الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[عدة أم الولد]
قال: وأم الولد إذا مات سيدها فلا تنكح حتى تحيض حيضة.
ش: لأنها قد زال الملك عنها، فلزمها الاستبراء بحيضة عند إرادة النكاح، كالأمة القن إذا زال الملك عنها وأريد وطؤها، ودليل الأصل قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة» ومقتضى كلام الخرقي أنه يكتفى في استبرائها بحيضة، وهو المشهور من الروايتين أو الروايات، والمختار للأصحاب، لأنه استبراء لزوال الملك عن الرقبة، فكان حيضة في حق من تحيض، كسائر استبراء المعتقات والمملوكات، (والرواية الثانية) تعتد بعد موته بأربعة أشهر وعشر.
2829 -
لما روي عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: لا تلبسوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، عدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشر. يعني أم الولد، رواه أبو داود وابن ماجه وقد ضعف، قال ابن المنذر: ضعف أحمد وأبو عبيد حديث عمرو بن العاص، وقال الميموني: رأيت أبا عبد الله يعجب من حديث عمرو هذا،
ويقول: أين سنة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا؟ وقال: أربعة أشهر وعشرا إنما هي عدة الحرة من النكاح، وإنما هذه أمة خرجت من الرق إلى الحرية. وقال القاسم بن محمد: سبحان الله! الله يقول: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234] ما هن بأزواج. وقد أول بعضهم الحديث على أنه إنما جاء في أم الولد بعينها، كأن أعتقها صاحبها ثم تزوجها، وحكى أبو محمد عن أبي الخطاب أنه حكى رواية ثالثة أنها تعتد بشهرين وخمسة أيام، قال: ولم أجد هذه الرواية في الجامع، ولا أظنها صحيحة عن أحمد، قلت: ولم أرها أنا في الهداية، ووجهها أنها حين الموت أمة، فكانت عدتها عدة الأمة، وهذا كله ضعيف، إذ لا عدة هنا، إنما هو استبراء، والله أعلم.
قال: وإن كانت مؤيسة فبثلاثة أشهر.
ش: هذا هو المشهور من الروايتين، ومختار الخرقي وأبي بكر، والقاضي وأبي محمد وغيرهم، لأن المقصود من الاستبراء
العلم ببراءة الرحم، فلا يحصل إلا بذلك، قال أحمد بن القاسم: قلت لأبي عبد الله: كيف جعلت ثلاثة أشهر مكان حيضة، وإنما جعل الله في القرآن مكان كل حيضة شهرا؟ فقال: إنما قلنا ثلاثة أشهر لأجل الحمل، فإنه لا يتبين في أقل من ذلك.
2830 -
وقد سأل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن ذلك، وجمع أهل العلم والقوابل، فأخبروا أن الحمل لا يتبين في أقل من ثلاثة أشهر، فأعجبه ذلك.
2831 -
ثم قال: ألا تسمع قول ابن مسعود رضي الله عنه: «إن النطفة أربعين يوما، ثم علقة أربعين يوما، ثم مضغة بعد ذلك» قال أبو عبد الله: فإذا خرجت الثمانون صار بعدها مضغة، وهي لحم، فيتبين حينئذ، (والرواية الثانية) أنها تستبرأ بشهر، لأن الله جعل ثلاثة أشهر مكان ثلاث حيض، فكل شهر مكان حيضة، وهذه استبراؤها بحيضة، فمكانها شهر، (وعنه) ثالثة تستبرأ بشهرين، (وعنه) رابعة بشهر ونصف، كما لو كانت مطلقة، وهذا الحكم لا يختص بأم الولد، بل يجري في كل مستبرأة آيسة، والله أعلم.
قال: وإن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه اعتدت تسعة أشهر للحمل، وشهرا مكان الحيضة.
ش: إذا ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه فإنها تقعد تسعة أشهر للحمل، بلا ريب، ثم تقعد شهرا للاستبراء عوض الحيضة، قاله الخرقي، وتبعه أبو محمد، مع قولهما إن الآيسة استبراؤها بثلاثة أشهر، وذلك لأن الاستبراء في الآيسة إنما كان بثلاثة أشهر لتعلم براءة رحمها من الحمل وهنا بمضي غالب مدة الحمل علمت البراءة، فجعل الشهر مكان الحيضة، على وفق القياس، وحكى أبو البركات وغيره فيها رواية أخرى أنها تستبرأ بثلاثة أشهر كالآيسة.
(تنبيه) وإن علمت ما رفع الحيض لم تزل في الاستبراء حتى يعود الحيض فتستبرأ به، أو تصير آيسة فتستبرأ باستبراء الآيسات، والله أعلم.
قال: وإن كانت حاملا فحتى تضع.
ش: هذا إجماع والحمد لله، وقد شهد له قَوْله تَعَالَى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا توطأ حامل حتى تضع» الحديث، والله أعلم.
قال: وإن أعتق أم ولده أو أمة كان يصيبها لم تنكح حتى تحيض حيضة كاملة.
ش: لا يختلف المذهب أن الاستبراء هنا بحيضة، وذلك لأنها موطوءة وطئا له حرمة، فلم يجز أن تتزوج قبل الاستبراء، كالموطوءة بشبهة، والمعنى فيه الخوف من اختلاط المياه، وامتزاج الأنساب المطلوب عدمه شرعا. ومفهوم كلام الخرقي أنها إذا لم يكن سيدها يطأها لا يلزمها
استبراء، وهو كذلك، للأمن من اختلاط المياه وامتزاج الأنساب، ولو لم تكن من ذوات القروء فاستبراؤها بما تقدم في أم الولد، وقول الخرقي: حيضة كاملة. يحترز عن قول من يقول إنها إذا طعنت في الحيضة فقد تم استبراؤها، والحديث نص في رد ذلك، والله أعلم.
