الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا مهر، وكذلك إن قلنا محرمة وطاوعته، أما إن أكرهها وقلنا محرمة فثلاثة أوجه (الوجوب) مطلقا، وهو ظاهر ما جزم به أبو الخطاب في الهداية (وعدمه) وبه قطع القاضي في التعليق، وفي الجامع الصغير، والشريف في خلافه، وإليه ميل أبي محمد (والثالث) التفرقة إن راجعها لم يجب، وإلا وجب، وبه قطع أبو محمد في المقنع، أما الحد فلا يجب بوطئها بلا ريب، وإن قلنا بالتحريم، وينبغي أن يلحق النسب به بلا نزاع، لاندراء الحد، قال أحمد: كل من درأت عنه الحد ألحقت به الولد، ووقع في كلام أبي البركات في الطلاق ما قيل: إنه يقتضي قولين، بناء على الحل وعدمه، وليس بالبين. انتهى.
وصرح الخرقي رحمه الله بأنه لا يشترط في الرجعة ولي ولا صداق، وهو إجماع والحمد لله، وظاهر القرآن يشهد له، وهل يبطل الرجعة التواصي بالكتمان، نص في رواية أبي طالب على البطلان، وخرج عدمه من نصه على عدم البطلان بذلك في النكاح.
[الخلاف بين الزوجين في الرجعة]
قال: وإذا قال: ارتجعتك. فقالت: انقضت عدتي قبل رجعتك. فالقول قولها مع يمينها، إذا ادعت من ذلك ممكنا.
ش: قول المرأة مقبول في عدتها في الجملة، لقول الله سبحانه:{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] قيل: المراد الحمل والحيض، ولولا أن قولها مقبول في ذلك لما حرم عليها
كتمانه، ثم إذا اختلفت هي والزوج هل راجعها في العدة أم لا؟ فلا يخلو إما أن يكون في وقت حكم بأنه من عدتها، أو في وقت حكم بانقضاء عدتها فيه، أو في وقت محتمل لهما، فالأول قول الزوج بلا ريب، لأنه يملك الإنشاء فملك الإقرار، فإذا قال في العدة: راجعتها أمس أو منذ كذا. قبل قوله، وفي الثاني: القول قولها بلا ريب أيضا كذلك، فإذا قال بعد انقضاء عدتها: كنت راجعتها. وأنكرته، فالقول قولها، لأنه لا يملك الإنشاء، فلا يملك الإقرار.
وفي الثالث لا يخلو إما أن تسبقه بالدعوى أو يسبقها بالدعوى، أو يتداعيا معا، فإن سبقته بالدعوى كأن قالت في زمن يمكن فيه انقضاء عدتها: قد انقضت عدتي. فيقول هو: كنت راجعتك. فالقول قولها بلا خلاف نعلمه، لأن خبرها والحال هذه بانقضاء عدتها مقبول، فبقولها: انقضت عدتي. حكم بانقضاء عدتها، فدعواه بعد ذلك غير مقبولة، لانتفاء إنشائه، وإذا ينتفي إخباره أيضا.
وإن سبقها بأن قال والحال ما تقدم: راجعتك. فتقول هي: انقضت عدتي قبل رجعتك. ففيه قولان (أحدهما) - وهو الذي قاله الخرقي، وتبعه عليه الشيرازي -: القول قولها، لظاهر قول الله سبحانه:{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] وإطلاقها يقتضي أن قولها مقبول مطلقا (والثاني) - وبه قطع أبو الخطاب في الهداية، واختاره القاضي وغيره - القول قول الزوج، لما تقدم فيما إذا سبقته هي، وعلى هذا القول
إذا تداعيا معا فهل القول قولها، لترجح جانبها، أو قول من تقع له القرعة لتساويهما؟ (وجهان) .
وقول الخرقي: ما إذا ادعت من ذلك ممكنا. يلتفت إلى قاعدة، وهو ما الممكن في انقضاء العدة؟ (فإن كانت) العدة بالأقراء فأقل ما يمكن انقضاء العدة تسعة وعشرون يوما ولحظة، إن قيل: القرء الحيض، وأقل الطهر ثلاثة عشر يوما، وإن قيل: خمسة عشر فثلاثة وثلاثون يوما ولحظة، وإن قيل: القرء الطهر، وأقل الطهر ثلاثة عشر يوما، فثمانية وعشرون يوما ولحظتان، وإن قيل: الطهر خمسة عشر، فاثنان وثلاثون يوما ولحظتان، إلا أن المنصوص عن أحمد أن المرأة إذا ادعت انقضاء عدتها بالأقراء في شهر لا يقبل قولها إلا ببينة، وظاهر قول الخرقي القبول مطلقا، لأنه أناط ذلك بالإمكان، (وإن كانت) العدة بوضع الحمل، وادعت وضع ولد تام فالممكن ستة أشهر فأزيد منذ إمكان الوطء بعد العقد، وإن ادعت سقطا فالممكن ثمانون يوما، (وإن كانت) بالأشهر فهو أمر محدود معروف، والنزاع فيه إنما ينبني على أول وقت الطلاق، والقول قول الزوج في ذلك، فإذا قال: طلقتك في ذي الحجة فلي رجعتك. وقالت: بل طلقتني في شوال، فلا رجعة لك. فالقول قوله، إذ الأصل بقاء النكاح، وعكس هذا لو ادعى أنه طلقها في شوال، لتسقط النفقة، وقالت هي: بل في ذي الحجة، فالقول قولها، نظرا إلى الأصل أيضا، إذ الأصل بقاء وجوب النفقة، فكذلك إذا لم يكن لها نفقة، لأنها تقر على
نفسها بما هو أغلظ، وحيث قيل: القول قولها، فأنكرها الزوج، فهل تجب عليها اليمين، وهو اختيار الخرقي، وأبي محمد لعموم «اليمين على المدعى عليه» أو لا تجب وقال القاضي: إنه قياس المذهب، إذ الرجعة لا يصح بذلها، فأشبهت الحدود، وعن أحمد ما يدل على روايتين، وعلى الأول إن نكلت لم يقض بالنكول، قاله القاضي، ولأبي محمد احتمال أن يستحلف الزوج، وله الرجعة بناء على القول برد اليمين على المدعى عليه. انتهى.
