المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أحق الناس بنكاح المرأة الحرة] - شرح الزركشي على مختصر الخرقي - جـ ٥

[الزركشي الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب النكاح]

- ‌[اشتراط الولي في النكاح]

- ‌[اشتراط الشهود في النكاح]

- ‌[أحق الناس بنكاح المرأة الحرة]

- ‌[تولي طرفي العقد في النكاح]

- ‌[ولاية الكافر عقد نكاح المسلمة]

- ‌[ولاية المسلم عقد نكاح الكافرة]

- ‌[الأولى بزواج المرأة عند غياب الولي]

- ‌[اشتراط الكفاءة في النكاح]

- ‌[إذن الثيب والبكر في النكاح]

- ‌[الحكم لو زوج ابنته بدون صداق مثلها]

- ‌[الحكم لو زوج الوليان المرأة من رجلين]

- ‌[الحكم لو تزوج الأمة على أنها حرة فأصابها وولدت منه]

- ‌[عتق الزوجة مقابل المهر]

- ‌[صيغة الإيجاب والقبول في النكاح]

- ‌[الجمع بين أربع نسوة]

- ‌[حكم الشروط في عقد النكاح]

- ‌[حكم النظر للمخطوبة]

- ‌[باب ما يحرم نكاحه والجمع بينه وغير ذلك]

- ‌[المحرمات بالأسباب]

- ‌[يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب]

- ‌[لبن الفحل محرم]

- ‌[الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها]

- ‌[حرمة زوجة الأب على الابن وزوجة الابن على الأب بالعقد]

- ‌[وطء الحرام محرم]

- ‌[حكم من تزوج أختين من النسب أو الرضاع في عقد أو عقدين]

- ‌[حرائر أهل الكتاب وذبائحهم]

- ‌[زواج المسلم من الأمة الكتابية]

- ‌[زواج الحر المسلم بالأمة المسلمة]

- ‌[حكم الخطبة على الخطبة]

- ‌[خطبة المرأة المعتدة]

- ‌[باب نكاح أهل الشرك وغيره]

- ‌[حكم إسلام الوثني وقد تزوج بأربع وثنيات]

- ‌[حكم من أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة]

- ‌[حكم من أسلم وتحته أختان]

- ‌[الحكم لو أسلم العبد وتحته زوجتان]

- ‌[نكاح الشغار]

- ‌[نكاح المتعة]

- ‌[نكاح التحليل]

- ‌[نكاح المحرم]

- ‌[العيوب التي توجب الخيار في النكاح]

- ‌[تخيير العبد والأمة المزوجين حال الرق]

- ‌[باب أجل العنين والخصي غير المجبوب]

- ‌[نكاح الخنثى المشكل]

- ‌[ما يحصل به الإحصان الذي يجب به الرجم]

- ‌[مقدار الصداق وما يشترط فيه]

- ‌[حكم الاختلاف في مقدار الصداق]

- ‌[الحكم لو تزوجها بغير صداق]

- ‌[ما يترتب على خلوة الزوجين بعد العقد]

- ‌[العفو عن الصداق أو الإبراء منه]

- ‌[الحكم لو تزوجها على صداقين سرا وعلانية]

- ‌[حكم نماء المهر والتصرف فيه]

- ‌[باب الوليمة]

- ‌[النثار في العرس]

- ‌[باب عشرة النساء والخلع]

- ‌[القسم بين الزوجات]

- ‌[النشوز بين الزوجين]

- ‌[مشروعية الخلع]

- ‌[الخلع طلاق أم فسخ]

- ‌[الخلع على غير عوض]

- ‌[كتاب الطلاق]

- ‌[طلاق السنة والبدعة]

- ‌[طلاق السكران]

- ‌[طلاق الصبي]

- ‌[طلاق المكره]

- ‌[باب صريح الطلاق وغيره]

- ‌[الحكم لو وهب زوجته لأهلها]

- ‌[التوكيل في الطلاق]

- ‌[الحكم لو طلقها بلسانه واستثنى بقلبه]

- ‌[الطلاق المضاف لوقت]

- ‌[تعليق الطلاق على الطلاق]

- ‌[حكم من طلق واحدة وهو ينوي ثلاثا]

- ‌[باب الطلاق بالحساب]

- ‌[الشك في الطلاق]

- ‌[الحكم لو طلق إحدى زوجاته ولم ينو واحدة بعينها]

