الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: "مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ عَلَى اللهِ مَا تَمَنَّى. . . . . ." وذكر الحديث (1).
قال أبو داود في هذا أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح منها شيء.
باب في الغنائم وقسمتها
مسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"فُضِّلْتُ عَلى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ، أَعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنْصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِي الْغنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسجدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلى الْخَلْقِ كَافَّة، وَخُتِمَ بِي النَّبِيُّونَ"(2).
وعن ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلًا، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مد يده، فجعل يهتف بِرَبِّهِ:"اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلَامِ لَا تَعْبَد فِي الأَرْضِ" فما زال يهتف بربه مادًّا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من وراءه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} فأمده الله عز وجل بالملائكة، قال ابن عباس: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربه بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حَيْزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيًا، فنظر إليه فإذا هو خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط، فأخضَرَّ
(1) رواه أبو داود في المراسيل (296) وابن أبي شيبة (2/ 514) والبيهقي في السنن (9/ 133).
(2)
رواه مسلم (523).
ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"صَدَقْتَ ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّاَلِثَةِ" فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين، قال ابن عباس: فلما أسروا الأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: "مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الأَسْرَى؟ " فقال أبو بكر: يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة أَرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ " قلت: لا والله يا رسول الله ما أرى أبو بكر، ولكن أرى إن تمكنَّا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليًا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان نسيبًا لعمر فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهوَ ما قلت، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَبْكِي لِلَّذي عَرَضَ عَلَي أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهُم الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ" شجرة قريبة من نَبي الله صلى الله عليه وسلم، وَأنزل الله عز وجل {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله:{فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} فأحل الله الغنيمة لهم (1).
وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ قَدْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُريدُ أَنْ يَبنيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ، وَلَا أَحَدٌ قَدْ بَنَى بُنْيَانًا وَلَمْ يَرْفَعْ سَقْفَهَا، وَلَا آخَرُ قَد اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ ولَادَهَا، قال: فَغَزَا فَأَدْنَى لِلْقَرْيَة حينَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: أَنْتِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا، فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيَهِ، قال: فَجَمَعُوا مَا غَنِمُوا فَأقبَلَت النَّارُ لِتَأْكُلَهُ، فَأبَتْ أَنْ
(1) رواه مسلم (1763).
تَطْعَمَهُ فقال: فِيكُمْ غُلُولٌ فَلْيُبَايعْنِي مِنْ كُلِّ قَبيلَةِ رَجُلٌ فَبَايَعُوهُ، فَلَصِقَتْ يَدُ رَجُلِ بِيَدِهِ فَقَالَ: فِيكُمُ الْغُلُولُ فَلْتبايعْنِي قَبِيلَتُكَ، فَبَايَعَتْهُ قَبِيلَتُهُ، فَلَصِقتْ بِيَدِ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَقَالَ: فِيكُمْ الْغُلُولُ أَنْتُمْ غَلَلْتُمْ، فَأخرَجُوا لَهُ مَثْلَ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قال: فَوَضَعُوهُ فِي الْمَالِ فَأَقْبَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهُ، فَلَمْ تَحِلَّ الْغنَائِمُ لأَحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا، ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ رَأَى ضَعْفنَا وَعَجْزَنَا، فَطَيَّبَهَا لَنَا" (1).
وعنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ففتح الله علينا، فلم نغنم ذهبًا ولا ورقًا، غنمنا المتاع والطعام والثياب، ثم انطلقنا إلى الوادي ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له وهبه له رجل من جُذَام يدعى رفاعة بن زيد من بني الصُّبَيْبِ، فلما نزلنا الوادي قام عبد رسول الله صلى الله عليه وسلم يَحُلُّ رَحْلَهُ، فَرُمِيَ بسهم فكان فيه حتفه، فقلنا: هنيئًا له الشهادة يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ لَتَلْتَهِبُ عَلَيْهِ نَارًا أَخَذَهَا مِنَ الْغنَائِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ" قال: ففزع الناس، فجاء رجل بشراك أو شراكين فقال: يا رسول الله أصبت يوم خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ، أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ"(2).
اسم الغلام مِدعم (3).
وعنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فذكر الغلول فعظَّمه وعظَّم أمره ثم قال: "لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْني، فَأقولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأقولُ: لَا أَمْلِكُ
(1) رواه مسلم (1747) والبخاري (3124 و 5157).
(2)
رواه مسلم (115) والبخاري (234، و 6707).
(3)
سمي بهذا الاسم في رواية البخاري ومالك.
لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلى رقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهَ أَغِثْني، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبلَغتُكَ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفُقُ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغتكَ، لَا أُلْفِيَن أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ، فَتقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثتِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ" (1).
أبو داود، عن سليمان بن سمرة بن جندب عن سمرة، أما بعد: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كَتَمَ غَالًّا فَإِنَّه مِثْلُهُ"(2).
وعن رويفع بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَرْكَبْ دَابَّة مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا" وفيه: "وَمِنْ كَانَ يُومِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخرِ فَلَا يَلْبَسْ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ"(3).
وعن صالح بن محمد بن زائدة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا وَجَدْتُمُ الرَّجُلَ قَدْ غَلَّ فَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ وَاضرِبُوهُ"(4).
هذا الحديث يدور على صالح بن محمد وهو منكر الحديث ضعيف لا يحتج به ضعفه البخاري وغيره.
وفي بعض ألفاظه: "فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ وَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ" ذكره أبو عمر بن عبد البر (5).
وذكر أبو داود أيضًا من حديث زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب عن
(1) رواه مسلم (1831) والبخاري (3073).
(2)
رواه أبو داود (2716) وفيه مجاهيل.
(3)
رواه أبو داود (2708).
(4)
رواه أبو داود (2713) والترمذي (1461).
(5)
التمهيد (2/ 22).
أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر حَرَّقوا متاع الغال وضربوه (1).
وزهير بن محمد ضعيف.
قال أبو داود: وزاد فيه علي بن بحر عن الوليد بن مسلم ولم أسمعه منه، ومنعوه سهمه.
وعن أبي حازم قال: أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بنطع من الغنيمة، فقيل يا رسول الله هذا لك تستظل به من الشمس قال:"تُحِبُّونَ أَنْ يَسْتَظِلَّ نَبِيُّكُمْ بِنطْعٍ مِنَ النَّارِ"(2).
وهذا مرسل.
وذكر أبو داود في المراسيل أيضًا عن أبي جعفر الرازي عن ربيع بن أنس عن أبي العالية قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أتِي بِالْغَنِيمَةِ قَسَّمَها عَلى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ، ثم يقبض بيده قبضة من الخمس أَجمع ثم يقول:"هَذَا لِلْكَعْبَةِ" ثم يقول: "لَا تَجْعَلُوا للهِ نَصِيبًا، فَإِنَّ للهِ الآخِرَةَ والأولَى" ثم يأخذ سهمًا لنفسه وسهمًا لذي القربى، وسهمًا لليتامى، وسهمًا للمساكين، وسهمًا لابن السبيل (3).
البخاري، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهمًا (4).
أبو داود، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهمًا له ولفرسه سهمين (5).
وقد روي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم للفارس سهمين وللراجل سهمًا.
(1) رواه أبو داود (2715).
(2)
رواه أبو داود في المراسيل (295).
(3)
رواه أبو داود في المراسيل (374).
(4)
رواه البخاري (2863 و 4228).
(5)
رواه أبو داود (2733).
ذكره أبو بكر بن أبي شيبة وغيره (1).
والصحيح في هذا ما ذكره البخاري وأبو داود عن ابن عمر، وقد بين الدارقطني هذا الاختلاف وذكر الصحيح في الحديث والله [أعلم](2).
وذكر أبو داود أيضًا في المراسيل عن أبي بشر عن مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هَجَّنَ الهجين يوم خيبر، وعَرَّبَ العربي للعربي سهمان، وللهجين سهم (3).
وروي موصولًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . . . . .
والمرسل هو الصحيح.
وفيها، عن عبد العزيز بن رفيع عن رجل من أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة، فأصابوا الغنيمة، فقسم للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهمًا، وللدارع سهمين (4).
مسلم، عن أبي موسى الأشعري، وذكر هجرته وقدومه مع جعفر من أرض الحبشة قال: فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر فأسهم لنا، أو قال: أعطانا منها، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا إلا لمن شهد معه، إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم. وذكر في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لكم أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ"(5).
البخاري، عن ابن عمر وذكر تغيب عثمان بن عفان عن بدر قال: كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ"(6).