قال: وكذلك إن أراد أن يزوجها وهي في ملكه استبرأها بحيضة ثم زوجها.
ش: لما تقدم من الخوف من اختلاط المياه، وامتزاج النسب.
(تنبيه) فإن لم تكن من ذوات القروء فاستبراؤها بما تقدم في أم الولد، والله أعلم.
قال: وإذا ملك أمة لم يصبها ولم يقبلها حتى يستبرئها بحيضة - بعد تمام ملكه لها - إن كانت ممن تحيض، أو بوضع الحمل إن كانت حاملا، أو بمضي ثلاثة أشهر إن كانت من اللائي يئسن من المحيض، أو من اللائي لم يحضن.
ش: إذا ملك أمة لم يحل له وطؤها حتى يستبرئها.
2832 -
لما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبي أوطاس: «لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير حامل حتى تحيض حيضة» رواه أحمد وأبو داود.
2833 -
وعن رويفع بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه ولد غيره» رواه أحمد والترمذي، وأبو داود وزاد:«ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها» » والاستبراء بحيضة إن كانت ممن تحيض، أو بوضع الحمل إن كانت حاملا للحديث، أو بثلاثة أشهر على المشهور من الروايات، ومختار الخرقي، وقد تقدم ذلك، ولا تحل له أيضا قبلتها بلا خلاف أعلمه في المذهب في الجملة، حذارا من أن تكون حاملا من المنتقلة عنه، فيكون مستمتعا بأم ولده غيره، ولأنه استبراء حرم الوطء، فحرم القبلة كالعدة. وقول الخرقي: إذا ملك. يشمل كل ملك، فيدخل فيه المملوكة بسبي، فلا يصيبها قبل استبرائها بلا ريب، وكذا لا يستمتع بها، وهو إحدى الروايتين، وزعم أبو محمد أنه الظاهر عن الإمام، لأنه استبراء حرم الوطء، فحرم دواعيه كالعدة، (والثانية) له الاستمتاع بها دون الفرج، لأن المنع في غيرها للحذر من أن تكون أم ولد للغير، فيكون مستمتعا بأم ولد غيره، وبها جزم ابن البنا والشيرازي، وملخصه أن من نظر إلى هذا المعنى أباح، ومن قاس على العدة منع.
2834 -
وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: وقع في سهمي يوم جلولاء جارية كأن عنقها إبريق فضة، فما ملكت نفسي أن
قمت إليها فقبلتها والناس ينظرون، (ويدخل فيه) أيضا إذا ملك أمة من مكاتبه، وهو المذهب، وبه جزم أبو محمد، وفيه وجه أنه لا استبراء، اكتفاء باستبراء المكاتب، (ويدخل) أيضا إذا اشترى أمة مزوجة فطلقت، فإن الاستبراء يجب بعد العدة، وقيل: لا يجب بل تدخل فيها إذا أوجب الطلاق عدة، أما إن لم يوجب عدة - كالمطلقة قبل الدخول - فإن الاستبراء يجب قولا واحدا، (ومما يدخل فيه) أيضا إذا باع أمة ثم عادت إليه بإقالة أو فسخ، حيث قيل بانتقال الملك، وهذا إحدى الروايتين، واختيار الشريف وأبي الخطاب، والشيرازي وغيرهم (والرواية الثانية) لا يجب الاستبراء، ومحل الخلاف إذا كان العود قبل القبض، أما إن كان بعد القبض والافتراق فإن الاستبراء يجب بلا خلاف، هذا إذا كان المشتري رجلا، وكذلك إن كان امرأة عند أبي محمد، وعند أبي البركات إن كانت امرأة جرى فيه الخلاف مطلقا. ومفهوم كلامه أنه لا يجب الاستبراء بغير الملك، وقد قال أحمد في الإقالة توجب الاستبراء، قال: لأني أعتبر الملك.
فأناط الحكم بالملك، فعلى هذا لو عجزت مكاتبته، أو فك أمته من الرهن ونحو ذلك، فلا استبراء عليه لذلك، نعم يستثنى من ذلك إذا أسلمت أمته المجوسية أو المرتدة، فإنه يجب عليه استبراؤها على وجه، والمذهب أنه لا يجب لذلك، وبه قطع أبو محمد، (وقوله) : أمة. يشمل كل أمة وإن كانت بكرا أو لا تحمل، أو انتقلت من صغير أو امرأة، وهو كذلك، لعموم الحديث، ويستثنى من ذلك إذا كانت صغيرة لا يوطأ مثلها، فإنه لا يجب استبراؤها على إحدى الروايتين، لأن الاستبراء يراد لمعرفة براءة الرحم، ورحم هذه معروف براءته، ولا ترد الآيسة لأن الإياس قد يخفى، ثم قد وقع حمل الآيسة، كما وقع لامرأة سيدنا إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وهذه الرواية اختيار ابن أبي موسى وأبي محمد، ولا عبرة بقول ابن المنجا أن ظاهر كلامه في المغني ترجيح الوجوب، فإنه صرح بتصحيح عدم الوجود، بل لم يستدل على الوجوب بشيء. (والثانية) وهي ظاهر كلام الخرقي، وابن البنا والشيرازي وغيرهم: يجب، لعموم الحديث. وقوله: ولم يقبلها. وفي معنى القبلة الاستمتاع فيما دون الفرج ونحو ذلك، (وقوله) : بعد تمام ملكه لها. يحترز عما إذا ملك بعضها، فإن الاستبراء لا يحتسب به إلا من حين ملك جميعها، وأما إذا اشتريت بشرط الخيار، وقلنا الملك