الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
259 - كتاب أم الشريف إلى المعتضد
فلما عضّته الحرب وجّه إلى المعتضد يطلب الأمان فأجابه إليه، ثم وجه المعتضد شعلة بن شهاب فى طلب أم الشريف، فلما رأته بكت وضربت بيدها على الأخرى وقالت: يا شهاب، كأنى والله كنت أرى ما أرى، فإنا لله وإنا إليه راجعون! فقال لها: إن أمير المؤمنين قد وجهنى إليك، وما ذاك إلا لحسن رأى منه فيك، فقالت له: فهل لك أن توصل إليه كتابى هذا بما قلت فيه؟ قال: نعم، فكتبت إليه بهذه الأبيات:
قل للخليفة والإمام المرتضى
…
رأس الخلائق من قريش الأبطح
بك أصلح الله البلاد وأهلها
…
بعد الفساد وطالما لم تصلح (1)
وتزحزحت بك قبّة العزّ التى
…
لولاك بعد الله لم تتزحزح
وأراك ربّك ما تحبّ، فلا ترى
…
ما لا تحبّ، فجد بعفوك واصفح
يا بهجة الدنيا وبدر ملوكها
…
هب ظالمىّ ومفسدىّ لمصلح
فسار بالكتاب إلى المعتضد فأعجبته الأبيات، وأمر أن يحمل إليها تخوت (2) من الثياب وجملة من المال، وإلى ابن أخيها محمد بن أحمد مثل ذلك، وشفعها فى كثير من أهلها، ممن عظم جرمه، واستحق العقوبة عليه
(مروج الذهب 2: 469)
260 - كتاب صاحب الشامة إلى بعض عماله
ومن كتاب صاحب الشامة الحسين بن زكرويه القرمطىّ (3) إلى بعض عماله:
(1) أى من قريش التى تسكن أبطح مكة، وهو مسيل واديها.
(2)
التخوت: جمع تخت بالفتح، وهو وعاء تصان فيه الثياب.
(3)
كان داعية قرمط رجلا يسمى زكرويه بن مهرويه، فلما تتابع من المعتضد توجيه الجيوش إلى من بسواد الكوفة من القرامطة، وألح فى طلبهم، وأثخن فيهم القتل، ورأى زكرويه أنه لا مدفع عن
«بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله أحمد بن عبد الله المهدىّ المنصور بالله الناصر لدين الله، القائم بأمر الله، الحاكم بحكم الله، الداعى إلى كتاب الله، الذّابّ عن حرم الله، المختار من ولد رسول الله، أمير المؤمنين، وإمام المسلمين، ومذلّ المنافقين، خليفة الله على العالمين، وحاصد الظالمين، وقاصم المعتدين، ومبيد الملحدين، وقاتل القاسطين (1)، ومهلك المفسدين، وسراج المبصرين، وضياء المستضيئين، ومشتّت المخالفين، والقيّم بسنّة سيد المرسلين، وولد خير الوصيّين، صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطّيبين، وسلم كثيرا، إلى جعفر بن حميد الكردىّ:
سلام عليك، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلّى على جدّى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد: فقد أنهى إلينا ما حدث قبلك من أخبار أعداء الله الكفرة، وما فعلوه بناحيتك، وأظهروه من الظلم والعيث (2) والفساد فى الأرض، فأعظمنا ذلك، ورأينا أن ننفذ إلى ما هناك من جيوشنا من ينتقم الله به من أعدائه الظالمين، الذين يسعون فى الأرض فسادا، وأنفذنا «عطيرا» داعيتنا وجماعة من المؤمنين إلى مدينة حمص، وأمددناهم بالعساكر، ونحن فى إثرهم،
أنفسهم عند أهل السواد ولا غناء، سعى فى استغواء من قرب من الكوفة من أعراب أسد وطيء وتميم وغيرهم من قبائل الأعراب، ودعاهم إلى رأيه، وزعم لهم أن من بالسواد من القرامطة يطابقونهم على أمره إن استجابوا له، فلم يستجيبوا له.
وكانت جماعة من «كلب» تخفر الطريق على البر بالسماوة، فيما بين الكوفة ودمشق على طريق تدمر وغيرها، وتحمل الرسل وأمتعة التجار على إبلها، فأرسل زكرويه أولاده إليهم، فبايعوه وخالطوهم وانتموا إلى على بن أبى طالب، وإلى محمد بن إسمعيل بن جعفر الصادق، وذكروا أنهم خائفون من السلطان، وأنهم ملجئون إليهم، فقبلوهم على ذلك، ثم دبوا فيهم بالدعاء إلى رأى القرامطة فلم يقبل ذلك أحد من إلا الفخذ المعروفة ببنى العليص بن ضمضم بن عدى بن جناب ومواليهم خاصة، فبايعوا فى آخر سنة 289 بناحية السماوة ابن زكرويه المسمى بيحبى، ثم قتل فى بعض الوقعات، فنصبوا أخاه الحسين ابن زكرويه، وزعم لهم أنه أحمد بن عبد الله بن محمد بن إسمعيل بن جعفر الصادق، وأظهر شامة فى وجهه ذكر أنها آيته، فعرف بصاحب الشامة: وظهر على جند حمص وغيرها من أرض الشام، وتسمى بإمرة المؤمنين على منابرها، وكان ذلك سنة 289 وسنة 290 - انظر تاريخ الطبرى 11:377.
(1)
أى الجائرين.
(2)
العيث: الإفساد.