(1) ومن طريقهم رواه الدارقطني (4/ 106).
(2)
انظر السنن (4/ 101 - 111) للدارقطني.
(3)
رواه أبو داود في المراسيل (287).
(4)
رواه أبو داود في المراسيل (290).
(5)
رواه مسلم (2502).
(6)
رواه البخاري (3130 و 3698 و 4066).
أبو داود، عن ابن جريج، أخبرني أبو عثمان بن يزيد قال: لم يزل يُعْمَلُ به ويرفعونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا وُلِدَ لَهُ الْوَلَدُ بَعْدَمَا يَخْرُجُ مِنْ أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ [وَأَرْضِ الصُّلْحِ حتى يَكُونَ بِأَرْضِ العَدُوِّ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَوّلُ مَا دَخَلَهَا، فَإِنَّ لِذَلِكَ المَولُودُ سَهْمًا مَعَ المُسْلِمِينَ] " قال: وسموا للرجل الذي قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لولده أن الرجل إذا مات بعدما دخل أرض العدو وخرج من أرض المسلمين وأرض الصلح فإن سهمه لأهله (1).
هذا مرسل.
قالوا: قال أبو داود: يعني إذا كان معه أمه، والماخوذ به أن لا يغزى إلا بمحتلم.
أبو داود، عن حيوة بن شريح عن ابن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم ليهود كانوا غزوا معه مثل سهام المسلمين (2).
وهذا من المراسيل أيضًا.
مسلم، عن يزيد بن هرمز عن ابن عباس أنه كتب إلى نجدة بن عامر الحروري: كتبت تسألني: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء؟ وقد كان يغزو بهن، قيداوين الجرحى، وَيُحْذَيْنَ الغنيمة، وأما بسهم فلم يضرب لهن، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل الصبيان، فلا تقتل الصبيان، وكتبت تسألني متى ينقضي يُتْمُ اليتيم؟ فلعمري لتنبت لحيته وإنه لضعيف الأخذ به لنفسه ضعيف العطاء منها، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم، وكتبت تسألني عن الخمس هو لمن؟ وإنا كنا نقول هو لنا فأبى علينا قومنا ذاك.
(1) رواه أبو داود في المراسيل (278) وعبد الرزاق (9326 و 9327) وأبو عثمان مجهول.
(2)
رواه أبو داود في المراسيل (282) وابن أبي شيبة (12/ 395) وعبد الرزاق (9328).
وفى أخرى: وسألت عن المرأة والعبد، هل كان لهما سهم معلوم، بمثل ما قال في المرأة (1).
الترمذي، عن عمير مولى آبي اللحم قال: شهدت خيبر مع سادتي، فكلموا فيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلموه إني مملوك، فأمرني فقلدت السيف فإذا أنا أجُرُّهُ، فأمر لي بشيء من خُرْثِيَّ الْمَتَاعِ (2).
قال: هذا حديث حسن صحيح.
وذكر النسائي عن رافع بن سلمة عن حشرج بن زياد عن جدته أم أبيه، [أنها] خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة خيبر وأنا سادسة ست نسوة، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن معه نساءً، فأرسل إلينا فأتيناه، فرأينا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الغضب فقال لنا:"مَا أَخْرَجَكُنَّ وَبِأَمْرِ مَنْ خَرَجْتُنَّ؟ " قلنا: خرجنا يا رسول الله معك نناول السهام ونسقي السويق ونداوي الجرحى، ونغزل الشعر نعين به في سبيل الله، قال:"قُمْنَ فَانْصَرفْنَ" قالت: فلما فَتَح الله لرسوله خيبر أَسْهَمَ لنا كما أسهم للرجل [كسهام الرجال]، فقلت لها: يا جدة وما الذي أسهم لكن؟ قالت: التمر (3).
حشرج لا أعلم روى عنه إلا رافع بن سلمة بن زياد.
ومن طريقه خرجه أبو داود (4).
وأيضًا فقد صح أنه عليه السلام أسهم للرجال من غير التمر يوم خيبر.
وصح أيضًا غزو النساء يوم خيبر وعلمه صلى الله عليه وسلم بذلك، وقد تقدم ذلك لمسلم، وحنين كانت بعد خيبر.
(1) رواه مسلم (1812).
(2)
رواه الترمذي (1557) وأبو داود (2730) وابن ماجه (2855) وأحمد (5/ 223) والحاكم (2/ 131).
(3)
رواه النسائي في الكبرى (8879).
(4)
رواه أبو داود (2729).
وذكر أبو داود في المراسيل عن سعيد بن أبي هلال أن ابن شبل حدثه أن سهلة بنت عاصم ولدت يوم خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَسَاهَلَتْ" ثم ضرب لنا بسهم، فقال رجل من القوم: أعطيت سهلة مثل سهمي (1).
ومن طريق وكيع عن خالد بن معدان: أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله (2).
وهذا أيضًا مرسل.
وذكر حماد بن سلمة عن بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن رجل من بلقين قال: قلت: يا رسول الله هل أحد أحق بشيء من المغنم من أحد؟ قال: "لَا حَتَّى السَّهْمَ يَأْخُذُهُ أَحَدُكُمْ مِنْ خُمْسِهِ وَلَيْسَ أَحَقّ بِهِ مِنْ أَخِيهِ"(3).
ذكر هذا الحديث والحديثين اللذين قبله علي بن أحمد وقال: لا يدرى هذا الرجل القيني ومن هو، كذا قال في القيني، وعبد الله بن شقيق أدرك أبا هريرة وابن عباس وابن عمر وغيرهم.
مسلم، عن عبد الله بن مغفل قال: أصبت جِرابًا من شحم يوم خيبر قال: فالتزمته فقلت: لا أعطي اليوم أحدًا من هذا شيئًا، فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مُتبَسِّمًا (4).
البخاري، عن ابن عمر قال: كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه (5).
(1) رواه أبو داود في المراسيل (280).
(2)
الذي رواه أبو داود في المراسيل من طريق وكيع عن محمد بن عبد الله الشعيثي عن خالد بن معدان قال: أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للعربي سهمين وللهجين سهمًا. (286) وليس هذا هو المقصود، بل المقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم للنساء بخيبر سهمًا سهمًا. وهذا رواه أبو داود في المراسيل (279) عن مكحول. ثم رأيت الحديث في المحلى (5/ 398) من طريق وكيع به بلفظ أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء وللصبيان وللخيل.
(3)
المحلى (5/ 404).
(4)
رواه مسلم (1772).
(5)
رواه البخاري (3154).
أبو داود، عن محمد بن أبي مجالد عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قلت: هل كنتم تخمسون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أصبنا طعامًا يوم خيبر فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف (1).
وعن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنا نأكل الجزور في الغزو ولا نقسمه، حتى إذا رجعنا إلى رحالنا وأَخْرِجَتنا منه مملأة (2).
وذكر الدارقطني في كتاب العلل عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم حنين: "عَشَرةُ أَشْيَاءِ مُبَاحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ في مَغَازِيهِمْ الْعَسَلُ وَالزَّيْتُ وَالْخَلُّ وَالْمِلْحُ وَالسرابُ والحجرُ وَالْعُودُ مَا لَمْ يُنْحَتْ وَالْجِلْدُ الطَّرِيُّ وَالطَّعَامُ الَّذِي لَمْ يُخْرَجْ بِهِ"(3).
قال: يرويه أبو سلمة العاملي واسمه الحكم بن عبد الله بن خطاف عن الزهري عن عروة عن عائشة (4).
مسلم، عن رافع بن خديج قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تِهَامَةَ فأصبنا غنمًا وإبلًا، فَعَجل القوم فأغْلَوْا بها القدور، فأمر بها فَكُفِئَتْ ثم عَدَلَ عشرًا من الغنم بجزور (5).
أبو داود، عن معاذ بن جبل قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، فأصبنا فيها غنمًا، فقسم فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفة وجعل بقيتها في المغنم (6).
(1) رواه أبو داود (2704).
(2)
رواه أبو داود (2706).
(3)
رواه الطبراني في الأوسط (ص 34، مجمع البحرين) وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 100/ 2).
(4)
قال أبو حاتم: أبو سلمة كذاب متروك الحديث، والحديث الذي رواه باطل كما في العلل (9/ 384) وقال الدارقطني: كان يضع الحديث.
(5)
رواه مسلم (1968).
(6)
رواه أبو داود (2707).
يرويه شيخ من الأردن يقال له أبو عبد العزيز.
