الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حكم من أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة]
قال: ولو نكح أكثر من أربع في عقد واحد، أو في عقود متفرقة، ثم أصابهن، ثم أسلم ثم أسلمت كل واحدة منهن في عدتها، أمسك أربعا منهن، وفارق ما سواهن، سواء كان من أمسك منهن أول من عقد عليهن أو آخرهن.
2549 -
ش: الأصل في هذا ما «روى الحارث بن قيس الأسدي أو قيس بن الحارث قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اختر منهن أربعا» رواه أبو داود وابن ماجه، وقد ضعف من قبل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
2550 -
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «أن غيلان بن سلمة أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية، فأسلمن معه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخير أربعا منهن» . رواه الترمذي وابن ماجه، وهذا وإن
كان مرسلا على الصحيح عند الأئمة، قاله الإمام أحمد والبخاري وغيرهما، إلا أنه قد عضده الذي قبله، فصار حجة بالاتفاق، ولهذا احتج به أحمد في رواية أبي الحارث، وتأويله بأن «اختر أربعا» بمعنى: اختر أربعا تعقد عليهن عقدا جديدا، مردود بأن في الدارقطني «أمسك منهن أربعا» والإمساك إنما هو بالعقد الأول، كما في قوله سبحانه:{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37] ثم إن تجديد العقد ليس إليه، والشارع قد فوض الاختيار إليه، وحمله على أنه تزوجهن في عقود، وأنه يختار الأوائل، بعيد من اللفظ جدا.
2551 -
ثم في بعض روايات حديث ابن عمر رضي الله عنهما «أن رجلا قال: يا رسول الله ما ترى في من أسلم وله عشر نسوة؟ قال: يتخير منهن أربعا» وهذا يخرج الحديث عن أن يكون واقعة عين.
وقول الخرقي: نكح أكثر من أربع. بيان صورة المسألة، إذ لو نكح أربعا فما دون والحال ما تقدم ثبت نكاحهن، (وقوله) في عقد واحد أو في عقود متفرقة، يحترز به عن
مذهب الحنفية، إذ عندهم أنهم إن كانوا في عقد واحد انفسخ نكاحهن، وإن كانوا في عقود صح نكاح الأوائل، (وقوله) ثم أصابهن. لأنه لو لم يصبهن انفسخ نكاحهن في الحال، لكون إسلامه قبل الدخول، نعم لو كان إسلامهن معه تخير، والخرقي إنما صور المسألة فيما إذا وقع إسلامهن بعد إسلامه، (وقوله) ثم أسلم، ثم أسلمت كل واحدة منهن، يحترز به عما إذا أسلم أربع منهن فما دون، فإنه لا يخير (وقوله) : في عدتهن. يحترز به عما إذا تأخر إسلامهن عن العدة، فإن نكاحهن ينفسخ كما تقدم، ولا تخيير، (وقوله) : أمسك أربعا منهن وفارق سائرهن، هذا هو الحكم، وهو واجب عليه إن اختار البقاء على النكاح، وإن اختار ترك نكاح الجميع فله ذلك، لكن يكون في أربع بطلاق، لأنهن زوجات، وفي الباقيات فسخ، (وقوله) : سواء كان من أمسك منهن أول من عقد عليهن أو آخرهن. هو من تمام الاحتراز عن مذهب الحنفية، والضمير في نكح، وفي الأربع، يرجع إلى الوثني أي ولو نكح الوثني أكثر من أربع وثنيات، فلا يرد عليه إذ أسلم زوج الكتابيات فإنه يتخير منهن، ولا يشترط إسلامهن.
(تنبيهات) أحدها عموم كلام الخرقي يشمل ما إذا كان محرما، وقاله أبو محمد، وقال القاضي: لا يختار والحال هذه، ويشبه هذا الارتجاع في الإحرام (الثاني) لو أسلمت المرأة ولها زوجان أو أكثر، تزوجاها في عقد واحد، لم يكن لها أن تختار أحدهما، ذكره القاضي وغيره محل وفاق، لأن البضع حصل بينهما مشتركا، بخلاف ما تقدم، فإن الزوج ملك بضع كل واحدة. (الثالث) صفة الاختيار والفراق وضابطه أن كل لفظ دل على الاختيار فهو اختيار، وكل لفظ دل على الفراق فهو فراق، ومثاله أن يقول لأربع من ثمان مثلا: أمسكت هؤلاء. أو اخترتهن، أو رضيتهن، ونحو ذلك، أو يقول: تركت هؤلاء الأربع، أو فسخت نكاحهن، فيثبت نكاح الأخر، فإن طلق إحداهن كان اختيارا، إذ الطلاق لا يكون إلا في زوجته، وكذلك لو أتى بلفظ الفراق أو السراح، ناويا به الطلاق، وإن أطلق فاحتمالان مبنيان - والله أعلم - على أنهما هل هما صريحان في الطلاق أو لا، وكذلك لو وطئ على المذهب لتضمنه الرضى بالموطوءة، ووقع للقاضي في التعليق في باب الرجعة أنه لا يكون اختيارا، وإن ظاهر أو آلى من إحداهما فوجهان، أشهرهما: لا يكون اختيارا لصحته في غير زوجته، والثاني يكون اختيارا، لأن حكمه لا يترتب إلا في زوجة، والله أعلم.