الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويرجع بالفداء على من غره كما تقدم في الحر، لكن الحر يرجع في الحال، أما العبد فلا يرجع إلا حين الغرم، حذارا من أن يجب له ما لم يثبت عليه، نعم إن قيل: يتعلق الفداء برقبته رجع به السيد في الحال، والله أعلم.
[عتق الزوجة مقابل المهر]
قال: وإذا قال: قد جعلت عتق أمتي صداقها. بحضرة شاهدين، فقد ثبت العتق والنكاح.
ش: هذا المنصوص عن أحمد، والمشهور عنه، رواه عنه اثنا عشر رجلا من أصحابه، منهم ولداه صالح، وعبد الله، وهو المختار لجمهور الأصحاب، الخرقي، وأبي بكر، والشريف، وأبي جعفر، والقاضي في موضع، وقال في التعليق: إنه المشهور من قول الأصحاب، وقال أبو محمد: إنه ظاهر المذهب.
2471 -
وذلك لما روى أنس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها، فقال له ثابت: ما أصدقها؟ قال: نفسها، أعتقها وتزوجها.» متفق عليه، وفي لفظ للبخاري:«أعتق صفية وتزوجها، وجعل عتقها صداقها» . ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم استأنف عقدا، ولأنه جعل عتقها صداقها، ومتى ثبت العتق صداقا ثبت النكاح، إذ الصداق لا يتقدم عليه.
2472 -
يؤيد هذا أن هذا روي عن أنس رضي الله عنه حكاه عنه أحمد
محتجا به وهو راوي الحديث، وهو يقوي إرادة الظاهر منه.
2473 -
ويروى أيضا عن علي رضي الله عنه، ولأن منفعة البضع إحدى المنفعتين، فجاز أن يكون العتق عوضا عنها، دليله منفعة الخدمة، وهو إذا قال: أعتقتك على خدمة سنة. لا يقال: هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم. إذ من خصائصه النكاح بلا مهر، لأنا نقول: الغرض أنه صلى الله عليه وسلم عقد بمهر، وإذًا فحكم أمته حكمه في صفية.
ونقل المروذي عن أحمد: إذا أعتق أمته وجعل عتقها صداقها يوكل رجلا، فأخذ القاضي وأتباعه من هذا رواية أن النكاح لا يصح بهذا اللفظ، واختاره القاضي في خلافه وفي روايتيه، وأبو الخطاب في كتبه الثلاثة، وابن عقيل، وزعم أنها الأشبه بالمذهب، إذ بالعتق تملك نفسها، فيعتبر رضاها، كما لو فصل بينهما، ولأنه لم يوجد إيجاب ولا قبول، وهما ركناه
فلا يصح إلا بهما، ولأن العتق ليس بمال، ولا يجبر به مال، فأشبه رقبة الحر، وتورع ابن أبي موسى من حكاية رواية بعدم الصحة، وجعل محل الخلاف في تولي طرفي العقد، كما هو مقتضى نص أحمد، فقال: ومن أعتق أمته وجعل عتقها صداقها ثبت العتق والنكاح جميعا، واختلف قوله هل يكون المولى هو العاقد لنفسه، أم يحتاج إلى توكيل من يعقد له النكاح عليها بأمره؟ على روايتين. فجعل الرواية أنه يستأنف العقد عليها بإذنه بدون رضاها، إذ العتق وقع على هذا الشرط، انتهى.
