الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط المتقدم كالمقارن، فالشرط والحال هذه لا يلزم معه العقد.
وأما حديث ذي الرقعتين فقال أحمد: ليس له إسناد. وأبو عبيد أجاب بجوابين (أحدهما) أنه مرسل، فأين هو من الذين سمعوه يخطب على المنبر: لا أوتى بمحلل ولا بمحلل له إلا رجمتهما، (والثاني) كقول أبي محمد، والله أعلم.
[نكاح المحرم]
قال: وإذا عقد المحرم نكاحا لنفسه أو لغيره، أو عقد أحد نكاحا لمحرم، أو على محرمة فالنكاح فاسد.
ش: لا يصح أن يعقد المحرم نكاحا لنفسه. بلا نزاع نعلمه عندنا.
2575 -
لما روى عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينكح المحرم ولا ينكح» وفي رواية ولا يخطب رواه الجماعة إلا البخاري (فإن قيل) :
2576 -
فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم» ، رواه البخاري، وأبو داود والترمذي، والنسائي، وإذا فيحمل نهيه صلى الله عليه وسلم على الكراهة، جمعا بين الدليلين.
2577 -
قيل: هذا معارض بما روى يزيد بن الأصم، «عن ميمونة رضي الله عنهما، قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان بسرف؛» رواه مسلم، وأبو داود، والترمذي.
2578 -
«وعن أبي رافع قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول بينهما» . رواه أحمد والترمذي وحسنه، وإذا تعارضت الروايتان طلب الترجيح،
ولا ريب أن من روى أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال، يترجح بأمور (أحدها) بكثرة رواته، قال أبو عمر النمري: الرواية «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال» ، متواترة عن ميمونة، وعن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن سليمان بن يسار مولاها، وعن يزيد بن الأصم وهو ابن أختها انتهى، ولا ريب أن الحمل على الفرد، أولى من الحمل على الجماعة.
2579 -
وقد قال أبو داود قال سعيد بن المسيب: وهم ابن عباس رضي الله عنهما، وقال أحمد في رواية أبي الحارث: هذا الحديث خطأ، يعني حديث ابن عباس (الثاني) أن ميمونة هي صاحبة القصة، وأبا رافع هو الرسول بينهما، ولا يخفى أنهما أعرف وأخبر بالواقعة من غيرهما، وقد أشار أحمد إلى
ذلك في رواية المروذي، لا سيما وابن عباس رضي الله عنه صغير، لا يحضر مثله الوقائع، فلعله روى عن غيره.
2580 -
مع أنه قد قيل: إن من مذهب ابن عباس رضي الله عنهما أن من قلد الهدي صار محرما، فلعله رأى النبي صلى الله عليه وسلم قلد الهدي، فاعتقد أنه محرم (الثالث) أن رواية ميمونة توافق رواية عثمان بن عفان رضي الله عنه، وعمل الصحابة رضي الله عنهم.
2581 -
فعن عمر رضي الله عنه أنه فرق في ذلك، رواه مالك الموطأ.
2582 -
وعن ابنه رضي الله عنه أنه نهى عن ذلك وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك. رواه أحمد، وهو قول زيد بن ثابت رضي الله عنه (الرابع) أنه متى تعارض دليلا الحظر والإباحة
كان دليل الحظر مقدما، ثم لو قدر التعارض في فعله صلى الله عليه وسلم، فيسلم نهيه صلى الله عليه وسلم في رواية عثمان وابن عمر رضي الله عنهم، ثم لو سلم ترجيح رواية ابن عباس رضي الله عنهما فهي فعله، وذاك قوله، والقول مقدم على الفعل، لا سيما وهو صلى الله عليه وسلم قد اختص في النكاح بخصائص لم يشاركه فيها غيره، فلعل هذا منها، ثم لو سلم عدم الاختصاص فلعل فعله صلى الله عليه وسلم وارد على مباح الأصل، ولا يلزم نسخ قوله، ودعوى أن المراد بالنهي الكراهة مخالف لظاهر النهي، ولعمل الصحابة، ويلزم منه أنه صلى الله عليه وسلم يفعل المكروه، ولا يقال فعله لتبيين الجواز، لأنا نقول تبيينه صلى الله عليه وسلم بقوله، ولا يقال: المراد بلا ينكح لا يطأ، ولا ينكح لا يمكن من الوطء، لأنا نقول: غالبا استعمال الشرع للعقد، فيحمل عليه، مع أن قوله في الحديث «ولا يخطب» قرينة على ذلك.
2583 -
ثم في الدارقطني عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا
يتزوج المحرم ولا يزوج» وهذا نص ويؤيده أن الصحابة فهمت ذلك.
2584 -
ففي الموطأ عن أبي غطفان المري أن أباه طريفا تزوج امرأة وهو محرم، فرد عمر رضي الله عنه نكاحه.
2585 -
وعن علي رضي الله عنه أنه قال: من تزوج وهو محرم نزعناها منه، ولم نجز نكاحه.
2586 -
وعن مولى زيد بن ثابت أنه تزوج وهو محرم، ففرق زيد رضي الله عنه بينهما، رواهما أبو بكر النيسابوري. والله أعلم.
وهل له أن ينكح لغيره، كما إذا كان وليا أو وكيلا في النكاح؟ فيه روايتان، أشهرهما لا، لعموم الحديث (والثانية) نعم، اختارها أبو بكر، كما لو حلق المرحم رأس حلال ونحوه، وقيل: إن أصل هذه الرواية من قول أحمد: إن زوج المحرم لم أفسخ النكاح. وقيل: هذا لا يثبت به رواية، لاحتمال أنه منع الفسخ للاختلاف فيه، ولهذا قال: هو والإمام مالك رضي الله عنهما: لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه. انتهى.