الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الجمع بين أربع نسوة]
قال: وليس للحر أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات.
2474 -
ش: هذا كالإجماع، ويدل عليه ما روي «عن قيس بن الحارث، قال: أسلمت وعندي ثماني نسوة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اختر منهن أربعا، وفارق سائرهن» رواه أبو داود، وابن ماجه، وإذا منع من الزيادة على أربع في الدوام، ففي الابتداء أولى، وبهذا قيل إن الواو في قوله سبحانه:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] بمعنى «أو» لا
عاطفة، وقد فهم من قول الخرقي، أن له أن يتسرى بما شاء، ولا نزاع في ذلك، لقوله سبحانه:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] .
قال: وليس للعبد أن يجمع إلا اثنتين.
2475 -
ش: لما روى الدارقطني عن عمر رضي الله عنه قال: ينكح العبد امرأتين، ويطلق تطليقتين، وتعتد الأمة حيضتين. 2476 - وقال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل الناس كم يتزوج العبد؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: يتزوج ثنتين، وطلاقه ثنتان. وهذا في مظنة الشهرة، ولم ينكر فكان إجماعا.
2477 -
وقد روي عن الحكم بن عتيبة قال: أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن العبد لا ينكح أكثر من اثنتين. وبهذا يتخصص عموم الآية أو يقال الآية إنما تناولت الحر لأن فيها {أو ما ملكت أيمانكم} [النساء: 3] والعبد لا يملك، ولو ملك فنفس ملكه لا يبيح التسري، ثم في أول الآية {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى} [النساء: 3] فالخطاب لمن يكون وليا على يتيم، والعبد لا يصلح لذلك.
تنبيه: من عتق نصفه فأكثر يجمع بين ثلاث، نص عليه أحمد، لأن ذلك مما يقبل التجزي، فتجزى في حقه كالحد، وقيل: لا يملك إلا اثنتين؛ لأنهما قد ثبتا له وهو عبد، فلا ينتقل عنهما إلا بدليل من نص أو إجماع ولم يوجد، والله أعلم.
قال: وله أن يتسرى بإذن سيده.
ش: هذا منصوص أحمد رحمه الله في رواية الجماعة، وقول قدماء أصحابه الخرقي، وأبي بكر، وابن أبي موسى، وبعض متأخريهم، كأبي محمد من غير بناء على روايتي ملكه وعدمها، بل الخرقي وغيره يقولون: لا يملك ويبيحون له التسري، وبناه القاضي وعامة من بعده على الروايتين في ملكه، إن قلنا: يملك. جاز له التسري، وإلا فلا يجوز، وأحمد - رحمه
الله - في رواية أبي طالب قد استدل في المسألة وبينها بما هو كاف فيها.
2478 -
قال أبو طالب: سمعت أبا عبد الله قيل له: أيتسرى العبد؟ قال: نعم. قال ذلك ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما وغير واحد من التابعين، عطاء ومجاهد، وذكرهم، وأهل المدينة على هذا، وفي رواية قال: لم يزل أهل الحجاز على هذا. قيل لأبي عبد الله: فمن احتج بهذه الآية: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 5 - 6] فأي ملك للعبد؟ قال: إذا ملكه ملك. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من اشترى عبدا وله مال فقد جعل له ملكا، هذا يقوي التسري أنه يطأ بملك، وأهل المدينة يقولون: إذا أعتق وله مال فماله معه، ولا يتعرض لماله، وإذا باع العبد فالمال للسيد، فقد جعلوا له مالا في العتق، وابن عمر وابن عباس أعلم بكتاب الله ممن احتج بهذه الآية، هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، وهم أعلم فيما أنزل فقالوا: يتسرى العبد. ولكن في القياس ليس يقوم حد الملك، لأنه ليس خالصا له دون السيد، فيقول بقولهم، قال ابن سيرين: لا تزال على الطريق ما اتبعت الأثر. فقد استدل أحمد رحمه الله بقول الصحابة، وبعمل
أهل الحجاز، وبين أن يقول الصحابة يعرف معنى القرآن، وبين أن ملكه ليس كملك الحر، وهذا الذي يفصل النزاع، فالخرقي والقدماء يقولون: لا نثبت ملكا مطلقا، لكن ملكا يبيح له التسري فقط، لمصلحة راجحة، ولا بدع في ذلك، إذ الموقوف عليه يملك الانتفاع دون نقل الملك في الأصل، وكذلك سيد أم الولد يملك الانتفاع بها دون البيع ونحوه، والشارع يثبت من الملك ما فيه مصلحة العباد، ويمنع ما فيه فسادهم، والعبد محتاج إلى النكاح، فالمصلحة تقتضي ثبوت ملك البضع له، وإلا فكون العبد يملك مطلقا، فيه إضرار بالسيد، ومنع العبد مطلقا، فيه إضرار به، فالعدل ثبوت قدر الحاجة، وفي الحقيقة الملك المطلق لله سبحانه وحده، ثم إذا ثبت للعبد ملك النكاح وهو أشرف فملك التسري أولى، وغاية ما يقال أن إثبات ملك
يحل الوطء دون غيره لا نظير له، فنقول: قد ثبت ذلك عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم ولا يعرف لهما مخالف، وإذا لا يحتاج إلى النظير، ثم العبد لا نظير له في نفسه، إذ ليس هو مثل الحر، ولا مثل البهيمة، فكذلك في أحكامه انتهى. وإذا جاز له التسري جاز له التسري بما شاء بإذن السيد كالحر.
