الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قومي» كانت تلك خطبته» ، رواه الدارقطني والتصريح الكلام الذي لا يحتمل غير النكاح، كقوله إني أريد أن أتزوجك. ونحوه.
(تنبيه) حيث حرم التصريح أو التعريض ففعل ونكح صح، ذكره القاضي، وابن عقيل وأبو محمد وغيرهم، وهو قياس قول أحمد في الخطبة على خطبة أخيه، ويتخرج وجها بالبطلان كالوجه في الخطبة. والله أعلم.
[باب نكاح أهل الشرك وغيره]
[حكم إسلام الوثني وقد تزوج بأربع وثنيات]
باب نكاح أهل الشرك وغيره قال: وإذا أسلم الوثني وقد تزوج بأربع وثنيات ولم يدخل بهن بن منه.
ش: لعموم قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] ولأنه اختلاف دين يمنع الإقرار على النكاح، فإذا وجد قبل الدخول تعلقت به الفرقة في الحال كالردة.
وقول الخرقي: وإذا أسلم الوثني. وكذلك كل كافر وإن كان من أهل الكتاب، وقوله: وقد تزوج بأربع. لا مفهوم له،
بل لو تزوج بواحدة أو أكثر كان كذلك، وقوله: وثنيات. وكذلك من في معناهن كالمجوسيات، أما لو كن كتابيات فإن النكاح لا ينفسخ، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.
(تنبيه) البينونة هنا فسخ لا طلاق، نص عليه أحمد. والله أعلم.
قال: وكان لكل واحدة منهن نصف ما سمي لها إن كان حلالا، أو نصف صداق مثلها إن كان ما سمي لها حراما.
ش: إذا بن منه والحال ما تقدم كان لكل واحدة منهن نصف الصداق، على المشهور من الروايتين، والمختار للأصحاب، الخرقي، وأبي بكر والقاضي وغيرهم، إذ الفرقة حقيقة من جهته، أشبه ما لو طلقها (والثانية) لا شيء لها، نظرا إلى أنه قد فعل الواجب عليه، وهي بتأخرها عن الإسلام كأن الفرقة من جهتها، وحذارا من التنفير عن الإسلام، باجتماع فسخ النكاح عليه، ووجوب المهر، وعلى المذهب لها نصف المسمى إن كان صحيحا، أو نصف مهر مثلها إن كان فاسدا، وإن لم يكن مسمى فالمتعة، والله أعلم.
قال: ولو أسلم النساء قبله وقبل الدخول بن منه أيضا.
ش: لما تقدم فيما إذا أسلم الزوج وحذرا من إقرار مسلمة تحت مشرك، والله أعلم.
قال: ولا شيء عليه لواحدة منهن.
ش: قطع بهذا جمهور الأصحاب، ونص عليه أحمد، معللا
بأن الفرقة جاءت من جهتها، ونقل أبو محمد عن أحمد رواية أخرى، وزعم أنها اختيار أبي بكر أن لها نصف المهر، نظرا إلى أن الفرقة جاءت من قبل الزوج، بتأخره عن الإسلام، والمنقول عن أحمد في رواية الأثرم التوقف، والله أعلم.
قال: فإن كان إسلامه وإسلامهن قبل الدخول معا فهن زوجات.
ش: لأن المحذور وهو اختلاف الدين منتف.
2541 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما «أن رجلا جاء مسلما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاءت امرأته مسلمة بعده، فقال: يا رسول الله إنها قد كانت أسلمت معي. فردها عليه» ، رواه أبو داود والترمذي وصححه، والمعية أن يتلفظا بالإسلام دفعة واحدة، على ظاهر كلام الخرقي وغيره، وصرح به أبو محمد، وحكى احتمالا بأن المعية أن يسلم المتأخر منهما في المجلس، نظرا إلى أن حكم المجلس حكم العقد، بدليل
القبض ونحوه، واختار أبو العباس أن المعية أن يشرع الثاني قبل أن يفرغ الأول، والله أعلم.
قال: فإن كان دخل بهن ثم أسلم فمن لم يسلم منهن قبل انقضاء عدتها حرمت عليه منذ اختلف الدينان.
ش: هذا هو المشهور من الروايات، قال أبو بكر: رواه عنه نحو من خمسين رجلا، والمختار لعامة الأصحاب الخرقي والقاضي، وأصحابه، والشيخين وغير واحد.
2542 -
لما «روى الزهري أن نساء كن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلمن بأرضهن وهن غير مهاجرات، وأزواجهن حين أسلمن كفار، منهن بنت الوليد بن المغيرة، وكانت تحت صفوان بن أمية، فأسلمت يوم الفتح، وهرب صفوان من الإسلام، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه وهب بن عمير، برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لصفوان، ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وأن يقدم عليه، فإن رضي أمرا قبله، وإلا سيره شهرين، فلما قدم صفوان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه ناداه على رؤوس الناس، فقال: يا محمد هذا وهب بن عمير جاءني بردائك، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك، فإن رضيت أمرا قبلته، وإلا سيرتني شهرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انزل أبا وهب» فقال: والله لا أنزل حتى تبين لي؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل لك سير أربعة أشهر» فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن بحنين، فأرسل إلى
صفوان يستعير أداة وسلاحا عنده، فقال صفوان: أطوعا أم كرها؟ فقال: «بل طوعا» فأعاره الأداة والسلاح التي عنده، ثم رجع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر، فشهد حنينا والطائف وهو كافر، وامرأته مسلمة، ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان، واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح» ، قال ابن شهاب: كان بين إسلام صفوان وإسلام امرأته نحو من شهر.