أبو داود، نا هناد بن السري نا أبو الأحوص عن عاصم يعني ابن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصاب الناس حاجةٌ شديدةٌ وجهدًا، وأصابوا غنمًا فانتهبوها، وإن قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي على قدميه، فأكفأ قدورنا بقوسه، ثم عجل يُرَمِلُ اللحم بالتراب ثم قال:"إِنَّ النُّهْبَةَ لَيْسَتْ بِأَحَلَّ مِنَ الْمَيْتَةِ" أو: "إِنَّ الْمَيْتَةِ لَيْسَتْ بِأَحَلَّ مِنَ النُهْبَةِ"(1).
الشك من هناد.
مسلم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا قَرْيَةٍ أَتَيْتمُوهَا أَوْ أَقَمْتَمْ فِيهَا فَسَهْمُكُمْ فِيهَا، وَأَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ خُمُسَهَا للهِ وَلِرَسُولهِ ثُمَّ هِيَ لَكُمْ"(2).
البخاري، عن أسلم مولى عمر قال: قال عمر: لولا آخِرُ المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر (3).
زاد النسائي: سهمانًا (4).
أبو داود، عن بُشَيْر بن يسار مولى الأنصاري عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهمًا، جمع كل سهم مائة سهم، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك، وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس (5).
(1) رواه أبو داود (2705).
(2)
رواه مسلم (1576) وأبو داود (3036).
(3)
رواه البخاري (2334 و 3125 و 4235 و 4236) وأبو داود (3020).
(4)
لم أره عند النسائي من حديث عمر ولا ذكر الحافظ المزي أن النسائي رواه من حديثه وانظر التعليق (290 و 291) فإن لفظ السهمان موجود في ذلك الحديث.
(5)
رواه أبو داود (3012).
وعن بشير بن يسار أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاء الله عليه خيبر قسمها ستة وثلاثين سهمًا، جَمْعُ فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهمًا، يجمع كل سهم مائة النبي صلى الله عليه وسلم معهم، له سهم كسهم أحدهم، وعزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهمًا وهو الشطر لنوائبه، وما ينزل به من أمر المسلمين فكان ذلك الكتيبة والوطيح والسلالم وتوابعها، فلما صارت الأموال بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين لم يكن لهم عمال يكفونهم عملها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود فعاملهم (1).
وهذا مرسل وكذلك الذي قبله.
وذكره أبو داود عن مجمع بن جارية الأنصاري، وكان أحد القراء الذين قرؤوا القرآن، قال: قسمت خيبر على أهل الحديبية فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهمًا، وكان الجيش ألفًا وخمسمائة، فيهم ثلاثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين والراجل سهمًا (2).
قال أبو داود: هذا وهم كانوا مائتي فارس، فأعطى الفارس سهمين وأعطى صاحبه سهمًا.
وقال في موضع آخر: الصحيح أنهم كانوا مائتي فارس.
وعن ابن عمر قال: لما افتتحت خيبر سألت يهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم يعملون على النصف مما خرج منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نُقِرُّكُمْ فِيهَا عَلى ذَلِكَ مَا شِئْنَا" فكانوا على ذلك وكان الثمر يقسم على السهمان من نصف خيبر ويأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعم كل امرأة من أزواجه من الخمس مائة وسق تمر وعشرين وسق شعير. . . . . . وذكر الحديث (3).
(1) رواه أبو داود (3013 و 3014) والأول هو الحديث الذي قبله.
(2)
رواه أبو داود (2736 و 3015).
(3)
رواه أبو داود (3008).
وقد ذكره مسلم إلا الخمس في موضعين، وقسمته التمر على السهمان فإنه لم يذكره (1).
وعن الزهري وعبد الله بن أبي بكر وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا: بقيت بقية من أهل خيبر فتحصنوا، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم ويُسَيِّرَهُمْ، ففعل، فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك، فكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب (2).
وعن ابن شهاب قال: خمس رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ثم قسم سائرها على من شهدها ومن غاب عنها من أهل الحديبية (3).
وعن عمر قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث صفايا بنو النضير وخيبر وفدك، فأما بنو النضير فإنها كانت حبسًا لنوائبه، وأما فدك فكانت حبسًا لأبناء السبيل، وأما خيبر فجزأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء، جُزْأيْنِ بين المسلمين وجزءًا نفقة لأهله، فما فضل من نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين (4).
مسلم، عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، إذ نظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عمر هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلتُ: نعم وما حاجتك إليه يا ابن أخي، قال: أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، قال: فتعجبت لذلك، قال: فغمزني الآخر فقال مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس، فقلت: ألا تريان
(1) رواه مسلم (1551).
(2)
رواه أبو داود (3016).
(3)
رواه أبو داود (3019).
(4)
رواه أبو داود (2967).
هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، قال: فابتدراه فضرباه بسيفيهما حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال:"أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ " فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال:"هَلْ مَسَحْتُمَا سيْفَيْكُمَا؟ " قالا: لا، فنظر في السيفين فقال:"كِلَاكُمَا قَتَلَهُ" وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح.
والرجلان: معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء (1).
وعن عوف بن مالك قال: قتل رجل من حمير رجلًا من العدو، فأراد سلبه فمنعه خالد بن الوليد، وكان واليًا عليهم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عوف بن مالك فأخبره، فقال لخالد:"مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ؟ " قال: استكثرته يا رسول الله، قال:"ادْفَعْهُ إِلَيْهِ" فَمَرَّ خالد بعوف فَجَرَّ بردائه ثم قال: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستُغْضِبَ فقال:"لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ لَا تُعْطِهِ يَا خَالِد، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي، إِنَّمَا مَثلُكُمْ وَمَثلَهُمْ كَمَثلِ رُجِلٍ اسْتَرْعى إبِلًا أَوْ غنَمًا، فَرَعَاهَا ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا فَأَورَدَهَا حَوْضًا فَشَرَعَتْ فِيهِ فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ وَتَرَكَتْ كَدِرَهُ، فَصَفْوَهُ لَكُمْ وَكَدِرُهُ عَلَيْهِمْ"(2).
وفي رواية أخرى قال عوف: فقلت: يا خَالد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل قال: بلى ولكني استكثرته.
أبو داود، عن عوف بن مالك وخالد بن الوليد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في السلب للقاتل، ولم يخمس الخمس من السلب.
مسلم، عن سلمة بن الأكوع قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن فبينا نحن نتضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على جمل أحمر فأناخه، ثم انتزع طَلَقًا من حَقَيهِ فقيد به الجمل ثم تقدم يتغدى مع القوم وجعل ينظر وفينا ضَعْفَةُ
(1) رواه مسلم (1752).
(2)
رواه مسلم (1753).
وَرِقَّةٌ في الظهر وبعضنا مشاة إذ خرج يشتد، فأتى جمله فأطلق قيده ثم أناخه وقعد عليه فأثاره فاشتد به الجمل، فأتبعه رجل على ناقة له ورقاء، قال سلمة: وخرجت أشتد فكنت عند ورك الناقة، ثم تقدمت حتى كنت عند ورك الجمل، ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل فأنخته، فلما وضع ركبته في الأرض اخترطت سيفي فضربت رأس الرجل، فندر ثم جئت بالجمل أقوده، عليه رحله وسلاحه، فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه، فقال:"مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ؟ " فقالوا: ابن الأكوع قال: "لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ"(1).
وعن أبي قتادة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، قال: فرأيت رجلًا من المشركين قد علا رجلًا من المسلمين، فاشتددت إليه حتى أتيته من ورائه حتى ضربته على حَبْل عاتقه، وأقبل عليَّ فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت، فأرسلني فلحقت عمر بن الخطاب فقال: ما للناس؟ فقلت: أمر الله ثم إن الناس رجعوا وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مَنْ قَتلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ" قال: فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال مثل ذلك، قال: فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم قال مثل ذلك الثالثة، فقمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةُ؟ " فقصصت عليه القصة، فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله سلب ذلك القتيل عندي، فارضه من حقه، فقال أبو بكر الصديق لاها الله، إذًا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ، فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ" فأعطاني إياه، فبعت الدرع فابتعت به مَخْرَفًا في بني سلمَةَ، فإنه لأول مال تَأَثّلته في الإسلام (2).
أبو داود، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، يعني يوم حنين:
(1) رواه مسلم (1754).
(2)
رواه مسلم (1751).
"مَنْ قَتلَ كَافِرًا فَلَهُ سَلبُهُ" فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلًا وأخذ أسلابهم (1).