- ‌[هدم الطلاق]

- ‌[باب الرجعة]

- ‌[ما تحصل به الرجعة]

- ‌[الخلاف بين الزوجين في الرجعة]

- ‌[كتاب الإيلاء]

- ‌[ألفاظ الإيلاء]

- ‌[مدة الإيلاء]

- ‌[معنى الفيئة في الإيلاء]

- ‌[كتاب الظهار]

- ‌[قول الرجل لزوجته أنت علي كظهر أمي]

- ‌[موت المظاهر أو الزوجة قبل التكفير]

- ‌[الظهار من الأجنبية]

- ‌[ظاهر من زوجته وهي أمة فلم يكفر حتى ملكها]

- ‌[ظاهر من أربع نسائه بكلمة واحدة]

- ‌ كفارة الظهار

- ‌[كفارة العبد في الظهار]

- ‌[حكم الوطء قبل الكفارة في الظهار]

- ‌[حكم ظهار المرأة من زوجها]

- ‌[تكرر الكفارة بتكرار الظهار]

- ‌[كتاب اللعان]

- ‌[تحريم الملاعنة على الملاعن على التأبيد]

- ‌[تكذيب الملاعن نفسه]

- ‌[ما يترتب على اللعان]

- ‌[اللعان الذي يبرأ به من الحد]

- ‌[كتاب العدد]

- ‌[وجوب العدة على المخلو بها]

- ‌[انقضاء العدة بانقضاء الثلاثة قروء]

- ‌[عدة الآيسات واللائي لم يحضن]

- ‌[عدة الأمة]

- ‌[الحمل الذي تنقضي به العدة]

- ‌[عدة أم الولد]

- ‌[إحداد الزوجة المتوفى عنها زوجها]

- ‌[إحداد المرأة المطلقة ثلاثا]

- ‌[كتاب الرضاع]

- ‌[شروط الرضاع المحرم]

- ‌[ثبوت التحريم بلبن الميتة]

- ‌[الإقرار بالرضاع قبل الدخول أو بعده]

الفصل: ‌[أحق الناس بنكاح المرأة الحرة]

بفاسقين، وتعجب من قول أبي حنيفة في ذلك (ودخل) أيضا في كلامه عدو الزوج أو المرأة أو الولي أو متهم لرحم من أحدهم، وهو أحد الوجهين في الجميع، (وقد يدخل) في كلامه المراهق وهو إحدى الروايتين، والمذهب اشتراط البلوغ، ولا يرد عليه الطفل والمجنون والأصم، لخروجهم عقلا وعرفا، وقد يقال: قول الخرقي: شاهدين. أحال فيه على الشهادات وأنه لا بد من شروط الشهادة المعتبرة أيضا، لكن يبقى قوله: من المسلمين. ضائعا.

(تنبيه) : البغايا الزواني، والله أعلم.

[أحق الناس بنكاح المرأة الحرة]

قال: وأحق الناس بنكاح المرأة الحرة أبوها.

ش: هذا هو المذهب بلا ريب، لأنه أكمل نظرا، وأشد شفقة، ولهذا اختص بولاية المال، وجاز شراؤه من مال ولده وبيعه له من ماله بشرطه، ولأن الولد موهوب لأبيه، قال الله تعالى:{وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} [الأنبياء: 90] وقال إبراهيم عليه السلام: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: 39] .

ص: 26

2411 -

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت ومالك لأبيك» وإذا تقديم الأب الموهوب له على الابن الموهوب أولى من العكس، وحكى ابن المنى

ص: 27

في تعليقه قولا بتقديم الابن على الأب كما في الميراث، والله أعلم.

قال: ثم أبوه وإن علا.

ش: هذا أشهر الروايتين، وهو المذهب عند العامة، الخرقي، وأبي بكر، والقاضي، وجمهور أصحابه وغيرهم، لأن له إيلادا وتعصيبا أشبه الأب، (والرواية الثانية) تقديم الابن عليه، اختارها ابن أبي موسى، والشيرازي، كما في الميراث، وعلى هذه هل يقدم الجد على الأخ لامتيازه بالإيلاد، أو الأخ على الجد لإدلائه بالبنوة، وهي - والحال هذه - مقدمة على الأبوة في الجملة، أو هما سواء، لامتياز كل واحد منهما بمرجح؟ فيه ثلاث روايات، أما على الأولى فالجد مقدم على الأخ بلا ريب، والله أعلم.