2543 -
وعنه أيضا «أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام - وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل - أسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة من الإسلام، حتى قدم اليمن، فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن، فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب إليه فرحا، وما عليه رداء، حتى بايعه فثبتا على نكاحهما» ، رواهما مالك في الموطأ، وهذان وإن كانا قضية في عين، فيحملان على ما بعد العدة، إذ الظاهر ذلك.
2544 -
ولأن في حديث الزهري: ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله وإلى رسوله وزوجها كافر مقيم بدار الحرب إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها، إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها.
2545 -
وقال ابن شبرمة: «كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم الرجل قبل المرأة، والمرأة قبل الرجل، فأيهما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة فهي امرأته، فإن أسلم بعد العدة فلا نكاح بينهما» . وخرج ما قبل الدخول، لعدم العدة، فإن قيل:
2546 -
فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: «رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على أبي العاص بالنكاح الأول، بعد ست سنين ولم يحدث شيئا» ، رواه أبو داود والترمذي، وقال: ليس بإسناده بأس، وابن ماجه وقال: بعد سنتين. كذلك قال أبو داود في رواية أخرى، وصححه الحاكم وغيره.
قيل: قد أجيب عنه بأجوبة (منها) بالطعن فيه، فإنه من رواية داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو نسخة ضعف أمرها علي بن المديني وغيره، وقال أحمد في رواية أبي طالب ما أراه يصح، يختلفون فيه.
2547 -
ويؤيد ذلك ما روي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده «أن النبي صلى الله عليه وسلم رد ابنته على أبي العاص بمهر جديد، ونكاح جديد» ، رواه الترمذي وغيره. لكن أهل العلم بالحديث على أن حديث ابن عباس أصح، قال أحمد:«روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رد ابنته بالنكاح الأول» ، فقيل له: يروى أنه ردها بنكاح مستأنف؟ قال: ليس لذلك أصل. وقال البخاري: حديث ابن عباس أصح من حديث عمرو بن شعيب. وقال الدارقطني: حديث عمرو هذا لا يثبت، والصواب حديث ابن عباس (الثاني) وهو الذي اعتمده الخطابي وغيره أنها قضية
عين، فيحتمل أنها بقيت في عدتها، بأن كانت حاملا، أو ارتفع حيضها برضاع ونحوه (الثالث) دعوى نسخه بأنه كان قبل نزول تحريم المسلمات على الكفار (والرواية الثانية) ينفسخ النكاح في الحال، كما قبل الدخول، اختارها الخلال وصاحبه، لقوله سبحانه:{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] والدليل منها من أوجه (أحدها) عموم: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10](الثاني) قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10] فأمر برد المهر ولو لم تقع الفرقة باختلاف الدين لما أمر برد المهر (الثالث) قوله: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [الممتحنة: 10] فأباح سبحانه نكاحهن على الإطلاق (الرابع) قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] وعلى هذا فما تقدم يكون منسوخا بهذه الآية الكريمة وأجيب (عن الأول) بأن المراد: في حال كفرهن، بدليل:{فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10]
(وعن الثاني) بأنه كان يجب دفع المهر إلى الزوج إذا جاء وإن كان قبل انقضاء عدتها، لانتفاء ردها إليه، فإن أسلم قبل انقضائها سقط وجوب المهر، ووجب تسليمها إليه، ثم نسخ وجوب دفع المهر إليه (وعن الثالث) بأنه محمول على ما بعد العدة، وكذا الجواب (عن الرابع) جمعا بين الأدلة (والرواية الثالثة) الوقف بإسلام الكتابية، والانفساخ بغيرها (والرواية الرابعة) الوقف، قال: أحب إلي الوقف عندنا، وقيل عنه ما يدل (على خامسة) وهو الأخذ بظاهر حديث زينب، وأنها ترد ولو بعد العدة.
وظاهر كلام الخرقي أن الفرقة حيث تقع، تقع في الحال، ولا يحتاج إلى حاكم، ولا إلى عرض الزوج على الإسلام، ونص عليه أحمد والأصحاب، وظاهر كلامه أيضا أنه لا فرق في هذا الحكم بين دار الحرب ودار الإسلام، ونص عليه أحمد والأصحاب.
2548 -
وقد «روي أن أبا سفيان أسلم بمر الظهران، ثم أسلمت امرأته بمكة، فأقرهما النبي صلى الله عليه وسلم على نكاحهما» والله أعلم.