الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[عدة الأمة]
قال: والأمة شهران.
ش: يعني أن ما تقدم إذا كانت الزوجة حرة، أما إن كانت أمة فعدتها شهران، وهذا هو المشهور من الروايات، والمختار لعامة الأصحاب، الخرقي والقاضي وأصحابه، وأبي بكر فيما نقله القاضي في الروايتين، إذ الأشهر بدل من القروء، وعدة ذات القروء قرءان، فبدلهما شهران.
2809 -
واعتمد أحمد على قول عمر رضي الله عنه: عدة أم الولد حيضتان، ولو لم تحض كان عدتها شهران (والرواية الثانية) عدتها شهر ونصف، اختارها أبو بكر فيما نقله أبو محمد.
2810 -
ويروى عن علي وابن عمر رضي الله عنهم، لأن عدة الأمة نصف عدة الحرة، وعدة الحرة ثلاثة أشهر، فنصفها شهر ونصف، وإنما اعتدت الأمة ذات القروء بالحيضتين، لتعذر تبعيض الحيضة، (الرواية الثالثة) ثلاثة أشهر، مخرجة على ما قال القاضي من نصه في أن استبراءها بثلاثة أشهر، لظاهر إطلاق الكتاب، ولأن اعتبار الشهور للعلم ببراءة رحمها، ولا تحصل بدون ثلاثة أشهر في الحرة والأمة، إذ الحمل يكون
نطفة أربعين يوما، وعلقة أربعين يوما، ثم يصير مضغة أربعين يوما، ثم يتحرك ويعلو بطن المرأة، ويظهر الحمل، وهذا ظاهر لا خفاء به، إلا أنه ضعف، لأنه مخالف لإجماع الصحابة، لأنهم إنما اختلفوا على القولين السابقين، وظاهر كلام الخرقي أنه لا فرق بين من عادتها أن لا تحيض، وبين من عادتها أن تحيض، كمن بلغت خمسة عشر سنة ونحو ذلك، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، واختيار أبي بكر وأبي محمد، واعتمادا على عموم الكتاب، (والرواية الثانية) إذا أتى عليها زمان الحيض ولم تحض تعتد بسنة، اختارها القاضي في خلافه وفي غيره، وعامة أصحابه، الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، والشيرازي وابن البنا، لأنها والحال هذه مرتابة، لجواز أن يكون بها حمل منع حيضها فوجب أن تعتد بسنة، كالتي ارتفع حيضها بعد وجوده.
(تنبيه) حد الإياس هل هو خمسون سنة أو ستون، أو يفرق بين نساء العرب ونساء العجم، على خلاف سبق في الحيض، وأبو محمد يختار أنها إذا بلغت خمسين، وانقطع حيضها عن عادتها مرات لغير سبب، فقد صارت آيسة، وإن رأت الدم بعد الخمسين، على العادة التي كانت تراه فيها فهو حيض، والله أعلم.
قال: وإذا طلقها طلاقا يملك فيه الرجعة، وهي أمة، فلم تنقض عدتها حتى أعتقت، بنت على عدة حرة، وإن طلقها
طلاقا لا يملك فيه الرجعة فعتقت، اعتدت عدة أمة.
ش: لأنها إذا أعتقت وهي رجعية فقد وجدت الحرية وهي زوجة، فوجب أن تعتد عدة الحرائر، كما لو أعتقت قبل الطلاق، وإن عتقت وهي بائن فلم توجد الحرية في الزوجية، فلم تجب عليها عدة الحرائر، كما لو أعتقت بعد مضي القرئين، والله أعلم.
قال: وإذا طلقها وهي ممن قد حاضت، فارتفع حيضها لا تدري ما رفعه اعتدت سنة.
ش: هذا هو المذهب المعمول به بلا ريب، لأنها إذا حصلت مرتابة، فوجب أن تقعد سنة، تسعة أشهر للحمل اعتمادا على الغالب، وثلاثة لعدة الإياس، لتزول الريبة، ولأبي الخطاب في الهداية احتمال أنها تقعد للحمل أربع سنين، نظرا إلى أن ذلك هو اليقين، ثم تعتد للإياس.
(تنبيه) ولو عاد الحيض قبل الحكم بانقضاء عدتها انتقلت إليه بلا ريب، لأنه الأصل، والبدل لم يتم، وإن عاد بعد العدة وبعد نكاحها لم تنتقل إليه بلا ريب، للحكم بصحة نكاحها، وإن عاد بعد الحكم بانقضاء عدتها، وقبل نكاحها ففي الانتقال إليه وجهان، أصحهما لا تنتقل إليه، للحكم بانقضاء عدتها، والله أعلم.
قال: وإن كانت أمة اعتدت بأحد عشر شهرا، تسعة
أشهر منها للحمل، وشهران للعدة.
ش: هذا مبني على ما تقدم له من أن عدة الأمة الآيسة شهران، وهو المذهب، أما على رواية أن عدتها شهر ونصف، فتجلس عشرة أشهر ونصف، وعلى رواية ثلاثة أشهر، تساوي الحرة، والله أعلم.
قال فإن عرفت ما رفع الحيض كانت في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به، إلا أن تصير من الآيسات، فتعتد بثلاثة أشهر من وقت تصير في عدة الآيسات.
ش: إذا عرفت ما رفع الحيض - من مرض أو رضاع ونحوه - لم تزل في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به، أو تصير آيسة فتعتد عدة الآيسات، نص عليه أحمد في رواية صالح، وأبي طالب، وابن منصور، والأثرم، إذا حبسها مرض أو علة أو رضاع فلا بد أن تأتي بالحيض وعليه أصحابه.
