المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الأقضية والشهادات - الأحكام الوسطى - جـ ٣

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌باب نيابة الخارج عن القاعد، وفيمن خلف غازيًا في أهله بخير أو شر، وفيمن كان له أبوان، وفي غزو النساء، وما جاء أن الغنيمة نقصان من الأجر، وفي الخيل وما يتعلق بذلك، والرمي وفضيلته، والعُدَدِ

- ‌باب في التحصن، وحفر الخنادق، وكتب الناس، ومن كم يجوز الصبي في القتال، وترك الاستعانة بالمشركين، ومشاورة الإمام أصحابه، وما يحذر من مخالفة أمره، والإسراع في طلب العدو، وتوخي الطرق الخالية، والتورية بالغزو والإعلام به إذا كان السفر بعيدًا والعدو كثيرًا

- ‌باب

- ‌باب في استحباب السفر يوم الخميس، والتبكير به، ومن خرج في غير ذلك من الأوقات بالليل والنهار، والخروج في آخر الشهر والخروج في رمضان

- ‌باب في الفأل والطيرة والكهانة والخط وعلم النجوم

- ‌باب وصية الإمام أمراءه وجنوده، وفضل دل الطريق، والحض على سير الليل، ولزوم الأمير الساقة، والحدو في السير، واجتناب الطريق عند التعريس، وانضمام العسكر عند النزول، وبعث الطوالع والجواسيس، وجمع الأزواد إذا قلت واقتسامها، والمساواة

- ‌باب النهي عن تمني لقاء العدو، والدعوة قبل القتال، والكتاب إلى العدو وطلب غرتهم، والوقت المستحب للغارة، وقطع الثمار وتحريقها، والنهي عن قتل النساء والصبيان

- ‌باب الوقت المستحب للقتال، والصفوف، والتعبئة عند اللقاء، والسيما والشعار والدعاء، والاستنصار بالله عز وجل، وبالضعفاء والصالحين، وفي المبارزة والانتماء عند الحرب

- ‌باب

- ‌‌‌باب

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب قتل كعب بن الأشرف

- ‌باب ما جاء في فداء المشركين

- ‌باب في الغنائم وقسمتها

- ‌باب ما جاء في حمل السلاح إلى أرض العدو

- ‌باب الترغيب في النكاح، ونكاح ذات الدين وما جاء في الأكفاء

- ‌باب الترغيب في نكاح العذارى، والحض على طلب الولد، وإباحة النظر إلى المخطوبة

- ‌باب ما جاء في الجمع بين الأختين، وفي نكاح ما زاد على الأربع

- ‌باب النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه

- ‌باب ما نهى أن يجمع بينهن من النساء، وفي نكاح الكتابية والمجوسية، وفي الحر يتزوج الأمة

- ‌باب في المتعة وتحريمها، وفي نكاح المحرم وإنكاحه، وفي الشغار

- ‌باب

- ‌باب في نكاح العبد بغير إذن سيده، وفي نكاح الزانية، ونكاح الأمة على الحرة، وفيما أصيب على الحرام، وفي الولي والشهود، وفي المرأة يزوجها وليان

- ‌باب في المرأة تزوج نفسها أو غيرها، والنهي عن عضل النساء، والرجل يزوج ابنته الصغيرة بغير أمرها، واستئمار البكر، وما جاء أن الثيب أحق بنفسها والمرأة تستأمر في ابنتها

- ‌باب في الرجل يعقد نكاح الرجل بأمره، وفي الصداق والشروط

- ‌باب في الرجل يعتق الأمة ويتزوجها

- ‌باب الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر

- ‌باب هل يعطى الصداق قبل الدخول، ومن دخل ولم يقدم من الصداق شيئًا، ومن تزوج ولم يسم صداقًا

- ‌باب

- ‌باب في المحلل

- ‌باب في الوليمة

- ‌باب ما يقول إذا دخل بالمرأة، أو اشترى الخادم، وما يقال للمتزوج

- ‌باب ما جاء في نكاح الحوامل، وذوات الأزواج من الكفار بملك اليمين، وما يقول إذا أتى أهله، وكم يقيم عند البكر وعند الثيب، وأجر المباضعة، وفي أحد الزوجين ينشر سر الآخر، وقول الله عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وما نهي عنه من ذلك والتستر

- ‌باب في العزل

- ‌باب القسمة بين النساء، وحسن المعاشرة، وحق كل واحد من الزوجين على صاحبه، وأحاديث تتعلق بكتاب النكاح

- ‌باب إخراج المخنثين من البيوت

- ‌باب النفقة على العيال

- ‌باب في الرضاع

- ‌باب كراهية الطلاق، وما جاء في الاستثناء فيه، ومن طلق ما لا يملك

- ‌باب ذكر طلاق السنة، ومن طلق ثلاثًا، وما جاء في التمليك، والبتة

- ‌باب في الخلع

- ‌باب الحقي بأهلك

- ‌‌‌بابما جاء في طلاق المريض والمكره

- ‌باب

- ‌باب ما يحل المطلقة ثلاثًا

- ‌باب المراجعة

- ‌باب التخيير

- ‌باب في الظهار

- ‌باب ما جاء في طلاق المملوك

- ‌باب الإيلاء والتحريم

- ‌باب في اللعان

- ‌باب

- ‌باب فيمن عرّض بنفي الولد

- ‌باب الولد للفراش، وفي المستحلق، ومن أحق بالولد إذا تفرق الزوجان

- ‌باب الرجلين يقعان على المرأة في طهر واحد وذكر القافة

- ‌باب في عدة المتوفى عنها، والإحداد ونفقة المطلقة، وعدة أم الولد وفي المفقود

- ‌باب كراهية ملازمة الأسواق، وما يؤمر به التجار، وما يحذرون منه، وما يرغبون فيه

- ‌باب في التسعير، وبيع المزايدة، ومن اشترى وليس عنده الثمن

- ‌باب النهي عن بيع الملامسة والمنابذة، وبيع الغرر، وتلقي الركبان والتصرية، وأن يبيع حاضر لباد، وما جاء في السوم قبل طلوع الشمس

- ‌باب في الكيل، والنهي أن يبيع أحد طعامًا اشتراه حتى يستوفيه وينقله

- ‌باب

- ‌باب ذكر بيوع نهي عنها

- ‌باب فيما بيع بغير إذن صاحبه

- ‌باب

- ‌باب بيع الخيار

- ‌باب

- ‌باب التجارة مع المشركين وأهل الكتاب

- ‌باب

- ‌باب عهدة الرقيق

- ‌باب إذا اختلف البيعان

- ‌باب في الحكرة

- ‌‌‌بابفي وضع الجوائح

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب في الشركة والمضاربة

- ‌باب في الوكالة

- ‌باب في الشرط

- ‌باب في السلم

- ‌باب في الرهن

- ‌باب في الحوالة

- ‌باب لا وصية لوارث

- ‌باب في كسب الكلب

- ‌باب في الديون والاستقراض

- ‌باب الشفعة

- ‌باب

- ‌باب في إحياء الموات، والغراسة، والمزارعة وكراء الأرض، وما يتعلق بذلك

- ‌باب في الحبس، والعمرى، والهبة والهدية والضيافة، والعارية

- ‌باب

- ‌باب الوصايا والفرائض

- ‌باب الأقضية والشهادات

الفصل: ‌باب الأقضية والشهادات

‌باب الأقضية والشهادات

الترمذي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنِ ابْتَغَى الْقَضَاءَ وَسَأَلَ فِيهِ شُفَعَاءَ وُكِلَ بِهِ إِلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أُكْرِة عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ"(1).

