الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاثا خالصة، وإن شئت سبعت لك وسبعت لنسائي» ، قالت: تقيم معي ثلاثا خالصة» .
وعموم كلام الخرقي رحمه الله وكلام غيره يقتضي أنه لا فرق في ذلك بين الحرة والأمة، وصرح به أبو محمد في المغني، وفي الرعاية احتمال أن الأمة على النصف من الحرة، والخرقي رحمه الله وجماعة إنما صوروا المسألة فيما إذا تزوج امرأة على أخرى، والحديث إنما ورد في ذلك، وقد يقال: إن ذلك تنبيه على ما إذا لم يكن تحته زوجة، لأنه إذا لا يسقط حق أحد، ثم إن الحكم معلل بإزالة الاحتشام ونحوه وهو شامل.
(تنبيه) : لو أرادت الثيب أن يقيم عندها سبعا فعل وقضاهن للبواقي للحديث، والله أعلم.
[النشوز بين الزوجين]
قال: وإذا ظهر منها ما يخاف معه نشوزها وعظها، فإن أظهرت نشوزا هجرها، فإن أردعها وإلا فله أن يضربها ضربا لا يكون مبرحا.
ش: النشوز كراهة كل واحد من الزوجين صاحبه، وسوء عشرته، مأخوذ من النشز وهو الارتفاع، فكأن كلا منهما ارتفع عما عليه، وإذا ظهر من المرأة ما يخاف معه نشوزها مثل أن تتثاقل إذا دعاها أو تجيب متبرمة متكرهة، وعظها بأن يذكر لها ما يلين قلبها من ثواب وعقاب، فيذكر لها ما وجب له عليها من الطاعة، وما عليها في مخالفته، لقول الله سبحانه:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34] فإن أصرت على ذلك وأظهرت النشوز، بأن امتنعت من إجابته إلى الفراش، أو خرجت من بيتها بغير إذنه ونحو ذلك، هجرها في المضجع ما شاء، لقوله سبحانه:{وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34] وله هجرها في الكلام، لكن فيما دون ثلاثة أيام.
2674 -
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام» فإن أصرت على الامتناع فله أن يضربها، لقوله سبحانه:{وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] ويضربها ضربا غير مبرح، أي غير شديد.
2675 -
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا
تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح» رواه مسلم، وتقدير الآية الكريمة على هذا التقرير عند أبي محمد:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34] فإن نشزن فاهجروهن في المضاجع، فإن أصررن فاضربوهن، كآية المحاربة، وفيه تعسف، ومقتضى كلام أبي البركات وأبي الخطاب أن الوعظ والهجران والضرب على ظهور أمارات النشوز، لكن على جهة الترتيب قال المجد: إذا بانت أماراته زجرها بالقول، ثم يهجرها في المضجع والكلام دون ثلاث، ثم يضرب غير مبرح، وهذا ظاهر الآية الكريمة، غايته أن الواو وقعت للترتيب، إما لأن ذلك من مقتضاه أو لدليل من خارج، وهو أن المقصود زوال المفسدة، فيدفع بالأسهل فالأسهل، فله أن يضربها ضربا غير مبرح؛ فأجاز ضربها بمجرد العصيان، وهو مقتضى الحديث السابق، وقد قاله النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته بعرفة. ولو ترتب الضرب على الهجران لبينه، لأنه وقت حاجة، لتفرق الناس ورجوعهم إلى أوطانهم، والله أعلم.
قال: والزوجان إذا وقعت بينهما العداوة، وخشي عليهما أن يخرجهما ذلك إلى العصيان، بعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها، مأمونين برضى الزوجين وتوكيلهما، بأن يجمعا إن رأيا أو يفرقا، فما فعلا من ذلك لزمهما.
