المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب النهي عن تمني لقاء العدو، والدعوة قبل القتال، والكتاب إلى العدو وطلب غرتهم، والوقت المستحب للغارة، وقطع الثمار وتحريقها، والنهي عن قتل النساء والصبيان - الأحكام الوسطى - جـ ٣

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌باب نيابة الخارج عن القاعد، وفيمن خلف غازيًا في أهله بخير أو شر، وفيمن كان له أبوان، وفي غزو النساء، وما جاء أن الغنيمة نقصان من الأجر، وفي الخيل وما يتعلق بذلك، والرمي وفضيلته، والعُدَدِ

- ‌باب في التحصن، وحفر الخنادق، وكتب الناس، ومن كم يجوز الصبي في القتال، وترك الاستعانة بالمشركين، ومشاورة الإمام أصحابه، وما يحذر من مخالفة أمره، والإسراع في طلب العدو، وتوخي الطرق الخالية، والتورية بالغزو والإعلام به إذا كان السفر بعيدًا والعدو كثيرًا

- ‌باب

- ‌باب في استحباب السفر يوم الخميس، والتبكير به، ومن خرج في غير ذلك من الأوقات بالليل والنهار، والخروج في آخر الشهر والخروج في رمضان

- ‌باب في الفأل والطيرة والكهانة والخط وعلم النجوم

- ‌باب وصية الإمام أمراءه وجنوده، وفضل دل الطريق، والحض على سير الليل، ولزوم الأمير الساقة، والحدو في السير، واجتناب الطريق عند التعريس، وانضمام العسكر عند النزول، وبعث الطوالع والجواسيس، وجمع الأزواد إذا قلت واقتسامها، والمساواة

- ‌باب النهي عن تمني لقاء العدو، والدعوة قبل القتال، والكتاب إلى العدو وطلب غرتهم، والوقت المستحب للغارة، وقطع الثمار وتحريقها، والنهي عن قتل النساء والصبيان

- ‌باب الوقت المستحب للقتال، والصفوف، والتعبئة عند اللقاء، والسيما والشعار والدعاء، والاستنصار بالله عز وجل، وبالضعفاء والصالحين، وفي المبارزة والانتماء عند الحرب

- ‌باب

- ‌‌‌باب

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب قتل كعب بن الأشرف

- ‌باب ما جاء في فداء المشركين

- ‌باب في الغنائم وقسمتها

- ‌باب ما جاء في حمل السلاح إلى أرض العدو

- ‌باب الترغيب في النكاح، ونكاح ذات الدين وما جاء في الأكفاء

- ‌باب الترغيب في نكاح العذارى، والحض على طلب الولد، وإباحة النظر إلى المخطوبة

- ‌باب ما جاء في الجمع بين الأختين، وفي نكاح ما زاد على الأربع

- ‌باب النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه

- ‌باب ما نهى أن يجمع بينهن من النساء، وفي نكاح الكتابية والمجوسية، وفي الحر يتزوج الأمة

- ‌باب في المتعة وتحريمها، وفي نكاح المحرم وإنكاحه، وفي الشغار

- ‌باب

- ‌باب في نكاح العبد بغير إذن سيده، وفي نكاح الزانية، ونكاح الأمة على الحرة، وفيما أصيب على الحرام، وفي الولي والشهود، وفي المرأة يزوجها وليان

- ‌باب في المرأة تزوج نفسها أو غيرها، والنهي عن عضل النساء، والرجل يزوج ابنته الصغيرة بغير أمرها، واستئمار البكر، وما جاء أن الثيب أحق بنفسها والمرأة تستأمر في ابنتها

- ‌باب في الرجل يعقد نكاح الرجل بأمره، وفي الصداق والشروط

- ‌باب في الرجل يعتق الأمة ويتزوجها

- ‌باب الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر

- ‌باب هل يعطى الصداق قبل الدخول، ومن دخل ولم يقدم من الصداق شيئًا، ومن تزوج ولم يسم صداقًا

- ‌باب

- ‌باب في المحلل

- ‌باب في الوليمة

- ‌باب ما يقول إذا دخل بالمرأة، أو اشترى الخادم، وما يقال للمتزوج

- ‌باب ما جاء في نكاح الحوامل، وذوات الأزواج من الكفار بملك اليمين، وما يقول إذا أتى أهله، وكم يقيم عند البكر وعند الثيب، وأجر المباضعة، وفي أحد الزوجين ينشر سر الآخر، وقول الله عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وما نهي عنه من ذلك والتستر