قال: حديث حسن غريب.

أبو داود، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينِ"(2).

أبو داود، عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ اثْنَانِ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، رَجُلٌ عَرَفَ الْحَق وَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَم يَقْضِ بِهِ وَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ لَمْ يَعرِفِ الْحَقَّ لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ"(3).

الترمذي، بن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ، فَإِذَا جَارَ تَخَلَّى عَنْهُ ولَزِمَهُ الشَّيْطَانُ"(4).

وعن عبد الله بن عمر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي (5).

قال: هذا حديث حسن صحيح.

زاد أبو بكر البزار: "وَالرَّائِشَ الَّذِي يَمشِي بَيْنَ الرَّاشِي وَالْمُرتَشِي".

أبو داود، عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ شَفَعَ لأخِيهِ شَفَاعَةً

(1) رواه الترمذي (1324).

(2)

رواه أبو داود (3572).

(3)

رواه أبو داود (3573).

(4)

رواه الترمذي (1330).

(5)

رواه الترمذي (1337).

ص: 340

وَأَهْدَى لَهُ هدِيَّةَ فَقَدْ أتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا" (1).

مسلم، عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَةدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ"(2).

وعن سعد بن إبراهيم عن القاسم بن محمد عن رجل له ثلاثة مساكن فأوصى بثلث كل مَسْكَنٍ منها قال: يجمع ذلك كله في مسكن واحد ثم قال: أخبرتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أمْرُنَا فَهُوَ رَدٌ"(3).

وعن أبي بكرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا يَحكُم أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ"(4).

زاد النسائي: "وَلَا يقْضِيَنَّ أَحَدٌ فِي قَضَاءٍ بِقَضَاءَيْنِ"(5).

وروى القاسم بن عبد الله العمري من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي إِلَّا وَهُوَ شَبْعَانُ رَيَّانُ"(6).

خرجه الدارقطني، والقاسم هذا متروك.

وذكر الدارقطني أيضًا عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ دُعِيَ إِلَى حَاكِمٍ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يُجِبْ فَهُوَ ظَالِمٌ لَا حَقَّ لَهُ"(7).

هذا مرسل، ومراسيل الحسن عندهم ضعاف جدًا.

مسلم، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكمْ تَخْتَصِمُون إِلَيَّ

(1) رواه أبو داود (3541).

(2)

رواه مسلم (1716).

(3)

رواه مسلم (1718).

(4)

رواه مسلم (1717).

(5)

رواه النسائي (80/ 247) وفي الكبرى (5983).

(6)

رواه الدارقطني (4/ 206).

(7)

رواه الدارقطني (4/ 214).

ص: 341

وَلَعَلَّ بَعْضَكُم أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعضٍ، فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَق أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذهُ، فَإنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ" (1).

وقال أبو داود في هذا الحديث: أتى رجلان يختصمان في ميراث لم يكن لهما بينة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أَمَا إِذْ فَعَلْتُمَا مَا فَعَلْتُمَا فَاقْتَسِمَا وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ تَحَالا"(2).

زاد في بعض طرقه: يختصمان في مواريث وأشياء قد درست قال: "فَإِنِّي [إِنَّمَا] أَقْضِي بَيْنكمَا بِرَأْيِ مَا لَمْ يُنْزَلْ عَلَيَّ فِيهِ"(3).

وعن أبي عون عن الحارث بن عمرو عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن قال: "كَيْفَ تَقْضِي إِذَا عُرِضَ عَلَيْكَ قَضَاء؟ " قال: أقضي بكتاب الله، قال:"فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ الله؟ " قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"فإنْ لَمْ تَجِن في سُنَّةِ رِسُولِ اللهِ وَلَا فِي كِتَابِ اللهِ؟ " قال: فأجتهد رأيي ولا آلو، فضَرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"الْحَمدُ للهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ الله لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللهِ"(4).

هذا الحديث لا يسند ولا يوجد من وجه صحيح.

أبو داود، عن علي بن أبي طالب قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيًا، فقلت: يا رسول الله ترسلني وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء، فقال: "إِنَّ اللهَ سَيَهْدِي قَلْبَكَ وَيثبت لِسَانَكَ، فَإِذَا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْكَ الْخَصمَانِ فَلَا تَقْضِيَنَّ حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الآخَرِ كَمَا، سَمِعتَ مِنَ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يَتَبَّينَ

(1) رواه مسلم (1713).

(2)

رواه أبو داود (3584).

(3)

رواه أبو داود (3585).

(4)

رواه أبو داود (3592).

ص: 342

لَكَ الْقَضَاءُ" قال: فما زلت قاضيًا وما شككت في قضاء بعد (1).

هذا يرويه حسين بن المعتمر ويقال ابن ربيعة عن علي، وكان رجلا صالحًا وفي حديثه ضعف.

وقد روي من طريق القاسم بن عيسى الطائي عن الثوري عن علي بن الأقمر عن علي. والقاسم هذا مجهول، ذكره أبو محمد وأسنده إلى

القاسم (2).

البزار، عن محمد بن إسحاق عن إبراهيم بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب قال: كُثِّرَ على مَارِيةَ في قبطي ابن

عم لها كان يزورها ويختلف عليها، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خُذْ هذَا السَّيْفَ فَانْطَلِقْ فَإِنْ وَجدتَهُ عِنْدَها فَاقْتُلْهُ" قال: قلت: يا رسول الله أكون في أمرك إذا أرسلتني كالسكة المحماة لا يشفني شيء حتى أمشي لما أمرتني به أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ قال: "بَلِ الشَّاهِدُ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ" فأقبلت متوشحًا السيف فوجدته عندها، فاخترطت السيف فلما رآني أقبلت نحوه وعرف أني أريده، فأتى نخلة فَرَقَى ثم رمى بنفسه على قفاه، ثم شعر برجله فإذا هو أجب أمسح ما له قليلٌ ولا كثيرٌ، فغمدت السيف ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال:"الْحمدُ للهِ الذِي يَصْرِفُ عَنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ"(3).

