الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حكم النظر للمخطوبة]
قال: ومن أراد أن يتزوج امرأة فله أن ينظر إليها من غير أن يخلو بها.
ش: المذهب المعروف المشهور جواز النظر للمخطوبة في الجملة.
2488 -
لما روى «جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعو إلى نكاحها فليفعل» قال: فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها» . رواه أحمد وأبو داود.
2489 -
وفي «حديث الموهوبة أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد فيها النظر وصوبه» ، وقال حرب: قلت لأحمد: الرجل إذا أراد أن يتزوج امرأة هل
ينظر إليها؟ قال: إذا خاف ريبة؛ وظاهر هذا يفيد الجواز لخوف الريبة.
2490 -
وقد يستدل لها بما روى أبو هريرة قال: «كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنظرت إليها؟» قال: لا. قال: فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا» رواه مسلم.
2491 -
وللنسائي: «خطب رجل امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل نظرت إليها؟» الحديث انتهى، وإذا جاز له النظر، فعنه - وهو اختيار أبي محمد في العمدة - ينظر إلى ما يظهر غالبا، كالرقبة واليد والقدم، وقيل ظهر القدم، لظاهر ما تقدم من الحديث، إذ من ينظر إلى امرأة وهي غافلة نظر منها إلى ما يظهر عادة، وعلى هذا يحمل إطلاق الخرقي، وكذا أيضا حمل عليها القاضي قول أبي بكر في الخلاف: ينظر إليها حاسرة. وقد يحمل كلامهما على إطلاقه، إذ الحاسرة هي التي تضع
خمارها ودرعها، والحديث لا يأبى هذا، بل لعله ظاهره (نعم) يستثنى من ذلك ما بين السرة والركبة، لأنه لا يظن من صحابية كشف ذلك وإن كانت خالية.
2492 -
وقد روى سعيد عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر قال: خطب عمر بن الخطاب ابنة علي، فذكر منها صغرا، فقالوا له: إنما ردك. فعاوده فقال: نرسل بها إليك تنظر إليها فرضيها، فكشف عن ساقيها، فقالت: أرسل، لولا أنك أمير المؤمنين للطمت عينك (وعنه) رواية ثانية لا ينظر إلا الوجه واليدين، بناء على أن اليدين ليسا من العورة، وهي اختيار زاعمي ذلك، قال القاضي في تعليقه: المذهب المعمول عليه المنع من النظر إلى ما هو عورة، ونحوه قال الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، وذلك لظاهر قَوْله تَعَالَى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] .
2493 -
قال ابن عباس: الوجه وباطن الكف. رواه عنه الأثرم (وعنه رواية ثالثة) : يختص النظر بالوجه. صححها القاضي في المجرد، وابن عقيل، لأنه مجمع المحاسن.
2494 -
وشرط جواز النظر على كل حال عدم الخلوة بها، لقوله: صلى الله عليه وسلم «لا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما» ويخرج عن الخلوة بحضور امرأة صبية فأكثر، أو رجل من ذوي أرحامها، أو عصباتها ممن يباح له السفر بها.
وظاهر كلام الخرقي يشمل الأمة والحرة، وكذلك ظاهر كلام الشيخين وغيرهما، وصرح به القاضي في المجرد، وجعل في الجامع وابن عقيل حكم النظر في خطبة الأمة حكم النظر في شرائها.
وظاهر كلام الخرقي أيضا أن النظر على سبيل الإباحة، وجعله ابن عقيل وابن الجوزي مستحبا، وهو ظاهر الحديث، قال أبو العباس: وينبغي أن يكون النظر بعد العزم على نكاحها وقبل الخطبة. والله أعلم.
قال: وإذا زوج أمته وشرط عليه أن تكون عندهم بالنهار، ويبعث بها إليه بالليل، فالعقد والشرط جائزان، وعلى الزوج النفقة مدة مقامها عنده.
ش: لا ريب أن سيد الأمة يستحق منفعة الاستخدام والوطء، وقد أخرج منفعة الوطء، ومحلها عرفا وعادة هو الليل فيختص به، وإذا فهذا شرط مؤكد لمقتضى العقد ومقو له، فلا ريب في جوازه وجواز العقد معه، وعلى هذا يكون على الزوج نفقتها ليلا، إذ النفقة تدور مع التسليم، وهي إنما تسلمت كذلك، ولو بذلها السيد للزوج والحال أنهما شرطا ذلك لم يلزمه القبول (على وجه) اعتمادا على شرطه، لأن له فيه غرضا صحيحا، ويلزمه (على آخر) إذ هذا مقتضى الزوجية، وإنما سقط عنه لمعارضة حق السيد، والسيد قد رضي بإسقاط حقه فيسقط، وقد فهم من هذا الذي قلناه أنه مع عدم الشرط يكون الحكم كما قال الخرقي، وأن السيد متى بذلها له لزمه جميع النفقة بلا نزاع.