الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روايتين، قال أبو محمد: وينبغي أن يعتبر الأقرب فالأقرب من نساء العصبات، فتقدم أخواتها، ثم عماتها، وعلى ذلك وتعتبر المساواة في العقل والدين، والجمال، وكل ما يختلف به المهر، حتى لو كان عادتهم التأجيل فرض مؤجلا في أحد الوجهين، وفي الآخر: لا يفرض إلا حالا، لئلا يخالف نظائره، وهو أبدال المتلفات، والله أعلم.
[ما يترتب على خلوة الزوجين بعد العقد]
قال: وإذا خلا بها بعد العقد فقال: لم أطأها، وصدقته لم يلتفت إلى قولهما، وكان حكمهما حكم الدخول في جميع أمورهما إلا في الرجوع إلى زوج طلقها ثلاثا، أو في الزنا فإنهما يجلدان ولا يرجمان.
ش: الخلوة بالمرأة بعد العقد في الجملة حكمها حكم الدخول في استقرار المهر وإن لم يطأ، على المذهب المعروف بلا ريب.
2634 -
لما روى الإمام أحمد بسنده عن زرارة بن أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابا، وأرخى سترا، فقد وجب المهر، ووجبت العدة.
2635 -
ورواه أيضا عن عمر وعلي رضي الله عنهما وهو مشهور عنهما،
وكذلك عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، عليها العدة، ولها الصداق، وهذه قضايا اشتهرت ولم ينقل إنكارها فكانت حجة، (وقيل عن أحمد) رواية أخرى أن المهر لا يتقرر إلا بالوطء.
2636 -
ويحكى ذلك عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما لقوله سبحانه: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] والمطلقة قبل الدخول وقبل الوطء لم تمس، ومثله قَوْله تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49]
الآية، وأيضا قَوْله تَعَالَى:{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: 21] علل سبحانه منع الأخذ بالإفضاء، والإفضاء الجماع، والمعلل بوصف عدم عند عدمه، وأجيب بالطعن فيما روي عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم قال أحمد في حديث ابن عباس رضي الله عنه يرويه ليث وليس بالقوي، وقد رواه حنظلة خلاف ما رواه ليث، وحنظلة أقوى من ليث، وقال ابن المنذر في حديث ابن مسعود رضي الله عنه منقطع، وأما آيتا المس فيحتمل أن المراد بالمس حقيقته وكنى به عن سببه وهو الخلوة، ويحتمل أن المراد به حقيقته أو الجماع، وغايته أنه يدل على أنه قبل المسيس لا يتكمل المهر، ولا تجب العدة، وهو شامل للخلوة ولغيرها،
خرج منه الخلوة بقضاء الصحابة، وأما آية الإفضاء فلا نسلم أن المراد بالإفضاء الجماع، بل المراد الخلوة، نظرا إلى حقيقته، إذ هو مأخوذ من الفضاء وهو المكان الخالي، وكذلك يحكى عن الفراء أن المراد بالإفضاء الخلوة، ولو سلم أن ذلك كناية عن الوطء فإن المراد - والله أعلم - التشنيع والمبالغة في الانتهاء عن الأخذ في مثل هذه الحال أي كيف تأخذونه وقد حصل مباضعتكم لأزواجكم، ومثل ذلك يتعجب منه، وينكره أهل المروءات.
إذا تقرر هذا فقول الخرقي: وإذا خلا بها. معنى الخلوة أن يخلو بها بحيث لا يحضرهما مميز مسلم، ولو أنه أعمى أو نائم، قاله ابن حمدان في رعايتيه، وقوله: بعد العقد. يشمل العقد الصحيح والفاسد، وهو منصوص أحمد، ومختار عامة أصحابه، لعموم قضاء الصحابة، ولأن الابتذال يحصل بالخلوة في العقد الفاسد، كما في الصحيح، وخالفهم أبو محمد فاختار عدم الوجوب في النكاح الفاسد، نظرا إلى أن العقد ليس بموجب، وإنما الموجب الوطء ولا وطء.
وقوله: فقال: لم أطأها. وصدقته لم يلتفت إلى قولهما،
دفعا لوهم من يتوهم أن الحق لها فيسقط برضاها، وذلك لأن الخلوة يتعلق بها أيضا حق لله تعالى كالعدة ونحوها، ثم قضاء الصحابة مطلق، ونقل عنه ابن بختان إذا صدقته المرأة أنه لم يطأها لم يكمل الصداق، وعليها العدة، إذ الصداق محض حقها.