- ‌باب في العزل

- ‌باب القسمة بين النساء، وحسن المعاشرة، وحق كل واحد من الزوجين على صاحبه، وأحاديث تتعلق بكتاب النكاح

- ‌باب إخراج المخنثين من البيوت

- ‌باب النفقة على العيال

- ‌باب في الرضاع

- ‌باب كراهية الطلاق، وما جاء في الاستثناء فيه، ومن طلق ما لا يملك

- ‌باب ذكر طلاق السنة، ومن طلق ثلاثًا، وما جاء في التمليك، والبتة

- ‌باب في الخلع

- ‌باب الحقي بأهلك

- ‌‌‌بابما جاء في طلاق المريض والمكره

- ‌باب

- ‌باب ما يحل المطلقة ثلاثًا

- ‌باب المراجعة

- ‌باب التخيير

- ‌باب في الظهار

- ‌باب ما جاء في طلاق المملوك

- ‌باب الإيلاء والتحريم

- ‌باب في اللعان

- ‌باب

- ‌باب فيمن عرّض بنفي الولد

- ‌باب الولد للفراش، وفي المستحلق، ومن أحق بالولد إذا تفرق الزوجان

- ‌باب الرجلين يقعان على المرأة في طهر واحد وذكر القافة

- ‌باب في عدة المتوفى عنها، والإحداد ونفقة المطلقة، وعدة أم الولد وفي المفقود

- ‌باب كراهية ملازمة الأسواق، وما يؤمر به التجار، وما يحذرون منه، وما يرغبون فيه

- ‌باب في التسعير، وبيع المزايدة، ومن اشترى وليس عنده الثمن

- ‌باب النهي عن بيع الملامسة والمنابذة، وبيع الغرر، وتلقي الركبان والتصرية، وأن يبيع حاضر لباد، وما جاء في السوم قبل طلوع الشمس

- ‌باب في الكيل، والنهي أن يبيع أحد طعامًا اشتراه حتى يستوفيه وينقله

- ‌باب

- ‌باب ذكر بيوع نهي عنها

- ‌باب فيما بيع بغير إذن صاحبه

- ‌باب

- ‌باب بيع الخيار

- ‌باب

- ‌باب التجارة مع المشركين وأهل الكتاب

- ‌باب

- ‌باب عهدة الرقيق

- ‌باب إذا اختلف البيعان

- ‌باب في الحكرة

- ‌‌‌بابفي وضع الجوائح

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب في الشركة والمضاربة

- ‌باب في الوكالة

- ‌باب في الشرط

- ‌باب في السلم

- ‌باب في الرهن

- ‌باب في الحوالة

- ‌باب لا وصية لوارث

- ‌باب في كسب الكلب

- ‌باب في الديون والاستقراض

- ‌باب الشفعة

- ‌باب

- ‌باب في إحياء الموات، والغراسة، والمزارعة وكراء الأرض، وما يتعلق بذلك

- ‌باب في الحبس، والعمرى، والهبة والهدية والضيافة، والعارية

- ‌باب

- ‌باب الوصايا والفرائض

- ‌باب الأقضية والشهادات

الفصل: ‌باب النهي عن تمني لقاء العدو، والدعوة قبل القتال، والكتاب إلى العدو وطلب غرتهم، والوقت المستحب للغارة، وقطع الثمار وتحريقها، والنهي عن قتل النساء والصبيان

فيها، فلم أزل نائمًا حتى أصبحت فلما أصبحت قال:"قُمْ يَا نَوْمَانُ"(1).

وعن سلمة بن الأكوع قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فأصابنا جهد حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا، فأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم فجمعنا أزوادنا فبسطنا له نطعًا، فاجتمع زاد القوم على النطع قال: فتطاولت لأَحْزُره كم هو؟ فحزرته كَرَبْضَةِ الْعَنْزِ، ونحن أربع عشرة مائة، قال: فأكلنا حتى شبعنا ثم حشونا جُرُبَنَا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:"هَلْ مِنْ وَضُوءٍ؟ " قال: فجاء رجل بإداوة فيها نطفة فأفرغها في قدح فتوضأنا كلنا نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقةً أربع عشر مائة، وقال: ثم جاء بعد ذلك ثمانية فقالوا: هل من طهور؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَرغ الْوَضُوءُ"(2).

وعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ في إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ"(3).

