الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وإن أنكر أن يكون لها عليه صداق فالقول أيضا قولها قبل الدخول وبعده ما ادعت مهر مثلها إلا أن يأتي ببينة ببراءته منه.
ش: لأنها منكرة، والأصل معها، والقول قول المنكر، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ولكن اليمين على المدعى عليه» ، والقول قول مدعي الأصل، وقول الخرقي: قبل الدخول وبعده، احترازا من قول مالك والفقهاء السبعة: إن كان بعد الدخول فالقول قول الزوج، وقوله: ما ادعت مهر مثلها. بناء على ما تقدم له، والله أعلم.
[الحكم لو تزوجها بغير صداق]
قال: وإذا تزوجها بغير صداق لم يكن لها عليه إذا طلقها قبل الدخول إلا المتعة.
ش: قد تقدم للخرقي رحمه الله فيما إذا تزوجها على محرم كالخمر ونحوه، ثم طلقها قبل الدخول أن لها عليه نصف المهر، وقال: فيما إذا فقد الصداق أن لها عليه المتعة فقط، وهذا إحدى الروايات عن أحمد رحمه الله واختيار أبي محمد، والشيرازي،
لقول الله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236] نفى سبحانه الجناح من جهة الفرض عن التي لم تمس إلا أن يفرض لها فريضة، وأوجب لها المتعة، ثم أوجب بعد للمفروض لها نصف المفروض، وإطلاق الآيتين يشمل من فرض لها مطلقا، إلا أنه لما لم يمكن إعطاء نصف المفروض في التسمية الفاسدة، وجب نصف بدله، وهو نصف مهر المثل. (والرواية الثانية) لا يجب إلا المتعة في الصورتين، وهو اختيار الشريف، وأبي الخطاب في خلافيهما، وأبي البركات، إذ التسمية الفاسدة وجودها كالعدم، فهي كمن لم يفرض لها، فلا يجب لها إلا المتعة لما تقدم. (والرواية الثالثة) : وهي أضعفها يجب نصف مهر المثل فيهما، وظاهر الآي يخالف ذلك.
(تنبيهان) . أحدهما اختلف العلماء في تقدير الآية الكريمة السابقة، فمنهم من قدر (تفرضوا) معطوفا على المجزوم، أي: ما لم تمسوهن أو ما لم تفرضوا لهن. واستشكل بأنه يصير معناه: لا جناح عليكم فيما يتعلق بمهور النساء في مدة انتفاء أحد هذين الأمرين، مع أنه إذا انتفى الفرض دون المسيس، لزم مهر المثل، وإذا انتفى المسيس دون الفرض لزم نصف المسمى، ومنهم من قدره منصوبا بأن مضمرة، وأو بمعنى (إلا) أي ما لم تمسوهن إلا أن تفرضوا لهن فريضة، أو: إلى أن تفرضوا لهن
فريضة، وهذا قول الزمخشري وهو جيد، ومنهم من جعل (أو) بمعنى الواو، أي ما لم تمسوهن وتفرضوا، وهذا أيضا في المعنى صحيح. (الثاني) تخصيص الخرقي هذه بوجوب المتعة ظاهره أنه لا متعة لغيرها، وهو المشهور عن أحمد والمختار للأصحاب من الروايات، لأن الله سبحانه قسم النساء قسمين، فجعل للتي لم يفرض لها ولم يسم المتعة، وجعل للمفروض لها نصف المفروض، وظاهره أنه لا زيادة لها على ذلك لعموم {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} [البقرة: 241] أو تحمل هذه الآية على الاستحباب، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(أمتعكن) ونقل عنه حنبل، لكل مطلقة متاع، للآيتين الكريمتين، وإليها ميل أبي بكر، وقال: العمل عليها عندي. لولا تواتر الروايات عنه بخلافها، والله أعلم.
قال: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، فأعلاه خادم، وأدناه كسوة يجوز لها أن تصلي فيها، إلا أن يشاء أن يزيدها، أو تشاء هي أن تنقصه.
ش: متى تراضيا في المتعة على شيء اتبع ما تراضيا عليه إذا كانا من أهل التراضي، إذ الحق لهما لا يعدوهما، وإن تنازعا رجع الأمر إلى الحاكم، فيعتبر حال الزوج، فيجعل على الموسع قدر
سعته، وعلى المقتر قدر قتره، للآية الكريمة، ثم المشهور والمختار من الروايات للخرقي، والقاضي، وجماعة من أصحابه أنها مقدرة الأعلى والأدنى، فأعلاها خادم، وأدناها كسوة يجزئها أن تصلي فيها.
2631 -
لأن ابن عباس ترجمان القرآن قال: أعلى المتعة خادم ثم دون ذلك النفقة، ثم دون ذلك الكسوة. رواه أبو حفص بإسناده.