قال: ثم ابنها وابنه وإن سفل.

ش: وذلك لأنه يقدم على الأخ ومن بعده في الميراث، فكذلك هنا، وقد فهم من كلام الخرقي أن للابن ولاية، وقد نص عليه أحمد في رواية الجماعة.

ص: 28

2412 -

«لحديث أم سلمة لما بعث إليها النبي صلى الله عليه وسلم يخطبها قالت: ليس أحد من أوليائي شاهدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس أحد من أوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك» رواه أحمد والنسائي، فقوله: صلى الله عليه وسلم «ليس أحد من أوليائك شاهد» يدل على أن لها وليا شاهدا، أي حاضرا في الجملة، وقول أم سلمة: ليس أحد من أوليائي شاهدا. يحتمل أنها ظنت أن ابنها عمر لا ولاية له، ويحتمل أنها قالت ذلك لأن وجوده كالعدم لعدم مباشرته للعقد، لأنه كان صغيرا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها سنة أربع، وقال ابن الأثير: كان عُمْرُ عُمَرَ حين مات النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين. وأنه ولد سنة اثنين من الهجرة. وعلى هذا يكون عمره حين التزويج سنتين، أو ثلاث سنين، وقول أحمد في رواية الأثرم - وقد سأله: أليس كان صغيرا - قال: ومن يقول كان صغيرا؟ ليس فيه بيان، يحتمل أنه إنما أنكر أن يكون في

ص: 29

الحديث بيان، والبيان قد يكون في حديث آخر، والله أعلم.

قال: ثم أخوها لأبيها وأمها.

ش: قياسا على الميراث، والله أعلم.

قال: والأخ للأب مثله.

ش: هذا منصوص أحمد في رواية صالح وحرب وأبي الحارث، وهو المذهب عند الجمهور الخرقي، وابن أبي موسى، والقاضي، والشريف، وأبي الخطاب، وابن عقيل، والشيرازي، وابن البنا وغيرهم، لأنهما استويا في الجهة التي تستفاد منها الولاية، وهي العصوبة التي من جهة الأب، فاستويا في النكاح، كما لو كانا من أب، وقرابة الأم لا ترجح، لأنها لا مدخل لها في النكاح.

وعن أحمد رواية أخرى حكاها طائفة من الأصحاب وصححها أبو محمد أن الأخ للأبوين يقدم على الأخ للأب، قياسا على الميراث، وعلى استحقاق الميراث بالولاء، فإنه يقدم فيه الأخ من الأبوين على الأخ من الأب، وإن كان النساء لا

ص: 30

مدخل لهن فيه، واعلم أن القاضي وكثيرا من أصحابه حكوا ذلك عن أبي بكر، ولم يذكروا عن أحمد نصا.

(تنبيه) هذا الخلاف جار في بني الإخوة والأعمام، فإن ابن الأخ للأبوين مقدم على ابن الأخ للأب على الثاني، مساو له على الأول، أما إذا كانا ابني عم أحدهما أخ لأم فقال القاضي وطائفة من أصحابه هما على ما تقدم من الخلاف في ابن عم من أبوين وابن عم من أب، وقال أبو محمد هما سواء، لأنهما استويا في التعصيب، والإرث به، وجهة الأم والحال هذه يورث بها منفردة، وما ورث به منفردا لا يرجح به، والله أعلم.

قال: ثم أولادهم وإن سفلوا، ثم العمومة، ثم أولادهم، ثم عمومة الأب.

ش: ملخصه أنه يقدم بعد الإخوة الأقرب فالأقرب من العصبات، على ترتيب الميراث، قياسا عليه، إذ الولاية مبناها على النظر والشفقة، ومظنة ذلك القرابة، والأحق بالميراث هو الأقرب، فيكون أحق بالولاية. والله أعلم.

ص: 31

قال: ثم المولى المنعم، ثم أقرب عصبته.

ش: وذلك لأنهم عصبات يرثون ويعقلون، فكذلك يزوجون، وقدم عليهم المناسبون كما في الميراث، والأقرب هنا هو الأقرب في الميراث، فيقدم ابن المعتق على أبيه، وإنما قدم الأب المناسب ثم على الابن لزيادة شفقته، وكمال نظره، وهنا النظر لأقوى العصبة، والله أعلم.

قال: ثم السلطان.

