الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
البخاري، عن ابن عمر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جُذَيْمَةَ فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد بن الوليد يقتل ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل واحد منا أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرناه، فرفع يديه فقال:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا فَعَلَ خَالِدٌ" مرتين (1).
النسائي، من عبد الله بن جعفر، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا، واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال:"إِنْ قُتِلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَو اسْتشهِدَ فَأَمِيرُكُمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبِ، فَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرُ أَوِ اسْتشهِدَ فَأَمِيرُكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ" فلقوا العدو، فأخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل، بهم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله عليه، فأتى خبرهم النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:"إِنَّ إِخْوَانكُمْ لقُوا الْعَدُوَّ، فَأَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ أَوِ اسْتشهِدَ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَر فَقَاتَلَ حتَّى قُتِلَ أَوِ اسْتشهِدَ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ أَو اسْتشهِدَ ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ خَالِدُ بْنُ الْوَليدِ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ" ثم أمهل آل جعفر ثلاثًا أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال:"لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ" ثم قال: "ادْعُوا لِي بِنَي أَخِي" فجيء بنا كأننا أَفْرُخٌ، فقال:"ادْعُوا لِي الْحَلَّاقَ" فأمره فحلق رؤوسنا، ثم قال:"أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبِ وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي" ثم
(1) رواه البخاري (4339 و 7189) والنسائي (8/ 237).
أخذ بيدي فأشالها فقال: "اللَّهُمَّ أَخْلِفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ، وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللهِ فِي صَفْقَةِ يَمِيِنهِ" ثلاثًا (1).
وعن عقبة أو أبي قتادة في هذا الحديث قال: فوثب جعفر فقال: يا رسول الله ما كنت أذهب أن تستعمل على زيدًا قال: "امْضِ فَإنَّكَ لَا تَدْرِي أَيّ ذَلِكَ خَيْرٌ".
ذكره علي بن المديني في كتاب العلل.
البخاري، عن عروة بن الزبير قال: لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فبلغ ذلك قريشًا، خرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبُدَيْل بن ورقاء يلتمسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مرَّ الظهران فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه لكأنها نيران عرفة، فقال بديل بن ورقاء: نيران بني عمرو، فقال أبو سفيان: عمرو أقل من ذلك، فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدركوهم فأخذوهم فأتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم أبو سفيان فلما سار قال للعباس: احبس أبا سفيان عند خطم الجمل حتى ينظر إلى المسلمين فحبسه العباس، فجعلت القبائل تمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تَمُرُّ كتيبة كتيبة على أبي سفيان، فمرت كتيبة فقال: يا عباس من هذه؟ فقال: هذه غفار، فقال: ما لي ولغفار، ثم مرت جهينة فقال مثل ذلك، ثم مرت سعد بن هذيم فقال مثل ذلك، ومرت سليم فقال مثل ذلك، ثم أقبلت كتيبة لم ير مثلها قال: من هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية، فقال سعد: يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة، فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يوم الدمار، ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وراية النبي صلى الله عليه وسلم مع الزبير بن العوام، فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال: "مَا قَالَ؟ "
(1) رواه النسائي في الكبرى (8604).
قال: كذا وكذا قال: "كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكنَّ هَذَا يَوْمٌ يُعَظَّمُ اللهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ وَيَوْمَ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ" قال: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركن رايته بالحجون، قال عروة: فَأَخبرني نافع بن جبير بن مطعم قال: سمعت العباس يقول للزبير: يا أبا عبد الله ها هنا أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركن الراية، قال: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من كذا، فقتل من خيل خالد بن الوليد رجلان، حبيش بن الأشعر وكرز بن جابر الفهري (1).
مسلم عن أبي هريرة قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم مكة، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالدًا على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة بن الجراح على الحُسَّر، فأخذوا بطن الوادي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة قال: فنظر فرآني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أَبُو هُرَيْرَةَ" قلت: نعم لبيك يا رسول الله، فقال:"لَا يَأتِيني إِلَّا أَنْصَارِيٌّ" -ومن الرواة من قال- "اهْتِفْ لِي بِالأَنْصَارِ" قال: فأطافوا به ووبشت قريش أوباشها وأتباعها فقالوا: نقدم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، فإن أصيبوا أعطينا الذي سلبنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وأَتْبَاعِهِمْ؟ " ثم قال بيده إحداهما على الأخرى ثم قال حتى توافوني بالصفا، قال: فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل أحدًا إلّا قتله، وما أحد منهم يوجه إلينا شيئًا، قال: فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله أبيدت حضراء قريش لا قريش بعد اليوم قال: "مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ" فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته، قال أبو هريرة: وجاء الوحي، وكان إذا جاء لا يخفى علينا، فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينقضي الوحي، فلما انقضى الوحي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ" قالوا: لبيك يا رسول
(1) رواه البخاري (4280).
