المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في الاجتهاد - شرح المقدمة الحضرمية المسمى بشرى الكريم بشرح مسائل التعليم

[سعيد باعشن]

فهرس الكتاب

- ‌(فصل) في الاجتهاد

- ‌(فصل) في سنن الوضوء

- ‌(فصل) في شروط الوضوء

- ‌(فصل) في المسح على الخفين

- ‌(فصل) في الاستنجاء

- ‌(فصل) في موجبات الغسل

- ‌(باب النجاسة وإزالتها)

- ‌(فصل) في إزالة النجاسة

- ‌(باب التيمم)

- ‌(فصل) في الحيض

- ‌(باب الصلاة)

- ‌(فصل) في مواقيت الصلاة

- ‌(فصل) في الصلاة المحرمة من حيث الوقت

- ‌(فصل) في الأذان والإقامة

- ‌(باب صفة الصلاة)

- ‌(فصل: في سنن الصلاة)

- ‌(فصل): في شروط الصلاة

- ‌(فصل): في مكروهات الصلاة

- ‌(فصل:) في سجود السهو

- ‌(فصل): في صلاة النفل

- ‌(فصل): في شروط الإمام

- ‌(فصل): في صفات الأئمة المستحبة

- ‌(فصل): في بعض سنن الجماعة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌(فصل) فيما يتحقق، وينتهي به السفر، وبعض شروط القصر

- ‌(فصل) في بقية (شروط القصر)

- ‌(فصل) في الجمع بين الصلاتين بالسفر والمطر

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌(فصل): في بعض سنن الخطبة والجمعة

- ‌(فصل): في سنن الجمعة

- ‌(فصل) في اللباس

- ‌(باب صلاة العيدين)

- ‌(فصل) في توابع ما مر

- ‌(باب صلاة الكسوف)

- ‌(باب صلاة الاستسقاء)

- ‌(فصل) في توابع ما مر:

- ‌(فصل) في حكم تارك الصلاة

- ‌(باب الجنائز)

- ‌(فصل) في غسل الميت وما يتعلق به

- ‌(فصل) في أركان الصلاة على الميت

- ‌(فصل:) في الدفن وما يتعلق به

- ‌(باب الزكاة)

- ‌(فصل) في زكاة الغنم

- ‌(فصل) في بعض ما يتعلق بما مر

- ‌(باب زكاة النبات)

- ‌(فصل) في واجب ما ذكر وما يتبعه

- ‌(باب زكاة النقد)

- ‌(فصل) في زكاة التجارة

- ‌(فصل) في زكاة الفطر

- ‌(فصل) في النية في الزكاة وتعجيلها

- ‌(فصل) في صدقة التطوع

- ‌(كتاب الصوم)

- ‌(فصل) فيما يبيح الفطر

- ‌(فصل) في سنن الصوم

- ‌(فصل) في بيان كفارة جماع رمضان

- ‌(كتاب الاعتكاف)

- ‌(باب الحج)

- ‌(فصل) في المواقيت

- ‌(فصل) في أركان الحج

- ‌(فصل) في سنن تتعلق بالإحرام

- ‌(فصل) في واجبات السعي وبعض سننه

- ‌(فصل) في الوقوف بعرفة وما يذكر معه

- ‌(فصل) في الحلق

- ‌(فصل:للحج تحللان)

- ‌(فصل) في أوجه أداء النسكين

- ‌(فصل) في دم الترتيب والتقدير

- ‌(فصل) في محرمات الإحرام

- ‌(فصل) في الإحصار والفوات وما يذكر معهما

- ‌(باب الأضحية)

- ‌(فصل) في العقيقة

- ‌(فصل) في محرمات تتعلق بالشعر ونحوه

- ‌خاتمة

الفصل: ‌(فصل) في الاجتهاد

ويجب التيمم بحضرته، وتصح منه مع الحرمة؛ لأنها لأمر خارج.

ومثله ما جهل حاله، سواء دلت قرينة على أنه مسبل للشرب، كالخوابي الموضوعة بالطرق، أم لا كالصهاريج، ويحرم حمل شيء منه إلى غير محله إلا لضرورة، كأن توقع المار بها عطشاً، فيجوز أن يحمل منه قدر حاجته، فإن استغنى عن شيء منه .. وجب رده.

* * *

(فصل) في الاجتهاد

وهو كالتحري: بذل المجهود في تحصيل المقصود:

(إذا اشتبه) ولو بقول ثقة (عليه) أي: على أهل للعبادة ولو صبياً مميزاً بالنسبة للعبادة، أما بالنسبة للملك .. فيشترط التكليف (طاهر) أي: طهور من ماء أو تراب أو غيرهما (بمتنجس) أو مستعمل ( .. اجتهد) وإن قل الطهور وجوباً مضيقاً إن ضاق الوقت ولم يجد غير المشتبهين، ولم يبلغا بالخلط قلتين، ولم يفعل الكيفية الآتية التي قيل بوجوبها وجوازاً فيما عدا ذلك.

