الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الهداية، وأورده أبو البركات مذهبا، وجزم أبو محمد في الكافي والمغني بامتناع الحكم، معللا بأن من شرط الحكم بقاء الشقاق، ولا يتحقق ذلك مع الجنون، ويظهر أن التعليل هنا كالتعليل في الفرع الذي قبله، والله أعلم.
[مشروعية الخلع]
قال: والمرأة إذا كانت مبغضة للرجل، وتكره أن تمنعه ما تكون عاصية بمنعه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه.
ش: إذا كرهت المرأة زوجها لخلقه أو خلقه، أو دينه أو كبره ونحو ذلك، وخشيت أن لا تقوم له بما يجب له عليها، فلا بأس أن تفتدي نفسها منه بعوض، لقول الله سبحانه وتعالى:{وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] .
2678 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتردين عليه حديقته؟» فقالت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة» رواه البخاري والنسائي، وفي لفظ: ولكن أكره الكفر في الإسلام، لا أطيقه بغضا» . ويسمى هذا خلعا، أخذا من خلع الثوب،
كأنها تنخلع من لباس زوجها.
قال: ولا يستحب له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها.
2679 -
ش: لما روى ابن عباس رضي الله عنهما «أن جميلة بنت سلول أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ما أعيب على ثابت في دين ولا خلق، ولكني أكره الكفر في الإسلام، لا أطيقه بغضا. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أتردين عليه حديقته؟» قالت: نعم. فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد؛» رواه ابن ماجه.
2680 -
وعن أبي الزبير «أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده بنت عبد الله بن أبي ابن سلول، وكان أصدقها حديقة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أتردين عليه حديقته التي أعطاك؟» قالت: نعم وزيادة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الزيادة فلا ولكن حديقته» قالت: نعم. فأخذها له وخلا سبيلها، فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال:
قد قبلت قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم» . رواه الدارقطني بإسناد صحيح، وقال: سمعه أبو الزبير من غير واحد.
وظاهر كلام الخرقي أن هذا على سبيل الاستحباب، وأنه لو أخذ أكثر مما أعطاها جاز وصح الخلع، وهذا هو المنصوص والمختار لعامة الأصحاب، لعموم:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] وحملا للمنع في الحديث على الكراهة، ومنع أبو بكر من ذلك، وأوجب رد الزيادة، أخذا بظاهر الحديث، وقصرا للعام على بعض أفراده وملخصه أنه لا بد من مخالفة ظاهر، وإنما النظر في أي الظاهرين أولى بالحمل عليه، والله أعلم.
قال: ولو خالعته لغير ما ذكرناه كره لها ذلك ووقع الخلع.
ش: أي لغير البغض وكراهة منع حقه، وهو أن يكون الحال بينهما مستقيمة، والمذهب المنصوص المشهور المعروف –
حتى أن أبا محمد حكاه عن الأصحاب - وقوع الخلع مع الكراهة، لعموم قول الله سبحانه:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ} [النساء: 4](وعن أحمد) ما يدل على عدم الجواز، قال: الخلع مثل حديث سهلة تكره الرجل، فتعطيه المهر فهذا الخلع، وظاهر هذا أن غير هذا ليس بخلع، وفيه أيضا دليل لقول أبي بكر في المسألة قبل، وإلى هذا ميل أبي محمد قال: الحجة مع من حرمه، وذلك لقول الله سبحانه:{وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] منع سبحانه من الأخذ مطلقا، واستثنى منه صورة، فيبقى فيما عداها على مقتضى المنع، ثم قال سبحانه:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] مفهومه أن الجناح لاحق بها إن افتدت من غير خوف ثم أكد سبحانه وتعالى بقوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229] .
2681 -
وفي السنن: «أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس عليها فحرام عليها رائحة الجنة» وقوله سبحانه: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [النساء: 4] الضمير راجع إلى الصداق، وهذا الشيء منه لا بد وأن يكون بعضه، وإذا لا دليل في الآية، أو محمول على غير حال العقد، ولا يلزم من الإباحة بغير عقد الإباحة بعقد، بدليل الربا، ثم إن الله سبحانه قال:{فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] ولا هناءة مع الكراهة، فكيف يستدل به.
ومما قد يدخل تحت كلام الخرقي إذا عضلها لتفتدي نفسها، فإنه خلع لغير ما ذكره، لكن لا نزاع عندنا في عدم صحة هذا للآية الكريمة:{وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} [البقرة: 229] ولقوله تعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] نعم يستثنى من ذلك صور: (إحداها) : إذا زنت له أن يعضلها لتفتدي، لقوله سبحانه:{إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] ؛ (الثانية) : إذا ضربها على نشوزها ونحو ذلك لم يحرم خلعها