قال: لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلًا عنه إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، كذا قال في هذا الإسناد.

ورواه يحيى بن سعيد القطان عن الثوري عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن جده علي بن أبي طالب.

(1) رواه أبو داود (3582).

(2)

المحلى (8/ 436 - 437).

(3)

رواه البزار (1078) زوائد الحافظ وقال الحافظ: هو إسناد حسن.

ص: 343

وأسنده أبو نعيم عن الثوري عن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن علي، واختلف على أبي نعيم، والمرسل أصح.

أبو داود، عن عبد الله بن الزبير قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم (1).

يرويه مصعب بن ثابت وهو ضعيف.

وذكر في المراسيل عن عبد الله بن عبد العزيز العمري قال: لما استعمل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على اليمن قال علي: دعاني وقال: "قَدِّم الْوَضِيعَ قَبْلَ الشَّرِيفِ، وَقَدِمِ الضَّعِيفَ قَبْلَ الْقَوِيِّ، وَقَدِّمِ الرِّجَالَ قَبْلَ النِّسَاءِ"(2)

مسلم، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"بَيْنَمَا امرَأتانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهبَ بابْنِ إِحدَاهُمَا فَقَالَتْ هذِهِ لِصَاحِبَتها: إِنَّمَا ذَهبَ بِابْنِكِ، وَقَالَتِ الأخْرى: إِنَّمَا ذَهبَ بِابْنِك، فتَحَاكَمَا إِلَى دَاوُدَ عليه السلام، فَقَضَى لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ: ائْتُوني بِالسِّكِّينِ أَشْقُّهُ بَيْنكمَا، فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لَا، يَرحَمُكَ اللهُ هُوَ ابْنُها، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى"(3).

وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجلُ الَّذِي اشْتَرَى عَقَارًا فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيها ذَهبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهبَكَ مِنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرضَ وَلَم أَبْتَغ مِنْكَ الذَّهَبَ، فَقَالَ الَّذِي شَرَى الأَرْضَ: إِنَّمَا بِعتُكَ الأَرضَ وَمَا فِيها، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلَامٌ، وَقَالَ الآخَرُ: لِي جَارِيةٌ، فَقَالَ: أنكحا الْغُلَامَ الْجَارِيةَ وَأَنْفقا عَلَى أَنْفُسِكُمَا مِنْها وَتَصَدَّقَا"(4).

(1) رواه أبو داود (3588).

(2)

رواه أبو داود في المراسيل (392).

(3)

رواه مسلم (1720).

(4)

رواه مسلم (1721).

ص: 344

أبو داود، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ"(1).

وهذا صحيح الإسناد.

أبو داود، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ فَقَن ضَادَّ اللهَ، وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلِ وَهُوَ يَعلَمُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللهِ، وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ"(2).

مسلم، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللهِ الأَلَدَ الْخَصِمُ"(3).

أبو داود، عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ رَجُلٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَيتْبَعُ الْبَيْعُ مَنْ بَاعَهُ"(4).

النسائي، عن عكرمة بن خالد المخزومي عن أسيد بن ظهير أنه كان عاملًا على اليمامة، وأن مروان كتب إِلَيْهِ أن معاوية كتب إليه أن: أيَّما رجل سرق منه سرقة فهو أحق بها حيث ما وجدها، ثم كتب مروان بذلك إليّ فكتبت إلى مروان أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بأنه إذا كان الذي ابتاعها من الذي سرقها غير متهم، يُخير سيدها فإن شاء أخذ الذي سرق منه بثمنها وإن شاء اتَّبَعَ سارقه، ثم قضى بذلك بعد أبو بكر وعمر وعثمان، فبعث مروان بكتابي إلى معاوية، فكتب معاوية إلى مروان إنك لست أنت ولا أسيد بقاضيين، ولكن أقضي فيما وليت عليكما فأنفذ لما أمرتك به، فبعث مروان بكتاب معاوية،

(1) رواه أبو داود (3594).

(2)

رواه أبو داود (3597).

(3)

رواه مسلم (2668).

(4)

رواه أبو داود (3531) والنسائي (7/ 314).

ص: 345

فقلت لا أقضي به ما وليت بما قال معاوية (1).

عكرمة بن خالد ضعيف الحديث.

مالك، عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَذِي ابْتَاعَهُ مِنْهُ وَلم يَقْبِضْ الَّذي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَإِنْ مَاتَ المشتري [الَّذِي ابْتَاعَهُ] فصاحب الْمَتَاعِ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ"(2).

هكذا رواه مالك مرسلًا.

ووصله أبو داود من طريق إسماعيل بن عياش عن الزبيدي عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، قال:"فَإن كَانَ قَضَاهُ مِنْ ثَمَنها شَيْئًا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَأَيَّمَا امرِئٍ هلَكَ وَعِنْدَهُ مَتَاعُ امرِئٍ بِعَيْنِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ لَمْ يقْتَضِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ"(3).

وإسماعيل بن عياش حديثه عن الشاميين صحيح ذكره يحيى بن معين وغيره. والزبيدي هو محمد بن الوليد شامي حمصي.

ومن طريق ابن أبي عصمة نوح بن أيي مريم قاضي مرو عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَوَجَدَ رَجُلٌ مَتَاعَهُ فهُوَ بَيْنَ غُرَمَائِهِ".

وأبو عصمة هذا متروك الحديث.

وقد روي من طرق صدقة بن خالد عن محمد، عن عمر بن قيس سَنْدَل عن ابن أبي مليكة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

(1) رواه النسائي (7/ 313) وتحرف في المطبوعة إلى أسيد بن حضير. ورواه أبو داود في المراسيل (192) وعنده أسيد بن حضير.

(2)

رواه مالك (2/ 83).

(3)

رواه أبو داود (3522).

ص: 346

وعمرو بن قيس هذا متروك الحديث أيضًا، ذكر حديث أبي عصمة وما بعده أبو محمد (1).

مسلم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَدرك مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلِ قَدْ أَفْلَسَ أَوْ إِنْسَانِ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ"(2).

أبو داود، عن المعتمر يعني ابن عمرو بن رافع عن عمر بن خلدة قال: أتينا أبا هريرة في صاحب لنا قد أفلس فقال: لأقضين فيكم بقضاء رسول

الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ فَوَجَدَ رَجُلٌ مَتَاعَهُ عِنْدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بهِ"(3).

قال أبو داود: من يأخذ بها أبو المعتمر إني لا أعرفه.