الله، قال:"قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْركَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ" قالوا: قد كان ذلك، قال: "كَلَّا إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، هَاجَرْتُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ
وَالْمَمَاتُ مَمَاتكُمْ" فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله وَرَسُولَهُ يُصْدِقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ" قال: فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان، وأغلق الناس أبوابهم، قال: وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت، قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه، قال وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوس وهو آخذ بسية القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعن في عينيه ويقول:{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} فلما فرغ من طوافه أتى الصفا، فعلا عليه حتى نظر إلى البيت، فرفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعوه.
وفي أخرى: "مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِن، وَمَنْ أَلْقى السِّلَاحَ فَهُو آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَا قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِه وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ أَلَا فَمَا اسْمِي إَذًا -ثلاث مرات- أَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولهُ"(1).
وقال النسائي في هذا الحديث: ولجأت صناديد قريش وعظماؤها إلى الكعبة، يعني دخلوا فيها قال: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طاف بالبيت، فجعل يمر بتلك الأصنام فيطعنها بسية القوس ويقول:{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} حتى إذا فرغ وصلى جاء فأخذ بَعضَادَتَي الباب ثم قال: "يَا مَعْشَرَ قُرَيْشِ مَا تَقُولُونَ؟ " قالوا: نقول: ابن أخ وابن عم رحيم كريم، ثم أعاد عليهم القول: قالوا مثل ذلك، قال:"فَإِنِّي أَقُولُ كمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} " فخرجوا فبايعوه على الإسلام.
(1) رواه مسلم (1780) وأبو داود (3024).
ذكر النسائي هذا الحديث في التفسير (1).
أبو داود، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح جاءه العباس بن عبد المطلب بأبي سفيان بن حرب، فأسلم بمر الظهران، فقال له العباس: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فلو جعلت له شيئًا، قال:"نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ"(2).
وعن وهب بن منبه قال: سألت جابرًا هل غنموا يوم الفتح شيئًا؟ قال: لا (3).
مسلم، عن ابن عمر أن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير، وأقر قريظة ومَنَّ عليهم حتى حاربت قريظة بعد ذلك، فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأموالهم وأولادهم بين المسلمين، إلا أن بعضهم لحقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمنهم وأسلموا، وأجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود المدينة كلهم بني قينقاع -وهم قوم عبد الله بن سلام- ويهود بني حارثة، وكل يهودي كان بالمدينة (4).
وعن أبي سعيد الخدري قال: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فأتاه على حمار، فلما دنا قريبًا من المسجد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ أَوْ خَيْرِكُمْ" ثم قال: "إِنَّ هَؤُلَاءِ نزلُوا علَى حُكْمِكَ" قال: تقتل مَقاتلهم وتَسْبيَ ذريتهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قَضَيْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ"(5).
(1) رواه النسائي في التفسير (318).
(2)
رواه أبو داود (3021).
(3)
رواه أبو داود (3023).
(4)
رواه مسلم (1766).
(5)
رواه مسلم (1768) والبخاري (3043 و 3804 و 4121 و 6262) وأبو داود (5215 و 5216).
وفي حديث عائشة: نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم إلى سعد بن معاذ، وزاد: وتقسم أموالهم (1).
أبو داود، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن كفار قريش كتبوا إلى ابن أُبَيٍّ ومن كان معه يعبد الأوثان من الأوس والخزرج ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر: إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه أو لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلكم ونستبيح نساءكم، فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبيٍّ ومن كان معه من عبدة الأوثان، اجتمعوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لقيهم فقال:"لَقَدْ بَلَغَ وَعِيدُ قُرَيْشٍ مِنْكُمْ الْمَبَالِغَ، مَا كَانَتْ تَكيدُكُمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا تُرِيدُونَ أَنْ تَكِيدُوا بِهِ أَنْفُسِكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا أَبْنَاءكُمْ وإِخْوانكُمْ" فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم تفرقوا، فبلغ ذلك كفار قريش فكتب كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنكم أهل الْحَلْقَةِ والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خَدَمِ نساءكم شيء وهي الخلاخيل، فلما بلغ كتابهم النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعت بنو النضير بالغدر، فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: اخرج إلينا في ثلاثين رجلًا من أصحابك، وليخرج منا ثلاثون حَبْرًا، حتى نلتقي
بمكان الْمَنْصَفِ، فيسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك، فقص خبرهم، فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتاب فحاصرهم فقال:"إِنَّكُمْ واللهِ لَا تَأْمَنُونَ عِنْدِي إِلَّا بِعَهْدٍ تُعَاهِدُوني عَلَيْهِ" فأبوا أن يعطوه عهدًا، فقاتلهم يومهم ذلك، ثم غدا الغد على بني قريظة بالكتائب، وترك بني النضير ودعاهم إلى أن يعاهدوه فعاهدوه، فانصرف عنهم وغدا على بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، فحملت بني النضير، واحتملوا ما أَقَلَّتْ الإبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها، فكل نخل بني النضير لرسول
(1) رواه مسلم (1769).