وأجيب (عن ملكها) نفسها بأن الكلام المتصل لا يثبت له حكم الانفصال قبل تمامه، فلم يستقر ملكها على نفسها إلا بعد النكاح، والسيد كان يملك إجبارها على النكاح في حق الأجنبي، فكذلك في حق نفسه، (وعن فقد) الإيجاب والقبول بأن العتق لما خرج مخرج الصداق صار الإيجاب كالمضمر فيه، فكأنه قال: تزوجتك وجعلت عتقك صداقك. والقائل هو الموجب، فلا يحتاج إلى الجمع بين الإيجاب والقبول، (وعن كون) العتق ليس بمال بأنه يترتب عليه حصول مال، وهو تمليك العبد، منافع نفسه وهو المقصود، وسأله حرب: إذا جعل عتقها مهرها كيف يقول؟ قال: يقول: قد تزوجتك وجعلت عتقك مهرك. فشرط ابن
حامد ذلك، ليأتي بركن العقد.
وحيث قيل بالصحة فيشترط أن يحضره شاهدان، نص عليه أحمد، لعموم الأدلة في اشتراط الشهادة، والله أعلم.
قال: وإذا قال: اشهدا أني قد أعتقتها وجعلت عتقها صداقها. كان العتق والنكاح ثابتين. سواء تقدم القول بالعتق أو تأخر، إذا لم يكن بينهما فصل.
ش: إذا قال لشاهدين: اشهدا أني قد أعتقت أمتي وجعلت عتقها صداقها. كان العتق والنكاح أيضا ثابتين، سواء تقدم القول بالعتق كما في هذا المثال، أو تأخر كما إذا قال: جعلت عتق أمتي صداقها وأعتقتها بشرط أن لا يكون بين العتق والجعل ما يعد فصلا، كسكوت يمكن الكلام فيه، أو كلام أجنبي، لأنه كلام متصل بعضه ببعض، فلا يحكم عليه إلا بعد تمامه، انتهى.
وظاهر كلام الخرقي أنه لا يشترط قبول الأمة، ونص عليه أحمد والأصحاب.
(تنبيهان) : (أحدهما) : الظاهر أنه لا بد أن يقصد بالعتق جعله صداقا قبل أن يتم لفظ (أعتقتك) . كما في الاستثناء ونية العدد، بل هذا هو العطف المغير، وقد قال صالح لأبيه: الرجل يعتق الأمة فيقول: أجعل عتقك صداقك. أو صداقك عتقك. قال: كل ذلك جائز، إذا كانت له نية فنيته، (الثاني) : أو رد على القاضي إذا قال: جعلت عتق أمتي صداق ابنتك. لا
يصح النكاح فكذا في نفسه، فأجاب: لا يصح، لتقدم القبول على الإيجاب، فلو قال الأب ابتداء: زوجتك ابنتي على عتق أمتك. فقال: قبلت. لم يمتنع أن يصح، وقال أبو العباس فيما إذا قال: زوجت أمتي من فلان، وجعلت عتقها صداقها. قياس المذهب صحته، لأنهم قالوا: الوقت الذي جعل العتق صداقا كان يملك إجبارها في حق الأجنبي، والله أعلم.
قال: فإن طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بنصف قيمتها.
ش: إذا طلق الأمة المجعول عتقها صداقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بنصف قيمتها، نص عليه أحمد في رواية الجماعة، إذ التسمية صحيحة، وذلك يوجب الرجوع في نصفها كغيرها، ولما لم يكن سبيل إلى الرجوع في الرق بعد زواله، رجع في بدله وهو القيمة، وعلى هذا لو ارتدت، أو فعلت ما يفسخ نكاحها قبل الدخول، رجع عليها بجميع قيمتها، (وعلى الرواية) الأخرى المختارة للقاضي وبعض أصحابه يستأنف النكاح بإذنها، (وعلى قول) ابن أبي موسى لا يعتبر إذنها، وعلى كل حال مهرها العتق، فعلى قول القاضي إن امتنعت لزمها قيمة نفسها، لأنه إنما بذل نفسها في مقابلة بضعها، ولم تسلم له، فيرجع في قيمتها، قال أبو العباس: وقياس المذهب أنه لا يلزمها شيء، إذا لم يلزم النكاح ولم ترض بالشرط، كما لو أعتقها على ألف فلم تقبل بل