الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ممدودا - رض الأنثيين، أي أن الصوم قاطع لشهوة النكاح كالوجاء، والله أعلم.
[اشتراط الولي في النكاح]
قال: ولا ينعقد النكاح إلا بولي.
ش: هذا هو المذهب المنصوص، والمعروف عند الأصحاب، لا يختلفون في ذلك.
2394 -
وذلك لما روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا نكاح إلا بولي» رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه ابن المديني وغيره، وهو نفي للحقيقة الشرعية، أي لا نكاح شرعي، أو موجود في الشرع، إلا بولي.
2395 -
وعن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وحسنه، وقال المروذي: سألت أحمد ويحيى عن حديث سليمان بن موسى: «لا نكاح إلا بولي» فقالا: صحيح، ولأن ذلك قول جمهور الصحابة.
2396 -
روي معنى ذلك عن علي، وأبي هريرة رواه الدارقطني، وعن عمر، وابن عباس، وحفصة، رواه الشالنجي، وعن أبي سعيد الخدري، رواه أبو بكر، وعن ابن مسعود، وابن عمر، وادعى القاضي أنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
وحكى طائفة من الأصحاب عن أحمد رواية بعدم اشتراط الولي مطلقا، وأبو محمد خص الرواية بحال العذر، كما إذا عدم الولي والسلطان، واختلف في مأخذ الرواية، فابن عقيل أخذها من قول أحمد في دهقان القرية: يزوج من لا ولي لها، إذا احتاط لها في المهر والكفؤ، وغلطة أبو العباس في ذلك، قلت لأن دهقان القرية هو كبيرها، فهو بمنزلة حاكمها، والقائم بأمرها، وأخذها ابن أبي موسى من رواية أن المرأة تزوج أمتها ومعتقتها.
وبالجملة استدل لعدم الاشتراط بقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] فأضاف النكاح إليهن، ونهى عن منعهن منه، وظاهره أن المرأة يصح أن تنكح نفسها، ونحوه قَوْله تَعَالَى:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]
وقَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234] فأباح سبحانه فعلها في نفسها من غير شرط الولي.
2397 -
يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس للولي مع الثيب أمر» .
2398 -
وأيضا روي أن «النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب أم سلمة قالت: ليس أحد من أوليائي حاضرا. فقال: «ليس من أوليائك حاضر ولا غائب إلا ويرضاني» فقالت لابنها عمر بن أبي سلمة - وكان صغيرا -: قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم. فتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير
ولي» ، وإنما أمرت ابنها بالتزويج على وجه الملاعبة، إذ قد نقل أهل العلم بالتأريخ أنه كان صغيرا قبل ست سنين، وبالإجماع لا تصح ولاية مثل ذلك، ولهذا قالت: ليس أحد من أوليائي حاضرا.
2399 -
وأيضا قصة صاحب الإزار فإنه صلى الله عليه وسلم قال له: زوجتكها ولم يسأل هل لها ولي أم لا.
واعترض على حديث أبي موسى بأن محمد بن الحسن روى عن أحمد أنه سئل عن النكاح بغير ولي يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ليس يثبت عندي فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم هو محمول على نفي الكمال، ثم يقال بموجبه، وأن نكاح المرأة نفسها نكاح بولي، والنكاح بغير ولي نكاح المجنونة
والصغيرة، إذ لا ولاية لهم على أنفسهم، وعن حديث عائشة بأن راويه سليمان بن موسى وقد ضعفه البخاري، وقال النسائي: في حديثه شيء، وقال أحمد في رواية أبي طالب: حديث عائشة: «لا نكاح إلا بولي» ليس بالقوي، وقال في رواية المروذي: ما أراه صحيحا، لأن عائشة فعلت بخلافه، قيل له: فلم تذهب إليه؟ قال: أكثر الناس عليه. ثم إن ابن جريج نقل عن الزهري أنه أنكر الحديث، قال أحمد - في رواية أبي الحارث -: لا أحسبه صحيحا، لأن إسماعيل قال: قال ابن جريج: لقيت الزهري فسألته فقال: لا أعرفه. ويقوي الإنكار أن الزهري قال بخلاف ذلك، قاله أحمد وغيره. ثم مفهوم الحديث أنه يصح نكاحها بإذن وليها، واعترض على إجماع الصحابة بفعل عائشة، كما تقدم عن أحمد، وقال في رواية
أخرى: لا يصح الحديث عن عائشة، لأنها زوجت بنات أخيها.