ش: لحديث عائشة رضي الله عنها «فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» ، والسلطان هو الإمام أو من فوض إليه ذلك كالحاكم ونوابه، واختلف في والي البلد (فعنه) لا يزوج، وهو الأشهر (وعنه) يزوج عند عدم القاضي إلا أن القاضي حمل الرواية على أنه أذن له في التزويج، وأبو العباس حملها على ظاهرها نظرا للضرورة.

وقد دل كلام الشيخ وعامة الأصحاب أنه لا ولاية لغير من ذكر، فيدخل في ذلك من أسلمت المرأة على يديه لا يلي نكاحها، وهو المشهور من الروايتين، (والثانية) يليه بناء على أنه يرثها.

(تنبيه) إذا لم يكن للمرأة ولي (فعنه) - وهو ظاهر كلام الأصحاب - أنه لا بد من الولي مطلقا حتى أن القاضي أبا يعلى

ص: 32

الصغير قال في رجل وامرأة في سفر ليس معهما ولي ولا شهود: لا يجوز أن يتزوج بها وإن خاف الزنا بها، قال أبو محمد:(وعنه) ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل، وأخذ ذلك من نصه في دهقان القرية وقد تقدم.

(قلت) : وهو إنما يدل على أنه يزوج كبير البلدة، وهو شبيه بقوله: يزوج والي البلد إذا لم يكن قاض، لكن ينبغي أن يكون الوالي مقدما على هذا، لأنه ذو سلطان، والله أعلم.

قال: ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه وإن كان حاضرا.

ش: لأنه نائبه وقائم مقامه، فعلى هذا يقوم مقامه في الإجبار وعدمه، وقد تضمن هذا صحة التوكيل في النكاح ولا إشكال في ذلك، فقد وكل النبي صلى الله عليه وسلم أبا رافع في تزويج ميمونة، ووكل عمرو بن أمية الضمري في تزويج أم حبيبة وظاهر إطلاق

ص: 33

الخرقي يقتضي أن لا يشترط إذن المرأة في التوكيل، ولا نزاع في ذلك إن كان الولي مجبرا، وكذا إن لم يكن مجبرا على اختيار الشيخين وغيرهما، وخرجه ابن عقيل في الفصول تبعا لشيخه في المجرد على روايتي توكيل الوكيل من غير إذن الموكل، والله أعلم.

قال: وإذا كان الأقرب من عصبتها طفلا أو عبدا أو كافرا زوجها الأبعد من عصبتها.

ش: إذا كان الأقرب من عصبتها طفلا زوج الأبعد، لأن الولاية تثبت نظرا للمولي عليه، عند عجزه عن النظر لنفسه، ومن لا

ص: 34

عقل له لا يمكنه النظر، ولا يلي لنفسه، فغيره أولى، وفي معنى ذلك من لا عقل له لكبر كالشيخ إذا أفند، أو لجنون مطبق، أما من يخنق في الأحيان فلا تزول ولايته، لزوال ذلك عن قرب، وكذلك المغمى عليه بطريق الأولى، وهو الذي قطع به أبو محمد، لأن مدته يسيرة، أشبه النوم، ولذلك لا تثبت الولاية عليه، ويجوز على الأنبياء عليهم السلام وحكى ابن حمدان وجها بزوالها، انتهى.

وقول الخرقي: طفلا، يحتمل أن يريد به غير المميز، وهو ظاهر العرف، فعلى هذا تصح ولاية المميز، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، مقيدا له بابن عشر، لأنه تصح وصيته وعتقه وطلاقه، على الصحيح في الجميع، فأشبه البالغ، ويحتمل أن يريد الخرقي غير البالغ، وهو ظاهر قَوْله تَعَالَى:{وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} [النور: 59] وهو الرواية الثانية، وهي المشهورة نقلا واختيارا، لأن الولاية يعتبر لها الكمال، ومن لم يبلغ قاصر، لثبوت الولاية عليه، انتهى.

وإذا كان الأقرب من العصبة عبدا - وإن كان مدبرا أو مكاتبا - زوج الأبعد أيضا بلا خلاف نعلمه، لأنه لا تثبت له الولاية على نفسه، فعلى غيره أولى، ولا يرد المكاتب يزوج أرقاءه

ص: 35

في وجه، لأن ذلك ولاية بالملك، وهذه بالشرع، وولايات الشرع يعتبر لها الكمال، (وكذلك) إن كان كافرا زوج الأبعد، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] مفهومه أن الكافر لا يكون وليا لمسلمة، وقد حكى ذلك ابن المنذر إجماعا، وكذلك الحكم في العكس.