وذكر أبو داود في المراسيل عن ابن شهاب أن المغيرة بن شعبة نزل هو وأصحاب له بأيلة فشربوا خمرًا حتى سكروا، وناموا وهم كفار وقبل أن يسلم المغيرة بن شعبة فقام إليهم أعليهم، المغيرة فذبحهم، ثم أخذ ما كان لهم من شيء فسار به حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم المغيرة ودفع المال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَا نُخَمِّسُ مَالًا أُخِذَ غَصْبًا" فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم المال في يد المغيرة (2).
ذكر هذا الحديث البخاري مجملًا وقال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا الإِسْلَامُ فَأَقْبَلَ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ" ولم يذكر تركه في يد المغيرة (3).
وقال أبو داود في كتابه: "أَمَّا الإسْلَامُ فَقَدْ قَبِلْنَا، وَأمَّا الْمَالُ فَإِنَّهُ مَالُ غَدْرٍ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ". ولم يذكر أيضًا تركه في يد المغيرة، ذكر الحديث في الجهاد (4).
وعن ابن عمر قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش قبل نجد، وانبعثت سرية من الجيش، فكان سهمان الجيش اثني عشر بعيرًا اثني عشر بعيرًا، ونفل أهل السرية بعيرًا بعيرًا، فكانت سهمانهم ثلاثة عشر ثلاثة عشر (5).
زاد في أخرى: بعد الخمس (6).
(1) رواه أبو داود (2718).
(2)
رواه أبو داود في المراسيل (341) وعنده "ما أخذ غصبًا".
(3)
رواه البخاري (2731 - 2732) من حديث المسور بن مخرمة ومروان.
(4)
رواه أبو داود (2765) من حديث مروان.
(5)
رواه أبو داود (2741).
(6)
رواه أبو داود (2743).
وفي أخرى: فلم يعيره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر أن أمير السرية نفلهم (1).
مسلم، عن ابن عمر قال: بعث رسول الله سرية إلى نجد فخرجت فيها، فأصبنا إبلًا وغنمًا، فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرًا اثني عشر بعيرًا،
ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرًا بعيرًا (2).
زاد في أخرى: من الخمس (3).
مسلم، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُنَفِّل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة، سوى قَسْم عامة الجيش والخمس في ذلك كله واجب (4).
أبو داود، عن حبيب بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل الربع بعد الخمس والثلث بعد الخمس إذا قفل (5).
وعن أبي الجويرية الجرمي قال: أصبت بأرض الروم جرة حمراء فيها دنانير في إمرة معاوية، وعلينا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من بني سُلَيْمٍ يقال له معن بن يزيد، فأتيته بها فقسمها بين المسلمين، فأعطاني منها مثل ما أعطى رجلًا منهم ثم قال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا نَفْلَ إلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ" لأعطيتك، ثم أخذ يعرض عليَّ من نصيبه فأبيت (6).
وعن جبير بن مطعم قال: لما كان يوم خيبر وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى في بني هاشم وبني عبد المطلب، وترك بني نوفل وبني عبد شمس، فانطلقت أنا وعثمان بن عفان حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم للموضع الذي وضعك الله به منهم. فما بال
(1) رواه أبو داود (2745 و 2746).
(2)
رواه مسلم (1749).
(3)
رواه مسلم (1750).
(4)
رواه مسلم (1750).
(5)
رواه أبو داود (2749).
(6)
رواه أبو داود (2753 و 2754).
إخواننا بنو عبد المطلب أعطيتهم وتركتنا، وقرابتنا واحدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّا وَبَنُو الْمُطَّلِبِ لَا نَفْتَرِقُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا فِي إِسْلَامٍ، وَإنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ". وشبك بين أصابعه (1).
زاد البخاري، قال ابن إسحاق: وعبد شمس وهاشم والمطلب إخوة لأم وأمهم عاتكة بنت مرة، وكان نوفل أخاهم لأبيهم (2).
وذكر ابن إسحاق قال: نا الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم خمس الخمس من القمح والتمر والنوى، يعني بني المطلب وبني هاشم.
أبو داود، عن علي بن أبي طالب قال: ولأنَّي رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس، فوضحته مواضعه. حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياة أبي بكر وحياة عمر، فأوتي بمال فدعاني فقال: خذه فقلت: لا أريده، قال: خذه فأنتم أحق به قلت: قد استغنينا عنه، فجعله في بيت المال (3).
وذكر ابن أبي خيثمة عن عبد الله بن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عليًا إلى خالد ليقسم بينهم الخمس، فاصطفى علي منها سبية، فأصبح يقطر رأسه فقال خالد لبريدة: ألا ترى ما صنع هذا الرجل؟ قال بريدة: وكنت أبغض عليًا، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبرته قال:"أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟ " قلت: نعم، قال:"فَأَحِبَّهُ فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَة منْ ذَلِكَ"(4).
خرجه البخاري، وهذا أبين وإسناده صحيح (5).
(1) رواه أبو داود (2980).
(2)
رواه البخاري (3140) معلقًا هكذا.
(3)
رواه أبو داود (2983) وفي إسناده أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازي وفيه كلام.
(4)
كذا هو في النسختين ليس فيه عن أبيه.
(5)
رواه البخاري (4350) من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه.
أبو داود، عن عمرو بن عبسة قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعير من المغنم، فلما سلم أخذ وبرة من جنب البعير قال:"وَلَا يَحِلُّ لِي مِنْ غَنَائِمِكُمْ مِثْلُ هَذِهِ إِلَّا الخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ"(1).
البخاري، عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين، فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَحَبُّ الْحَديث إِلَيَّ أَصْدَقُهُ فَاخْتَارُوا إِحْدى الطَّائِفَتينِ إِمَّا السَّبْيُ وَإِمَّا الْمَالُ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأنَيْتُ بِكُمْ" وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم انتظر آخرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف، فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غَيْرُ رادٍّ لهمِ إلا إحدى الطائفتين قالوا: فإنا نختار سبينا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم قال:"أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ إخْوَانكُمْ هَؤُلَاء قَدْ جَاؤُونَا تَائِبينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنكمْ أَنْ يطيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنكمْ أَنْ يَكُونَ عَلى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ" فقال الناس: قد طَيَّبْنَا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ لَكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ" فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم طيبوا وأذنوا (2).
وذكر أبو داود من حديث ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في هذه القصة قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رُدُّوا عَلَيْهِمْ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ،
(1) رواه أبو داود (2755).
(2)
رواه البخاري (2307 و 2308 و 2539 و 2540 و 2583 و 2584 و 2607 و 2608 و 3131 و 3132 و 4318 و 4319 و 7176 و 7177).
فَمَنْ تَمَسَّكَ بشَيءٍ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ فَإِنَّ لَهُ عَلَيْنَا سِتة فَرَائِضَ مِنْ أَوَّلِ شَيْءٍ يُفِيئُهُ اللهُ عَلَيْنَا" (1).
مسلم، عن سعد بن أبي وقاص قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطًا وأنا جالس فيهم، فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلًا لم يعطه وهو أعجبهم إليّ، فقمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما لك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنًا، قال:
"أَوْ مُسْلِمًا" فسكت قليلًا ثم غلبني ما أعلم منه، فقلت: يا رسول الله ما لك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنًا، قال:"أَوَ مُسْلِمًا" فسكت قليلًا ثم غلبني ما أعلم منه فقلت: يا رسول الله ما لك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنًا، قال:"أَوَ مُسْلِمًا" قال: "إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ عَلى وَجْهِهِ فِي النَّارِ"(2).
وعن أنس بن مالك أن ناسًا من الأنصار قالوا يوم حنين حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالًا من قريش المئة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشًا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، قال أنس بن مالك: فحدثت بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولهم فأرسل إلى الأنصار، فجمعهم في قبة من أدم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ" فقال له فقهاء الأنصار: أما ذوو رأينا يا رسول الله فلم يقولوا شيئًا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسوله يعطي قريشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي لأُعْطِي رِجَالًا حَدِيثي عَهْدٍ بكُفْر أَتَأَلَّفُهُمْ، أَفَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ وَتَذْهَبُونَ إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللهِ، فَوَاللهِ لَمَا تنَقَلِبُونَ بِهِ خَيْرًا مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ" قالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا، قال: "فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أثَرَةً
(1) رواه أبو داود (2694).
(2)
رواه مسلم (150).
شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوا اللهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنِّي عَلَى الْحَوْضِ" قالوا: سنصبر يا رسول الله (1).