وذكر الدارقطني بهذا الإسناد وزاد فيه: "إلَّا أَنْ يَتْرُكَ صَاحِبُهُ وفَاءً"(4).

الترمذي، عن مخلد بن خُفَافٍ عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الخراج بالضمان (5).

مخلد بن خفاف معروف بهذا الحديث ولا يعرف له غيره.

وقال أبو عيسى فيه: حديث حسن [صحيح].

ورواه الترمذي أيضًا من حديث عمر بن علي الْمُقَدَّمِي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم (6).

وإنما يعرف هذا بمسلم بن خالد الزنجي عن هشام، ومسلم بن خالد لا يحتج به، وعمر بن علي كان يدلس وبه ضعفه من ضعفه، وكان أحمد بن حنبل يثني عليه ويذكر تدليسه.

(1) المحلى (7/ 488) وحكم على الحديثين بالوضع.

(2)

رواه مسلم (1559).

(3)

رواه أبو داود (3523).

(4)

رواه الدارقطني (3/ 29).

(5)

رواه الترمذي (1285) وأبو داود (3508).

(6)

رواه الترمذي (1286).

ص: 347

وقال الترمذي في حديث عمر بن علي هذا الذي رواه عن هشام بمثلِ رواية ابن مخلد بن خفاف: حديث حسن صحيح.

وقال: استغرب محمد بن إسماعيل هذا الحديث من حديث عمر بن علي، قلت: تراه تدليسًا؟ قال: لا.

ورواه جرير عن هشام بن عروة ولم يسمعه منه وليس ممن رواه عن هشام أقوى من عمر بن علي أنه لم يقل فيه نا هشام، وكان عمر يذكر من

التدليس بما يذكر.

وحديث مسلم بن خالد ذكره أبو داود عن مسلم بن خالد قال: نا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رجلًا ابتاع غلامًا، فأقام عنده ما شاء الله

أن يقيم، ثم وجد به عيبًا فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرده عليه، فقال الرجل: يا رسول الله قد استغل غلامي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ"(1).

قال الترمذي: تفسيره أن الرجل يشتري العبد فيستغله، ثم يحدث به عيبًا فيرد على البائع، فالغلة للمشتري لأن العبد لو هلك لهلك من مال المشتري.

النسائي، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحدى أمهات المؤمنين، فأرسلت أخرى بقصعة فيها طعام، فضربت يد الرسول صلى الله عليه وسلم فسقطت القصعة فانكسرت، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى

فجعل يجعل فيها الطعام ويقول: "غَارَتْ أُمُّكُمْ فَكُلُوا" فأكلوا فأمسك حتى جاءت بقصعتها التي في بيتها، فدفع القصعة الصحيحة إلى الرسول وترك القصعة المكسورة في بيت التي كسرتها (2).

خرجه البخاري أيضًا (3).

(1) رواه أبو داود (3510).

(2)

رواه النسائي (7/ 70) وأبو داود (3567).

(3)

رواه البخاري (2481 و 5225).

ص: 348

وقال الترمذي في هذا الحديث: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "طَعَامٌ بِطَعَامٍ وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ"(1).

وقال: حديث حسن صحيح.

وذكر سعيد بن منصور قال: نا سويد بن عبد العزيز الدمشقي نا أبو نوح المدني من آل أبي بكر قال: نا الحضرمي رجل قد سماه عن علي بن أبي طالب قال: قالى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَتَاعُ النِّسَاءِ لِلنِّسَاءِ، وَمَتاعُ الرِّجَالِ لِلرِّجَالِ".

سويد بن عبد العزيز مذكور بالكذب، تركه أحمد بن حنبل وضعفه يحيى بن معين، وقالى فيه ليس بشيء، وضعفه غيره أيضًا، وأبو نوح والحضرمي مجهولان، ذكر ذلك أبو محمد (2).

أبو داود، عن حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي مالًا ووالدًا، كان والدي يحتاج من مالي، قال:"أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ، إِنَّ أَوْلَادَكُم مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُم، فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلَادِكُم"(3).

قد تقدم الكلام في هذا الإسناد.

وقد صح من طريق آخر قوله عليه السلام: "أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ".

ذكره أبو بكر البزار وغيره (4).

وقد قيل إنه منسوخ بآية الميراث، وصح من حديث عائشة قول

(1) رواه الترمذي (1359).

(2)

المحلى (10/ 128).

(3)

رواه أبو داود (3530).

(4)

رواه البزار (939 زوائد الحافظ من حديث ابن عمر و (940) من حديث عمر و (941) من حديث سمرة.

ص: 349

النبي صلى الله عليه وسلم: "وَلَدُ الرَّجُلِ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِهِ، فَكُلُوا مِنْ أَموَالِهِم" ذكره أبو داود (1).

وذكر أبو داود أيضًا عن الأوزاعي عن الزهريّ عن حَرَام بن مُحَيِّصَةَ عن البراء بن عازب قال: كانت لنا ناقة ضارية فدخلت حائطًا فأفسدت، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقضى أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها، كان على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل (2).

حَرَام بن محيصة عن البراء بن عازب لم يسمع من البراء، وهو حَرَام بن سعد بن محيصة عن أبيه عن البراء، ولم يتابع على قوله عن أبيه.

ورواه سفيان بن عيينة عن الزهري عن حَرَام بن سعد، وسعيد بن المسيب عن البراء، وفيه اختلاف أكثر من هذا.

ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن ابن شهاب قال: نا أبو أمامة بن سهل بن حنيف: أن ناقة دخلت في حائط قوم. . . . فذكره (3).

وأبو أمامة هذا اسمه أسعد بن سهل، سماه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الاسم.

وذكر البزار من حديث دهثم بن قران عن نمران بن جارية عن أبيه أن قومًا اختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خص، فبعث حذيفة بن اليمان يقضي بينهم، فقضى للذي يليه القمط، فلما رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره، فقال:"أَصَبْتَ وَأَحسَنْتَ"(4).

دهثم متروك الحديث.

(1) رواه أبو داود (3529).

(2)

رواه أبو داود (3570).

(3)

رواه عبد الرزاق (18438).

(4)

ورواه ابن ماجه (2343) والطبراني في الكبير (2087 و 2088).

ص: 350

البزار، عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ أَخْرَجَ شَيْئًا مِنْ حَدِّهِ فأَصَابَ إِنْسَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ"(1).

أسنده حماد بن مالك الصائغ وليس بقوي، والناس يرسلونه عن الحسن.

وذكر أبو محمد في كتاب الإعراب من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: نا أبي قال: قال: ابن جريج.

