الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير من وجد الإيجاب فيه، فلم يتواردا على محل واحد، وإذا لا ينعقد النكاح، لعدم ركن العقد، وهو الإيجاب والقبول، والله أعلم.
[حكم الشروط في عقد النكاح]
قال: وإذا تزوجها وشرط أن لا يخرج بها من دارها أو بلدها فلها شرطها، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج» .
ش: هذا هو المذهب المنصوص، وعليه الأصحاب.
2483 -
لهذا الحديث، وهو حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج» رواه الجماعة، ولعمومات الأمر بالوفاء بالعقود والعهود، ولأن الله تعالى ورسوله حرما مال الغير إلا عن تراض منه، ولا ريب أن المرأة لم ترض ببذل فرجها إلا بهذا الشرط، وشأن الفرج أعظم من شأن المال، فإذا حرم المال إلا بالتراضي، فالفرج أولى، ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم الشروط فيه أحق بالوفاء من غيره، ووجب رضا المرأة ووليها، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم الولي أن يزوج المرأة إلا برضاها، ونهى المرأة أن تتزوج إلا بإذن وليها.
2484 -
وروى الأثرم أن رجلا تزوج امرأة وشرط لها دارها، ثم أراد نقلها، فخاصموها إلى عمر رضي الله عنه فقال: لها شرطها. فقال الرجل: إذا يطلقننا: فقال عمر: مقاطع الحقوق عند الشروط.
2485 -
وعن ابن عمر فيما إذا شرط أن لا يخرجها من مصرها نحوه. رواه الترمذي. (وعن أحمد) رحمه الله رواية أخرى: لا يلزم هذا الشرط، حكاها أبو الحسين عن شيخه أبي جعفر، ولعلها مأخوذة من أن الأصل في العقود والشروط البطلان، إلا أن يدل دليل على الصحة على رواية مرجوحة.
2486 -
وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح «كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل» وهذا ليس في كتاب الله.
2487 -
وعن عمرو بن عوف رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا، أو أحل حراما» مختصر، رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. وفيه كلام. وهذا يحرم حلالا، وأجيب عن الأول بأن معنى ليست في كتاب الله أي في حكمه وشرعه، وهذه مشروعة، بدليل ما تقدم، وعن الثاني بأنها لا تحرم الحلال، وإنما يثبت للمرأة خيار الفسخ، إن لم يف لها به.
إذا تقرر هذا فمتى أخرجها من دارها بغير اختيارها فلها الفسخ، وغالى القاضي في الجامع فأثبت الفسخ بالعزم على الإخراج، ومقتضى كلام الأصحاب أن الزوج لا يجبر على الوفاء بهذا الشرط، وكلام الخرقي ظاهر في إجباره، وكذلك كلام أحمد في رواية حرب، قال: إذا شرط أن لا يخرجها من قريتها، ليس له أن يخرجها. انتهى، وفي معنى هذا الشرط إذا شرط أن لا يخرجها من مصرها. والله أعلم.
قال: وإن تزوجها وشرط لها أن لا يتزوج عليها، فلها فراقه إن تزوج عليها.
ش: الكلام في هذا الشرط نقلا ودليلا كالكلام في الذي قبله، إلا أن ظاهر كلامه هنا أنه لا يجبر على ترك النكاح، بل إذا تزوج عليها فلها الفسخ، وكذا ظاهر كلام أحمد في رواية ابن منصور، إذا تزوجها على أن لا يتزوج عليها ولا يتسرى، فإن تزوج أو تسرى فهي مخيرة، وكأن الفرق أنه لا ضرر عليه في عدم إخراجها من دارها، أما ترك النكاح فقد يتضرر به، لكونه لا يعفه ونحو ذلك، وفي معنى هذا الشرط إذا شرط أن لا يتسرى عليها.
(تنبيه) لا ريب في عدم صحة هذين الشرطين ونحوهما بعد العقد، وصحة ذلك فيه، أما قبله فثلاثة أوجه (أحدها) - وهو ظاهر إطلاق الخرقي، وأبي الخطاب في الهداية، وأبي محمد وغيرهم، وقال أبو العباس في فتاويه: إنه ظاهر المذهب، ومنصوص أحمد، وقول قدماء أصحابه، ومحققي المتأخرين - أنه كالشرط فيه، (والثاني) لا أثر لما قبل العقد مطلقا، وهو قول القاضي في مواضع، ومقتضى قول أبي البركات وغيرهما، (والثالث) يفرق بين شرط يجعل العقد غير مقصود، كالتواطؤ على أن البيع تلجئة لا حقيقة له فيؤثر، وبين شرط لا يخرجه عن أن يكون مقصودا، كاشتراط الخيار، فهذا لا يؤثر، قاله القاضي في تعليقه في موضع، والله أعلم.