيل له: أتشفع فيه وأنت من الصحابة؟ فقال: لا بأس به قبل أن يبلغ الإمام، فإذا بلغه فلا عفا الله عنه إن عفا عنه. الزم الصمت، قال النبى صلى الله عليه وسلم:

«لا يستكمل الرجل الإيمان حتى يخزن لسانه» . وإذا أتيت قرية أو بلدا فقل:

«اللهم ارزقنا خيرها، واصرف عنا وباءها» ، كان النبى صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إذا دنا من قرية.

إذا عطست فقل: الحمد لله، فإن قال قائل: يرحمك الله، فقل: غفر الله لنا ولك. وإن عطس عندك مسلم فقال: الحمد لله، فقل يرحمك الله، كان علىّ رضى الله عنه يقولها لمن عطس ويقول ذلك: يهديك الله ويصلح بالك. وكان ابن مسعود يقول لمن عطس: يرحمنا الله وإياك، ويقول ذلك: يغفر الله لنا ولك، ولا تشمّته (2) حتى يحمد الله، قال النبى صلى الله عليه وسلم: «من حق المسلم إذا عطس أن يشمّت

(1) فى الأصل «الأسنان» وأرى أن صوابه «الأشنان» وقد تقدم شرحه فى ص 12، والكلام على حذف مضاف أى ذوو الأشنان

الخ. والمعنى أن هذه الأشياء الأربعة لا تتعدى إليها جنابة الجنب، فلا بأس باستعمالها ومباشرتها إن استعملها هو وباشرها.

(2)

التشميت: الدعاء للعاطس.

ص: 425

إذا حمد الله». وقّر الكبير وارحم الصغير، قال النبى صلى الله عليه وسلم:«ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا» .

لا تصافح امرأة ليست لك بزوجة ولا ملك يمين، ولا تضع يدها على شىء من جسدك، ولا تضع يدك على شىء من جسدها، ولا تقبّل يدك ولا شيئا من جسدك، ولا تعانق رجلا ولا تقبّله ليس بذى رحم لك، واصنع ذلك بذى رحمك «ضمّ النبى صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبى طالب حين قدم من الحبشة إلى نفسه وقبّل بين عينيه» لا ترفع صوتك فى مسجد جماعة، ولا تشهر فيه سلاحا. فقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عنه. إذا دعيت إلى تحمّل شهادة فإنك مخيّر، فإن شهدت فلا يسعك الامتناع إذا دعيت إلى الأداء.

لا تمنن على أحد بإحسانك فإنه يبطل أجرك، قال الله عز وجل:«لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى» ومن أولاك معروفا وعجزت عن مكافأته، فأثن عليه واذكره به، قال النبى صلى الله عليه وسلم:«من أولى معروفا فلم يقدر على مكافأته إلا بالثناء فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره» .

وإذا طعمت وعندك أحد فادعه، قال النبى صلى الله عليه وسلم:«إن فى الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها» قيل: لمن هى؟ قال: «لمن أطعم الطعام، وتابع الصيام، وطيّب الكلام، وصلّى بالليل والناس نيام» .

إذا عملت عملا لله فأحسنه، لقوله تعالى:«لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» .* لا تعجل على أحد بعقوبة ولا يتهمة حتى تحقّه (1). لا تأت أهلك أو جاريتك وغيرها يراك أو يسمع حسّك، قال صلى الله عليه وسلم:«استحيوا من الله حقّ الحياء، قالوا: وكيف نستحيى من الله حق الحياه؟ قال: احفظوا الرأس وما حدى، والبطن وما وعى، واذكروا الموت والبلى، وذروا زينة الحياة الدنيا» .

(1) حقه كمده وأحقه: غلبه على الحق.

ص: 426

إذا أصبحت فقل: اللهم لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد لا شريك لك عشر مرات، قال النبى صلى الله عليه وسلم:«من قالها عشر مرات حين يصبح وكّل به ملكان يحرسانه حتى يمسى، وإذا قالها ليلا فكذلك حتى يصبح» . وإذا كنت فى العيدين والجمعة ويوم عرفة بعرفة فاغتسل، وإن توضأت أجزأك. سأل رجل عليا عن الغسل فقال: للجمعة والعيدين وعرفة. إذا رأيت الهلال فلا تستقبله حتى تدعو وقل: الله أكبر الله أكبر، الحمد لله، أسألك من خير هذا الشهر، وأعوذ بك من شر القدر وشر يوم المحشر.