الله صلى الله عليه وسلم خاصة أعطاه الله إياها وخصه بها فقال: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} يقول: بغير قتال، قال: فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها للمهاجرين وقسَّمها بينهم، وقسَّم منها لرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجة لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي في أيْدي بني فاطمة (1).
مسلم، عن سلمة بن الأكوع قال: قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشرة مئة وعليها خمسون شاة لا تُرويها، فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبِ الركية، فإمَّا دَعَا وإما بَصَقَ فيها، فجاشت فسقنا واستقينا، قال: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعانا للبيعة في أصل الشجرة، قال: فبايعته أول الناس، ثم بايع وبايع حتى إذا كان في وسط من الناس قال:"بَايِعْ يَا سَلَمَةُ" قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس، قال:"وَأَيْضًا" قال: ورآني رسول الله صلى الله عليه وسلم عَزلًا، يعني ليس معه سلاح قال: فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم جَحَفَةً أو دَرَقَةً، ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال:"أَلَا تُبَايِعَنِي يَا سَلَمَةُ؟ " قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس وأوسط الناس، قال:"وَأَيْضًا" فبايعته الثالثة ثم قال لي: "يَا سَلَمَةُ أَيْنَ جَحْفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ؟ " قال: قلت: يا رسول الله لقيني عمي عامر عَزلًا فأعطيته إياها، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "إِنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الأَوَّلُ اللَّهُمَّ أَبْغَنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسي" ثم إن المشركين راسلونا الصلح حتى مشى بعضنا في بعض واصطلحنا قال: وكنت تبيعًا لطلحة بن عبيد الله أسقي فرسه وأحسه وأَخدمه، وآكل من طعامه، وتركت أهلي ومالي مهاجرًا إلى الله ورسوله، قال: فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها فاضطجعت فى أصلها، قال: فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة، فجعلوا يقعون في
(1) رواه أبو داود (3004).
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبغضتهم فتحولت إلى شجرة أخرى، وعلقوا سِلَاحَهُمْ واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى منادٍ من أسفل الوادي: يا للمهاجرين قتل ابن زنيم، فاخترطت سيفي ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم فجعلته ضِغثًا في يدي، ثم قلت: والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم لا يرفع أحد منكم رأسه إلَّا ضربت الذي فيه عيناه، ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وجاء عمي عامر برجل من الْعَبَلَاتِ يقال له مِكْرَز يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس مُجَفَّفٍ في سَبْعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"دَعُوهُمْ يَكْنُ لهم بَدْءُ الفجور وثنَاهُ" فعَفَا عنهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ. . .} الآية كلها، قال: ثم خرجنا راجعين إلى المدينة فنزلنا منزلًا بيننا وبين بني لحيان جبل وهم المشركون، فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رَقِيَ هذا الجبل الليلة كأنه طليعة للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال سلمة: فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثًا ثم قدمنا المدينة، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره مع رباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه، وخرجت معه بفرس طلحة أُنَدِّيه مع الظهر، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستاقه أجمع وقتل راعيه، قال: فقلت: يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد أغاروا على
سرحه، قال: ثم قمت على أكمة فاستقبلت المدينة فناديت ثلاثًا: يا صباحاه، ثم خرجت في أثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز أقول:
أنا ابن الأكوع
…
واليوم يوم الرضع
فألحق رجل منهم فأصكه سهمًا في رَحْلِهِ حتى خلص نصل السهم إلى كتفه، قال: قلت: خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع، قال: فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم فإذا رجع إليَّ فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها، ثم رميته فعقرت به حتى إذا تضايق الجبل فدخلوا في تضايقه، علوت الجبل
