الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2665 -
وعنه رضي الله عنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. ولهذه الأحاديث وشبهها وقَوْله تَعَالَى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] قال العلماء: إن حق الزوج عليها آكد من حقها عليه.
والأصل في الخلع قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] الآية.
[القسم بين الزوجات]
قال: وعلى الرجل أن يساوي بين زوجاته في القسم.
ش: هذا مما لا خلاف فيه والحمد لله، وقد تقدم قَوْله تَعَالَى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] ومن المعروف التسوية بينهن.
2666 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه
ساقطا أو مائلا» رواه الخمسة.
2667 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل، ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» رواه الخمسة إلا أحمد. إذا تقرر هذا فمن عنده نسوة لا بد له أن يبدأ بواحدة منهن، وهن متساويات في الحق، واختيار واحدة منهن تفضيل لها، وهو ممنوع منه، فيتعين أن يبدأ بواحدة بالقرعة، كما لو أراد السفر بواحدة منهن، كما شهدت به السنة، ويقسم ليلة ليلة، ولا يقسم أربعا أربعا إلا برضاهن، وفي اعتبار رضاهن في الليلتين والثلاث وجهان.
وقول الخرقي وعلى الرجل؛ يشمل المريض والمجبوب، والخصي والعنين، وهو كذلك، إذ القسم للأنس، وهو حاصل
ممن ذكر، ولا يدخل في كلامه المجنون، لعدم تعلق الخطاب التكليفي به، وقال أبو محمد: إن لم يخف منه طاف به الولي، وإن خيف منه فلا قسم عليه، لانتفاء الأنس، وعلى الأول قال فإن لم يعدل الولي في القسم بينهن ثم أفاق الزوج، قضى للمظلومة؛ لأنه حق ثبت في ذمته.
وقوله: أن يساوي بين زوجاته في القسم. يتناول من له زوجات وقسم بينهن، ولا نزاع في ذلك كما تقدم، أما من له زوجة واحدة، أو له زوجات ولم يقسم بينهن، فهل عليه قسم الابتداء، بأن يبيت عند الزوجة أو الزوجات ليلة من أربع؟ فيه قولان مبنيان على وجوب الوطء، وفيه روايتان، ومحلهما إذا لم يترك الوطء ضرارا، أما إن تركه ضرارا فيجب القسم، والله أعلم.
قال: وعماد القسم الليل.
ش: لأن الليل للسكن والإيواء، قال سبحانه:{وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [القصص: 73]
فالليل محل السكن، والنهار للمعاش ونحو ذلك، وهذا فيمن معاشه بالنهار كما هو الغالب، أما من معاشه بالليل، كالحارس ونحوه، فإن نهاره كليل غيره، وليله كنهار غيره، والنهار تبع لليل في القسم.
2668 -
قالت عائشة رضي الله عنها: «مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وفي يومي» . وموته صلى الله عليه وسلم كان في النهار، ويتبع اليوم الليلة الماضية، بدليل أن أول الشهر الليل، وإن أحب أن يجعل النهار تبعا لليله الذي يتعقبه جاز، لعدم التفاوت، والله أعلم.
قال: ويقسم لزوجته الأمة ليلة وللحرة ليلتين.
2669 -
ش: لما روى الدارقطني - واحتج به الإمام أحمد - عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول: إذا تزوج الحرة على الأمة، قسم للأمة ليلة، وللحرة ليلتين.
(تنبيه) : يقسم للمعتق بعضها بحساب ذلك، والله أعلم.
قال: وإن كانت كتابية.
ش: أي وإن كانت الحرة كتابية يقسم لها كما يقسم للمسلمة؛ لأن القسم من حقوق الزوجية، أشبه النفقة والسكنى، وقد شمل كلام الخرقي الرتقاء والمريضة، والحائض والمحرمة، والمظاهر منها والصغيرة، وهو كذلك إذ القصد الأنس والسكن، وهو حاصل لهن، نعم شرط أبو محمد في الصغيرة إمكان وطئها، والمجد تمييزها، وشمل أيضا المجنونة، والشيخان يقيدان ذلك بما إذا لم يخف منها، أما إن خيف منها فلا قسم لها.
