الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[نكاح الشغار]
قال: وإذا زوجه وليته، على أن يزوجه الآخر وليته، فلا نكاح بينهما وإن سموا مع ذلك صداقا.
ش: إذا زوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته، فلا يخلو إما أن يسموا مع ذلك صداقا أو لا، فإن لم يسموا مع ذلك صداقا فلا خلاف عن أحمد نعلمه، ولا نزاع بين الأصحاب في بطلان النكاح.
2553 -
لما روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، وليس بينهما صداق» . رواه الجماعة، لكن الترمذي لم يذكر تفسير الشغار، وأبو داود جعله من كلام نافع، وهو كذلك في رواية متفق عليها.
2554 -
وعن ابن عمر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا شغار في الإسلام» رواه مسلم.
2555 -
وروي نحوه من حديث عمران بن حصين، وأنس وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم وغيرهم، والنهي يدل على فساد المنهي
عنه، والنفي لنفي الحقيقة الشرعية، ويؤيد ذلك فعل الصحابة.
2556 -
قال أحمد رحمه الله عن عمر وزيد رضي الله عنهما أنهما فرقا فيه، وكذلك معاوية أمر بذلك.
وخرج أبو الخطاب في هدايته، ومن تبعه رواية ببطلان الشرط، وصحة العقد، من نصه في رواية الأثرم: إذا تزوجها بشرط الخيار أو إن جاءها بالمهر في وقت كذا وإلا فلا نكاح، أن النكاح جائز، والشرط باطل، إذ فساد التسمية لا يوجب فساد العقد، كما لو تزوجها على خمر أو خنزير، فعلى هذا يجب مهر المثل انتهى.
وإن سموا مع ذلك صداقا فالمنصوص عن أحمد رحمه الله الصحة، وعليه عامة الأصحاب، لما تقدم من حديث ابن عمر إذ هذا التفسير إن كان من الرسول فواضح، وإن كان من نافع فهو راوي الحديث، وقد فسره بما لا يخالف ظاهره فيتبع.
2557 -
وقد روى البيهقي عن أبي الزبير عن جابر قال: «نهى رسول الله
- صلى الله عليه وسلم عن الشغار، والشغار أن تنكح هذه بهذه بغير صداق، بضع هذه صداق هذه، وبضع هذه صداق هذه» . وقال الخرقي، وأبو بكر في الخلاف: لا يصح أيضا، وحكاه في الجامع رواية.
2558 -
لما روى عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، «أن العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته، وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وقد كانا جعلا صداقا، فكتب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه: هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم» -. رواه أحمد وأبو داود، وأجيب بأن أحمد ضعفه من قبل راويه ابن إسحاق، وبأنه يحمل على أنهما كانا جعلا مهرا قليلا حيلة.
وحكى أبو البركات قولا ثالثا وصححه أنه إن قيل فيه: وبضع كل واحدة منهما مهر الأخرى لم يصح، للتصريح بالتشريك المقتضي للبطلان، وإلا صح، لأن غايته شرط فاسد، فيفسد ويصح النكاح، وقد ذكر أن ابن عمر فسر الشغار بأن يقول: وبضع كل واحدة منهما مهر الأخرى. لكن هذا التفسير
لا يعرف في الصحاح ولا في السنن.
واعلم أن أبا محمد قال - تبعا للقاضي في الجامع الكبير والمجرد، ولابن عقيل -: إنه متى صرح بالتشريك لا يصح النكاح قولا واحدا، فهذه الصورة عندهم مخرجة من محل الخلاف.
(تنبيه) سمي هذا النكاح نكاح الشغار قيل: لقبحه تشبيها برفع الكلب رجله ليبول في القبح يقال: شغر الكلب. إذا فعل ذلك، وهذا قول ابن الأعرابي، وعن الأصمعي: الشغار الرفع، كأن كل واحد رفع رجله للآخر عما يريد، وقيل: لا ترفع رجل بنتي ما لم أرفع رجل ابنتك، وقيل: الشغار البعد، كأنه بعد عن طريق الحق، وقال أبو العباس: الأظهر أنه من الخلو، يقال: شغر المكان. إذا خلا، ومكان شاغر أي خال، وشغر الكلب، إذا رفع رجله، لأنه أخلى ذلك المكان من رجله، وهذا هو العلة عنده في بطلان الشغار
أيضا، قال: لا يعقل له علة مستقيمة إلا إشغاره عن المهر، قال: وهو الذي يدل عليه قول أحمد، وقدماء أصحابه كالخلال، وصاحبه، وقد فسره أحمد بأنه فرج بفرج، فالفروج كما أنها لا توهب ولا تورث بنص القرآن، فلأن لا يعاوض بضع ببضع أولى، وأورد على هذا بأنه إذا ينبغي أن يصح ويجب مهر المثل، كما لو سميا فاسدا، وأجيب إذا رضيا بنكاح لا مهر فيه، فما قصداه لم يبحه الشارع، وما أباحه الشارع لم يقصداه، أما إذا سميا فاسدا فقد قصدا المهر، وأورد أيضا تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بغير مهر، وتزويج الرجل ابنته، والتفويض لا يسمى شغارا، وأجيب بأن الشغار فعال، فيكون من الطرفين، أي إخلاء بإخلاء، بضع ببضع، وهذا منتف في هذه المواضع، وعلل القاضي البطلان وجماعة من أتباعه بالتشريك في البضع، إذ المرأة تملك الصداق، والزوج يملك بضع المرأة، فكان بضع كل واحدة منهما مشتركا بين الزوج والمرأة، ورد بأن هذا ليس هو المقصود قطعا، وإنما كل من المرأتين رضيت بأن الزوج يستبيح بضعها بلا مهر لها، بل يكون لوليها، وهو بضع الأخرى، وعلل القاضي أيضا