قال أبو محمد: ورويناه أيضًا من طريق وكيع عن ابن جريج ومن طريق ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث عن ابن جريج عن عمرو بن دينار وابن أبي مليكة: ما زلنا نسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الآبق بدينار (2).

وفي رواية أحمد أنه عليه السلام قضى في الآبق إذا جيء به خارجًا من الحرم بدينار.

الدارقطني، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي سَبِيلٍ مِنْ سَبُلِ الْمُسْلِمِينَ أَو فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِهم فَهُوَ ضَامِنٌ".

في إسناده السري بن إسماعيل وهو متروك الحديث.

أبو داود، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن سمرة بن جندب: أنه كانت له عضد من نخل في حائط رجل من الأنصار، قال: ومع الرجل أهله، قال: فكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى به ويشق عليه، فطلب منه أن يبيعه فأبى، فطلب إليه أن يناقله فأبى، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فطلب إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعه فأبى، فطلب إليه أن يناقله، فأبى فقال:"هبْهُ لِي وَلَكَ كَذَا وَكَذَا أمرًا رَغْبَةَ فِيهِ" فأبى، فقال:"أَنْتَ مُضَارٌّ" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذْهبْ فَاقْلَع نَخْلَهُ"(3).

(1) ومن طريق البزار رواه ابن حزم في المحلى (11/ 192).

(2)

المحلى (7/ 38) وابن أبي شيبة في المصنف (10/ 183).

(3)

رواه أبو داود (3636).

ص: 351

وقال: عن واسع بن حَبَّان قال: كانت لأبي لبابة عَذقٌ في حائط رجل، فكلمه فقال: إنك تطأ حائطي إلى عذقك فأنا أعطيك مثله في حائطك فأخرجه عني، فأبى فكلم النبي صلى الله عليه وسلم فيه فقال:"يَا أَبَا لُبَابَةَ خُذْ مِثْلَ عَذْقِكَ فَضَمها إِلَى مَالِك، وَاكْفُفْ عَنْ صَاحِبِكَ مَا يَكْرَهُ" فقال: ما أنا بفاعل، قال:"اذْهبْ فَأَخْرِجْ لَهُ عَذق مِثْلَ عَذْقِهِ إِلَى حَائِطِهِ، ثُمَّ اضْرِبْ فَوْقَ ذَلِكَ بِجِدَارٍ، فَإِنَّهُ لَا ضَرَرِ فِي الِإسْلَامِ وَلَا ضِرَارَ"(1).

العَذق بالفتح النخلة، والعِذق بالكسر الكُنَاسَةُ.

وهذا الحديث في المراسيل، والأول ذكره في كتابه وهو منقطع لأن محمد بن سمرة لا سماع له.

وقوله: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" خرجه الدارقطني من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي إسناده إبراهيم بن إسماعيل هو ابن حبيبة، يوثقه أحمد بن حنبل، وقد ضعفه أبو حاتم وقال: منكر الحديث لا يحتج به (2).

وروي هذا الحديث عن عبد الملك بن معاذ النصيبي عن الدراوردي عن عمرو بن يحيى عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ".

ذكره أبو عمر.

ورواه مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ"(3).

هكذا رواه مرسلًا.

الترمذي، عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَلْعُونٌ مَنْ ضَارَّ مُسْلِمًا [مُؤْمِنًا]، أَوْ مَكَرَ بِهِ"(4).

(1) رواه أبو داود في المراسيل (407).

(2)

رواه الدارقطني (4/ 228).

(3)

رواه مالك (2/ 122).

(4)

رواه الترمذي (1941).

ص: 352

قال: حديث غريب.

وخرجه أبو بكر البزار عن أبي بكر الصديق أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدخُلُ الْجَنَّةَ جَسَدٌ غُذِّيَ بِحَرَامٍ، وَلَا يَدخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّىَءُ الْمَلَكَةِ، مَلْعُونٌ مَنْ ضَارَّ مُسْلِمًا أَوْ غاره"(1).

وذكر الترمذي أيضًا عن أبي صرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ ضَارَّ ضَارَّ اللهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللهُ عَلَيْهِ"(2).

قال: حديث حسن غريب.

هذا الإسناد وإسناد أبي بكر الذي قبله إسناد متقارب، في إسناد أبي بكر أسلم الكوفي والذي قبله فيه فرقد السبخي، وكلاهما يرويه عن مرة الطَيِّب.

مسلم، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد (3).

وذكر العقيلي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين في الحقوق (4).

في إسناده مطرف بن مازن وهو ضعيف، رماه أحمد بن حنبل بالكذب.

وقال أبو أحمد الجرجاني وذكر حديثه أيضًا: لم أر فيما يرويه متنًا منكرًا. وحديث مطرف هذا عند أبي داود من قول عمرو بن دينار.

مسلم، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَوْ يُعطَى النَّاسُ بدَعوَاهُم لَأدَّعَى أُنَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَموَالَهُم، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعى عَلَيْهِ"(5).

وعن وائل بن حجر قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجلان يختصمان

(1) رواه البزار (1/ 7 - 8).

(2)

رواه الترمذي (1940).

(3)

رواه مسلم (1712).

(4)

رواه العقيلي (4/ 216 - 218) وابن عدي في الكامل (6/ 377).

(5)

رواه مسلم (1711).

ص: 353

في أرض، فقال أحدهما: إن هذا انتزى عَلَيَّ أرضي يا رسول الله في الجاهلية (وهو امرؤ القيس بن عابس الكندي وخصمه ربيعة بن عبدان) قال: "بَيِّنَتُكَ" قال: ليس لي بينة، قال:"يَمِينُهُ" قال: إذًا يذهب بها، يعني بها، قال:"لَيْسَ لَكَ إِلَّا ذَاكَ" فلما قام ليحلف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اقْتَطَعَ أَرضًا ظَالِمًا لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"(1).

وفي رواية ربيعة بن عيدان.

قال أبو داود في هذا الحديث: قال: يا رسول الله إنه فاجر ليس يبالي ما حلف عليه ليس يتورع من شيء، قال:"لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ. . . . ." وذكر الحديث (2).

وزاد من حديث الأشعث بن قيس فقال الكندي: هي أرضه (3).

وذكر أبو داود أيضًا من حديث الحارث بن سليمان قال: ثنا كردوس عن الأشعث بن قيس أن رجلًا من كندة ورجلًا من حضرموت اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض من اليمن، فقال الحضرمي: يا رسول الله إن أرضي اغتصبها أبو هذا وهي في يده، قال:"هلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ " قال: لا ولكن أحلفه والله ما يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه، فتهيأ الكندي لليمين. . . . . . . وساق الحديث، لم يذكر في الإسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره باليمين (4).