2400 -
وقد روى الشالنجي بإسناده عن القاسم، قال: زوجت عائشة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر من ابن الزبير، فقدم عبد الرحمن فأنكر ذلك، وقال: مثلي يفتات عليه؟ فقالت عائشة: أوترغب عن ابن الحواري.
وأجيب عن الآية الأولى بأنها حجة لنا، لأنه سبحانه خاطب الأولياء، ونهاهم عن العضل وهو المنع، وهو شامل للعضل الحسي والشرعي، لأنه اسم جنس مضاف، وهذا يدل على أن العضل يصح منهم دون الأجانب.
2401 -
ثم الآية نزلت في معقل بن يسار، حين امتنع من تزويج أخته، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فزوجها، ولو لم يكن لمعقل ولاية، وأن الحكم
متوقف عليه، لما عوتب في ذلك، وإضافة النكاح إليها لتعلقه بها، وكذلك الجواب عن الآية الثانية، ثم سياقها في أنها لا تحل للزوج الأول إلا بعد نكاح، وعن الثالثة بأن الفعل بالمعروف أن يكون بولي، وقوله صلى الله عليه وسلم:«ليس للولي مع الثيب أمر» نقول به، إذ لا أمر له معها، إذ حقيقة الأمر ما وجب على المأمور امتثاله، والثيب لا تجبر على النكاح، وافتقار نكاحها إلى الولي لا يقتضي أن يكون له عليها أمر، وأما تزوجه صلى الله عليه وسلم بأم سلمة فمن خصائصه، قال أحمد - في رواية الميموني، وقد سئل: من زوج النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال -: يقولون: النجاشي. فقيل له: يقولون: النجاشي أمهرها؟ وأراد الذي سأله بهذا حجة على من قال بالولي، فتغير وجه أبي عبد الله، وقال: يقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم في هذا أحد؟ {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 6] وهو في النكاح ليس كغيره، وقضية صاحب الإزار قضية عين، محتمل أنه صلى الله عليه وسلم -
علم أنه لا ولي لها.
واعتراضاتهم أما على حديث أبي موسى فالصحيح المشهور عن أحمد تثبيته وتصحيحه، والحمل على نفي الكمال خلاف الظاهر، إذ الأصل والظاهر في النفي إنما هو لنفي الحقيقة، وهي هنا الشرعية، أي لا نكاح موجود في الشرع، وإطلاق الولي ينصرف إلى الذكر، يقال: ولي وولية إذ هو فعيل بمعنى فاعل، فيفرق بين مذكره ومؤنثه.
2402 -
مع أن الخلال روى في كتاب العلل «أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها» وهذا يبين أن المراد بالولي غير المنكوحة، وأما حديث عائشة - رضي الله - عنها فسليمان بن موسى ثقة كبير، قال الترمذي: لم يتكلم فيه أحد من المتقدمين إلا البخاري وحده،
لأحاديث انفرد بها، ومثل هذا لا يرد به الحديث، ولهذا كان المشهور عن أئمة الحديث تصحيحه، وما نقل من إنكار الزهري فقد قال أحمد، ويحيى: لم ينقل هذا عن ابن جريج غير ابن علية، قال ابن عبد البر: وقد أنكر أهل العلم ذلك من روايته، ولم يعرجوا عليها، ولو ثبت ذلك لم يقدح في الحديث، إذا رواه
عنه ثقة، على المشهور من قولي العلماء، إذ النسيان لم يعصم منه إنسان.
2403 -
قال صلى الله عليه وسلم: «نسي آدم فنسيت ذريته» ورد أحمد له كذلك هو على الرواية غير المشهورة عنه من أن نسيان الراوي قادح، ولهذا كان المشهور عنه تصحيحه والأخذ به، ثم قد قيل: إنه كان في الحديث زيادة ذكرها سليمان بن موسى، فسئل الزهري عنها، فقال: لا أحفظها، ولم يرد به أصل الحديث، ذكر ذلك ابن المنذر والأثرم في العلل، وكون الزهري وعائشة قالا بخلافه لا يضر، لجواز النسيان أو التأويل، إذ الاعتبار بما روى لا بما رأى، وتضعيف أحمد له كذلك هو أيضا على خلاف المشهور عنه، والمعروف عن علماء الحديث.
2404 -
ثم قد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا أرادت أن تزوج أرسلت سترا وقعدت وراءه وتشهدت، فإذا لم يبق إلا