وفي بعض طرق هذا الحديث عن عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذ جمعهم: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَمْ أَجدُكُم ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللهُ بِي، وَعَالَةَ فَأغنَاكُمُ اللهُ بِي، وَمُتفرِّقينَ فَجَمَعَكُمُ اللهُ بِي" ويقولون: الله ورسولَه آمن، فقال:"أَلَا تُجِيبُوني؟ " فقالوا: الله ورسوله آمن، فقال:"أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ شِئْتُمْ أَنْ تَقُولُوا كَذَا وَكَذَا، وَكَانَ مِنَ الأَمْرِ كَذَا وَكَذَا لأشياءِ عددها، زعم عمرو بن يحيى أن لا يحفظها فقال: "أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بالشَّاءِ وَالإِبْلِ وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى رِحَالِكُمْ، الأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لِكُنْتُ امْرأً مِنَ الأَنْصَارِ" (2).
وفي طريق آخر: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ"(3).
وعن أبي سعيد الخدري في هذا الحديث قال: "أَلَا تُجِيبُوني يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ؟ " قالوا: وبماذا نجيب يا رسول الله ولله ولرسوله المن والفضل، فقال:"أَمَا وَاللهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ وَلَصَدَقْتُمْ، أتَيْتنا مُكَذَّبًا فَصَدَّقناكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فنَصَرْنَاكَ، وَعائِلًا فَاسَيْنَاكَ" وقال في آخر الحديث: فبكى القوم حتى اخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا يا رسول الله قسمًا وحظًا.
ذكر هذا الحديث ابن إسحاق وسفيان بن عيينة وغيرهما، وهي الأشياء التي لم يذكر مسلم بن الحجاج والله أعلم (4).
(1) رواه مسلم (1059).
(2)
رواه مسلم (1061).
(3)
رواه مسلم (1059) من حديث أنس.
(4)
رواه أحمد (3/ 57 و 76 - 77) من حديث أبي سعيد، ورواه أحمد (105 و 253) من حديث أنس.
البخاري، عن عمرو بن تغلب قال: أعطى النبي صلى الله عليه وسلم قومًا ومنع قومًا آخرين وكأنهم عتبوا عليه فقال: "إِنِّي أُعْطي قَوْمًا أَخَافُ ظَلَعَهُمْ وَجَزَعَهُمْ، وَأَكِلُ قَوْمًا إِلى مَا جَعَلَ اللهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنى وَالْخَيْرِ" منهم عمرو بن تغلب، قال عمرو بن تغلب: ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم (1).
أبو داود، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير قال: كنا بالمِرْبَدِ فجاء رجل أشعث الرأس بيده قطعة أديم حمراء فقلنا: كأنك من أهل البادية؟ فقال:
أجل، قلنا. ناولنا هذه القطعة الأدَم التي في يدك، فناولناها فقرأ ما فيها، فإذا فيها:"بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِلى بَنِي زَهْرِ بْن أُقَيْشٍ، إِنَّكُمْ إِنْ شَهِدْتُمْ أَنْ لَا إِلِه إِلَّا اللهُ وَأَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَأَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، وَأَذَيْتُمُ الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ، وَسَهْمَ النَّبِيِّ [وسَهم] الصَّفِيِّ أَنْتُمْ آمِنُونَ بِاللهِ بِأَمَانِ اللهِ وَرَسُولهِ" فقلنا: من كتب لك هذا الكتاب؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
هذا الرجل هو النمر بن تولب، كان جوادًا كريمًا فصيحًا شاعرًا.
وعن عائشة قالت: كانت صفية من الصفيِّ (3).
وعن قتادة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزا كان له سهم صاف يأخذه من حيث شاء، وكانت صفية من ذلك السهم، وكان إذا لم يعز بنفسه ضرب له سهم ولم يخيَّر (4).
وعن ابن عون قال: سألت محمدًا يعني ابن سيرين عن سهم رسول
(1) رواه البخاري (923 و 3145 و 7535) ولفظ المصنف هو الثاني.
(2)
رواه أبو داود (2999) وليس عنده بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
(3)
رواه أبو داود (2994).
(4)
رواه أبو داود (2993).
الله صلى الله عليه وسلم والصفيِّ، قال: كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد، والصفيّ يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شيء (1).
محمد بن سيرين وقتادة تابعان جليلان.
قال أبو عمر: سهم الصفي مشهور في صحيح الآثار معروف عند أهل العلم، ولا تخالف أهل السير في أن صفية من الصفي، وأجمع العلماء أن
سهم الصفي ليس لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
أبو داود، عن ابن عمر قال: ذهب فرس لنا فأخذها العدو وظهر عليهم المسلمون، فرد عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبق عبد له فلحق بأرض الروم فظهر عليهم المسلمون، فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي صلى الله عليه وسلم (2).
وذكر الدارقطني عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ وَجَدَ مَالَهُ فِي الْفَيْءِ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَهُوَ لَهُ"(3).
هذا يرويه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن الزهري عن سالم عن ابن عمر كما تقدم، وإسحاق متروك.
وكذا رواه رشدين عن يونس عن الزهري، ورشدين كذلك متروك أو شبه المتروك (4).
وذكر أبو داود في المراسيل جمن تميم بن طرفة قال: وجد رجل مع رجل ناقة له، فارتفعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقام البينة أنها ناقته، وأقام الآخر البينة أنه اشتراها من العدو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إِنْ شِئْتَ فَخُذْهَا بِمَا اشْتَرَاهَا"(5).
هذا مرسل.
(1) رواه أبو داود (2992).
(2)
رواه أبو داود (2699).
(3)
رواه الدارقطني (4/ 113).
(4)
رواه الدارقطني (4/ 114).
(5)
رواه أبو داود في المراسيل (339).
وقد أسند من حديث ياسين الزيات عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة. وياسين ضعيف عندهم (1).
وذكر أبو أحمد من حديث الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس أن رجلًا وجد بعيرًا له في المغنم، وقد كان
المشركون أصابوه قبل ذلك، فسأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنْ وَجَدْتَهُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَهُوَ لَكَ، وَإِنْ وَجَدْتَهُ قَدْ قُسِمَ أَخَذْتَهُ بِالثَّمَنِ إِنْ شِئْتَ"(2).
قال أبو أحمد: هذا الحديث يعرف بالحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة.
وقد روي عن مسعر عن عبد الملك.
قال يحيى بن سعيد: سألت مسعرًا عنه فقال: هو من حديث عبد الملك، ولكن لا أحفظه، قال يحيى عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر علمي، والحسن بن عمارة متروك.
وقد روي من حديث سلمة بن علي وإسماعيل بن عياش وهما ضعيفان.
أبو داود، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بظبية فيها خرز، فقسمها للحرة والأمة، قالت عائشة: كان أبي يقسم للحر والعبد (3).
في إسناده القاسم بن عباس وكان لا بأس به.
البخاري، عن المسور بن مخرمة قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أقبية، فقال لي أبي مخرمة: انطلق بنا إليه عسى أن يعطينا منها شيئًا، فقام أبي على الباب فتكلم، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه قباء وهو يريه محاسنه
(1) رواه الطبراني في الكبير (1834).
(2)
رواه أبو أحمد بن عدي في الكامل (2/ 291).
(3)
رواه أبو داود (2952).
وهو يقول: "خَبَأْتُ هَذَا لَكَ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ"(1).
زاد في طريق أخرى: وكان في حلقه شيء (2).
أبو داود، عن عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه الفيء قسمه من يومه، فأعطى الآهل حظين، وأعطى الأعزب حظًا، فدعينا وكنت أدعى قبل عمار، فدعيت فأعطاني حظين، وكان لي أهل ثم دُعي بعد عمار بن ياسر فأُعطي حظًا واحدًا (3).
أبو داود، عن عمرو بن حريث قال: خطّ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم دارًا بالمدينة بقوس وقال: "إِن أَزْبِدُكَ أَزْبدُك"(4).
وعن وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضًا بحضرموت (5).
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير حُضْرَ فرسه، فأجرى فرسه حتى قام ثم رمى بسوطه، فقال:"أَعْطُوهُ مَنْ حَيْثُ بَلَغَ السَّوْطَ"(6).
وعن عمرو بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جلسيها وغوريها، وحيث يصلح للزرع من قدس، ولم يعطه حق مسلم، وكتب له النبي صلى الله عليه وسلم:"بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَعْطى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ أَعْطَاهُ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّة جَلْسِيِّهَا وَغَوْرِيِّهَا، وَحَيْثُ يَصْلُحُ لِلزَّرع مِنْ قُدْسَ، وَلَمْ يُعْطِهِ حَق مُسْلِمٍ"(7).