وذكره النسائي أيضًا، وقد ذكر هذا الحديث بهذا الإسناد (5). وكردوس هو ابن العباس، وقيل: هو ابن هانئ، وقيل: هو ابن عمر.

وجعلهم ابن المديني ثلاثة رجال.

(1) رواه مسلم (139).

(2)

رواه أبو داود (3623).

(3)

رواه أبو داود (3244).

(4)

رواه أبو داود (3622).

(5)

رواه النسائي في الكبرى (6002).

ص: 354

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن ذلك قال: فيه نظر.

ويقال في نسبه: ثعلبي وتعلبي بالتاء الثاء.

قال فيه ابن معين: مشهور، ذكر ذلك ابن أبي حاتم.

وذكر أبو عمر بن عبد البر من طريق مسلم بن خالد الزنجي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ إِلَّا فِي الْقَسَامَةِ".

ورواه أبو أحمد من حديث مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله سواء، وقال:"إلَّا فِي الْقَسَامَةِ".

ورواه أيضًا من حديث مسلم عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال: وهذان الإسنادان يعرفان لمسلم بن خالد عن ابن جريج، وفي المتن زيادة قوله:"إلَّا فِي الْقَسَامَةِ"(1).

قال أبو أحمد: ومسلم بن خالد لا يحتج به.

الدارقطني، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد اليمين على طالب الحق (2).

رواه من حديث إسحاق بن الفرات عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر. وإسحاق ضعيف.

وذكر عبد الملك بن حبيب عن سالم بن غيلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كَانَتْ لَهُ طِلْبَةٌ عِنْدَ أَخِيهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَالْمَطْلُوبُ أَوْلَى بِالْيَمِينِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَأَخَذَ"(3).

(1) رواهما ابن عدي في الكامل (6/ 310).

(2)

رواه الدارقطني (4/ 213).

(3)

المحلى (8/ 453).

ص: 355

هذا مرسل مع ضعف إسناده.

الدارقطني، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ زَوْجِها، فَجَاءَتْ عَلى ذَلِكَ بِشَاهِدِ عَدلٍ اسْتُخلِفَ زَوْجها، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَتْ شَهادَةُ الشَّاهِدِ، وَإِنْ نكَلَ فَنكُولُهُ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ آخَرَ وَجَازَ طَلَاقُهُ"(1).

في إسناده زهير بن محمد وليس بحافظ ولا يحتج به.

ومن مراسيل أبي داود عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنِ احْتَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ"(2).

مسلم، عن عبد الله بن مسعود قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس خير؟ قال: "قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلْونَهم ثُمَّ الَّذين يَلُونَهُم، ثُمَّ

يَجِيءُ قَوْمُ تَبْدُرُ شَهادَةُ أَحَدِهِم يَمِينَهُ، وَتَبْدُرُ يَمِينُهُ شَهادَتَهُ" (3).

قال إبراهيم النخعي: كانوا ينهونا ونحن غلمان عن العهد والشهادات.

وعن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ خَيْرَكُم قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلْونَهُم ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ثُمَّ الَّذين يَلُونَهم" قال عمران: فلا أدري أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قوله مرتين أو ثلاثًا: "ثُمَّ يكُونُ بَعدَهُم قَوْمٌ يَشْهدُونَ وَلَا يُسْتَشْهدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ، وَيَظْهُر فيهمُ السِّمنُ"(4).

(1) رواه الدارقطني (4/ 64 و 166).

(2)

رواه أبو داود في المراسيل (394).

(3)

رواه مسلم (2533).

(4)

رواه مسلم (2535).

ص: 356

وعن زيد بن خالد الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَلَا أُخْبِرُكُم بِخَيْرِ الشُّهدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلها"(1).

وذكر أبو أحمد من حديث محمد بن مسلم الطائفي قال: ثنا عمرو بن دينار عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهادَةٌ فَلَا يَقُلْ: لَا أُخْبَرُ بِها إِلَّا عِنْدَ الِإمَامِ، وَلَكِنْ لِيُخْبِر بِها لَعَلَّهُ يَرجِعُ أَوْ يرعَوِي"(2).

محمد بن مسلم وثقه ي حيى بن معين، وكان يعجب سفيان الثوري، وضعفه أحمد بن حنبل.

وقال فيه أبو أحمد: له أحاديث حسان غرائب وهو صالح الحديث، لا بأس به لم أر له حديثًا منكرًا.

أبو داود، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَا تَجُوزُ شَهادَةُ بَدَوِيٍّ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ"(3).

أبو داود، عن محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد شهادة الخائن والخائنة وذي الغمز على أخيه ورد شهادة القانع لأهل البيت، وأجازها لغيرهم (4).

وعن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان، بهذا الإسناد:"لَا تَجُوزُ شَهادَةُ زَانٍ وَزَانِيَةٍ" قد تكلم في هذا الإسناد (5).

وروى الترمذي هذا الحديث عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَجُوزُ شَهادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ،

(1) رواه مسلم (1719).

(2)

رواه أبو أحمد بن عدي (6/ 127).

(3)

رواه أبو داود (3602).

(4)

رواه أبو داود (3600).

(5)

رواه أبو داود (3601).

ص: 357

وَلَا مَجْلُودٍ حَدًّا وَلَا مَجْلُودَةٍ، وَلَا ذِي غِمزٍ لأَخِيهِ، وَلَا مُجرَّب بِشَهَادَةٍ، وَلَا الْقَانع أَهُلَ الْبَيْتِ لَهم، ولَا ظَنِينٍ فِي وَلَاءٍ وَلَا قَرَابةٍ" (1).

قال: ولا يعرف معنى هذا الحديث ولا يصح عندي من قبل إسناده. انتهى كلام أبي عيسى.

يزيد بن زياد المذكور في هذا الإسناد متروك.

وقد رواه يحيى بن سعيد الفارسي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر. وهو متروك أيضًا (2).

ذكر الكلام على يحيى ويزيد أبو حاتم وأبو الحسن الدارقطني.

وذكر أبو أحمد من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَجُوزُ شَهادَةُ مُتَّهَمٍ وَلا ظَنِينٍ"(3).

وعبد الله بن محمد بن عقيل. ضعفه الناس إلا أحمد بن حنبل والحميدي وإسحاق بن راهويه فإنهم كانوا يحتجون بحديثه.

وذكر أبو أحمد أيضًا من حديث معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَجُوزُ شَهادَةُ نَخَّاسٍ، مَنِ اسْتَقَالنا شَهادَتَهُ أَقَلْنَاهُ".

هذا يرويه عمرو بن عمرو أبو حفص العسقلاني الطحان، وهو في عداد من يضع الحديث (4).

وذكر أبو داود في المراسيل عن الحسن أن رجلًا من قريش سرق ناقة، فقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فكان جائز الشهادة (5).