‌باب النهي عن تمني لقاء العدو، والدعوة قبل القتال، والكتاب إلى العدو وطلب غرتهم، والوقت المستحب للغارة، وقطع الثمار وتحريقها، والنهي عن قتل النساء والصبيان

مسلم، عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو ينتظر حتى إذا مالت الشمس قام فيهم فقال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ

(1) رواه مسلم (1788).

(2)

رواه مسلم (1729).

(3)

رواه مسلم (2500).

ص: 36

الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ" ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَاب وَمُجْرَي الرِّيَاح [السَّحَاب، وَهَازِمَ الأحْزَاب اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ" (1).

مسلم، عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لأُعْطِيَنَ هَذ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللهُ عَلى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحبُّهُ اللهُ وَرَسُولُه" قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبحوا [أصبح الناس] غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يعطاها، فقال:"أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ " فقال: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال:"فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ" فأُتِي به، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم عينيه ودعا له فَبَرَأَ، حتى كان لم يكن به وجع، فأعطاه إياها، فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ قال: "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإِسْلَام، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ، فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِي اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرًا لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمُرُ النّعَمِ"(2).

وقال النسائي: فنفث في عينيه، وهز الراية ثلاثًا فدفعها إليه (3).

مسلم، عن أنس أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر وإلى النجاشي، وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله عز وجل. وليس بالنجاشي الذي صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).

البخاري، عن أبي سفيان بن حرب، أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجارًا في الشام في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مادَّ فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بالترجمان فقال: أيكم أقرب نسبًا بهذا الرجل الذي

(1) رواه مسلم (1742).

(2)

رواه مسلم (2406).

(3)

رواه النسائي في الكبرى (8409) من حديث ابن عباس.

(4)

رواه مسلم (1774).

ص: 37

يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان فقلت: أنا أقربهم نسبًا. قال: أدنوه مني وقَرِّبُوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه، فوالله لولا الحياء أن يأثروا عليّ كذبًا لكذبت عنه، ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا، قال: فهل كان من آبائه من مَلِكٍ؟ قلت: لا، قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ قلت: بل ضعفاؤهم، قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها، قال: ولم تمكنِّي كلمة أدخل فيها غير هذه الكلمة، قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم، قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه، قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة، فقال للترجمان: سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها، وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرت أن لا، فقلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله، لقلت رجل يَأْتَسي بقول قيل قبله، وسألتك هل كان من آبائه من ملك، فذكرت أن لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك قلت: رجل يطلب ملك أبيه، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله، وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرت أن ضعفاؤهم اتبعوه وهم أتباع الرسل، وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشتهُ القلوب، وسألتك يزيدون أم ينقصون، فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم، وسألتك هل

ص: 38

يغدر، فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك بما يأمركم، فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقًا سيملك موضع قدمي هاتين، ولقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه، ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به مع دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل عظيم الروم فقرأه فإذا فيه: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدِ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولهِ إِلى هِرَقل عَظِيم الرُّوم، سَلَامٌ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلمْ يُؤتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّمَا

عَلَيْكَ إِثْمُ الأَرِيسِيِّينَ {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} قال أبو سفيان: فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات، وأُخْرجنا، فقلت لأصحابي حين أُخرجنا لقد أَمِرَ أمر ابن أبي كبشة أنه يخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنًا أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام، وكان ابن النَّاطُور صاحب إيلياء، وهرقل سُقُفًا على نصارى الشام يحدث أن هرقل حين قدم إيليا أصبح يومًا خبيث النفس، فقال له بعض بطارقته: قد استنكرنا هيئتك، قال ابن النَّاطُور: وكان هرقل حَزَّاءً ينظر في النجوم فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟ قالوا: ليس يختتن إلا اليهود، فلا يَهُمَّنَّكَ شأنهم واكتب إلى مدائن ملكك فليقتلوا من

فيهم من اليهود، فبينما هم على أمرهم أُتِيَ هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما استخبره هرقل قال: اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا، فنظروا إليه فحدثوه أنه مختتن، وساله عن العرب يختتنون، فقال: هم يختتنون، فقال هرقل: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر، ثم كتب هرقل إلى

ص: 39

صاحب له برومية، وكان نظيره في العلم، وصار هرقل إلى حمص فلم يَرِمْ حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمر بأبوابهم فغلقت، ثم اطلع فقال: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتبايعوا النبي، فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غلقت، فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من الإيمان قال: ردوهم عليَّ، وقال: إني قلت مقالتي آنفًا اختبر بها شدتكم في دينكم، فقد رأيت وسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل (1).