2632 -
وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه طلق امرأته تماضر الكلبية فحممها بجارية سوداء يعني متعها. وإنما اشترطنا في الكسوة أن تجزئ في الصلاة حملا على الكسوة الواجبة بمطلق الشرع، وهي الكسوة في الكفارة (والرواية الثانية) يرجع إلى اجتهاد الحاكم في ذلك، لأن التقدير من الشرع، ولم يرد. (والرواية الثالثة) وهي أضعفها هي متاع بقدر نصف مهر
المثل، لأنها بدل عنه، ولا تليق هذه الرواية بمذهب أحمد، لأنه تنتفي فائدة اعتبار الموسع والمقتر ولا تبقى فائدة في إيجاب نصف مهر المثل أو المتعة إلا غايته أن ثم الواجب من النقدين، وهنا الواجب متاع، وهذه الرواية أخذها القاضي في روايتيه من رواية الميموني، وسأله كم المتاع؟ فقال: على قدر الجدة، وعلى من قال تمتع بمثل نصف صداق المثل، لأنه لو كان فرض لها صداقا كان لها نصف الصداق. قال القاضي: وظاهر هذا أنها غير مقدرة، وأنها معتبرة بيساره وإعساره، وقد حكى قول غيره أن قدرها نصف مهر المثل ولم ينكره، وظاهر هذا أنه مذهب له انتهى، وهذا في غاية التهافت، لأنه إنما حكى مذهب غيره بعد أن حكى مذهبه، وإنما نقول على قول أنه إذا حكى عن غيره قولا يكون مذهبا له، إذا لم يبين في تلك الحكاية مذهبه، ثم يلزم من هذا أن يكون قال قولين مختلفين في وقت واحد، والله سبحانه أعلم.
قال: وإن طالبته قبل الدخول أن يفرض لها أجبر على ذلك.
ش: إذا طالبته المرأة التي لم يفرض لها قبل الدخول أن يفرض لها أجبر على ذلك، لأن حقها ثبت بالعقد، إذ النكاح لا يخلو
من مهر، وظاهر كلام الخرقي أن هذه المطالبة عند الحاكم، لأنه الذي إليه الإجبار، وإذا يفرض مهر المثل، لأنه بدل البضع فيقدر به كالسلعة إذا تلفت، فلو كانت المطالبة بغير حضرة الحاكم جاز ما اتفقا عليه، إذ الحق لهما لا يعدوهما، والله أعلم.
قال: فإن فرض لها مهر مثلها لم يكن لها غيره، وكذلك إن فرض لها أقل منه فرضيت به.
ش: قوله: فرض. يحتمل أنه مبني للمفعول، والضمير راجع إلى الحاكم، ويرشحه أنه ساق ذلك بعد الإجبار؛ والإجبار مختص بالحاكم، ويحتمل أنه مبني للفاعل، والضمير راجع إلى الزوج، ويرجحه أن الضمير في قوله: وكذلك إن فرض لها أقل منه فرضيت به له، لأن الحاكم لا يفرض إلا مهر المثل، فعلى الثاني: متى فرض لها الزوج مهر المثل لم يكن لها غيره، لأنه الذي وجب لها بالعقد، وكذلك إن فرض لها أزيد منه بطريق الأولى، لكن قال أبو محمد: ولا يستقر لها ما لم ترض به، وفائدة عدم استقراره أنه لو مات قبل الدخول كانت باقية على عدم الفرض، فتجب لها المتعة، وإن فرض لها أقل من مهر المثل فرضيت وهي ممن يعتبر رضاها فلا شيء لها غيره، لأن الحق لها، وإن لم ترض رفع الأمر إلى الحاكم، وعلى الاحتمال الأول - وكذلك قد يجري على الثاني - إذا طلقت قبل الدخول لم يكن لها على ظاهر كلام الخرقي إلا نصف ما فرض لها، وهو إحدى الروايتين، اعتبارا بحالها الراهنة، وهي إذا مفروض لها، فتدخل تحت قوله
سبحانه: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237](والرواية الثانية) : يسقط ما فرض لها، وتجب لها المتعة، نظرا إلى حالها في حال الابتداء، والله أعلم.
قال: ولو مات أحدهما قبل الإصابة وقبل الفرض ورثه صاحبه، وكان لها مهر نسائها.
ش: قيد الشيخ رحمه الله هذا الحكم بقبل الإصابة وقبل الفرض، لأن ذلك محل التردد والخلاف، ولا نزاع في الإرث، لعموم قَوْله تَعَالَى:{وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12] الآية، وهذه زوجة بلا ريب، وأما تكميل المهر فهو المذهب بلا ريب.
2633 -
لما «روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا، ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود: لها صداق مثلها، لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث. فقام معقل بن سنان الأشجعي رضي الله عنه فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق - امرأة منا مثل ما قضيت. ففرح بها ابن مسعود رضي الله عنه» . رواه الخمسة، وصححه جماعة منهم الترمذي، وهذا لفظه. (وعن
أحمد رواية أخرى) : لا يجب لها إلا نصف مهر المثل، قياسا لفرقة الموت على الطلاق، وهو باطل بالنص، وبأن الموت يتم به النكاح، ولذلك وجبت العدة به قبل الدخول، وكمل به المسمى، بخلاف الطلاق فيهما، انتهى، وإذا أوجبنا المهر فإن الواجب مهر نسائها كما في الحديث، أي أقاربها، ثم هل يعتبر جميع أقاربها من قبل الأب والأم، كأختها وعمتها، وبنت أخيها، وكأمها وخالتها، وهو اختيار أبي بكر وأبي الخطاب، والشريف في خلافيهما، والشيرازي، لعموم الحديث، أو لا يعتبر إلا نساء العصبات كأختها ونحوها وهو اختيار أبي محمد قال: لأن في بعض الروايات: مهر نساء قومها، ولأن الشرف معتبر في المهر، وشرف المرأة بنسبها، وذلك بالأب لا بالأم؟ على