وبالجملة يشترط في الولي أن يتفق دينه ودين موليته في الجملة، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى وخرج أبو العباس في اليهودي هل يكون وليا لنصرانية وبالعكس روايتين من الروايتين في توارثهما.

وقول الخرقي: من عصبتها، فيه إشعار بأن الولي لا يكون إلا من العصبة، وهو صحيح نص عليه أحمد في رواية الجماعة.

2413 -

لقول علي رضي الله عنه: إذا بلغ النساء نص الحقائق فالعصبة أولى. يعني إذا أدركن رواه أبو عبيد في الغريب. (وعن

ص: 36

أحمد) أن المرأة تلي بالعتق فقط، لأنها والحال هذه عصبة ترث بالتعصيب، فأشبهت الرجل المعتق، قلت: ويخرج في الملاعنة ونحوها كذلك، انتهى.

وقد علم من كلام الخرقي أنه يشترط للولي شروط: (أحدها) : العصوبة، (والثاني) : البلوغ، (والثالث) : الحرية، (والرابع) : اتفاق الدين. وفي البلوغ من كلامه تردد، ويشترط له أيضا الرشد في العقد، بأن يعرف مصالح العقد ومضاره، فلا يضعها عند من لا يحفظها ولا يكافئها، إذ المقصود من الولاية ذلك، (وهل) تشترط له العدالة؟ فيه روايتان:(إحداهما) : لا، فيلي الفاسق، وهو ظاهر إطلاق الخرقي، لأنه يلي نكاح نفسه، فكذلك غيره. (والثانية) : - وهي أنصهما، واختيار ابن أبي موسى، وابن حامد، والقاضي، وأصحابه وغيرهم - نعم.

2414 -

لما روى الشالنجي بإسناده، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لا نكاح إلا بإذن ولي مرشد، أو سلطان. وروي معناه مرفوعا من رواية جابر، رواه البرقاني، ولأنها إحدى الولايتين،

ص: 37

فنافاها الفسق كولاية المال، وعلى هذه يكتفى بمستور الحال، على ما جزم به أبو البركات، وأبو محمد في الكافي، وكثير من الأصحاب أطلق العدالة، فجعل ابن حمدان ذلك طريقتين، ثم حكى رواية ثالثة أن الفاسق يلي نكاح عتيقته فقط، قلت: كما قبل العتق، وقال أبو العباس: إذا قلنا: إن الولاية الشرطية تبقى مع الفسق ويضم إليه أمين فالولاية الشرعية أولى، وفيه نظر، إذ الولاية الشرطية يلحظ فيها حظ الموصي ونظره، فلنا حاجة إلى بقاء الموصى إليه، بخلاف هنا، فإنه لا حاجة بنا إلى بقاء الولاية، وكأن أبا العباس رحمه الله نظر إلى أنا إذا أبقينا وصية الأجنبي مع فسقه فالقريب أولى، لما انطوى عليه من الشفقة، لكن لا يطرد له هذا في الحاكم ونحوه.

ص: 38

وظاهر إطلاق المصنف أنه لا يشترط للولي النطق، وهو صحيح بشرط أن يفهم ويفهم، ولا البصر، وهو أصح الوجهين، لأن شعيبا زوج ابنته وهو أعمى، والله أعلم.

قال: ويزوج أمة المرأة بإذنها من يزوجها.

ش: هذا المذهب المختار من الروايات، صححه القاضي، وقطع به أبو الخطاب في الهداية، لأن الأصل كون الولاية لها، لأنها مالها، وإنما امتنعت في حقها لانتفاء عبارتها في النكاح، وإذا تثبت لأوليائها كولاية نفسها، وإنما قلنا: لا عبارة لها في النكاح، وهو المذهب بلا ريب.

2415 -

لما احتج به أحمد عن أبي هريرة، قال: لا تنكح المرأة نفسها، ولا تنكح من سواها.

2416 -

وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي

ص: 39

تزوج نفسها» رواه ابن ماجه والدارقطني، وقال: حديث حسن صحيح. والنهي دليل الفساد.

