الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تنبيه) فرقة اللعان فسخ لا طلاق، نص عليه، والله أعلم.
[تكذيب الملاعن نفسه]
قال: وإن أكذب نفسه فلها عليه الحد.
ش: إذا أكذب نفسه لزمه ما عليه من وجوب الحد، ولحوق النسب، ولم يثبت ما عليه من عود حلها له، على المذهب كما تقدم، لأن بإكذاب نفسه تبين أن لعانه كذب، وإذا يجب الحد.
2783 -
وقد روى الدارقطني بإسناده عن قبيصة قال: قضى عمر رضي الله عنه في رجل أنكر ولد امرأته وهو في بطنها، ثم اعترف وهو في بطنها، حتى إذا ولد أنكره، فأمر به عمر رضي الله عنه فجلد ثمانين جلدة، لفريته عليها، ثم ألحق به ولدها، وإنما لم يثبت الحل حذارا من أن يثبت له بمجرد قوله حل، ولما كان من مذهب الخرقي أن اللعان لا يشرع إلا في قذف المحصنة اقتصر على الحد، أما على قول غيره من أنه يشرع وإن لم تكن محصنة، فيقول: أو التعزير إن لم تكن محصنة. والله أعلم.
[ما يترتب على اللعان]
قال: وإن قذفها وانتفى من ولدها، وتم اللعان بينهما
بتفريق الحاكم، انتفى عنه إذا ذكره في اللعان.
ش: إذا ولدت المرأة ولدا لحق زوجها.
2784 -
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش» ولا ينتفي عنه إلا باللعان على الصفة التي ذكرها الخرقي رحمه الله كما سيأتي بيانه.
2785 -
وذلك لما تقدم في حديث ابن عمر الصحيح: «أن رجلا لاعن امرأته، وانتفى من ولدها، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وألحق الولد بالمرأة» .
2786 -
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما لاعن بين هلال وامرأته قال: ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب، ولا يرمى ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد» رواه أحمد وأبو داود،
واختلف بماذا ينتفي (فعنه) بتمام لعانهما (وعنه) بنفي الحاكم مع ذلك، وهذا الخلاف كالخلاف في الفرقة، بماذا تحصل (وعنه) ثالثة تقف الفرقة على حكم الحاكم، فإذا فرق انتفى الولد، لأن قول ابن عمر رضي الله عنهما: ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وألحق الولد بالأم. ظاهره أن نفي الولد مرتب على التفريق، وخرج أبو البركات قولا آخر، أن الولد ينتفي بلعان الزوج وحده، وكأنه خرجه من القول: إن تعذر اللعان من جهة المرأة، يلاعن الزوج وحده لنفي الولد.
وقول الخرقي: وإن قذفها وانتفى من ولدها. لأن عنده كما سيأتي أن من شرط اللعان القذف، وقوله: وتم اللعان بينهما.
يحترز عن مذهب الغير أن الولد ينتفي بمجرد لعان الزوج، كالتخريج المتقدم، وقوله: وتم اللعان بينهما بتفريق الحاكم، الظاهر أن الباء فيه للمعية، أي مع تفريق الحاكم، لا للسببية، إذ تفريق الحاكم ليس سببا لتمام اللعان، بل تمامه بألفاظه المشترطة كما سيأتي، وقوله: انتفى عنه إذا ذكره في اللعان، يعني أنه يشترط لنفي الولد أن يذكره في اللعان، فلو لم يذكره لم ينتف، وهذا مختار القاضي وأبي محمد وغيرهما، لما تقدم من حديث ابن عمر أن رجلا لاعن
امرأته وانتفى من ولدها، ولأن غاية اللعان أن يثبت زناها، وذلك لا يوجب نفي الولد، كما لو أقرت به. وعلى هذا يشترط أن يذكره في الألفاظ الخمسة، وحكى أبو محمد تبعا للقاضي في روايتيه عن أبي بكر في الخلاف أنه لا يشترط ذكره، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم في لعان هلال وامرأته، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يدعى ولدها لأب، وليس في القصة أنه ذكر الولد في اللعان، ولم يعرج أبو البركات على هذا الخلاف، بل جزم أنه لا بد أن يتناوله اللعان، إما صريحا بأن يقول في لعانه: وما هذا الولد ولدي. وإما ضمنا، بأن يقول من قذفها بزنا في طهر لم يصبها فيه وأنه اعتزلها حتى ولدت: أشهد بالله أني لصادق فيما ادعيت به، ونحو ذلك، واعلم أنه يشترط لنفي الولد باللعان أن يتقدمه إقرار به، أو ما يدل عليه، والله أعلم.
قال: فإن أكذب نفسه بعد ذلك لحقه الولد.
ش: قد تقدم أنه إذا أكذب نفسه ثبت ما عليه من الحد، ولحوق الولد، لأن نفقته تجب عليه، وكلام الخرقي يشمل وإن كان الولد ميتا وله مال، وهو كذلك، والله أعلم.