فجعلت أُرَديِّهم بالحجارة، قال: فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله عز وجل من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا خلفته وراء ظهري، وخلوا بيني وبينه ثم أتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردةً وثلاثين رمحًا يستخفون ولا يطرحون شيئًا إلا جعلت عليه آرامًا من الحجارة يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى أتوا متضايقًا من ثَنِيَّةٍ، فإذا هم قد أتاهم فلان بن بدرٍ الفزاري
فجلسوا يتضحون يعني يتغدون، وجلست على رأس قرن، قال الفزاري: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا الْبَرْحَ والله ما فارقنا منذ غَلَسٍ يَرْمِينَا حتى انتزع كل شيء في أيدينا، قال: فليقم إليه نفر منكم أربعة، قال: فصعد إليَّ منهم أربعة في الجبل، قال: فلما أمكنوني من الكلام، قال: قلت: هل تعرفوني، قالوا: لا، ومن أنت؟ قال: قلت: أنا سلمة بن الأكوع، والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم لا أطلب رجلًا منكم إلا أدركته ولا يطلبني رجل منكم فيدركني، قال أحدهم: أنا أظن قال: فرجعوا فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر، قال: فإذا أولهم الأخْرَمُ الأسدي على أثره أبو قتادة الأنصاري وعلى أثره المقداد بن الأسود الكندي، قال: فأخذت بعنان الأخْرَم، قال: فولَّوا مدبرين، قلت: يا أخرم احذرهم لا يقتطعوك حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال: يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق وأن النار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة. قال: فخليته فالتقى هو وعبد الرحمن قال: فعقر بعبد الرحمن فرسه وطعنه عبد الرحمن فقتله وتحول على فرسه، ولحق أبو قتادة فارسُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الرحمن فطعنه فقتله، فوالذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم لتبعتهم أَعْدو على رجلٍ حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ولا غبارهم شيئًا حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شِعْب فيه ماء يقال له ذو قَرَدٍ ليشربوا منه وهم عِطَاش، قال: فنظروا إليَّ أعْدو وراهم فحليتهم عنه، يعني أجليتهم عنه، فما ذاقوا منه قطرة، قال: ويخرجون فيشتدون في ثنيَّة، قال: فأعْدو فألحق رجلًا منهم فأصكه
بسهم في نَغْض كتفه، قلت: خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع، قال: ما ثكلته أمه أكْوَعُهُ بكرة؟ قال: قلت: نعم يا عدو نفسه أكوعك بكرة، وأردوا فرسين على ثنية قال: فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن وسطيحة فيها ماء، فتوضأت وشربت ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذي حَلَّيْتُهُمْ عنه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ تلك الإبل وكل شيء استنقذته من المشركين وكل رمح وبردة، وإذا بلال نحر ناقة من تلك الإبل التي استنقذت من القوم، وإذا هو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها، قلت: يا رسول الله خَلِّني فأنتخب من القوم مائة رجل، فاتَّبع القوم فلا يبقى منهم مخير إلا قتلته، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه في ضوء النهار فقال: "يَا سَلَمَة أتَراكَ كُنْتَ فَاعِلًا؟ " قلت: نعم والذي أكرمك، فقال:"إِنَّهُمْ الآنْ لَيَقْرَوْنَ فِي أَرْضِ غَطَفان" قال: فجاء رجل من غطفان فقال: نحر لهم فلان جزورًا، فلما كشفوا جلدهم رأوا غبارًا فقالوا: أتاكم القوم، فخرجوا هاربين، فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كَانَ خَيْرُ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبو قِتَادَة، وخَيْرَ رِجَّالَتِنَا سَلَمَةُ" قال: ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين سهم الفارس وسهم الراجل فجمعهما لي جميعًا ثم أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة، قال: فبينما نحن نسير قال: وكان رجل من الأنصار لا يُسْبَقُ شدًّا، قال: فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة، هل من مسابق؟ فجعل يعيد ذلك، قال: فلما سمعت كلامه قلت: أما تكرم كريمًا ولا تهاب شريفًا؟ قال: لا إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ذرني فلأسابق الرجل، قال:"إِنْ شِئْتَ" قلت: أذهب إليك وثنيت رِجْليَّ فَطَفَرْتُ فَعَدَوْتُ، قال: فربطت عليه شرفًا قال: أو شرفين، أستبقي نفسي، ثم عدوت في اثره، فربطت عليه شرفًا أو شرفين، قال: ثم إني رفعت حتى ألحقه، قال: فاصكه بين كتفيه، قال: قلت: قد سُبِقْتَ والله، قال: أنا أظن فسبقته إلى المدينة، قال: فوالله ما لبثنا إلا ثلاث
ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فجعل عمي عامر يرتجز بالقوم.
