الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهداية، والشيخين، وقال ابن أبي موسى، والقاضي في التعليق، والشريف، وأبو الخطاب في خلافيهما، والشيرازي: لا يليه على مسلم، بل تثبت الولاية للحاكم، وزعم القاضي أنه ظاهر كلام الإمام، معتمدا على قوله في رواية حنبل: لا يعقد يهودي ولا نصراني عقد نكاح لمسلم ولا لمسلمة. وهو إنما يدل على أنه يمنع من المباشرة، ولهذا جعل أبو البركات الخلاف في مباشرته العقد، هل يباشره أو يباشره بإذنه مسلم، أو الحاكم خاصة، ثلاثة أوجه، وجزم بأن له الولاية، والله أعلم.
[ولاية المسلم عقد نكاح الكافرة]
قال: ولا مسلم كافرة إلا أن يكون المسلم سلطانا، أو سيد أمته.
ش: لا يزوج المسلم الكافرة، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] نعم إن كان المسلم سلطانا زوج، لأن له ولاية عامة على أهل دار الإسلام، والكافر والحال هذه من أهل الدار، والحاجة داعية إلى ذلك، وكذلك إن كان
سيد أمته، لأنه عقد على منافعها، أشبه إجارتها، والله أعلم.
قال: وإذا زوجها من غيره أولى منه وهو حاضر ولم يعضلها فالنكاح فاسد.
ش: قد تقدم بيان الأولى بالتقديم من الأولياء، فإذا زوج غير الأولى كالأخ مع وجود الأب، أو العم مع حضور الأخ، والحال أنه لا عضل من الأب ولا من الأخ، فالنكاح فاسد، على المشهور المختار للأصحاب من الروايتين.
2422 -
لحديث عائشة رضي الله عنها: «أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل» رواه أبو داود وهذه نكحت بغير إذن وليها، إذ هذا لا ولاية له والحال هذه.
2423 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نكح العبد بغير إذن مولاه فنكاحه باطل» رواه أبو داود، لكن قال: إنه ضعيف، وإنه موقوف على ابن عمر ولأن أحكام النكاح
المختصة به من الحل والنفقة والطلاق والتوارث لا تثبت فيه بمجرده، أشبه نكاح المعتدة، (والرواية الثانية) يقف النكاح والحال هذه على الإجازة، ولا يحكم بفساده.
2424 -
لما روى ابن عباس رضي الله عنهما «أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم» - رواه أبو داود، وابن ماجه ولو فسد لما كان للتخيير فائدة، وقد
اعترض عليه بأن أبا داود رواه أيضا مرسلا عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وكذا رواه الناس مرسلا. وكذا قال البيهقي: الصواب أنه مرسل. قال البيهقي: ولو صح فكأنه كان وضعها في غير كفؤ، فلذلك خيرها النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: ودعوى الإرسال إن سلم لا تضر على قاعدتنا، وأما الحمل على أنه وضعها في غير كفؤ فبعيد، إذ يقتضي أن يترك من الحديث ما الحكم منوط به، ويذكر فيه ما لا إناطة به، مع أنه غير منوط به، هذا تجهيل وعلى هذه الرواية الحكم في الإجازة منوط
بالولي الأقرب، إن أجازه جاز، وإن رده بطل، ولا نظر للحاكم على الصحيح، وقيل: إن كان الزوج كفوا أمر الحاكم الولي بالإجازة، فإن أجازه وإلا صار عاضلا فيجبره الحاكم، كذا أجاب أبو محمد، وفيه نظر إن كان لها ولي غير الحاكم وإذا ينبغي أن ينتقل الحق في الإجازة إليه كما في العضل في النكاح على المذهب، انتهى.
ولو كانت المزوجة بغير إذن وليها أمة فخرجت عن ملكه قبل الإجازة إلى من تحل له انفسخ النكاح، لطريان إباحة صحيحة على موقوفة، أشبه طريان الملك على النكاح، وفيه شيء، إذ الإباحة التي حصلت للثاني كالإباحة التي كانت للأول سواء، انتهى.