مسلم، عن ابن عون قال: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال، قال: فكتب إليّ إنما كان ذلك في أول الإسلام، قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارُّون، وأنعامهم تسقي علي الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى سبيهم، وأصاب يومئذ قال يحيى أحسبه، قال: جويرية أو ألبتَّة بنت الحارث.

وحدثني هذا الحديث عبد الله بن عمرو كان في ذلك الجيش (2).

والصحيح جويرية وكانت اسمها برة وهي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم.

مسلم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحَرْبُ خدْعَةٌ"(3).

أبو داود، عن أم كلثوم بنت عقبة قالت: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا أُعِدُّهُ كَذِبًا الرَّجُلُ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَقُولُ الْقَوْلَ لَا يُرِيدُ بِهِ إلَّا الإصْلَاح، وَالرَّجُلُ

(1) رواه البخاري (7 و 51 و 2681 و 2804 و 2841 و 2978 و 3174 و 4553 و 5980 و 6260 و 7196 و 7541) ومسلم (1773).

(2)

رواه مسلم (1730) والبخاري (2541) وأبو داود (2633) وأحمد (4857 و 4875 و 5124).

(3)

رواه مسلم (1740).

ص: 40

يَقُولُ في الْحَرْبِ، وَالرَّجُلُ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ، وَالْمَرْأَةُ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا" (1).

خرجه مسلم أيضًا. (2)

مسلم، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير إلى طلوع الفجر، وكان يستمع الأذان، فإن سمع أذانًا أمسك وإلا أغار. . . . . . وذكر الحديث (3).

وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرق، ولها يقول حسان:

وهان على سراة بني لؤي

حريق بالبويرة مستطير

وفي ذلك نزلت {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً. . . . . . . . . . .} الآية (4).

وذكر أبو داود في المراسيل عن مكحول قال: أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا هريرة ثم قال: "إِذَا غَزَوْتَ. . . . ." فذكر أشياء ثم قال: "وَلَا تَحْرقَنَّ نَخْلًا وَلَا تغْرِقَنَّهُ، وَلَا تُؤذِيَنَّ مُؤمِنًا"(5).

ومنها ولم يصل به سنده عن القاسم مولى عبد الرحمن قال النبي صلى الله عليه وسلم. . . . . . . ذكر نحوه قال: "لَا تَحْرِقَنَّ نَخْلًا وَلَا تُغْرِقَنَّهَا، وَلَا تَقْطَعْ شَجَرَةَ مُثْمِرَةً، وَلَا تَقْتُلْ بَهِيمَةَ لَيْسَتْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، وَاتقِ أَذَى الْمُؤمِنِ"(6).

والصحيح في هذا حديث مسلم في قطع نخل بني النضير كما تقدم.

مسلم، عن ابن عمر قال: وجدت امرأة في بعض تلك المغازي، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان (7).

(1) رواه أبو داود (4921).

(2)

رواه مسلم (2605).

(3)

رواه مسلم (382).

(4)

رواه مسلم (1746).

(5)

رواه أبو داود في المراسيل (315).

(6)

رواه أبو داود في المراسيل (543).

(7)

رواه مسلم (1744).

ص: 41

النسائي، عن الأسود بن سريع قال: كنا في غزاة لنا، فأصبنا ظفرًا وقتلنا من المشركين حتى بلغ بهم القتل أن قتلوا الذرية، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"مَا بَالُ أَقْوَامٍ بَلَغَ بِهِمُ الْقَتْلُ أَنْ قَتَلُوا الذّرِّيَةَ، أَلَا لَا تُقْتَلَنَّ ذُرِّيَةٌ أَلَا لَا تُقْتَلَنَّ ذُرِّيَةٌ" قيل: لِمَ يَا رسول الله أليس هم أولاد المشركين؟ قال: "أَوَلَيْسَ خِيَارُكُمْ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ! "(1).

وعن عمر بن مرقع بن صيفي بن رباح بن ربيع قال: سمعت أبي يحدث عن جده رباح بن ربيع قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة والناس مجتمعون على شيء، فبعث رجلًا فقال:"انْظُرْ عَلى مَا اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ" فجاء فقال: على امرأة قتيل، فقال:"مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتلُ" وخالد بن الوليد على المقدمة، فقال:"قُلْ لُخَالِدٍ لَا تَقْتُلَنَّ ذُرِّيَةً وَلَا عَسِيفًا"(2).

