الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الولدين وأكثر، وإذا كان الأجل وهو العدة باقيا فله الرجعة، لبقاء العدة، وبطريق الأولى لو وضعت بعض الولد، كان له الارتجاع قبل وضع بقيته.
[ما تحصل به الرجعة]
قال: والمراجعة أن يقول لرجلين من المسلمين: اشهدا أني قد راجعت امرأتي. بلا ولي يحضره، ولا صداق يزيده، وقد روي عن أحمد رواية أخرى تدل على أن الرجعة تجوز بلا شهادة.
ش: الرواية الأولى عزيت إلى اختيار الخرقي، وأبي إسحاق ابن شاقلا في تعاليقه، ونص عليها أحمد في رواية مهنا، لقول الله سبحانه:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] أمر وظاهر الأمر الوجوب، ولأنه استباحة بضع مقصود، فوجبت الشهادة فيه كالنكاح (والثانية) نص عليها في رواية ابن منصور، واختارها أبو بكر، والقاضي وأصحابه، الشريف وأبو الخطاب، وابن عقيل والشيرازي وغيرهم، لإطلاق:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] وإذا يحمل الأمر في الآية الكريمة على الاستحباب، جمعا بينهما، وأيضا فالله سبحانه قال:{وَأَشْهِدُوا} [البقرة: 282] وليس فيه
ما يقتضي المقارنة للرجعة، فلو أشهد بعد الرجعة وفى مقتضى الآية، والإشهاد بعد الرجعة مستحب بالإجماع، فكذلك عند الرجعة، حذارا من الجمع بين الحقيقة والمجاز في اللفظ الواحد، ولأنها لا يشترط لها الولي، فلم تشترط لها الشهادة كالبيع، وما قيل في قياس الأولى أنها استباحة بضع فغير مسلم، إذ الرجعية مباحة على الصحيحة كما سيأتي.
إذا تقرر هذا فجعل أبو البركات هاتين الروايتين على قولنا بأن الرجعة لا تحصل إلا بالقول، وهو واضح، أما إن قلنا: إنها تحصل بالوطء فكلامه يقتضي أنه لا يشترط الإشهاد رواية واحدة، وعامة الأصحاب يطلقون الخلاف، وهو ظاهر كلام القاضي في التعليق، قال: لما أورد عليه أن الوطء لا يكون رجعة: لأن الله سبحانه أمر بالشهادة، والشهادة لا تتأتى على الوطء، فأجاب: ليس في الآية ما يقتضي المقارنة، فيطأ ثم يشهد، فأورد عليه أن هذا إشهاد على الإقرار بالرجعة، وليس بإشهاد على الرجعة، فأجاب: الله سبحانه أمر بالإشهاد، وأطلق، (ومقتضى) كلام الخرقي رحمه الله أن الرجعة محصورة في القول، لقوله: والمراجعة أن يقول. فلا تحصل بالوطء ولا بغيره، (وهذا إحدى الروايات) عن أحمد، لظاهر قَوْله تَعَالَى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] والظاهر من الإشهاد إنما هو
على القول، وقد تقدم جواب القاضي عن هذا، وأيضا فالرجعة تراد لإصلاح الثلم الداخل في النكاح، ونفس النكاح لا يقع بالفعل، كذلك إزالة ما دخله من الثلم (والرواية الثانية) أن الرجعة تحصل بالوطء وإن لم ينو، اختارها ابن حامد، والقاضي وأصحابه، لإطلاق قَوْله تَعَالَى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] والرد حقيقة في الفعل، بدليل: رددت الوديعة. وأيضا: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] وحقيقة الإمساك في الفعل أيضا، ولأنها مدة معلومة، خير بين القول الذي يبطلها، وبين تركها حتى تمضي المدة، فقام الوطء فيها مقام القول، كالبيع بشرط الخيار، والمعنى فيهما أن كلا منهما وطؤه دليل على رغبته في الموطوءة، واختيار رجوعها إليه (والرواية الثالثة) وهي اختيار أبي العباس: إن نوى الرجعة بالوطء حصلت، للعلم برغبته فيها، وإلا لم تحصل.
وعلى القول بحصول الرجعة بالوطء لا تحصل بالقبلة ولا باللمس، نص عليه أحمد في رواية ابن القاسم، وعليه
الأصحاب، وإن كانا لشهوة، وخرج القاضي وغيره رواية بحصول الرجعة بذلك، بناء على ثبوت تحريم المصاهرة بهما، وخرجها أبو البركات من نصه في رواية ابن منصور على أن الخلوة تحصل بها الرجعة، قال: فاللمس ونظر الفرج أولى، وقد حكى أبو الخطاب عن الأصحاب أنهم قالوا: إن الرجعة تحصل بالخلوة، واختار هو أنها لا تحصل، وتبعه على ذلك أبو محمد في المغني وغيره، إلا أن مقتضى كلامه في المقنع أن أحمد نص على أن الخلوة لا تحصل بها الرجعة، وليس كذلك فإن نص أحمد في رواية ابن القاسم إنما هو في اللمس والقبلة، إذ الرجعة لا تحصل بهما، ونصه في الخلوة أن الرجعة لا تحصل بها، وقد يقال: إن في كلام الأصحاب تهافتا، حيث قالوا: إن الرجعة لا تحصل بالقبلة ونحوها وقالوا: إنها تحصل بالخلوة، ويجاب بأن الخلوة عندهم بمنزلة الوطء، بدليل تقرر الصداق، ووجوب العدة بها، ونحو ذلك، فكذلك في حصول الرجعة.
واعلم أن الأصحاب مختلفون في حصول الرجعة بالوطء، هل هو مبني على القول بحل الرجعية أم مطلقا، على طريقتين للأصحاب (إحداهما) - وهي طريقة الأكثرين، منهم القاضي في روايتيه وفي جامعه وجماعة - عدم البناء (والثانية) - وهي مقتضى كلام أبي البركات، ويحتملها كلام القاضي في التعليق - البناء، فإن قلنا: الرجعية مباحة حصلت الرجعة بالوطء، وإن
قلنا: محرمة. لم تحصل، وهذه طريقة أبي الخطاب في الهداية، قال: لعل الاختلاف مبني على حل الوطء وعدمه، وقد تضمن هذا أن في حل الرجعية خلافا، وهو كذلك كما تقدمت الإشارة إليه، والمذهب المشهور المنصوص حلها، وعليه عامة الأصحاب، لإطلاق:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] والرجعية من نسائه، بدليل لو قال: نساؤه طوالق، فإنها تطلق، وأيضا قَوْله تَعَالَى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] فسماه الله تعالى بعلا، والبعل تباح زوجته، فكذلك هنا، والرد إلى ما كانت عليه، لزوال الثلم الحاصل بالطلاق، ولأنها في حكم الزوجة في الإرث واللعان، وغير ذلك، فكذلك في الحل، وأومأ أحمد في رواية أبي داود إلى التحريم، فقال: أكره أن يرى شعرها، فأخذ من ذلك القاضي ومن تبعه رواية بالتحريم، وهي ظاهر كلام الخرقي حيث قال فيما تقدم: لأنه متيقن للتحريم، شاك في التحليل، لأنه طلاق، فأثبت التحريم كالذي بعوض، أو معتدة فحرم وطؤها كالمعتدة التي قال لها: أنت بائن. انتهى، وقد تقدم أنه مما يبنى على ذلك حصول الرجعة وعدمها، ومما ينبني عليه المهر إذا وطئها، إن قلنا مباحة