أما إن انتقلت إلى من لا تحل له كامرأة أو جماعة فقيل: إن الحكم كذلك، وقيل: بل الإجازة والحال هذه إلى المالك الثاني، ولو أعتق من له الإجازة الأمة فهل يبطل حقه منها ويمضي النكاح، أم يبقى حقه فيها قبل العتق؟ فيه احتمالان، وتعتبر الشهادة حين العقد، لا حين الإجازة، لاستناد الملك إلى حال العقد، ومن ثم لو وطئ قبل الإجازة ثم أجيز لم يجب إلا مهر واحد، ولا تثبت فيه قبل الإجازة الأحكام
المختصة بالنكاح الصحيح، من الحل والنفقة، ونفوذ الطلاق، والتوارث وغير ذلك، قاله ابن عقيل وغيره، وقيل: يثبت التوارث إن كان مما لو رفع إلى الحاكم أجازه انتهى.
وكذلك الروايتان في تزويج الأجنبي، وفي تزويج المرأة المعتبر إذنها بدونه على رواية الوقف، فإجازة الثيب بالنطق، أو ما يدل على الرضى من وطء ونحوه، وإجازة البكر بالسكوت، كإذنها قبل العقد.
وقد دل مفهوم كلام الخرقي أن الولي الأقرب لو لم يكن حاضرا لم يفسد النكاح، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى، (ودل أيضا) على أن الأقرب إذا عضل فزوج الأبعد أن النكاح لا يفسد، وهذا (إحدى الروايتين) عن أحمد، أعني أن الولاية تنتقل عند عضل الأقرب إلى الأبعد، وهو المذهب، اختاره القاضي، وابن عقيل، وأبو محمد وغيرهم، لأن الولاية قد تعذرت من الأقرب، فانتقلت إلى الأبعد، كما لو جن الأقرب أو فسق، (والثانية) تنتقل الولاية إلى الحاكم وهي اختيار أبي بكر، لظاهر قوله: صلى الله عليه وسلم «فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» ولأنه حق عليه امتنع من أدائه، فقام الحاكم مقامه فيه كالدين، ويجاب بالقول بموجب الحديث، فإنه قال: من لا ولي له وهذه لها ولي، ثم ظاهره أن الكل اختلفوا وامتنعوا، لقوله: فإن اشتجروا وإذا يتعين الحاكم، والتزويج حق له، بخلاف الدين فإنه حق عليه، على أنه قد قيل: إنه يفسق بالعضل، فتزول ولايته، كما لو فسق بغيره.
(تنبيه) العضل في الأصل المنع، وهو هنا منع المرأة من تزويجها بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل من الزوجين في صاحبه.
2425 -
قال معقل بن يسار رضي الله عنه كانت لي أخت تخطب إلي فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه، ثم طلقها طلاقا له رجعة، ثم تركها حتى انقضت عدتها، فلما خطبت إلي أتاني يخطبها، قلت: لا والله لا أنكحكها أبدا. قال: ففي نزلت هذه الآية: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا} [البقرة: 232] الآية، قال: فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه. رواه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي. وسواء رضيت بمهر مثلها أو دونه إن كانت رشيدة، إذ المهر خالص حقها، ولو رضيت بغير كفو كان للولي الامتناع ولا عضل، أما إن عينت كفوا وعين الولي كفوا غيره فإن تعيينها يقدم عليه، حتى أنه يعضل بالمنع، ثم حيث يكون عاضلا، فظاهر كلام أبي محمد أنه يفسق بمجرد ذلك، ونظير ذلك ما قاله ابن أبي موسى أن الولي إذا زوج بغير كفؤ يفسق وتفسق المرأة بذلك إن رضيت، وقال ابن عقيل في العضل: لا يفسق إلا أن يتكرر الخطاب وهو يمنع، أو يعضل جماعة من مولياته دفعة واحدة فإذا تصير الصغيرة في حكم الكبيرة، وينبغي أن يقال في التزويج بغير كفؤ كذلك، ثم لا بد من تقييد ذلك في الموضعين بالعلم،