وعن المغيرة عن أبي الزناد عن المرقع عن جده رباح بهذا (3).

وعن سفيان الثوري عن أبي الزناد عن المرقع عن حنظلة الكاتب قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة. . . . . الحديث (4).

ذكره النسائي أيضًا.

ويقال حديث سفيان عن أبي الزناد وهم ومرقَع بن صيفي سمع ابن عباس، وجده رباح بن الربيع، ويقال رباح روى عنه ابنه عمرو وأبو الزبير وموسى بن عقبة ويونس بن إسحاق، وعمر بن مرقع لا بأس به قاله ابن معين، وكذلك المغيرة ليس به بأس، وهو المغيرة بن عبد الرحمن الجرامي.

أبو داود، عن خالد بن الفِزْر عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(1) رواه النسائي في الكبرى (8616).

(2)

رواه النسائي في الكبرى (8625).

(3)

رواه النسائي في الكبرى (8626).

(4)

رواه النسائي في الكبرى (8627).

ص: 42

"انْطَلِقوا بِسمِ اللهِ وَفي سَبيلِ اللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ، لا تَقْتُلُوَ شيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا صَغِيرًا، وَلآ امْرَأَةً، وَلَا تَغُلُّوا، وَضُمُّوا غنَائِمَكُمْ، وَأَصْلِحوا وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"(1).

خالد بن الفزر ليس بقوي.

ومن مسند أبي بكر بن أبي شيبة نا حميد عن شيخ من أهل المدينة مولى لبني عبد الأشهل عن داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيوشه قال: "لَا تَقْتُلُوا أَصْحَابَ الصَّوَامع"(2).

وذكر أبو محمد بن أحمد بن حزم من طريق القعنبي قال: نا إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقْتُلُوا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ"(3).

إبراهيم هذا هو الشيخ المذكور في الحديث الذي قبل هذا هو ابن أبي حبيبة مولى بني عبد الأشهل وثقه ابن حنبل وضعفه الناس، وقد ذكر حديثه الجرجاني (4).

وذكر أبو محمد من طريق حماد بن سلمة قال: حدثنا عبد الله بن عمر قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض أمرائه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَقْتُلُوا صَغِيرًا وَلَا أمْرَأَةً وَلَا شَيْخًا كَبِيرًا"(5).

ومن طريق قيس بن الربيع عن عمر مولى عنبسة عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يقتل شيخ

(1) رواه أبو داود (2614).

(2)

ومن طريق ابن أبي شيبة رواه ابن حزم في المحلى (6/ 349).

(3)

رواه ابن حزم في المحلى (6/ 349).

(4)

الكامل (1/ 234) لابن عدي.

(5)

المحلى (6/ 349).

ص: 43

كبير أو يعقر شجر إلا شجر يضر بهم (1).

وقيس بن الربيع ضعيف، وعمر مولى عنبسة لا أدري من هوِ حتى أسأل عنه.

وذكر أبو محمد أيضًا من طريق ابن أبي شيبة عن عيسى بن يونس عن الأحوص عن راشد بن سعد قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الشيخ الذي لا حراك له (2).

هذا مرسل، والصحيح في هذا الباب النهي عن قتل النساء والصبيان كما تقدم لمسلم رحمه الله.

وروى حجاج بن أرطاة وسعيد بن بشير كلاهما عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتبَقُوا شَرْخَهُمْ"(3).

ذكره أبو داود حجاج وسعيد لا يحتج بهما.

مسلم، عن الصعب بن جثامة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذراري من المشركين يبيتون فيصيبون من ذراريهم ونسائهم، فقال:"هُمْ مِنْهُمْ"(4).

أبو داود، عن عائشة قالت: لم يقتل من نسائهم، تعني من بني قريظة إلا امرأة إنها لعندي تُحَدِّثُ وتضحك ظهرًا وبطنًا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل رجالهم، إذ هتف هاتف باسمها: أين فلانة؟ قالت: أنا، قلت: وما شأنك؟ قالت حدثٌ

(1) المحلى (6/ 349).

(2)

المحلى (6/ 349).

(3)

رواه أبو داود (2670) والترمذي (1583) ولا أدري من أين استقى الأخ الشيخ عبد القادر الأرناؤوط قوله في تعليقه على جامع الأصول أن ابن حبان صححه، فإنه لم يروه في صحيحه وليس هو في الإحسان.

(4)

رواه مسلم (1745).

ص: 44