(تنبيه) نقل الجماعة عنه: إذا أذن له سيده مرة لم يكن له الرجوع. فظاهر هذا أنه جعل الإذن في التسري مقتضيا لملك البضع كالنكاح، فكما أنه ليس له الرجوع في النكاح إذا أذن له، فكذلك في التسري، وهو يؤيد طريقة الخرقي ومن وافقه، قال أبو محمد: ولم أجد عنه خلاف هذا، والقاضي لما استشعر أن هذا يخالف طريقته حمله على أنه أطلق التسري وأراد به النكاح. والله أعلم.
قال: ومتى طلق الحر أو العبد طلاقا يملك فيه الرجعة أو لا يملك، لم يكن له أن يتزوج أختها حتى تنقضي عدتها.
ش: هذا يعتمد أصلا، وهو أنه لا يجوز الجمع بين الأختين في عقد النكاح، وهذا إجماع والحمد لله، وقد شهد له قَوْله تَعَالَى:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] الآية إذا تقرر
هذا فكما أنه لا يجوز الجمع بينهما في عقد النكاح، لا يجوز الجمع بينهما في العدة، فإذا تزوج امرأة ثم طلقها، لم يجز له أن يتزوج في عدتها من لا يجوز له الجمع بينهما في عقد النكاح، كأختها وعمتها وخالتها، ونحو ذلك. رجعية كانت أو بائنا، أما الرجعية فبالاتفاق، إذ هي زوجة.
2479 -
وأما البائن فلأن ذلك يروى عن علي وابن عباس رضي الله عنهم.
2480 -
وعن عبيدة السلماني قال: ما أجمعت الصحابة على شيء كإجماعهم على أربع قبل الظهر، وأن لا تنكح المرأة في عدة أختها.
2481 -
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمع ماءه في رحم أختين» ولأنها محبوسة عن النكاح لأجله، أشبهت الرجعية، وقوله:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] أي في أحكام الوطء، لأنه أشمل، فهو أكثر فائدة، وحكم العدة من فسخ، حكم العدة من طلاق، والله أعلم.
قال: وكذلك إن طلق واحدة من أربع، لم يجز له أن يتزوج خامسة حتى تنقضي عدتها.
ش: قد تقدم أنه لا يجوز للحر أن يجمع في عقد النكاح بين أكثر من أربع، وكذلك لا يجوز أن يجمع بينهن في العدة، وإن كان الطلاق بائنا، لأنها محبوسة عن النكاح لأجله، أشبهت الرجعية.
2482 -
وعن أبي الزناد قال: كان للوليد بن عبد الملك أربع نسوة، فطلق واحدة ألبتة، وتزوج قبل أن تحل، فعاب عليه ذلك كثير من الفقهاء: قال سعيد بن منصور: وإذا عاب عليه سعيد بن المسيب، فأي شيء بقي.
قال: وكذلك العبد إذا طلق إحدى زوجتيه.
ش: أي ليس له أن يتزوج بأخرى حتى تنقضي عدة المطلقة، لما تقدم في الحر، وحكم البينونة من فسخ حكم الطلاق، نعم لو كانت البينونة بموت فقال ابن أبي موسى في الإرشاد: إذا ماتت واحدة من منتهى جمعه كان له أن يتزوج أخرى عقب موتها، وكذلك له أن يتزوج الأخت عقب موت أختها،
وكذلك لو طلقها طلاقا لا رجعة فيه، أو بانت منه بينونة لا رجعة فيها، وقد شذ عن الجماعة في الطلاق البائن.
(تنبيه) حكم الوطء بشبهة أو زنا حكم الوطء في نكاح صحيح، فإذا وطئ امرأة بشبهة أو زنا لم يجز في العدة أو يتزوج أختها، ولا يطأها إن كانت زوجته، على المذهب المنصوص، لئلا يجمع ماءه في رحم أختين، وكذلك لا يجوز وطء أربع سواها بالزوجية، وابتداء بالعقد على أربع، قاله أبو بكر في الخلاف، والقاضي، وأبو الخطاب في الانتصار، وابن عقيل، حذارا من جمع خمس نسوة في الفراش، أو فيما هو في حكمه وهو الزنا، لثبوت حرمة المصاهرة، وقيل: يجوز، لعدم النكاح، ويجوز في مدة استبراء العتيقة نكاح أربع سواها، قاله القاضي في الجامع والخلال، وابن المنى، ونصبه أبو الخطاب في خلافه الصغير، كما قبل العتق، وقيل: لا يجوز. التزمه القاضي في التعليق في موضع، قياسا على المنع من تزوج أختها. والله أعلم.
قال: وإذا خطب امرأة فزوج بغيرها لم ينعقد النكاح.
ش: إذا خطب امرأة فزوج بغيرها، فقبل يظنها المخطوبة، لم ينعقد النكاح، نص عليه أحمد، لأن القبول انصرف إلى