قال: وإن نفى الحمل في التعانه لم ينتف حتى ينفيه عند وضعها له ويلاعن.
ش: منصوص أحمد في رواية الجماعة أنه لا يصح نفي
الحمل، وقال: ربما لم يكن شيئا، لعله يكون ريحا، وعلى هذا عامة الأصحاب، معتمدين بأنه يكون ريحا، وقد يكون غيره، فيصير نفيه مشروطا بوجوده، ولأن الأحكام التي ينفرد بها الحمل تقف على ولادته، بدليل الميراث والوصية، وغير ذلك، وهذا حكم ينفرد به الحمل، فدخل في القاعدة، وفارق وجوب النفقة على الحامل، وكونها لا توطأ حتى تضع وغير ذلك، لأن هذه أحكام تتعلق بحيوان حامل، لا ينفرد بالحمل، فعلى هذا لا بد أن ينفيه عند وضعها له ويلاعن، ونقل عنه ابن منصور ما يدل على أنه يصح نفيه، وهو اختيار أبي محمد، لأن في حديث سهل:«وقضى أن لا يدعى ولدها لأب» ، ولعان هلال وامرأته كان قبل الوضع، كما جاء في غير حديث.
2787 -
وجاء مصرحا في حديث سهل وكانت حاملا.
2788 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن على الحمل» ، رواه أحمد. وينبني على هذا الخلاف في استلحاقه، فعلى الأول لا يصح، وقد نص عليه أحمد في رواية ابن القاسم، وعلى الثاني يصح. والله تعالى أعلم.
قال: ولو جاءت امرأته بولد، فقال: لم تزن، ولكن ليس هذا الولد مني فهو ولده في الحكم، ولا حد عليه لها.
ش: أما كون الولد والحال ما تقدم ولده، فلأنه ولد على فراشه، وقد قال:«الولد للفراش» وأما كونه لا حد عليه فلأن شرط وجوب الحد القذف ولم يوجد، وظاهر كلام الخرقي أنه ليس له اللعان لنفي الولد، وهذا اختيار القاضي في الروايتين، وأبي محمد، لأن اللعان الذي ورد في الكتاب والسنة ورد بعد القذف، ولا قذف هنا، فينتفي اللعان، إذ الأصل الانتفاء مطلقا، إلا فيما ورد به الشرع، (والرواية الثانية) وهي اختيار أبي بكر، وابن حامد، والقاضي في تعليقه وفي روايتيه، والشريف وأبي الخطاب في خلافيهما، والشيرازي، وأبي البركات: له ذلك، لأن مشروعية اللعان لشيئين، نفي الحد والولد، ولا يلزم من عدم أحدهما عدم الآخر، ولو سلم أن أصل مشروعيته لنفي الحد، فليشرع لأجل الولد من باب الأولى، إذ ضرر الولد يتأكد، ويلزم منه مفاسد عظيمة، لا يوجد بعضها في الحد، فكيف بمجموعها.
(تنبيهان) : أحدهما ذكر أبو البركات من صور الروايتين إذ
قال صورة الخرقي، ولم يقل: ولم تزن. ولم يجعله قاذفا، أو قال: وطئت بشبهة، أو مقهورة بنوم أو إغماء أو جنون أو إكراه، وحكى اختيار الخرقي في الجميع، وأبو محمد في المغني قطع فيما إذا قال: وطئت بشبهة أنه لا لعان. وحكى الخلاف فيما إذا قال أكرهت على الزنا. وهذا ظاهر كلام القاضي، لأنه استدل لاختيار الخرقي بأن من رمى أحد الواطئين لم يكن له أن يلاعن، كما لو قذف الزوجة دون الواطئ، فقال: وطئك فلان بشبهة، وكنت عالمة أنه أجنبي. وأجاب عن ذلك في التعليق بأنه إنما لم يكن له اللعان لجواز نفي الولد عنه، بعرضه على القافة، وأبو محمد يقول في هذه الصورة التي جعلها القاضي محل وفاق: له اللعان، وينصب الخلاف مع القاضي، وضابط الباب أنه متى قذف بالزنا، بأن تضمن قذفه رميها ورمي واطئها، شرع اللعان بلا ريب، وعكسه إن لم يقذفها، ولا قذف واطئها، فهنا لا لعان عند أبي محمد في المغني، والقاضي، ولا خلاف، وعند أبي محمد في المقنع وأبي البركات فيه الروايتان، والصحيح عند أبي البركات مشروعية اللعان، وهذا الذي اقتضى لأبي البركات أن يقول: وهو أصح عندي. أي في جميع الصور، وإن قذف واطئها دونها، بأن قال: أكرهت على الزنا. ونحو ذلك، فهنا يجري الخلاف بلا ريب، والمصحح عند القاضي ومن تقدم مشروعية اللعان، خلافا للخرقي، وأبي محمد، وإن قذفها دون الواطئ، كما إذا قال: وطئك فلان بشبهة. وكنت عالمة، فعند القاضي هنا لا خلاف أنه لا يلاعن،