تا الله لولا الله ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا
…
فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ هَذَا؟ " قال: أنا عامر، قال:"غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ" قال: وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد، قال: فنادى عمر بن الخطاب وهو على جمل له: يا نبي الله لولا ما متَّعتنا بعامر قال: فلما قدمنا خيبر خرج ملكهم مرحب يَخْطِرُ بسيفه يقول:
قد علمت خيبر أني مَرْحَبُ
…
شاكي السلاح بطل مجرَّب
إذا الحروب أقبلت تَلَهَّبُ
قال: وبرز له عمي عامر فقال:
قد علمت خيبر أني عامر
…
شاكي السلاح بطل مغامر
قال: فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر، وذهب عامر يسفل له، فرجع سيفه على نَفْسِهِ فقطع أكحله فكانت فيها نفسه، قال سلمة: فخرجت فإذا نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: بطل عمل عامر قتل نفسه، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقلت: يا رسول الله بطل عمل عامر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ قَالَ ذلِكَ؟ " قلت: ناس من أصحابك، قال:"كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ" ثم أرسلني إلى علي وهو أرمد، فقال:"لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلَا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ" قال: فأتيت عليًا فجئت به أقوده وهو أرمد حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبصق في عينيه فبرأ، وأعطاه الراية، وخرج مرحب فقال:
قد علمت خيبر أني مرحب
…
شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تَلَهَّب
فقال علي رضي الله عنه:
أنا الذي سمتني أمي حيدره
…
كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
قال: فضرب رأس مرحب فقتله، وكان الفتح على يديه (1).
وعند البخاري في هذا الحديث ولم يذكره بكماله، قلت: يا نبي الله قد حميت القوم الماء وهم عطاش فابعث إليهم الساعة، فقال:"يَا ابْنَ الأكْوَعِ مَلَكْتَ فَأسْجِحْ"(2).
مسلم، عن عبد الله بن عمر قال: حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف، فلم ينل منهم شيئًا، فقال:"إنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللهُ" فقال أصحابه: نرجع ولم نفتحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اغْدوا عَلى الْقِتال" فغدوا عليه فأصابهم جراح، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا" قال: فأعجبهم ذلك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم (3).
أبو داود، عن مكحول: أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب على أهل الطائف المجانيق. هذا من المراسيل (4).
وعن أبان بن عبد الله بن أبي حازم عن عثمان بن أبي حازم عن أبيه عن جده صخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا ثقيفًا، فلما أن سمع ذلك صخر ركب في
(1) رواه مسلم (1807).
(2)
رواه البخاري (4194).
(3)
رواه مسلم (1778) وفي صحيح مسلم عبد الله بن عمرو، ورواه البخاري (4325 و 6086 و 7480) وأحمد (4588) من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو الصواب.
(4)
رواه أبو داود في المراسيل (335).
خيل يمد النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انصرف ولم يفتح، فجعل صخر يومئذ عهد الله وذمته أن لا يفارق هذا القصر حتى ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه صخر: أما بعد فإن ثقيفًا قد نزلت على حكمك يا رسول الله وأني مقبل إليهم وهم في خيل، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة جامعة، فدعا لأَحْمَسَ عشر دعوات:"اللَّهمَّ بَارِكْ لأَحْمَسَ فِي خيْلِهَا وَرِجَالِهَا" وأتاه القوم فتكلم المغيرة بن شعبة فقال: يا نبي الله إن صخرًا أخذ عمتي ودخلت فيما دخل فيه المسلمون، فدعاهم فقال:"يَا صَخْرَ إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا فَقَدْ أَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَادْفَعْ إِلَى الْمُغِيرةَ عَمَّتَهُ" فدفعها إليه، وسال النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ماء كان لبني سليم قد هربوا عن الإسلام وتركوا ذلك الماء، فقال: يا نبي الله أنزل فيه أنا وقومي؟ قال: "نَعَمْ" فأنزله وأسلم السلميون، فأتوا صخرًا فسألوه أن يدفع لهم الماء فأبى، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبي الله أسلمنا وأتينا صخرًا ليدفع إلينا ماءنا فأبى علينا، فدعاه فقال:"يَا صَخْرُ إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَادْفَعْ إِلى الْقَوْمِ مَاءَهُمْ" قال: نعم يا نبي الله، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير عند ذلك حمرة حياء من أخذه الجارية وأخذه الماء (1).
عثمان بن أبي حازم لا أعلم روى عنه إلا أبان بن عبد الله.
وعن إبراهيم بن عقيل عن أبيه عن وهب قال: سألت جابرًا عن شأن ثقيف إذ بايعت قال: اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا صدقة عليها ولا جهاد، وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"سَيَتَصَدَّقُونَ وَيُجَاهِدُونَ إِذَا أَسْلَمُوا"(2).
ورواه أبو داود أيضًا عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص: أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم،
(1) رواه أبو داود (3067).
(2)
رواه أبو داود (3025).