الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواية، وعلى المشهور يقف الفسخ على انقضاء العدة، فإن أسلمت الأخرى فيها خير، وإلا انفسخ نكاحها، والله أعلم.
قال: ولو كانتا أما وبنتا فأسلم وأسلمتا معا قبل الدخول فسد نكاح الأم، وإن كان دخل بالأم فسد نكاحهما.
ش: إذا أسلم وتحته اثنتان إحداهما أم الأخرى، فأسلمتا معا قبل الدخول بالأم فسد نكاح الأم، لأنها أم معقود على ابنتها، فتدخل تحت قَوْله تَعَالَى:{وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] وأنكحة الكفار صحيحة أو في حكم الصحيحة، وإن كان قد دخل بالأم فسد نكاحهما، لأنها إذا ربيبة مدخول بأمها، فتدخل تحت قَوْله تَعَالَى:{وَرَبَائِبُكُمُ} [النساء: 23] الآية، ولو لم يسلم إلا إحداهما فكذلك، إن كانت المسلمة الأم فسد نكاحهما، وكذلك إن كانت البنت وقد دخل بأمها، وإلا ثبت نكاحها، والله أعلم.
[الحكم لو أسلم العبد وتحته زوجتان]
قال: ولو أسلم عبد وتحته زوجتان، وقد دخل بهما فأسلمتا في العدة، فهما زوجتاه، ولو كن أكثر اختار منهن اثنتين.
ش: إذا أسلم عبد وتحته زوجتان مدخول بهما، فأسلمتا في العدة ثبت نكاحهما، لأن له والحال هذه ابتداء نكاحهما، فكذلك استدامته، وسواء كانتا حرتين أو أمتين أو مختلفتين، نعم هل للحرة والحال هذه خيار الفسخ؟ قال القاضي في المجرد، وابن عقيل: قياس المذهب لا؛ واختاره أبو محمد، لأنها
رضيت به كذلك، وجعله القاضي في الجامع كالعيب الحادث، نظرا بأن الرق ليس بنقص، وإن كان عيبا، لكن لا يؤثر في الكفر، وإنما يؤثر ما ليس بنقص في الكفر في الإسلام، وإن كن أكثر من اثنتين فأسلمن في العدة لم يكن له أن يختار أكثر من اثنتين، كابتداء النكاح، وله أن يختار ولو حرة وأمة على الصحيح.
قال: وإذا تزوجها وهما كتابيان، فأسلم قبل الدخول أو بعده فهي زوجته.
ش: لأنه والحال هذه يجوز له ابتداء نكاحها، فكان له استدامته، مع أن هذا قد حكاه أحمد وابن عبد البر وغيرهما إجماعا والله أعلم.
قال: وإن كانت هي المسلمة قبله وقبل الدخول انفسخ النكاح ولا مهر لها.
ش: أما الفسخ فلأن المسلمة لا تقر تحت مشرك، وأما عدم المهر فلأن الفرقة جاءت من قبلها، وقد تقدم حكاية رواية أخرى أن لها نصف المهر، ولو كان إسلامها والحال هذه بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة على المذهب، فإن أسلم فيها وإلا انفسخ النكاح، ولو أسلما معا فالنكاح بحاله، والله أعلم.
قال: وما سمي لها وهما كافران فقبضته ثم أسلمت فليس بها غيره، وإن كان حراما، ولو لم تقبضه وهو حرام فلها عليه مهر مثلها، أو نصف مهر مثلها حيث أوجب ذلك.