وعن ابن عباس مثله (8).
(1) رواه البخاري (2599 و 2657 و 2952 و 2800 و 5864 و 6132).
(2)
رواه البخاري (3127).
(3)
رواه أبو داود (2953).
(4)
رواه أبو داود (3060).
(5)
رواه أبو داود (3058).
(6)
رواه أبو داود (3072).
(7)
رواه أبو داود (3062).
(8)
رواه أبو داود بعد الحديث (3063).
قال الحنيني وهو إسحاق بن إبراهيم قرأته غير مرة، يعني هذا الكتاب، زاد فيه: ذات النصب، وكتب أبي بن كعب (1).
قال أبو عمر: هذا حديث منقطع لا تقوم به حجة.
وخرج أبو داود أيضًا عن سمي بن قيس عن شمير بن عبد عن أبيض بن حمال، أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح الذي بمأربَ، فقطعه له، فلما أن ولّى قال رجل من المجلس: أتدري ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العِدَّ قال: فانتزع منه، قال: وسأله عما يحيي من الأراك، قالَ:"مَا لَمْ تنَلْهُ خِفَافُ الإِبِلِ" يعني أن الإبل تأكل منتهى رؤوسها ويُحمى ما فوقه (2).
وأخرج أبو داود أيضًا عن جامع بن شداد عن كلثوم وهو ابن عامر الخزاعي عن زينب أنها كانت تفلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده امرأة عثمان بن عفان ونساء من المهاجرات، وهن يشتكين منازلهن أنها تضيق عليق ويُخْرَجْنَ منها، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تورث دور المهاجرين النساء، فمات عبد الله بن مسعود، فورثت امرأته داره بالمدينة (3).
كلثوم هذا روى عنه مهاجر أبو الحسن وجامع بن شداد.
وخرج أبو داود أيضًا عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلًا لزم غريمًا له بعشرة دنانير قال: والله ما أفارقك حتى تقضيني أو تأتيني بحميل، قال: فتحمل بها النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه بقدر ما وعده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"مِنْ أَيْنَ أَصَبْتَ هَذَا الذَّهَبَ؟ " قال: من معدن، قال:"لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا، لَيْسَ فِيهَا خَيْرٌ" فقضاها عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).
(1) رواه أبو داود (3063).
(2)
رواه أبو داود (364 و 365).
(3)
رواه أبو داود (3080) وفي النسختين جامع بن راشد وهو خطأ.
(4)
رواه أبو داود (3328).
إسناد هذا الحديث لا تقوم به حجة (1).
أبو داود، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَخَذَ أَرْضًا بِجزْيَتِهَا فَقَدْ اسْتَقَالَ هِجْرَتَهُ، وَمَنْ نزعَ صَغَارَ كَافِرِ مِنْ عُنُقِهِ فَجَعَلَهُ في عُنُقِهِ فَقَدْ وَلَّى الإِسْلَامَ ظَهْرَهُ"(2).
إسناده ضعيف جدًا فيه بقية بن الوليد وغيره.
أبو داود، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إِيَّاكُمْ وَالْقَسَامَةَ، القَسَامَةُ الرَّجُلُ يَكُونُ عَلَى الفِئَامِ مِنَ النَّاس فَيَأْخُذُ مِنْ حَظِّ هَذَا وَمِنْ حَظِّ هَذَا"(3).
(1) قال الشيخ الألباني رجاله رجال الصحيح وحسنه الشيخ عبد القادر الأرناؤوط في تعليقه على جامع الأصول (7/ 61 و 10/ 594).
(2)
رواه أبو داود (3082).
(3)
رواه أبو داود (2783 و 2784).
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد نبيه الكريم، وعلى آله وسلم تسليمًا
كتاب الصلح والجزية
البخاري، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَليدِ بِالْغَمِيمِ في خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةً فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ" فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرًا لقريش وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يُهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال الناس: حَلْ حَلْ، فَأَلحَّتْ، فقالوا: خلأت القصواء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا خَلأَتِ الْقَصْوَاء وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حابِسُ الْفِيلِ" ثم قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلْونَنِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إلَّا أَعْطَيْتُهُمُ إِيَّاهَا" ثُمَّ زجرها فوثَبت قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضًا، فلم يُلَبِّثهُ الناس حتى نزحوه، وشُكِيَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهمًا من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالرِّيِّ حتى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاءهم بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة، وكان عَيْبَةَ نُصْح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تِهَامَةَ، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهَكَتْهُمْ الْحَرْبُ وَأضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاؤُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَر إِنْ شَاؤُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذي نَفْسي بِيَدِهِ لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتي، وَلَيُنْفِذَنَّ اللهُ أَمْرَهُ" فقال بديل: سأبلغهم ما تقول، فانطلق حتَّى أتى قريشًا قال: إنا قد جئناكم من هذا الرجل وسمعناه يقول قولًا، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرونا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته، يقول: قال سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عروة بن مسعود: فقال: أي قوم ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أولست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهموني؟ قالوا لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلَّحُوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: إلى قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطبة رشد، اقبلوها، ودعوني آتيه، قالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحوًا من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك: أي محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخرى فوالله إنى لأرى وجوها واني لأرى أشوابًا من الناس خليقًا أن يفروا عنك ويدعوك، فقال له أبو بكر الصديق: أمصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ فقالوا: أبو بكر، فقال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أَجِزْكَ بها لأجبتك، قال: وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما تكلم كلمة أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف وقال: أَخِّر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غدر ألستُ أسعى في غَدْرتَكَ؟ وكان المغيرة صحب قومًا في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا الإِسْلَام فَأقْبَلُ وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهْ في شَيْءٍ" ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه قال: فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضُوئِهِ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يَحِدُّون النظر إليه تعظيمًا له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم. والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على كسرى وقيصر والنجاشي، والله إن رأيت ملكًا قط يعظمه أصحابه ما يُعظم أصحاب محمد محمدًا، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها جلده ووجهه، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضُوئهِ، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدّون إليه النظر تعظيمًا له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، فقال رجل من بني كنانة: دعوني ائته، قالوا: ائته، فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هَذَا فُلَانٌ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ" فَبُعِثَتْ له واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك قال: سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقام رجل منهم يقال له مِكْرَزٌ بْنُ حفص فقال: دعوني آتيه فقالوا: ائته، فلما أشرف عليهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هَذَا مِكْرَزٌ بْنُ حَفْصٍ وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ" فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو، قال عكرمة مولى ابن عباس: لما جاء سهيل قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ" رجع إلى الحديث قال: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابًا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اكْتُب بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ" ثم قال: "هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم" فقال سهيل: لو كنا
نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"وَاللهِ إِنِّي لِرَسُولُ اللهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي اكْتُبُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ" قال: وذلك لقوله: "وَلا يْسأَلُنَنِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتَهُمْ إِيَّاهَا"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"عَلى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ" فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أُخِذنا ضُغْطَةً، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب فقال سهيل: وعلى أن لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك وإلا رددته إلينا، قال المسلمون: سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلمًا، فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يوسف في قيوده قد خرج من أسفل مكة حتَّى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا أول ما أقاضيك عليه أن ترده عليّ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ" قال: فوالله إذن لا أصالحك أبدًا على شيء، قال النبي صلى الله عليه وسلم و:"فَأَجَزْهُ لِي" قال: ما أنا بمجيز ذلك لك، قال: بلى فافعل قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بلى قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلمًا ألا ترون ما قد لقيت، قال: وكان قد عذب عذابًا شديدًا في الله، قال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقًا؟ قال: "بَلى" قال: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: "بَلى" قلت: فَلِمَ نُعْطِي الدنية في ديننا إِذًا؟ قال إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصر لي، قلت: أوليس كنت تحدثنا أنّا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: "بَلى" قال: فأخبرتك أنا نأتيه العام؟ قال: لا، قال: فإنك آتيه وتُطوف به، قال: فأاتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقًا؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قال فَلِمَ نُعطى الدنية في ديننا إذًا؟ قال: أيها الرجل إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق، قلت: أوليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى، قال: فأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه وتطوف به، قال
عمر: فعملت لذلك أعمالًا، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا" قال: فوالله ما قام منهم رجل حتَّى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك اخرج ثم لا تُكلم أحدًا منهم كلمة حتَّى تنحر هديك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتَّى فعل ذلك نَحَر بُدْنَهُ ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل يحلق بعضهم بعضا حتَّى كاد بعضهم يقتل بعضًا غَمًّا، ثم جاء نسوة مؤمنات فأنزل الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} حتَّى بلغ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في
الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجاءه أبو بَصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتَّى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تَمْرِ لهم فقال أبو بَصير لأحد الرجلين: إنى لأرى سيفك هذا جيدًا فاستله الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت به ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه فضربه حتَّى برد، وفر الآخر حتَّى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد رَأَى هَذَا ذُعْرًا" فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم "وَيْلَ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ" فلما سمع ذلك عرف أنَّه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيفَ البحر، قال: وينفلت منهم أبو جندل فلحق بأبي بَصير، فجعل لا يخرج أحد من قريش قد أسلم إلا لحق بأبي بَصير حتى اجتمعت معه منهم عصابة، فوالله ما يستمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوها وأخذوا أموالهم، وأرسلت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل فمن
أتاه فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فأنزل الله {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} حتى بلغ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} وكانت حميتهم أنهم لن يُقرّوا أنَّه نبي الله، ولم يقرؤوا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحالوا بينه وبين البيت (1).