2811 -
لما روى الشافعي في مسنده عن حبان بن منقذ، أنه طلق امرأته طلقة واحدة، وكان لها منه بنية ترضعها، فتباعد حيضها، ومرض حبان، فقيل له: إنك إن مت ورثتك. فمضى إلى عثمان وعنده علي وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، فسأله عن ذلك فقال عثمان لعلي وزيد بن ثابت رضي الله عنهم: ما تريان؟ فقالا: نرى أنها إن ماتت ورثها، وإن مات ورثته، لأنها ليست من القواعد اللائي يئسن من المحيض، ولا من الأبكار اللائي لم يبلغن المحيض. فرجع حبان إلى أهله فانتزع البنت منها، فعاد إليها الحيض، فحاضت
حيضتين، ومات حبان قبل انقضاء الثالثة، فورثها عثمان رضي الله عنه، والله أعلم.
قال: وإن حاضت حيضة أو حيضتين، ثم ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه، لم تنقض عدتها إلا بعد سنة من وقت انقطاع الحيض.
ش: لأنها إذا تصير مرتابة، فوجب أن تعتد بسنة، كما لو ارتفع حيضها من حين طلقها، والعدة لا تبنى على عدة أخرى، ولذلك لو حاضت حيضة أو حيضتين ثم يئست، انتقلت إلى ثلاثة أشهر، ولو اعتدت الصغيرة شهرا أو شهرين، ثم حاضت، انتقلت إلى القروء.
2812 -
واعتمد أحمد في المسألة على قول عمر رضي الله عنه فإنه قال - في رجل طلق امرأته فحاضت حيضة أو حيضتين، وارتفع حيضها لا تدري ما رفعه -: تجلس تسعة أشهر، فإن لم يستبن بها حمل، تعتد بثلاثة أشهر. قال ابن المنذر: قضى به عمر رضي الله عنه بين المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم،
لا ينكره منكر، والله أعلم.
قال: وإن طلقها وهي من اللائي لم يحضن، فلم تنقض عدتها بالشهور حتى حاضت، استقبلت العدة بثلاث حيض إن كانت حرة أو بحيضتين إن كانت أمة.
ش: لأن الشهور بدل عن الحيض، فإذا وجد المبدل بطل حكم البدل، كالتيمم مع الماء، وإنما لم تبن على ما مضى، لما تقدم من أن العدة لا تبنى على أخرى، وإذا تعتد بثلاث حيض إن كانت حرة، وبحيضتين إن كانت أمة، بناء على أن القروء الحيض، وإن قيل: إنها الأطهار فهل تعتد بما مضى من الطهر قبل الحيض قرء؟ فيه وجهان، والله أعلم.
قال: ولو مات عنها وهو حر أو عبد، قبل الدخول أو بعده، انقضت عدتها بتمام أربعة أشهر وعشر إن كانت حرة، وبتمام شهرين وخمسة أيام إن كانت أمة.
ش: أما كون الحرة تعتد بأربعة أشهر وعشر إذا مات زوجها فلقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] .
2813 -
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا»
متفق عليه، ولا فرق بين قبل الدخول وبعده، إعمالا لعموم الآية والخبر، ثم المعنى يعضده، وهو أن النكاح عقد عمر، فإذا مات انتهى، والشيء إذا انتهى تقررت أحكامه، كتقرر أحكام الإجارة بانقضائها، وأما كون الأمة تعتد بشهرين وخمسة أيام، فقيل لاتفاق الصحابة على أن عدة الأمة المطلقة على النصف من عدة الحرة، فكذلك عدة الوفاة، وظاهر كلام الخرقي أنه لا فرق بين أن تكون صغيرة أو كبيرة، مسلمة أو ذمية، ولا بين أن يوجد حيض في مدة الأربعة أشهر أو لم يوجد، وهو كذلك.
(تنبيه) والعشر المعتبرة في العدة هي عشر ليال بأيامها، فتجب عشرة أيام مع الليالي، والله أعلم.
قال: ولو طلقها أو مات عنها وهي حامل منه، لم تنقض عدتها إلا بوضع الحمل، أمة كانت أو حرة.
ش: لقول الله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] وهذا إجماع والحمد لله في الطلاق، وفي كل فرقة في الحياة، وكالإجماع فيما بعد الموت.
2814 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال - في الحامل المتوفى عنها زوجها -: إنها تعتد بأطول الأجلين.
2815 -
وهو إحدى الروايتين عن علي رضي الله عنه، ويحكى عن سحنون من المالكية، لقول الله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] وهذا عام في كل متوفى عنها، وللجماعة الآية السابقة، فإن العموم فيها أصرح، ثم يرشحه عمل العامة على وفقه.
2816 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: من شاء لاعنته لأنزلت سورة النساء القصرى، بعد الأربعة أشهر وعشرا. رواه النسائي وأبو داود، وهذا لفظه، يريد بسورة النساء سورة الطلاق، وهذا
يدل على أنها متأخرة عن الآية التي في سورة البقرة، فيقضي عليها بالنسخ أو بالتخصيص.
2817 -
والذي يقطع النزاع ويبين المراد بلا ريب، ما روي «عن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها، أنها كانت تحت سعد بن خولة، وهو من بني عامر بن لؤي، وهو ممن شهد بدرا، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك - رجل من بني عبد الدار - فقال لها: ما لي أراك متجملة، لعلك ترجين النكاح، إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشرا. قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي» . قال ابن شهاب: ولا أرى بأسا أن تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها غير أن لا يقربها زوجها حتى تطهر. متفق عليه.
2818 -
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لما بلغه هذا الحديث رجع إلى قول الجماعة، وهذا الذي يظن به.