الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فإن مات قبل ذلك أقرع الورثة بينهن، وكان الميراث للبواقي منهن.
ش: يعني إذا مات الزوج قبل القرعة، أقرع الورثة بين النسوة، فمن خرجت عليها القرعة فلا ميراث لها، والميراث للبواقي، نص أحمد رحمه الله على ذلك في رواية الجماعة.
2732 -
وهو مروي عن علي رضي الله عنه، وذلك لأنهن قد تساوين، فلا سبيل إلى التعيين، فوجب المصير إلى القرعة، كمن أعتق عبيدا في مرضه، لا مال له سواهم، وأبو محمد رحمه الله هنا يوافق الجماعة في القرعة، وإن لم يقل بدخولها في المنسية، واعلم أن هذا فيما إذا كان الطلاق بائنا، أما إن كان رجعيا فإن الجميع يرثنه، وهذا واضح، والله أعلم.
[هدم الطلاق]
قال: وإذا طلق زوجته أقل من ثلاث فقضت العدة، وتزوجت غيره، وأصابها، ثم طلقها أو مات عنها، وقضت العدة، ثم تزوجها الأول فهي عنده على ما بقي من الثلاث.
ش: هذه المسألة الملقبة بالهدم، وهو أن نكاح الثاني هل يهدم طلاق الأول، وملخص الكلام في المسألة أن الرجل إذا طلق امرأته ثم رجعت إليه فإن كان قد طلقها ثلاثا ثم رجعت إليه بشرطه، فإنها ترجع إليه بطلاق ثلاث بالإجماع، وإن كان قد طلقها دون الثلاث، ثم رجعت إليه قبل نكاح زوج آخر، رجعت على ما بقي من طلاقها بلا خلاف أيضا، وإن رجعت
بعد نكاح زوج آخر، والحال هذه، فهذه صورة الخرقي، وفيها روايتان، أشهرهما عن أحمد، وهي اختيار الأصحاب أنها تعود على ما بقي من طلاقها، ولا هدم، نظرا إلى إطلاق قوله سبحانه:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] إلى قوله سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وظاهر إطلاق الآية الكريمة أن من طلقها زوجها طلقتين، ثم طلقها الثالثة، أنها قد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، وهو يشمل ما إذا رجعت إليه قبل تزويج زوج آخر أو بعده، وأيضا فهذا قول جمهور الصحابة رضي الله عنهم.
2733 -
قال أحمد هذا قول عمر، وعلي، وأبي، ومعاذ، وعمران بن حصين رضي الله عنهم.
2734 -
ورواه ابن المنذر أيضا عن زيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، ومن جهة القياس أن الزوج الثاني لا يحتاج إليه في إباحتها للأول، فوجب أن لا يؤثر في عدد الطلاق، أشبه وطء السيد أو الزوج الثالث أو الرابع (والرواية الثانية) تعود إليه بطلاق ثلاث، فنكاح الثاني هدم الطلاق الأول.
2735 -
وهذا قول ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهما، قال أحمد: روي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم: نكاح جديد وطلاق جديد، لأن نكاح الثاني إما أن يكون تأثيره في رفع التحريم والعدد، أو في رفع التحريم فقط، لا جائز أن يؤثر في رفع التحريم فقط، لأنه يلزم أن يرفع الثالثة، إذ التحريم تعلق بها، فلزم أن يكون تأثيره في رفعهما جميعا، فإذا طلقها واحدة أو اثنتين فالعدد موجود فيرفعه، وأجيب بأنه يهدم التحريم المتعلق بالثلاث، ولا تحريم فيما دون الثلاث، وعن قول ابن عمر،
وابن عباس، بأن أقوال الصحابة على قاعدتنا إذا اختلفت كانت كدليلين متعارضين، وإذا يصار إلى الترجيح، ولا شك أن قول الأولين أرجح، والقاضي حمل قول ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما، على ما إذا كان بعد طلاق ثلاث، وجعل المسألة اتفاقية من الصحابة، والله أعلم.
قال: وإن كان المطلق عبدا فطلق اثنتين لم تحل له زوجته حتى تنكح زوجا غيره، سواء كانت الزوجة حرة أو مملوكة، لأن الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء.
ش: لما ذكر أن الزوج إذا طلق امرأته أقل من ثلاث أنها تعود إليه على ما بقي من طلاقها، فإطلاق هذا شامل للحر والعبد، فأراد أن يخرج العبد ويقول: إن نهاية ما يملكه طلقتان، وإن كان تحته حرة، وأن ملك الثلاث مختص بالحر، وإن كان تحته أمة، فالطلاق معتبر بالرجال، هذا أنص الروايتين وأشهرهما عن الإمام، وعليه الأصحاب، لظاهر قول الله تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229]
الآية إلى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] فجعل للزوج أن يطلق ثلاثا، والمراد به الحر، بدليل:{وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} [البقرة: 229] الآية، والأخذ إنما يصح من الحر، لا يقال: الآية إنما وردت في الحرة، بدليل:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] قيل: الأمة يصح الافتداء منها بإذن سيدها، وفي هذا الاستدلال نظر، (أما أولا) فلأن الله سبحانه قال:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] والافتداء المطلق إنما هو للحرة الرشيدة، دون الأمة، وإذا كان للحرة فلا نزاع أن الحر الذي تحته حرة يملك ثلاثا، (وأما ثانيا) فلو سلم أن الأمة داخلة في هذا فلا نسلم أن المراد من قوله:{وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ} [البقرة: 229] ، لأن العبد يصح خلعه، بل وقبضه لعوضه على المنصوص، ولو قيل: إنه لا يصح قبضه، فأخذ السيد كان بسببه فنسب إليه، ثم لو سلم هذا فمثل هذا لا يقتضي تخصيص أول الآية الكريمة، غايته أنه أفرد بعض من دخل في الآية بحكم.
2736 -
واستدلوا أيضا على ما تقدم بما روى الدارقطني بإسناده عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«طلاق العبد اثنتان وقرء الأمة حيضتان» .
2737 -
وقد عورض هذا بأن الحديث رواه أبو داود والترمذي، وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«طلاق الأمة اثنتان، وعدتها حيضتان» .
2738 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «طلاق الأمة اثنتان، وعدتها حيضتان» رواه ابن ماجه والدارقطني، وهذا دليل للرواية الثانية، وأن الطلاق معتبر بالنساء، فيملك زوج الحرة ثلاثا، وزوج الأمة اثنتين، والأحاديث في الباب ضعيفة،