وذكر أبو داود في هذا الحديث ولم يذكره بكماله أنهم اصطلحوا على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيهن الناس، وعلى أن بيننا عَيْبَةَ مكفوفة، وأنه لا إسلال ولا إغلال (2).
مسلم، عن أنس في هذا الحديث قال: اشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن من جاء منكم لم نرده عليكم، ومن جاء منا رددتموه علينا، فقالوا: يا رسول الله أتكتب هذا؟ قال: "نَعَمْ إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللهُ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ اللهُ لَهُ فَرَجًا ومَخْرَجًا"(3).
وعن البراء بن عازب قال: لما أحصرَ النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم فيها ثلاثًا، ولا يدخلها إلا بجُلُبَّانِ السلاح السيف وقرابه، ولا يخرج بأحد معه من أهلها، ولا يمنع أحدًا يمكث بها ممن كان معه قال لعلي:"اكْتبُ الشَّرْطَ بَيْنَنَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرحِيمِ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ" صلى الله عليه وسلم فقال له المشركون: لو نعلم أَنك رسول الله ما منعناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فأمر عليًا أن يمحوها، فقال علي: لا والله لا أمحاها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَرِنِي مَكَانَهَا" فأراه مكانها فمحاها، فكتب ابن عبد الله، أقام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الثالث قال لعلي: هذا آخر يوم من شرط صاحبك فأمره فليخرج، فأخبره بذلك فقال:"نَعَمْ" فخرج (4).
(1) رواه البخاري (2733).
(2)
رواه أبو داود (2766)
(3)
رواه مسلم (1784).
(4)
رواه مسلم (1783).
أبو داود، عن نعيم بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهما، يعني لرسولي مسيلمة حين قرأ كتاب مسيلمة:"مَا تَقُولَانِ أَنْتُمَا؟ " قالا: نقول كما قال قال: "أَمَا وَاللهِ لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتلُ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقكُمَا"(1).
وذكر أبو داود في المراسيل عن الحسن قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاتل العرب على الإسلام ولا يقبل منهم غيره، وأمر أن يقاتل أهل الكتاب على الإسلام لا يقبل منهم غيره، فإن أبوه فالجزية (2).
ومراسيل الحسن من أضعف المراسيل.
وذكر أبو داود أيضًا من طريق قشِير بن عمرو عن بجالة بن عبدة عن ابن عباس قال: جاء رجل من الأسيْدِيِّينَ من أهل البحرين -وهم مجوس هجر- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمكث عنده ثم خرج، فسألته ما قضى الله ورسوله فيكم؟ قال: شر، فقلت: مَهْ، فقال: الإسلامُ أو القتلُ، قال: وقال عبد الرحمن بن عوف: قبل منهم الجزية. قال ابن عباس: فأخذ الناس بقول عبد الرحمن فتركوا ما سمعت من الأسيدي (3).
إسناد حديث عبد الرحمن بن عوف في أخذ الجزية هو الصحيح، وهو ما ذكر البخاري عن بجالة بن عبدة قال: أتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنة، فَرِّقُوا بين كل ذي محرم من المجوس، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر (4).
وعن عمرو بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة إلى البحرين، وأمر
(1) رواه أبو داود (2761).
(2)
رواه أبو داود في المراسيل (328).
(3)
رواه أبو داود (3044).
(4)
رواه البخاري (3156 و 3157).
عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبا عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافوا صلاة الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما صلى بهم الفجر انصرف، فتعرضوا له فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم حين رآهم وقال:"أَظنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَة قَدْ جَاءَ بِشَيْءٍ" قالوا: أجل يا رسول الله، قال:"فَأَبَشِرُوا وَأَمِّلُوا فَوَاللهِ لَا الْفِقْر أَخْشَى عَلَيْكُنم وَلَكِنِّي أَخْشى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ"(1).
أبو داود، عن ثابت بن سعيد بن أبيض بن حَمَّال عن أبيه عن جده أبيض بن حمَّال أنه كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة حين وفد عليه، فقال:"يَا أَخَا سَبَأٍ لَا بُدَّ مِنْ صَدَقَةٍ" فقال: إنما زرعنا القطن يا رسول الله وقد تبددت سبأ، ولم يبق منها إلا قليل بمأرب، فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبعين حلة من قيمة وفاء بَزِّ المعافر كل سنة عمن بقي من سبأ بمأرب، فلم يزالوا يؤدونها حتَّى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان [إن] العمال انتقضوا عليهم بعدما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صالح أبيض بن حمال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلل السبعين، فرد ذلك أبو بكر على ما وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى مات أبو بكر، فلما مات أبو بكر انتقض ذلك وصارت على الصدقة (2).
لا يحتج بإسناد هذا الحديث فيما أعلم؛ لأن سعيد لم يرو عنه فيما أدري إلا ثابت، وثابت مثله في الضعف.
أبو داود، عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم يعني محتلم دينارًا أو عدله معافر ثياب تكون في اليمن (3).
تقدم الكلام على هذا الحديث في الزكاة.
(1) رواه البخاري (3158 و 4015 و 6425) ومسلم (2961).
(2)
رواه أبو داود (3028).
(3)
رواه أبو داود (3038).
النسائي، عن قيس بن عباد قال: انطلقت أنا والأشتر إلى عليِّ، فقلنا: هل عهد إليك نبي الله صلى الله عليه وسلم شيئًا لم يعهده إلى الناس عامة؟ قال: لا، إِلا في كتابي هذا، فأخرج كتابًا من قراب سيفه فإذا فيه:"الْمُومِنُونَ تَتَكافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعى بذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ في عَهْدِهِ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلى نَفْسِهِ أَوْ آوى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"(1).
وقال البخاري في هذا الحديث: "ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ"(2).
أبو داود، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث النسائي وزاد فيه:"وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَيَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلى مُضْعِفِهِمْ وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ"(3).
البخاري، عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: قلت: يا رسول الله زعم ابن أمي عليٌّ أنه قاتل رجلًا قد أجرته فلان بن هبيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ"(4).
مسلم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فيه كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ
(1) رواه النسائي (8/ 19 - 20) وفي الكبرى (8682) وعنده فيهما "لا يقتل مؤمن بكافر".
(2)
رواه البخاري (6755) بهذا اللفظ.
(3)
رواه أبو داود (4531).
(4)
رواه البخاري (3171).
نفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا، إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ" (1).
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدرِ غَدْرِهِ، أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةِ"(2).
وفي حديث ابن عمر "فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ"(3).
الترمذي، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أَلَا مَنْ قَتلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً لَهُ ذِمَّةُ اللهِ وَرَسُولهِ فَقَدْ أَخْفَرَ بِذِمَّةِ اللهِ، فَلَا يُرِيحُ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا"(4).
قال: هذا حديث حسن صحيح.
مسلم، عن حذيفة بن اليمان قال: ما منعني أن أشهد بدرًا إلا أني خرجت وأبي حُسَيْلٌ قال: فأخذنا كفار قريش فقالوا: إنكم تريدون محمدًا،
فقلنا: ما نريده ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتلُ معه، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر فقال:"انْصَرِفَا نَفي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيْهِمْ"(5).
أبو داود، عن أبي رافع قال: بعثني قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ألقي في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله إني والله لا أرجع إليهم أبدًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَا أَخِيسُ بِالْعَهْدِ وَلَا أَحْبِسُ الْبُرُدَ،
(1) رواه مسلم (58) وفي الأصل "إذا ائتمن خان" بدل "إذا خاصم فجر". وهو خطأ، ليس عند مسلم ذلك.