(1) رواه الترمذي (2298).

(2)

رواه الدارقطني (4/ 244).

(3)

رواه أبو أحمد بن عدي في الكامل (4/ 129).

(4)

رواه أبو أحمد بن عدي (5/ 66).

(5)

رواه أبو داود في المراسيل (395).

ص: 358

البخاري، عن أنس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكبائر فقال: "الِإشْرَاكُ بِاللهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ وَشَهادَةُ الزورِ"(1).

أبو داود، عن خزيم بن فاتك قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما انصرف قام قائمًا فقال:"عُدِلَتْ شَهادَةُ الزُّورِ بِالشِّركِ [بالِإشرَاك] بِاللهِ" ثلاث مرات، ثم تلى هذه الآية {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} (2).

الطحاوي، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ تَسْلِيمُ الْخَاصَّةِ، وَفُشُوُّ التِّجَارَةِ حَتَّى تُعِينَ الْمرأَةُ الرَّجُلَ عَلَى التِّجَارَةِ، وَقَطْعُ الأَرحَامِ، وَظُهُورُ شَهادَةِ الزُّورِ وَكتْمَانُ شهادَةِ الْحَقِّ"(3).

أبو داود، عن ابن عباس قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بَدَّاءٍ، فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم، فلما قدما بتركته فقدوا جام فضة مُخَوَّصًا بالذهب، فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وجد الجام بمكة فقالوا: اشتريناه من تميم وعدي، فقام رجلان من أولياء السهمي، فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما، وأن الجام لصاحبهم، فنزلت فيهم:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ. . .} الآية (4).

خرجه البخاري أيضًا (5).

أبو داود، عن الشعبي أن رجلًا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء هذه، ولم يجد أحدًا من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من

(1) رواه البخاري (2653 و 5977 و 6871).

(2)

رواه أبو داود (3599).

(3)

ورواه أحمد (1/ 407 - 408 و 419 - 420) والحاكم (4/ 446 - 447).

(4)

رواه أبو داود (3606).

(5)

علقه البخاري (2780).

ص: 359

[أهل] الكتاب فقدما الكوفة، فأتيا الأشعري فأخبراه فقدما بتركته ووصيته، فقال الأشعري هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحلفهما بعد العصر بالله ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا وإنها لوصية الرجل وتركته، فأمضى شهادتهما (1).

وروي من طريق عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَجُوزُ شَهادَةُ مِلَّةِ عَلَى مِلَّةِ إلَّا ملَةِ مُحمَّدٍ، فَإِنَّها تَجُوزُ عَلَى غَيْرِهمْ".

عمر بن راشد ليس بقوي، ضعفه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو زرعة، وحديثه هذا ذكره الدارقطني رحمه الله (2).

النسائي قال: نا عمرو بن علي قال: نا عبد الأعلى قال: نا سعيد بن أبي عروبة عن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في دابة ليس لواحد منهما بينة، فقضى بها بينهما نصفين (3).

قال: إسناد جيد (4).

قال: أخبرنا علي بن محمد بن علي نا محمد بن كثير عن حماد بن سلمة عن قتادة عن النضر بن أنس عن أبي بردة عن أبي موسى أن رجلين ادعيا دابة وجداها عند رجل، فأقام كل واحد منهما شاهدين أنها دابته، فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين (5).

قال النسائي: هذا خطأ، ومحمد بن كثير هذا هو المصيصي وهو صدوق إلا أنه كثير الخطأ.

(1) رواه أبو داود (3605).

(2)

المحلى (8/ 497) ورواه الدارقطني (4/ 69).

(3)

رواه النسائي (8/ 248) وفي الكبرى (5998).

(4)

قاله في الكبرى (3/ 487) بعد الحديث المتقدم.

(5)

رواه النسائي في الكبرى (5977).

ص: 360

وإنما خطأه في هذا الحديث لأنه إنما يروي عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن جده أبي موسى الأشعري أن رجلين ادعيا بعيرًا أو دابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليست لواحد منهما بينة، فجعله النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين.

وذكر الدارقطني هذا الاختلاف، وذكر الحديث واختلافه على قتادة، ثم قال: ورواه أبو كامل مظفر بن مدرك عن حماد بن سلمة عن قتادة عن

النضر بن أنس عن أبي بردة مرسلًا.

وقال في آخره: قال حماد: فحدثت به سماك بن حرب، فقال سماك: أنا حدثت به أبا بردة، ثم ذكر الاختلاف على سماك وقال: مدار الحديث يرجع إلى سماك والصحيح عن سماك مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم (1).

وقال غيره: هذا لا يضر الحديث فقد أسنده ثقتان عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى، وهما سعيد بن أبي عروبة وهشام بن يحيى، ولعل سعيد بن أبي بردة سمعه من سماك، وسمعه من أبيه عن أبي موسى. والله أعلم.

أبو داود، عن أبي هريرة أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في متاع ليس لواحد منهما بينة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اسْتَهِمَا عَلَى الْيَمِينِ مَا كَانَ أَحَبَّا ذَلِكَ أَوْ كَرِهَا"(2).

البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض على قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف (3).

عبد الرزاق، عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن عبد الرحمن بن الحارث عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الشهود إذا استووا أقرع بين الخصمين (4).

(1) العلل (7/ 203 - 205) للدارقطني.

(2)

رواه أبو داود (3616).

(3)

رواه البخاري (2674).

(4)

رواه عبد الرزاق (15211).

ص: 361

وذكر الدارقطني عن محمد بن الحسين قال: نا أبو حنيفة عن هيثم وهو ابن حبيب الصيرفي وهو ثقة عن الشعبي عن جابر أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ناقة، فقال كل واحد منهما: نتجت هذه الناقة عندي، وأقام بينة، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي هي في يده (1).

وذكر أيضًا عن عطاء عن عمر بن الخطاب قال: أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة رجل وامرأتين في النكاح (2).

لم يسمع عطاء عمر بن الخطاب، وفي إسناده أيضًا بقية والحجاج بن أرطاة.

وذكر أيضًا من حديث عبد الرحمن المدائني وهو مجهول عن الأعمش عن أبي قابل عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَجَازَ شهادة القابلة (3).

وذكر أبو بكر بن [أبي] شيبة عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجوز في الرضاعة من الشهود؟ قال: "رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ"(4).

البيلماني ضعيف.

وذكر عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد عن أبي جابر البياضي واسمه محمد بن عبد الرحمن ويرمى بالكذب عن ابن المسيب قال: قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا شَهِدَ الرَّجُلُ بِشَهَادَتَيْنِ قُبِلَتِ الأُولَى وَتُرِكَتِ الآخِرَةِ، وَأُنْزِلَ بِمَنْزِلَةِ الْغُلَامِ"(5).

