الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابك، فعرضت على أمير المؤمنين- أعزّه الله- ذلك، فأمر بالكتاب إلى أبى العباس محمد بن عبد الله بن طاهر مولى أمير المؤمنين- أبقاه الله- بما قد نفذ إليه مما يشبه ما عنده- أبقاه الله- من نصرة دين الله وإحياء سنّته، والانتقام ممن ألحد فيه، وأن يضرب الرجل حدّا فى مجمع الناس حدّ الشتم، وخمسمائة سوط بعد الحدّ للأمور العظام التى اجترأ عليها، فإن مات ألقى فى الماء من غير صلاة، ليكون ذلك ناهيا لكل ملحد فى الدين، خارج من جماعة المسلمين، وأعلمتك ذلك لتعرفه إن شاء الله تعالى، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته».
وذكر أن عيسى هذا لما ضرب ترك فى الشمس حتى مات، ثم رمى به فى دجلة.
(تاريخ الطبرى 11: 51)
77 - كتاب أبى العيناء إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان
وحمل محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان أبا العيناء (1) على دابّة زعم أنه غير فاره (2)، فكتب إلى أبيه عبيد الله:
«أعلم الوزير- أعزّه الله- أن أبا على محمدا أراد أن يبرّنى فعقّنى، وأن يركبنى فأرجلنى، أمرلى بدابة تقف للنّبرة (3)، وتعثر بالبعرة، كالقضيب اليابس
(1) هو محمد بن القاسم بن خلاد، وكان فصيحا بليغا شاعرا، وكان من ظرفاء العالم، وفيه من اللسن وسرعة الجواب والذكاء ما لم يكن فى أحد من نظرائه، وله مع المتوكل مجالس، ولد سنة 191 هـ وعمى وعمره أربعون سنة وتوفى سنة 282 - انظر ترجمته فى وفيات الأعيان 1: 504، وزهر الآداب 1: 289 - 296. والفهرست لابن النديم ص 181.
(2)
الدابة: ما دب من الحيوان، وغلب على ما يركب، ويقع على المذكر، والفاره من الدواب:
الجيد السير، قالوا: ويقال للبغل والحمار والبرذون: فاره، ولا يقال للفرس فاره، ولكن رائع وجواد.
(3)
يقال: نبر الرجل نبرة: إذا تكلم بكلمة فيها علو، والنبرة: صيحة الفزع، ونيرة المغنى:
رفع صوته عن خفض.
عجفا (1)، وكالعاشق المهجور دنفا (2)، قد أذكرت الرّواة عروة (3) العذرىّ، والمجنون العامرىّ (4)، مساعد أعلاه لأسفله، حباقه (5) مقرون بسعاله، فلو أمسك لترجّيت، ولو أفرد لتعزّيت، ولكنه يجمعهما فى الطريق المعمور، والمجلس المشهور، كأنه خطيب مرشد، أو شاعر منشد، تضحك من فعله النّسوان، وتتناغى (6) من أجله الصّبيان، فمن ضائح يصيح داوه بالطّباشير (7)، ومن قائل يقول: نوّله (8) الشعير، قد حفظ الأشعار، وروى الأخبار، ولحق العلماء فى الأمصار، فلو أعين بنطق، لروى بحقّ وصدق، عن جابر الجعفىّ، وعامر الشّعبى (9).
وإنما أوتيت من كاتبه الأعور، الذى إذا اختار لنفسه أطاب وأكثر، وإن اختار لغيره أخبث وأنزر (10)، فإن رأى الوزير أن يبدلنى به، ويريحنى منه بمركوب.
(1) العجف: الهزال.
(2)
الدنف: المرض الملازم.
(3)
فى الأصل «عذرة» وهو تحريف وصوابه «عروة» وهو عروة بن حزام بن مهاصر العذرى صاحب عفراء بنت عقال بن مهاصر- بنت عمه- وهو شاعر إسلامى، وأحد المتيمين الذين قتلهم الهوى، مات من حب ابنة عمه عفراء- انظر ترجمته فى الأغانى 20: 152، والشعر والشعراء ص 237، واقرأ قصيدته النونية فى الأغانى، وفى كتاب النوادر لأبى على القالى عقب ذيل الأمالى، والعذرى نسبة إلى عذرة: قبيلة من اليمن، وهم مشهورون بالعشق والعفة، ومنهم جميل بن عبد الله ابن معمر العذرى صاحب بثينة، وخبره مشهور- انظر ترجمته فى الأغانى 7: 72، ووفيات الأعيان 1:115.
(4)
هو قيس بن الملوح مجنون بنى عامر، صاحب ليلى، وخبره مشهور أيضا- انظر خبره فى الأغانى 1: 161، 2:2.
(5)
الحباق: الضراط.
(6)
ناغت المرأة الصبى: كلمته بما يعجبه ويسره.
(7)
الطباشير: دواء يكون فى جوف القنا الهندى.
(8)
نوّله: أعطاه.
(9)
الجعفى: نسبة إلى جعفى بن سعد العشيرة بن مذحج، أبو حى باليمن، وأعقب جعفى من ولديه مران (كرمان) وصريم (كزبير) ومن ولد مران جابر بن يزيد الفقيه- انظر شرح القاموس 6: 57، وعامر الشعبى: هو عامر بن شراحيل (بفتح الشين) كوفى تابعى جليل القدر وافر العلم، قال الزهرى:
«العلماء أربعة: سعيد بن المسيب بالمدينة، والشعبى بالكوفة، والحسن البصرى بالبصرة، ومكحول بالشام» والشعبى نسبة إلى شعب، وهو بطن من همدان، وكانت أمه من سبى جلولاء، وتوفى سنة «10 هـ- انظر ترجمته فى وفيات الأعيان 1:244.
(10)
أنزره: قلله.