الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المانع الشرعي، أما المانع الحسي فيتقرر معه الصداق، وهذه طريقة القاضي في الروايتين، وهي قريبة من التي قبلها، ويقرب من ذلك طريقة أبي محمد في المغني، أن المسألة على ثلاث روايات، الثالثة إذا كان المانع متأكدا كالإحرام والصيام لم يكمل الصداق، وإلا كمل.
(تنبيه) : لم يجر أبو البركات الخلاف في العدة، بل خصه بالصداق، وأجراه أبو محمد فيها والله أعلم.
[العفو عن الصداق أو الإبراء منه]
قال: والزوج هو الذي بيده عقدة النكاح، فإذا طلق قبل الدخول فأيهما عفى لصاحبه عما وجب له من المهر - وهو جائز الأمر في ماله - برئ منه صاحبه.
ش: اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في الذي بيده عقدة النكاح (فعنه) ما يدل على أنه الزوج، وعليه أصحابه، الخرقي، وأبو حفص، والقاضي، وأصحابه، لأن الذي بيده عقدة النكاح بعد الزواج هو الزوج، لأنه الذي يملك الطلاق، ثم العفو إذا أطلق إنما ينصرف إلى عفو الإنسان عما يملكه، والولي لا يملك من المهر شيئا.
2639 -
وروى الدارقطني بإسناده عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ولي العقدة الزوج» .
ونقل عنه ابن منصور: إذا طلق امرأته وهي بكر، قبل أن يدخل بها، فعفى أبوها عن زوجها عن نصف الصداق، فما أرى عفوه إلا جائزا، فأخذ من ذلك القاضي وغيره أنه بيده عقدة النكاح أي أنه الولي لأنه الذي عقد عقدة النكاح، بعد الطلاق، والآية مسوقة في ذلك، وإرادة الزوج بذلك مجاز باعتبار ما كان، والأصل الحقيقة، والدليل على أن العقد هو العقدة قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235] وأيضا العفو حقيقة عن شيء وجب، وذلك واضح في الزوجة والولي، لأنهما اللذان يجب لهما المهر، إذ قَوْله تَعَالَى:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] أي فعليكم نصف ما فرض، أو
فالواجب نصف {مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237] أي النساء بلا نزاع {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] وهو الولي عما وجب له من القبض، وتسمية الزوج عافيا للمشاكلة مجاز، وعلى تقدير أنه ساق إليها المهر الأصل عدمه، ولأن الله سبحانه خاطب الأزواج مواجهة بقوله:{وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 237] ثم أتى بضمير الغيبة بقوله: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] فالظاهر أن الضمير لغيره، ولأن الله سبحانه بدأ بعفو الزوجة، وختم بعفو الزوج، فلو حمل (أو يعفو) على الزوج كان تكرارا، وهذا أظهر دليلا.
فعلى الأولى أيهما عفى لصاحبه عما وجب له من المهر - وهو جائز التبرع في ماله برئ منه، وعلى الثانية من شرط الولي (أن يكون) أبا، لكمال شفقته، وعدم تهمته، ولهذا قلنا: له أن يزوجها بدون مهرها، (وأن تكون) بكرا على ظاهر كلام أحمد، وصرح به غيره لملك إجبارها وقبض مهرها في رواية، وغفل أبو محمد في المقنع عن هذا الشرط تبعا لأبي الخطاب، (وأن تكون) مطلقة قبل الدخول، فلا يصح عفوه قبل الطلاق ولا بعد الدخول، لأن الآية وردت في ذلك.
(قلت) : وفي معنى المطلقة قبل الدخول كل مفارقة تنصف مهرها، وحكى ابن حمدان قولا أن للأب العفو بعد الدخول، ما لم تلد، أو تبقى في بيتها سنة، بناء، والله أعلم على بقاء الحجر عليها، واشترط أبو الخطاب وابن البنا، وأبو محمد في كتبه مع
ذلك أن تكون صغيرة أو مجنونة، لأنها إذا الذي يملك عقدة نكاحها مطلقا، وظاهر كلام أحمد والقاضي عدم الاشتراط، وهو الذي أورده أبو البركات مذهبا، ولا يشترط كون الصداق دينا، على ظاهر كلام أحمد والجمهور، وقيل بلى، حكاه ابن حمدان، نعم يشترط أن لا يكون مقبوضا، وهذا مفهوم من كلامهم، لأنه يكون هبة لا عفوا.
(تنبيه) : على هذه الرواية لو زوج ابنه الطفل أو المجنون وأقبض مهره، ثم رجع إليه بردة أو رضاع قبل الدخول، لم يجز عفوه عنه رواية واحدة، وكأن الفرق أن الأب أكسب البنت المهر، بالتزويج، فكان له العفو، بخلاف الصغير، فإنه لم يكسبه شيئا، بل المهر رجع إليه بالفرقة، والله أعلم.
قال: وليس عليه دفع نفقة زوجته إذا كان مثلها لا يوطأ، أو منع منها بغير عذر، فإن كان المنع من قبله لزمته النفقة.
ش: ليس على الزوج نفقة الزوجة إذا كان مثلها لا يوطأ، إذ النفقة في مقابلة الاستمتاع، ولهذا سقطت بالنشوز، وهذه يتعذر الاستمتاع بها شرعا، وكذلك ليس عليه نفقتها إذا كان مثلها يوطأ ومنعت نفسها، أو منعها أولياؤها بغير عذر، لأنها إذا ناشز، أو في معناها لمنعها من تسليم الواجب عليها، وتجب عليه النفقة إن كان المنع من قبله، لأن الواجب عليها قد فعلته.
وقول الخرقي: إذا كان مثلها لا يوطأ، يحترز به عما إذا كان