(1) رواه الدارقطني (4/ 209).

(2)

رواه الدارقطني (4/ 233).

(3)

رواه الدارقطني (4/ 233).

(4)

رواه ابن أبي شيبة (4/ 195 و 14/ 176).

(5)

رواه عبد الرزاق (15508).

ص: 362

وفي رواية: "يُؤخَذُ بِقَوْلِ الآخَرِ"(1).

ومعنى هذا أن يشهد الرجل بشهادة ثم يرجع عنها، ويشهد بخلافها.

النسائي، عن أبي يحيى الأغر واسمه مِصدَع عن ابن عباس قال: جاء رجلان يختصمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شيء، فقال للمدعي:"أَقِمِ البَيِّنَةَ" فلم يقم، وقال للآخر:"احلِف" فحلف آلله الذي لا إله إلا هو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ادْفَعْ حَقَّهُ إِلَيْهِ، وَسَتُكَفِّرُ عَنْكَ لَا إِله إِلَّا اللهُ مَا صَنَعْتَ"(2).

وعنه عن ابن عباس قال: جاء خصمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فادعى أحدهما على الآخر حقًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمدعي:"أَقِمْ بَيِّنَتَكَ" فقال: يا رسول الله ليس لي بينة، فقال للآخر:"احلِفْ بِاللهِ الَّذي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ مَا لَهُ عَلَيْكَ أَوْ عِنْدَكَ شَيْءٌ"(3).

مصدع أبو يحيى ذكره أبو أحمد الجرجاني وقال فيه: كان زائغًا حائرًا عن الطريق (4).

أما ابن أبي حاتم فقال فيه: كان عالمًا بابن عباس (5).

يقال إن أبا يحيى هذا اسمه زياد كوفي وثقه ابن معين.

وذكر أبو أحمد من حديث أشعث بن براز عن الحسن قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسْتَخْلَفَ مسلم بطلاق أو عتاق (6).

هذا مرسل ومنكر المتن، وأشعث بن براز متروك.

أبو داود، نا أحمد بن عبدة نا عمار بن شعيب بن عبيد الله [عبد الله] بن

(1) رواه عبد الرزاق (15510).

(2)

رواه النسائي في الكبرى (6006).

(3)

رواه النسائي في الكبرى (6007).

(4)

الكامل (6/ 468) لابن عدي.

(5)

الجرح والتعديل (8/ 429) ابن أبي حاتم روى هذا القول عن عمار الدهني.

(6)

رواه أبو أحمد بن عدي في الكامل (1/ 375).

ص: 363

الزبيب العنبري قال: حدثني أبي قال: سمعت جدي الزبيب يقول: بعث نبي الله صلى الله عليه وسلم جيشًا إلى بني العنبر، فأخذوهم بِرُكْبَةَ من ناحية الطائف فاستاقوهم إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فركبت فسبقتهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقلت: السلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته، أتانا جندك فأخذونا وقد كنا أسلمنا، وخضرمنا آذان النعم، فلما قدم بالعنبر قال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم:"هَلْ لَكْمُ بَيِّنَةٌ عَلَى أنَّكمُ أَسْلَمْتُمْ قَبْلَ أَنْ تُؤخَذُوا فِي هذِهِ الأَيَّامِ؟ " قلت: نعم، قال:"مَنْ بَيِّنَتُك؟ " قلت: سمرة رجل من بني العنبر ورجل آخر سماه له، فشهد الرجل وأبى سمرة أن يشهد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قَدْ أَبَى أَنْ يَشْهدَ لَكَ، فتَحلِفُ مَعَ شَاهِدِكَ الآخَر؟ " قلت: نعم، فاستحلفني فحلفت بالله لقد أسلمنا يوم كذا وكذا، وخضرمنا آذان النعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اذْهبُوا فَقَاسِمُوهم أَنْصَافَ الأموالِ، وَلَا تَمَشُّوا ذَرَارِيهم، لَوْلَا أَنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ ضَلَالَةَ الْعَمَلِ مَا رَزَيْنَاكُم عِقَالًا" قال الزبيب: فدعتني أمي فقالت: هذا الرجل أخذ زربيتي، فانصرفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يعني فأخبرته، فقال:"احبِسْه" فأخذت بِتَلْبيبِه فقمت معه مكاننا، ثم نظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمين، فقال:"مَا تُرِيدُ بِأَسِيركَ؟ " فأرسلته من يدي فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال للرجل:"رُدَّ عَلَى هذَا زِربيَّة أُمِّهِ الَّتي أَخَذْتَ مِنْها" فقال: يا نبي الله إنها خرجت من يدي، قال: فاختلع نبي الله صلى الله عليه وسلم سيف الرجل فأعطانيه، وقال للرجل:"اذْهبْ فَزِدْهُ آصُعًا مِنْ طَعَامٍ" قال: فزادني آصعًا من شعير (1).

عمار بن شعيب لا يحتج بحديثه.

مسلم، عن أبي أمامة الحارثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينهِ فَقَد أَوْجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" فقال له رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ قال: "وإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ"(2).

(1) رواه أبو داود (3612).

(2)

رواه مسلم (137).

ص: 364

وعن الأشعث بن قيس قال: كان بيني وبين رجل أرض باليمين، فخاصمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"هلْ لَكَ بينه؟ " فقلت: لا، قال:"فَيَمِينُهُ" قلت: إِذَنْ يحلف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك:"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِها مَالَ امرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيها فَاجر لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ" فنزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا. . .} إلى آخر الآية (1).

بعض طرق هذا الحديث: أن خصمه كان يهوديًا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لليهودي:"اخلِفْ"(2).

خرجه أبو داود أيضًا والنسائي وغيرهما من رواية معاوية عن الأعمش عن شقيق، ولم يتابع أبو معاوية على قوله قال لليهودي:"اخلِفْ".

مسلم، عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَملِكُ، وَلَغنُ الْمُؤمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيءً فِي الدُنْيَا عُذّبَ بِهِ يَوْمَ الّقِيَامَةِ، وَمَنِ ادَّعَى دَعوى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِها لَمْ يَزْدهُ اللهُ تَعَالَى إِلَّا قِلَّةً، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ فَاجِرَةٍ"(3).

تم بعونه تعالى الجزء الثالث من كتاب الأحكام الوسطى لابن الخراط، ويليه الجزء الرابع إن شاء الله تعالى وأوله باب في اللقطة والضّوال، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

(1) رواه مسلم (138).

(2)

رواه أبو داود (3621) والنسائي في الكبرى (5991).

(3)

رواه مسلم (110).

ص: 365