ش: إذا سمي الكافران تسمية فاسدة فقبضتها المرأة فلا شيء لها سواها، لوقوعها الموقع بالقبض، بدليل قوله سبحانه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 278] أمر سبحانه بترك ما بقي دون ما قبض، وقال تعالى:{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 275] والحكمة في ذلك والله أعلم أن إبطال ما قبض يشق، لتطاول الزمان، وكثرة تصرفهم في الحرام، ولما في ذلك من التنفير عن الإسلام، ولذلك لا يجب عليهم قضاء الفرائض ونحوها، وإن لم تقبضه المرأة فلها عليه مهر مثلها، أو نصف مهر مثلها حيث أوجب ذلك، على المذهب عند الأصحاب بلا ريب، لأن الممضي للتسمية الفاسدة القبض ولم يوجد، والقاعدة أن التسمية إذا كانت فاسدة وجب مهر المثل إن دخل بها، أو نصفه إن لم يدخل بها، وخرج القاضي في تعليقه رواية أخرى في الخمر والخنزير أن لا شيء لها في معينه، لأنه قد تعذر تسليمه، وخرج عن كونه مالا بالإسلام، ومن أصلنا أن المعين إذا تلف قبل قبضه سقط، وأن لها في غير المعين قيمته، لأن أحمد قال في رواية الميموني في عاشر المسلمين: يقوم الخمر عليهم، ويأخذ العشر من ثمنها. انتهى ونقل
عنه ابن منصور في نصراني تزوج نصرانية على قلة خمر، ثم أسلما: فإن دخل بها فهو جائز، وإن لم يدخل بها فلها صداق مثلها، وظاهر هذا أن قبل الدخول يجب صداق المثل بكل حال، وإن قبضت المحرم، قال أبو العباس: وهو قوي؛ إذ تقابض الكفار إنما يمضي على المشهور إذا وجد عن الطرفين، وهنا البضع لم يقبض.
وقد تضمن كلام الخرقي أن التسمية الصحيحة تمضي بكل حال، وهو واضح، والله أعلم.
قال: ولو تزوجها وهما مسلمان، فارتدت قبل الدخول انفسخ النكاح ولا مهر لها.
ش: أما فسخ النكاح فلأن المسلم لا يتزوج مرتدة، فلا يستديم نكاحها، ولا عدة تنتظر، وأما عدم المهر فلأن الفرقة جاءت من قبلها.
قال: ولو كان هو المرتد قبلها فكذلك، إلا أن عليه نصف المهر.
ش: يعني ينفسخ النكاح لما تقدم، ولظاهر قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] ونحوه، وعليه نصف المهر، لوجود الفرقة من جهته.
قال: ولو كانت ردتها بعد الدخول فلا نفقة لها.
ش: لأنه قد امتنع بردتها من الاستمتاع، فلا يجب لها النفقة كالناشز.
قال: وإن لم تسلم في عدتها انفسخ النكاح.
ش: لا إشكال في ذلك كما تقدم، أما إن أسلمت في عدتها فمفهوم كلامه ثبوت النكاح، وهو بناء على مختاره من القول بالوقف، وعلى الرواية الأخرى لا وقف، فينفسخ النكاح حين ارتدادها، وقد تقدم توجيه الروايتين، والله أعلم.
قال: ولو كان هو المرتد بعد الدخول، فلم يعد إلى الإسلام حتى انقضت عدتها انفسخ النكاح منذ اختلف الدينان.
ش: حكم الرجل في ارتداده بعد الدخول حكم المرأة في فسخ النكاح وعدمه، أما في النفقة فتجب، ولهذا سكت عنها الخرقي، ونفاها فيما إذا كانت هي المرتدة، لأن التسليم منها موجود، والامتناع من جهته بارتداده.
(تنبيه) لم يتعرض الخرقي لما إذا ارتدا معا، والحكم أن النكاح ينفسخ إن كان قبل الدخول، إذ كل حكم يتعلق بردة أحدهما تعلق بردة معه، أصله استباحة دمه وماله، ولأن الإنشاء والحال هذه لا يجوز، فكذلك الاستدامة، ويقف على انقضاء العدة إن كان بعد الدخول على المشهور من الروايتين، وهل يجب نصف المهر إن كانت الردة قبل الدخول؟ فيه وجهان، إذ الفرقة منهما، فهو كتلاعنهما ونحوه، وتجب النفقة مع الوقف، لأنها كانت واجبة، ولم تنفرد المرأة بما يسقطها، والله أعلم.