قال: ولو طلقها واحدة، فلم تنقض عدتها حتى طلقها ثانية، بنت على ما مضى من العدة.
ش: لأنهما طلاقان لم يتخللهما إصابة ولا خلوة، فلم يجب بهما أكثر من واحدة، كما لو والى بينهما، وكذلك الحكم لو طلقها ثم فسخ نكاحها لعيب في أحدهما، ونحو ذلك انتهى.
قال: ولو طلقها ثم أشهد على المراجعة من حيث لا تعلم، فاعتدت ثم نكحت غيره، وأصابها ردت إليه، ولا يطأها حتى تنقضي عدتها في إحدى الروايتين، والرواية الأخرى: هي زوجة الثاني.
ش: الرواية الأولى هي المذهب بلا ريب، لأنها زوجته، نكحها نكاحا صحيحا، فردت إليه، كما لو غصبها غاصب.
2741 -
ويروى ذلك عن علي رضي الله عنه.
2742 -
(والثانية) تروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وقول الخرقي: ثم أشهد على المراجعة من حيث لا تعلم. لأنه إذا لم يشهد فإن قلنا: الإشهاد شرط لصحة الرجعة؛ فقد فات الشرط، فتبطل الرجعة، وتكون زوجة الثاني بلا ريب، وإن قيل: إنه ليس بشرط، فالنكاح صحيح في الباطن، لكن لا يقبل قوله في ذلك، لا على الزوج، ولا على المرأة، لأنه لا يملك الإنشاء فلا يملك الإقرار، ثم ينظر في الزوج والمرأة فإن صدقاه كان كما لو قامت به البينة، وإن صدقه الزوج وحده فقد اعترف بفساد نكاحه، فتبين منه، وعليه للمرأة مهرها، إن كان بعد الدخول، ونصفه إن كان قبله، لأنه لا يصدق على المرأة في إسقاطه حقها، ولا تسلم المرأة للمدعي لما تقدم، ويكون القول قولها، وهل هو مع يمينها؟ على وجهين، وإن صدقته المرأة وحدها لم يقبل قولها على الزوج الثاني، في فسخ نكاحه، لكن
متى زال نكاحه ردت إلى الأول، لأن المنع من الرد كان لحق الثاني وقد زال، ولا يلزم المرأة مهر الأول، على ما أورده الشيخان مذهبا، لاستقراره لها، أشبه ما لو قتلت نفسها، وألزمها القاضي له بالمهر لإقرارها، بحيلولتها بينه وبين بضعها، وهذا قياس المنصوص في الرضاع، وهو اختيار القاضي أيضا ثم، واختيار الشيخين ثم أيضا عدمه، جريا على قاعدتهم، فإن مات الأول والحال هذه، وهي في نكاح الثاني، فقال أبو محمد: ينبغي أن ترثه، لإقراره بزوجيتها، وتصديقها له، وإن ماتت لم يرثها، لتعلق حق الثاني بالإرث، وإن مات الثاني لم ترثه لإنكارها صحة نكاحه.
قلت: ولا يمكن من تزويج أختها، ولا تزويج أربع سواها انتهى؛ وقول الخرقي: من حيث لا تعلم. لأنها إذا علمت لم يصح نكاح الثاني بلا خلاف، وقوله: فاعتدت، لأنها إذا لم تعتد فلا ريب في بطلان نكاح الثاني، وقوله: ثم نكحت غيره وأصابها. لأنه إذا لم يدخل بها فلا خلاف أنها زوجة الأول، لأن بالدخول حصل للثاني مزية، فلذلك قدم في رواية مرجوحة، وقوله: ولم يصبها حتى تنقضي عدتها. يعني إذا ردت إلى الأول بعد إصابة الثاني لها، لم يصبها حتى تنقضي عدتها من الثاني، لتعلم براءة رحمها.
قال رحمه الله: وإذا طلقها وانقضت عدتها منه، ثم أتته فذكرت أنها نكحت من أصابها، ثم طلقها أو مات عنها،
وانقضت عدتها منه، وكان ذلك ممكنا، فله أن ينكحها إذا كان يعرف منها الصدق والصلاح، وإن لم تكن عنده في هذه الحال لم ينكحها حتى يصح عنده قولها.
ش: ملخص الأمر أن الأحكام تناط بغلبة الظن كثيرا، والمرأة مؤتمنة على نفسها، وعلى ما أخبرت به عنها، ولا سبيل إلى ذلك على الحقيقة إلا من جهتها، فوجب الرجوع إلى قولها، كما لو أخبرت بانقضاء عدتها، ومقتضى قوله أنه إذا لم يعرف منها الصدق والصلاح لا يقبل قولها، وهو كذلك، لأنه لم يوجد ما يغلب على ظنه صدقها، والأصل التحريم، فيبقى عليه، ومقتضى كلامه أنه يرجع إلى قول المرأة، إذا كانت بالصفة المتقدمة، وإن أنكر الزوج الذي ادعت إصابته لها، ولو قال الزوج الأول: أنا أعلم أن الثاني ما أصابها. لم تحل له، إذ لا غلبة ظن مع العلم بالتحريم، والله سبحانه وتعالى أعلم.