لا تؤمّنّ أحدا فى بيته ولا سلطانه إلا أن يأذن لك. وذلك أنه بلغنى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يؤمّنّ الرجل الرجل فى بيته ولا فى سلطانه إلا بإذنه» . ولا تحب من الناس أن يمثلوا لك قياما. قال صلى الله عليه وسلم: «من سرّه أن يمثل له ابن آدم قياما وجبت له النار» . أجب الدعوة إذا دعيت. قال صلى الله عليه وسلم: «الدعوة يوم العرس حق» وقال: «لو دعيت إلى كراع (1) لأجبت» . إذا حلفت على شىء وحلف والداك أو أحدهما على خلافه فأطعهما ما لم يكن معصية». احتجم فى سبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين، أمر النبى صلى الله عليه وسلم بذلك.

إذا عدت مريضا فأخفّ العيادة، وأقلّ اللّبث. إذا مررت بالمقابر فقل: السلام عليكم أهل الدار المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لا حقون، أنتم لنا فرط (2) ونحن لكم تبع، أسأل الله لنا ولكم العافية. لا بأس أن تمشى أمام الجنازة. مشى النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمرو ابن عمر أمامها، وإذا كنت راكبا فلا تسبقها،

(1) الكراع من البقر والغنم بمنزلة الوظيف من الفرس: وهو مستدق الساق.

(2)

فرط: أى متقدمون، والفرط فى الأصل: المتقدم إلى الماء يتقدم الواردة فيهيء لهم الأرسان والدلاء ويملأ الحياض ويستقى لهم، يقال رجل فرط، وقوم فرط.

ص: 427

ولا تنزل حتى توضع عن عواتق الرجال، بلغنى ذلك عن بعض الصحابة. لا تنفخ فى الطعام والشراب فإنه جفاء، قاله بعض العلماء.

ارفع يدك فى عشرة مواطن: إذا دعوت عند افتتاح الصلاة والعيدين والقنوت والتكبير وعند استلام الحجر وعرفة وجمع (1) والصّفا والمروة والجمار، روى ذلك عن ابن عباس، وعند افتتاح الصلاة والقنوط والعيدين ترفعهما حتى تحاذى إبهامك أذنك، وتبسطهما عند صدرك فى باقى ذلك. لا تلعب بالنّرد، لعن النبى صلى الله عليه وسلم اللاعب به وقال:«إياكم وإياه» . لا تمضغ العلك (2)، ولا تحلل إزارك، ولا تجرّد ولا تحذف (3). قال النبى صلى الله عليه وسلم «إنها من أخلاق قوم لوط» .

اجمع الصّوّام عند فطرك على طعامك، قال صلى الله عليه وسلم:«من فطّر صائما كان له مثل أجره، ولا ينقص من أجر الصائم شىء» .

واعلم- رحمك الله- أن الله تعالى خصّك من موعظتى بما نصحتك، وأنهيت إليك منه ما أرجو أن يكون سعادة لك وسببا إلى الجنة، فليكن منك فيما كتبت إليك من القيام بأمر الله تعالى واتباع ما هو أهله ما ترجو به القربة عند الله تعالى، ولا يكن ذلك مما تظلف (4) عنه نفسك، وتعاهدها بالأخذ والتأديب عليه إن شاء الله حتى توقفها على الذى لا ينبغى لك التقصير بها عنه إن شاء الله تعالى، والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب».

«رسالة مطبوعة بالمطبعة الأميرية سنة 1311 هـ، ومنها نسخة محفوظة فى دار الكتب المصرية رقم 1301 تصوف وأخلاق (5)» .

(1) جمع: المزدلفة.

(2)

العلك: ضرب من صمغ الشجر كاللبان يمضغ.

(3)

حذف فى مشيته حرك جنبه وعجزه أو تدانى خطوه.

(4)

ظلف نفسه عنه كضرب: كفها.

(5)

وقد طبعت حديثا بمطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر.

ص: 428