الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في اللعان
مسلم، عن سعيد بن جبير أنه سأل ابن عمر قال: قلت: يا أبا عبد الرحمن المتلاعنان يفرق بينهما؟ قال: سبحان الله نعم، إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان قال: يا رسول الله أرأيت إن وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك قال: فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبه، قال: فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به، فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات في سورة النور:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فتلاهن عليه ووعظه وذَكَّره وأخبره: "أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ" قال: لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها، ثم دعاها فوعظها وذكرها وأخبرها:"إِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ" قالت: لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب، فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم
ثَنَّى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ثم فرق بينهما (1).
البخاري، عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ" فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلًا ينطلق يلتمس البينة؟ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول "الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ" فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل عليه السلام وأنزل عليه:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ. . .} فقرأ حتى بلغ {. . . إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليها، فجاء هلال فشهد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ
(1) رواه مسلم (1493).
اللهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ " ثم قامت فشهدت، فلما كانت الخامسة وقفوها وقالوا: إنها موجبة، فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضخ قومي سائر اليوم، فمضت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ سَابغَ الأَلْيتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ" فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللهِ عز وجل لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ" (1).
أبو داود، عن ابن عباس قال: جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم إِلى أهله عشِيًّا، فوجد عند أهله رجلًا، فرأى بعيِنْهِ وسمع بأذنِهِ فلم يهجه، ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني جئت أهلي عشيًا فوجدت عندهم رجُلًا، فرأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به، واشتد عليه فنزلت {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ. . .} وذكر الحديث وفي آخره ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب، ولا ترمى ولا يرمى ولدها ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد، وقضى أن لا بيت لها ولا قوت من أجل أنهما يفترقان من غير طلاق، ولا متوفى عنها وقال:"إِنْ جَاءَتْ بِهِ أُصَيْهِبَ أُرَيْصِحَ أثيْبِجَ حمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِهِلَالٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْدًا جُمَالِيًّا خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ سَابغَ الأَلْيتينِ فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ " فجاءت به أورق جعدًا جماليًا خدلج الساقين سابغ الأليتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَوْلَا الأيْمَانُ لَكَانَ لَهَا وَلِي شَأنٌ".
قال عكرمة: وكان بعد ذلك أميرًا على مصر ولا يدعى لأب (2).
مسلم، عن سهل بن سعد أن عويمر العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له: أرأيت يا عاصم لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله
(1) رواه البخاري (4747).
(2)
رواه أبو داود (2256).
فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ فسل لي عن ذلك يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها، حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر وقال: يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عاصم لعويمر: لم تأتني بخير، قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها، قال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها، فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس فقال: يا رسول الله أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا فيقتله فتقتلونه؟ أو كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قَدْ أَنْزَلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتي بِهَا" قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغنا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
وفي طريق آخر: فتلاعنا في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذَاكُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ"(2).
وفي آخر: قال سهل: فكان ابنها يدعى إلى أمه، ثم جرت السنة أنه يرث منها وترث منه ما فرض الله لها (3).
الدارقطني، عن سهل وذكر هذا الحديث قال: فتلاعنا ففرق رسول الله بينهما وقال: "لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا"(4).
وقال أبو داود: عن سهل بن سعد: مضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدًا (5).
(1) رواه مسلم (1492).
(2)
رواه مسلم (1492).
(3)
رواه مسلم (1492).
(4)
رواه الدارقطني (3/ 275).
(5)
رواه أبو داود (2250).
وعن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعاصم بن عدي: "أَمْسِكْ الْمَرْأةَ عِنْدَكَ حَتَّى تَلِدَ"(1).
مسلم، عن ابن عباس في هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللَّهُمَ بَيِّنْ" فوضعت شبيهًا بالذي ذكر زوجها أنه وجده عندها فلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، فقال رجل لابن عباس في المجلس: أهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ رجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بيِّنَةِ لَرَجَمْتُ هَذهِ"؟ فقال ابن عباس: لا،. تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوءِ (2).
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين: "حِسَابُكُمَا عَلى اللهِ أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا" قال: يا رسول الله مالي، قال:"لآ مَالَ لَكَ إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْت عَلَيْهَا فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا"(3).
النسائي، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلًا حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ووقال:"إِنَّهَا مُوجِبَةٌ"(4).
مسلم، عن عبد الله بن مسعود وذكر حديث المتلاعنين قال: فذهبت لتلتعن فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "مه" فأبت فلعنت (5).
وعن ابن عمر أن رجلًا لاعن امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بأمه (6).
البزار، عن ابن إسحاق قال: وذكر طلحة عن سعيد بن جبير عن ابن
(1) رواه أبو داود (2246).
(2)
رواه مسلم (1497).
(3)
رواه مسلم (1493).
(4)
رواه النسائي (6/ 175).
(5)
رواه مسلم (1495).
(6)
رواه مسلم (1494).
عباس قال: تزوج رجل من الأنصار امرأة من بني العجلان فبات عندها ليلة، فلما أصبح لم يجدها عذراء، فرفع شأنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا الجارية فقالت: بلى كنت عذراء، فأمر بها فتلاعنا وأعطاها المهر (1).
لا أعلم ابن إسحاق يروي إلا عن طلحة بن مصرف والله أعلم، وطلحة ابن مصرف من الثقات.
وذكر أبو عمر في التمهيد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا لِعَانَ بَيْنَ مَمْلُوكَيْنِ وَلَا كَافِرَيْنِ".
قال أبو عمر: ليس دون عمرو بن شعيب من يحتج به (2).
وذكر الدارقطني من حديث عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي الزهري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَربعَةٌ لَيْسَ بَيْنَهُمْ لِعَانٌ، لَيْسَ بَيْنَ الحُرِّ وَالأمَةِ لِعَانٌ ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْحُرَّ وَالْعَبْدِ لِعَانٌ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِيَّةِ لِعَانٌ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالنَّصْرَانِيَّه لِعَانٌ"(3).
عثمان الوقاصي متروك.
وذكر عبد الرزاق عن ابن شهاب قال: من وصية النبي صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد أَنْ لَا لِعَانَ بَيْنَ أَربع. . . بمعناه.
وعن عطاء الخراساني أنه سمع ما كتب به النبي صلى الله عليه وسلم إلى عتاب بن أسيد: "وَإِنْ قَالَ رَجُلٌ لِنِسْوةٍ قد أتَتْ إِحْدَاكُنَّ وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهُنَّ، وَلَمْ يَقُلْ هِيَ فُلانَةُ فَلَا حَدَّ وَلَا مُلَاعَنَةَ"(4).
أبو داود، عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية
(1) رواه البزار (1077 زوائد الحافظ ابن حجر).
(2)
قاله ابن عبد البر في التمهيد (6/ 192).
(3)
رواه الدارقطني (3/ 162 - 163).
(4)
رواه عبد الرزاق (12498).