الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا أعفته عن المطالبة أو صدقته أو أقام بينة بزناها، أو قذفها وهي محصنة فجنت، أو وهي مجنونة بزنا قبل الجنون، أو وهي خرساء أو ناطقة ثم خرست ولم تفهم إشارتها.
[تحريم الملاعنة على الملاعن على التأبيد]
قال: فمتى تلاعنا وفرق الحاكم بينهما لم يجتمعا أبدا.
ش: إذا تلاعنا وفرق الحاكم بينهما، حرمت الملاعنة على الملاعن على التأبيد، فلا يجتمعان أبدا على المذهب بلا ريب.
2776 -
لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين: «حسابكما على الله تعالى، أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها» . قال: يا رسول الله مالي؟ قال: «لا مال لك، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها» متفق عليه.
2777 -
وعن سهل بن سعد في «قصة المتلاعنين: ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقال: «لا يجتمعان أبدا» .
2778 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا» .
2779 -
وعن علي، وابن مسعود رضي الله عنهما قالا:«مضت السنة أن لا يجتمع المتلاعنان» . رواهن الدارقطني.
وشذ حنبل عن أصحابه فنقل عن أحمد أنه إذا أكذب نفسه حلت له، نظرا إلى أن اللعان الذي وجد كأن لم يكن بالتكذيب، وقد اختلف نقل الأصحاب في هذه الرواية، فقال القاضي في الروايتين: نقل حنبل: إن أكذب نفسه زال تحريم الفراش، وعادت مباحة كما كانت بالعقد الأول؛ وقال في الجامع والتعليق: إن أكذب نفسه جلد الحد، وردت إليه، وظاهر هذا أنه من غير تجديد عقد، وهو ظاهر كلام أبي محمد، قال في الكافي والمغني: نقل حنبل: إن أكذب نفسه عاد فراشه كما كان؛ زاد في المغني: وينبغي أن تحمل هذه الرواية على ما إذا لم يفرق الحاكم، فأما مع تفريق الحاكم بينهما فلا وجه لبقاء النكاح بحاله؛ وفيما قاله نظر، فإنه إذا لم يفرق الحاكم فإن قيل: الفرقة حصلت باللعان، فهو كتفريق الحاكم، وإن قيل: لا تحصل إلا بتفريق الحاكم، فلا تحريم حتى يقال حلت له، والذي يقال في توجيه ظاهر هذا النقل أن الفرقة إنما استندت للعان، وإذا
أكذب نفسه كأن اللعان لم يوجد، وإذا يزول ما ترتب عليه، وهو الفرقة وما نشأ عنها وهو التحريم.
وأعرض أبو البركات عن هذا كله فقال: إن الفرقة تقع فسخا متأبد التحريم (وعنه) إن أكذب نفسه حلت له بنكاح جديد، أو ملك يمين إن كانت أمة، وقد سبقه إلى ذلك الشيرازي، فحكى الرواية أنها تباح بعقد جديد. انتهى.
فعلى المذهب متى وقع اللعان بعد البينونة أو في نكاح فاسد، فهل يفيد الحرمة المؤبدة، لأنه لعان صحيح، أو لا يفيدها، لأن الفرقة لم تحصل به؟ على وجهين.
ومقتضى كلام الخرقي رحمه الله أن الفرقة بينهما لا تحصل إلا بتفريق الحاكم، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، واختيار القاضي، والشريف، وأبي الخطاب في خلافاتهم، وابن البنا وأبي محمد، وأبي بكر فيما حكاه القاضي في التعليق.
2780 -
لما روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما «أن رجلا لاعن امرأته في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وألحق الولد بالمرأة» . رواه الجماعة.
2781 -
«وعن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: رجل قذف امرأته. قال: فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني عجلان، وقال: «الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب» يرددها ثلاث مرات، فأبيا ففرق بينهما» . متفق عليه، ولو
حصلت الفرقة بمجرد اللعان لما احتيج إلى فرقة.
2782 -
وقد تقدم في حديث سهل بن سعد «أن عويمرا قال: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم» - قال الزهري: فكانت تلك سنة المتلاعنين، وفي رواية في الصحيح:«ذاكم التفريق بين كل متلاعنين» وفي لفظ لأحمد ومسلم: فكان فراقه إياها سنة المتلاعنين؛ وظاهره يقتضي أن طلاقه وقع، ولو وقعت الفرقة لما وقع، وقوله: فكانت تلك سنة المتلاعنين يعني التفريق بينهما، وأحمد رحمه الله استدل بحديث سهل على أن الفرقة تقع بمجرد اللعان، فقال في رواية ابن القاسم وقد سئل: متى تنقضي الفرقة بينهما؟ فقال: أما في حديث سهل فقال: كذبت عليها إن أمسكتها، هي طالق. وأما حديث ابن عمر فإنه يقول: فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما؛ وابن عمر أعرف بالحديث، لأن سهلا كان له خمس عشرة سنة، وابن عمر كان رجلا؛ ووجه الدليل من هذا أن قوله: فكانت تلك سنة المتلاعنين. أي الحكم بالفرقة باللعان، ثم يرشح هذا القول أن اللعان معنى يقتضي التحريم المؤبد، فلم يقف على حكم الحاكم كالرضاع، وهذه الرواية عزاها أبو محمد إلى اختيار أبي بكر، وظواهر الأحاديث تدل على الأولى وهي المذهب، وعليها لا يحتاج الحاكم إلى استئذانها، ولو لم يفرق كان النكاح بحاله، قاله أبو محمد، وعلى كلتيهما لا يحصل التفريق قبل تمام اللعان بينهما، لأن النصوص إنما وردت بالتفريق بعد لعانهما.