2417 -

ويعضده أنه قول جمهور علماء الصحابة حكي عن ابن عمر ، وابن عباس ، وأبي موسى، وأبي هريرة، وحفصة، واختلف عن عائشة. ولأن مباشرتها لعقد النكاح يشعر برعونتها ووقاحتها وذلك ينافي حال أهل المروءة، انتهى.

وإنما اشترط إذنها لوليها

ص: 40

لأن الأمة مالها، ولا يجوز التصرف في مال الفرد بغير إذنه، فلو لم تكن رشيدة زوجها من يلي مالها إن رأى الحظ لها في ذلك.

(تنبيه) يعتبر في الإذن هنا النطق وإن كانت بكرا، قاله أبو محمد وغيره، إذ الصمات إنما اكتفي به في تزويجها نفسها لحيائها، وهي لا تستحيي في تزويج أمتها، انتهى.

(والرواية الثانية) يزوج أمة المرأة أي رجل أذنت له سيدتها، ولا تباشر هي العقد لأن سبب الولاية الملك، وإنما امتنعت المباشرة لنقص الأنوثية، فملكت التوكيل كالرجل المريض والغائب.

(والرواية الثالثة) يجوز مباشرتها للعقد، لما تقدم في صدر المسألة، ويلتزم أن لها عبارة في النكاح من قول أحمد في المعتقة: إن زوجتها - أي عتيقتها - لم يفسخ النكاح، فتكون الأمة أولى، لما تقدم في صدر المسألة، ويلتزم أن لها عبارة في النكاح، لحديث عائشة رضي الله عنها «أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها» الحديث، وهذه الرواية أخذت من قول أحمد في رواية محمد ابن الحكم: إذا كان للمرأة جارية فأعتقتها كان من أحبت أن تزوجها جعلت أمرها إلى رجل يزوجها، لأن النساء لا يلين العقد، فإن زوجتها لم يفسخ النكاح. قال القاضي: وظاهر هذا عدم

ص: 41

الاستحباب وصحة العقد، وفي أخذ رواية من هذا نظر، فإنه منع من المباشرة، ومنعه من الفسخ يحتمل أنه لوقوع الخلاف فيه وتعلق حق الغير، مع عدم دليل قاطع في المسألة، لكن عامة المتأخرين على إثباتها رواية، وعليها فرع أبو الخطاب، وأبو البركات ومن تبعهما أن للمرأة عبارة في النكاح، فتزوج نفسها وغيرها بإذن الولي، ويكون تزويجها بدون إذنه كالفضولي، قال أبو العباس: وفرق القاضي وعامة الأصحاب على هذه الرواية بين تزويج أمتها وتزويج نفسها وغيرها بأن التزويج على الملك لا يحتاج إلى أهلية الولاية، بدليل تزويج الفاسق مملوكته، وتبعهم هو أيضا، وجعل التخريج غلطا.

قلت: النص عن أحمد كما تقدم في المعتقة، ولا ملك لها إذا إلا أن يقال: استصحب فيها حكم الملك كما تقدم في الرواية التي حكاها ابن حمدان، ووافق أبو محمد على التخريج في تزويج نفسها وغيرها، ومنعه في تزويجها بدون إذن الولي لأنه يكون كتزويج الفضولي، وليس بشيء، والله أعلم.

ص: 42

قال: ويزوج مولاتها من يزوج أمتها.

ش: يزوج معتقة المرأة من يزوج أمتها، وهو على ما قال الخرقي ولي السيدة، وظاهره أنه يقدم فيه الأب على الابن، وقد تقدم في الولاء بالعتق أنه يقدم الابن على الأب، وصرح به أبو محمد، وقال أبو البركات: إن قلنا: يلي عليها. اشترط إذنها، وجرت فيها الروايات الثلاث في مولاتها الرقيقة، وإن قلنا لا يلي للملك، كما تقدم في الرواية التي حكاها ابن حمدان زوج بدون إذنها أقرب عصبتها، وذلك لأن التزويج هنا مستفاد بالتعصيب بالإرث، وهو مناف لظاهر كلام الخرقي، لأنه إن حمل كلامه على أن لها ولاية أشكل عدم اشتراط إذن المعتقة، وإن حمل على أنها لا ولاية لها - وهو ظاهر كلامه المتقدم - أشكل تقديم الأب على الابن.

قلت: ويمكن توجيه كلام الخرقي على أن لها ولاية، حيث قال: ويزوج مولاتها من

ص: 43