(تنبيه) : الحق في القسم للأمة دون السيد، فلها أن تهب ليلتها لزوجها أو لبعض ضرائرها، وليس ذلك للسيد، وزعم القاضي أن قياس قول أحمد استئذان سيد الأمة كما في العزل، والله أعلم.
قال: وإذا سافرت زوجته بغير إذنه فلا نفقة لها ولا قسم.
ش: هذا مما لا خلاف فيه ولله الحمد؛ لأن القسم للأنس والنفقة للتمكين من الاستمتاع وقد تعذر ذلك بفعلها، أشبه ما لو لم تسلمه نفسها ابتداء، والله أعلم.
قال: وإن كان هو أشخصها فهي على حقها من ذلك.
ش: إذا كان هو سفرها فهي على حقها من النفقة والقسم، لأن
المنع جاء من جهته، لا من جهتها، فلم يسقط حقها، كما لو أتلف المشتري المبيع لم يسقط حق البائع من الثمن.
(تنبيه) : الخرقي رحمه الله ذكر ما إذا سفرها هو، أو سافرت بغير إذنه، وبقي إذا سافرت بإذنه لمصلحتها، وفي بعض نسخ الخرقي: وإذا سافرت زوجته بإذنه، وعليها شرح أبو محمد، وبالجملة في المسألة ثلاثة أوجه:(أحدها)، وهو اختيار القاضي وأبي محمد: لا قسم لها ولا نفقة، لما تقدم في المسألة قبل، (والثاني) : هما لها، لأنه لما أذن لها كأنه رضي بإسقاط حقه، وبقاء حقها، (والثالث) : لها النفقة دون القسم، كما لو سافر عنها، والله أعلم.
قال: وإذا أراد سفرا فلا يخرج معه منهن واحدة إلا بقرعة.
ش: إذا أراد سفرا وأخذ بعض نسائه دون بعض، فإنه لا يجوز له أخذ إحداهن إلا بقرعة، لتساويهن في الحق، وحذارا من الميل.
2670 -
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه» . ويستثنى من ذلك إذا رضي الزوجات بسفر واحدة معه، فإنه يجوز بلا قرعة، إذ الحق لهن، نعم إذا لم يرض الزوج بها، وأراد غيرها صير إلى القرعة، والله أعلم.
قال: فإذا قدم ابتدأ القسم بينهن.
ش: أي إذا قدم من السفر ابتدأ القسم بين النسوة، ولم يقض للمقيمات؛ لأن عائشة رضي الله عنها لم تذكر قضاء في حديثها؛ ولأن ما يحصل للمسافر بها من السكن، يقابله ما يحصل لها من المشقة والتعب، والحديث مسكوت فيه عن القضاء، وقيل: يقضي في سفر النقلة دون سفر الغيبة، وقيل: يقضي في السفر القريب دون البعيد، ومحل الخلاف في زمان السير، أما ما تخلل السفر أو تعقبه من الإقامة، فإن أبا البركات قال: يقضيه. وأطلق، وشرط أبو محمد للقضاء أن يقيم مدة يمتنع فيها من القصر، وكلام الخرقي يشمل فيما إذا سافر بقرعة، أما إن سافر بغير قرعة فإنه يقضي للبواقي، قاله غير واحد، وقال أبو محمد: ينبغي أن يقضي مدة الإقامة لا زمان السير، والله أعلم.
قال: وإذا أعرس على بكر أقام عندها سبعا ثم دار، ولا يحتسب عليها بما أقام عندها، وإن كانت ثيبا أقام عندها ثلاثا، ولا يحتسب أيضا عليها بما أقام عندها.
2671 -
ش: الأصل في ذلك ما في الصحيحين عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنهما قال: «من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا ثم قسم» قال أبو قلابة: ولو شئت لقلت: إن أنسا رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2672 -
وفي الدارقطني عن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «للبكر سبعة أيام وللثيب ثلاثة ثم يعود إلى نسائه» .
2673 -
«وعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوجها أقام عندها ثلاثة أيام، وقال: «ليس بك هوان على أهلك، فإن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي» رواه أحمد ومسلم وأبو داود، والدارقطني ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين دخل بها: «ليس بك هوان على أهلك، إن شئت أقمت عندك