وقوله: وكان حكمهما حكم الدخول، في جميع أمورهما إلا في الرجوع إلى زوج طلقها ثلاثا، أو في الزنا فإنهما يجلدان ولا يرجمان. يعني في استقرار المهر كما تقدم، ووجوب العدة لقضاء الصحابة، وفي تحريم أختها، وأربع سواها إذا طلقها حتى تنقضي عدتها، قياسا على ما تقدم، لوجود مظنة الوطء، وفي ثبوت الرجعة له عليها في العدة، وإن ادعى أنه ما وطئها، على المنصوص والمختار للعامة، لعموم:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] ولم يثبت أبو بكر الرجعة بالخلوة، وفي نشر حرمة المصاهرة، وهو إحدى الروايتين، والمشهور خلافها، حملا لدخوله في قَوْله تَعَالَى:{فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] على الوطء.
واستثنى الخرقي الرجوع إلى المطلق ثلاثا.
2637 -
لحديث امرأة رفاعة القرظي: «لا حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك» ، واستثنى أيضا الإحصان، فلا يثبت بها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الثيب بالثيب» والثيوبة لا تحصل إلا بالوطء، ثم الحد يدرأ بالشبهة وكأن مراد الخرقي بقوله: حكمهما حكم الدخول، يعني فيما يتعلق بالنكاح، فلا يرد عليه الغسل، فإنه لا يجب بها، ولا الخروج من الفيئة لأنه من باب الأيمان، والذي حلف عليه الوطء ولم يوجد، ولا تفسد بها العبادات، ولا تجب بها الكفارات حيث وجبت، نعم قد يرد عليه ما إذا خلا بها بعد ضرب المدة في العنة، فإنه لا يخرج من العنة، وبالوطء يخرج.
(تنبيه) : الخلوة المعتبرة هي خلوة من يطأ مثله، بمن يوطأ مثلها، مع علم الزوج بها كما نص عليه أحمد في المكفوف يتزوج امرأة فأدخلت عليه، فأرخى الستر، وأغلق الباب، فإن كان لا يعلم بدخولها عليه فلها نصف الصداق، وقد أهمل أبو البركات هذا الشرط، ولو خلا بشرطه فمنعته الوطء لم يتقرر الصداق، والله أعلم.
قال: وسواء خلا بها وهما محرمان أو صائمان، أو حائض، أو سالمان من هذه الأشياء.
ش: يعني أنه لا يشترط للخلوة خلوها من مانع، ومثل الخرقي
بالمانع الشرعي، وقد اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في هذه المسألة (فعنه) فيها روايتان، إحداهما كما قال الخرقي، وهو مختار أصحابه في الجملة، لعموم قضاء الصحابة.
2638 -
وعن عمر في العنين يؤجل سنة، فإن هو غشيها وإلا أخذت الصداق كاملا، وفرق بينهما، وعليها العدة (وعنه) لا يكمل بها الصداق، لأن المانع إن كان من جهتها فلم يتمكن من تسليمها، فأشبه ما لو منعته من نفسها، وإن كان من جهته فمظنة الوطء منتفية، واعلم أن الأصحاب قد اختلفت طرقهم في هذه المسألة، بعد اتفاقهم فيما علمت أن المذهب الأول، (فمن زاعم) أن الروايتين في المانع سواء كان من جهته أو من جهتها، شرعيا كان كما تقدم، أو حسيا كالجب والرتق، وهذه طريقة أبي الخطاب في خلافه الصغير، وأبي البركات، (ومن زاعم) أن محلهما فيما إذا كان المانع من جهتها، أما إن كان من جهته فإن الصداق يتقرر بلا خلاف، وهذه طريقة القاضي في الجامع، والشريف في خلافه، (ومن زاعم) أن محلهما فيما إذا منع الوطء ودواعيه، كالإحرام والصيام، أما إن منع الوطء، فقط كالحيض والرتق فيتقرر الصداق، وهذه طريقة القاضي في المجرد فيما أظن وأبي علي ابن البنا، (ومن زاعم) أن محلهما في