(2)
رواه مسلم (1738).
(3)
رواه مسلم (1735).
(4)
رواه الترمذي (1403).
(5)
رواه مسلم (1787).
وَلَكِنِ ارْجِعْ فَإِنْ كَانَ في نَفْسِكَ الَّذِي في نَفْسِكَ الآنَ فَارْجِع" قال: فذهبت ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت (1).
قال أبو داود: وكان هذا في الزمان الأول وأما اليوم فلا يصلح.
وعن سليم بن عامر قال: كان بين معاوية والروم عهد، وكان يسير نحو بلادهم ليقرب حتَّى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجل على فرس أو برذون وهو يقول: الله أكبر الله أكبر وفاءٌ لا غدرٌ، فنظروا فاذا عمرو بن عَبَسَةَ، فأرسل إليه معاوية فسأله فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلَا يَشُدُّ عُقْدَهُ وَلَا يَحُلُّها حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا أَوْ يُنْبِذَ إِلَيْهِمُ عَلَى سَوَاءٍ" فرجع معاوية رحمه الله (2).
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإِيمَانُ قَيْدَ الْفَتْكِ"(3).
سفيان الثوري عن مسروق عن عبد الرحمن بن غنم قال: كتبت لعمر بن الخطاب حين صالح نصارى الشام، وشرط عليهم فيه ألا يحدثوا في مدينتهم ولا ما حولها دَيْرًا ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب ولا يجددوا ما خرب، ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم، ولا يؤووا جاسوسًا ولا يكتموا غشًا للمسلمين، ولا يعلموا أولادهم القرآن، ولا يظهروا شركًا ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوه، وأن يوقروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من ملابسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر، ولا يتسموا بأسماء المسلمين، ولا يتكنوا بكناهم، ولا يركبوا سرجًا ولا يتقلدوا سيفًا، ولا يتخذوا شيئًا من سلاح، ولا ينقشوا خواتمهم بالعربية، ولا يبيعوا الخمور وأن يجزوا مقادم رؤوسهم وأن يلزموا
(1) رواه أبو داود (2758).
(2)
رواه أبو داود (2759).
(3)
رواه أبو داود (2769).
زيهم حيث ما كانوا، وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم، ولا يظهروا صليبًا ولا شيئًا من كتبهم في طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضربًا خفيًا، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا مع موتاهم أصواتهم، ولا يظهروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جرت عليهم سهام المسلمين، فإن خالفوا ما شرطوه فلا ذمة لهم، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق (1).
وذكر أبو بكر من حديث أبي المهدي سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية كثير بن مرة قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تُبْنَى كَنِيسَةٌ في الإِسْلَامِ وَلَا يُجدَّدُ مَا خُرِبَ مِنْهَا"(2).
أبو المهدي كان رجلًا صالحًا من صالحي أهل الشام، ولكن حديثه ضعيف ولا يحتج به.
وذكر أبو أحمد أيضًا من حديث إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي عن زياد بن حُدَيْرٍ عن علي قال: لئن بقيت لأقتلن نصارى بني تغلب ولأسبين الذرية، أنا كتبت العهد بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ينصروا أولادهم (3).
إبراهيم ضعيف عندهم.
وقد رواه من طريق آخر فيه عبد الرحمن بن عثمان البكراوي وهو ضعيف أيضًا (4).
وذكر أبو داود من حديث إبراهيم بن مهاجر أيضًا (5).
(1) انظر أحكام أهل الذمة (ص 661 - 662) لابن القيم.
(2)
انظر أحكام أهل الذمة (ص 701).
(3)
الكامل لابن عدي (1/ 215).
(4)
الكامل (4/ 297).
(5)
رواه أبو داود (3040).
وقال: حديث منكر وهو عند الناس شبه المتروك. وأنكروا هذا الحديث على عبد الرحمن بن هانئ عن إبراهيم، ولكن ذكره في إبراهيم بن مهاجر.
البخاري، عن عمر بن الخطاب قال: وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا إلا طاقتهم (1).
وذكر الدارقطني عن الزبير قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقاتل عن أحد من المشركين إلا عن أهل الذمة (2).
في إسناده رشدين وقد تقدم ذكره ولا يتصل أيضًا.
أبو داود عن العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللهَ لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الْكِتَاب إِلَّا بِإِذْنٍ، وَلَا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ وَلَا أَكْلَ ثِمَارِهِمْ، إِذَا أَعْطَوْكُمْ الَّذِي عَلَيْهِمْ"(3).
وعن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن آبائهم دنية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا أَوِ انْتَقَصَهُ مِنْ حَقِّهِ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"(4).
أبو داود، عن حرب بن عبيد الله بن عمير عن جده أبي أمه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَيْسَ عَلى الْمُسْلِمِينَ عُشُورٌ" ترجم عليه عشور أهل الذمة إذا اختلفوا في التجارات (5).
وهو حديث في إسناده اختلاف، ولا أعلمه من طريق يحتج به.
وذكر أبو داود أيضًا عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس
(1) رواه البخاري (1392).
(2)
رواه الدارقطني (4/ 148 - 149).
(3)
رواه أبو داود (3050).
(4)
رواه أبو داود (3052).
(5)
رواه أبو داود (3046).
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ عَلى مُسْلِم جِزْيَةٌ"(1).
أبو داود، عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ"(2). يعني الذي يعشر الناس، الجنة.
مسلم، عن عمر بن الخطاب أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"لأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارى مِن جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا أَدَعَ إِلا مُسْلِمًا"(3).
وعن أبي هريرة أنه قال: بينما نحن في المسجد إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى: "يَا مَعشَرَ الْيَهُودِ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا" قالوا: قد بلغت يا أبا القاسم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ذَلِكَ أُرِيدُ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا" فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ذَلِكَ، أُرِيدُ" فقال لهم الثالثة، فقال:"اعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ للهِ وَلِرَسُولهِ"(4).
البخاري، عن ابن عمر قال: لما فَدَعَ أهل خيبر عبد الله بن عمر قام عمر خطيبًا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أموالهم فقال: نقركم ما أقركم الله، وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك، فَعُدِيَ عليه من الليل ففُدِعَتْ يداه ورجلاه، وليس هناك عدو غيرهم هم عدونا وتهمتنا، وقد رأيت إجلَاءَهم، فلما أجمع عمر على ذلك أتاهم أحد بني أبي الحقيق فقال: يا أمير المؤمنين أتخرجنا وقد أقرنا محمد وعاملنا على الأموال وشرط ذلك لنا؟ فقال لهم عمر: أظننت أني نسيت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ لَيلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ؟ " فقال: كان ذلك هُزَيْلَةً من أبي القاسم، فقال: كذبت يا عدو الله، فأجلاهم عمر وأعطاهم قيمة مالهم من
(1) رواه أبو داود (3053).
(2)
رواه أبو داود (2937).
(3)
رواه مسلم (1767).
(4)
رواه مسلم (1765).
الثمر مالًا وإبلًا وعروضًا من أقتاب وجمال وغير ذلك (1).
وعن سليمان بن مسلم عن سعيد بن جبير سمع ابن عباس يقول: الخميس وما يوم الخميس، ثم بكى حتَّى بَلَّ دمعه الحصى، قلت: يا ابن عباس وما يوم الخميس؟ قال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ائْتُونِي بِكَتْفٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا" فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما له أهجر استفهِمُوهُ، فقال:"ذَرُوني فَالَّذِي أنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ" فأمرهم بثلاث قال: "أَخْرِجُوا الْمُشرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ" وأما الثالثة فإما سكت عنها وإما قالها فنسيتها (2).
النسيان هو من سليمان بن أبي مسلم، كذا قال البخاري عن سفيان بن عيينة.
أبو داود، عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَكُونُ قِبْلَتَانِ في بَلَدٍ وَاحِدٍ"(3).
قابوس بن ظبيان، مرة وثقه ابن معين ومرة ضعفه، وضعفه غيره، وكان يحيى بن سعيد يحدث عنه.
الترمذي، عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم، فاعتصم ناس بالسجود فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر لهم بنصف العقل وقال:"أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ" قالوا: يا رسول الله ولِمَ؟ قال: "لَا تَرايا نَارَاهُمَا"(4).
هذا يرويه مرسلًا عن قيس بن أبي حازم.
(1) رواه البخاري (2730).
(2)
رواه البخاري (114 و 3053 و 3168 و 4431 و 4432 و 5669 و 7366).
(3)
رواه أبو داود (3032).
(4)
رواه الترمذي (1604).