ش: قد تقدم إذا ظهر من المرأة النشوز أو أماراته، فإن خرجا من ذلك إلى العداوة، وخشي عليهما أن يخرجهما ذلك إلى العصيان، بعث الحاكم حكمين، إن رأيا المصلحة في الصلح أو التفريق بينهما فعلا، ولزم الزوجين فعلهما، لقول الله سبحانه:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] واختلف عن أحمد رحمه الله فيهما (فعنه) ما يدل على أنهما وكيلان للزوجين، لا يرسلان إلا برضاهما وتوكيلهما، فإن امتنعا من التوكيل لم يجبرا، هذا هو المشهور عند الأصحاب، حتى أن القاضي في الجامع الصغير، والشريف أبا جعفر، وابن البنا لم يذكروا خلافا، ونصبه أبو الخطاب؛ ولأن البضع حق للزوج، والمال حق للمرأة، وهما رشيدان، فلم يجز لغيرهما التصرف عليهما إلا بوكالة منهما، كما في غير ذلك (وعنه) ما يدل على أنهما حكمان، يفعلان ما يريان من جمع أو تفريق، بعوض أو غيره، من غير رضى الزوجين، وهو ظاهر الآية الكريمة، لتسميتهما حكمين، ومخاطبتهما بقوله:{إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا} [النساء: 35] وعدم اشتراط رضى الزوجين.
2676 -
وقد روى أبو بكر بسنده عن عبيدة السلماني، أن رجلا وامرأة أتيا عليا رضي الله عنه مع كل واحد منهما فئام من الناس، فقال علي رضي الله عنه: ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها؛ فبعثوا حكمين، ثم قال علي رضي الله عنه للحكمين: هل تدريان ما عليكما من الحق، عليكما من الحق إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله لي وعلي. فقال الرجل: أما الفرقة فلا. فقال علي رضي الله عنه: كذبت حتى ترضى بما رضيت به.
2677 -
ويروى أن عقيلا تزوج فاطمة بنت عتبة، فتخاصما، فجمعت ثيابها ومضت إلى عثمان رضي الله عنه، فبعث حكما من أهله عبد الله بن عباس، وحكما من أهلها معاوية رضي الله عنه، فقال ابن عباس: لأفرقن بينهما. وقال معاوية: ما كنت لأفرق بين شيخين من بني عبد مناف: فلما بلغا الباب كانا قد أغلقا الباب واصطلحا، وعلى كلتي الروايتين يشترط في الحكمين
أن يكونا) من أهل العدالة، أما على الثانية فظاهر، وأما على الأولى فلأن الوكيل إذا كان منصوبا من جهة الحاكم فلا بد وأن يكون عدلا (وأن يكونا) عالمين بالجمع والتفريق؛ لأنهما منصوبان لذلك، وهل تشترط حريتهما؟ فيه وجهان مبنيان عند أبي محمد على الروايتين، وعن القاضي اشتراط الحرية، وصححه ابن حمدان، وذلك يمنع البناء، ويشترط (أن يكونا) ذكرين، قاله أبو محمد؛ لأن ذلك يفتقر إلى رأي ونظر، والمرأة بمعزل عنهما، وقد يقال بالجواز على الرواية الثانية، والأولى أن يكونا من أهلهما، لإرشاد الرب سبحانه لذلك، لكونهما أشفق عليهما، وأدعى لطلب الحظ لهما، ولا يجب، لأن القرابة لا تشترط في الوكالة، ولا في الحكم، وينبني على الروايتين أنه إذا غاب الزوجان أو أحدهما بعد بعث الحكمين فعلى الأولى لا ينقطع نظرهما، إذ الوكالة لا تبطل بالغيبة، وعلى الثانية فيه احتمالان، حكاهما في الهداية (أحدهما) - وقطع به أبو محمد، وأورده أبو البركات مذهبا -: ينقطع، إذ كل من الزوجين محكوم له وعليه، والقضاء للغائب لا يجوز؛ (والثاني) : لا ينقطع، إذ المغلب في الحكم الحكم على كل منهما، وإن جن الزوجان انقطع نظرهما على الأولى، بناء على أن الوكالة تبطل بالجنون على المذهب، وعلى الثانية لا ينقطع قاله أبو محمد تبعا لأبي الخطاب