(وتطهر بما ظن طهارته) بالاجتهاد بعلامة تدل على ذلك، كاضطراب وتغير وأثر نحو كلب، وله أيضاً استعماله في نحو شرب، فلو هجم وتطهر بأحد المشتبهين .. لم يصح؛ لأن مبنى العبادة على نفس الأمر، والاستناد إلى أصل أو ظن المكلف ولا ظن له، وأما أصل طهارته .. فأعرضوا عنه في هذا الباب.

ولجواز الاجتهاد شروط:

أحدهما: أن يكون لكل من المشتبهين أصل في التطهير -أي: عدم استحالته عن خلقته الأصلية، كالمتنجس بلا تغير، والمستعمل- أو في الحل.

فلو اشتبه ماءٌ ببول .. لم يجتهد فيهما؛ إذ لا أصل في البول في تطهير ولا حل، بل يتلف أحدهما ويتيمم، أو ما بنحو ماء ورد .. اجتهد لنحو الشرب لا للطهر؛ إذ لا أصل لماء الورد فيه، وإذا اجتهد لنحو شرب .. جاز له التطهير بما ظنه الماء عند (م ر)؛ إذ يغتفر في الشيء تبعاً ما لا يغتفر فيه مقصوداً.

وله أن يتطهر بكل من الماء، وماء الورد مرة، ويغتفر التردد في النية؛ للضرورة.

ولا يجوز في الماء الطهور والمستعمل؛ إذ لا ضرورة مع إمكان الاجتهاد، والأفضل

ص: 83

أن يضع بعضاً من أحد المشتبهين من الطهور والمستعمل أو ماء الورد في أحد كفيه، وبعضاً من الآخر في الكف الأخرى، ويغسل بهما وجهه من غير خلط، وينوي -ثم يعكس، ثم يتمم- وضوءه بأحدهما، ثم بالآخر، ويتأتى له حينئذ الجزم بالنية، وقيل: تجب هذه الكيفية؛ لأن طهره حينئذٍ بطهور يقيناً مع جزمه بالنية، وقال في "التحفة":(وهو وجية معنى، وظاهر كلامهم ندبه) اهـ

نعم؛ لو اجتهد وتحير ولم يجد غيرهما .. تعينت هذه الكيفية.

الثاني: أن يكون للعلامة فيه مجال، كاضطراب أحد المشتبهين أو نقصه، بخلاف ما لا مجال لها فيه، كأن اختلطت مَحْرَمُه بنسوة أجنبيات، فلا اجتهاد.

ثالثها: تعدد المشتبه ابتداءً ودواماً، فلا اجتهاد في واحد ابتداءً أو انتهاءً، كأن تلف أحد المشتبهين، فلا يجتهد في الباقي، وكذا لو تنجس أحد كميه -مثلاً- والتبس بالآخر ما لم يفصل أحدهما، ولو اشتبه نجس في أرض واسعة .. صلى فيها إلى أن يبقى قدره أو ضيقة غسل جميعها.

الرابع: العلم بنجاسة أحد المشتبهين ولو بخبر عدل.

الخامس: الحصر، فلو اشتبه إناء بول -مثلاً- بأوان طاهرة غير محصورة .. فلا اجتهاد، بل يأخذ منها إلى أن يبقى واحد، كما في "الإمداد" و"الفتح" هنا، وكذا في "التحفة" و"النهاية" في النكاح، وقال (ب ج):(وهذا شرط لوجوب الاجتهاد؛ لأنه يجوز حينئذٍ).

السادس: اتساع الوقت للاجتهاد والطهارة والصلاة في الوقت، فلو ضاق الوقت عن ذلك .. تيمم عند (حج)، وأعاد.

ويشترط للعمل بالاجتهاد: ظهور العلامة (ولو) لـ (أعمى)؛ لأنه لم يفقد من الحواس الظاهرة إلا البصر، ويمكن إدراك العلامة بغيره كشم وذوق وحس، وإنما امتنع اجتهاده في القبلة؛ لأن أدلتها بصرية غالباً، فإن لم تظهر له .. قلد عارفاً ولو أعمى، فإن لم يجده أو اختلف مقلدوه .. تيمم -كبصير تحير بعد إتلاف الماءين أو أحدهما- ولا قضاء.

وتجب إعادة الاجتهاد لكل طهر ولو مجدداً وإن لم يكفه؛ لوجوب استعمال الناقص.

ص: 84

وقال (م ر): (تجب إعادته لكل صلاة يريد فعلها إن بقي مما استعمله شيء أي إن أحدث أو تغير اجتهاده. نعم إن كان ذاكراً لدليله الأول .. لم يعده، بخلاف الثوب المظنون طهارته بالاجتهاد، فبقاؤه بحاله بمنزلة بقاء الشخص متطهراً، فيصلي به ما شاء إن لم يتغير ظنه) اهـ

وإذا اجتهد، فإن وافق اجتهاده الثاني للأول .. فذاك، وإلا .. أتلفهما أو أحدهما، وتيمم وصلى، ولا إعادة عليه، ولا يعمل بالثاني؛ لئلا يلزم نقض الاجتهاد بالاجتهاد إن غسل ما أصابه من الأول، أو يصلي بيقين النجاسة إن لم يغسله، لكن اعتمد (م ر): أن له حينئذ أن يعمل بالثاني إن غسل ما أصابه من الأول، وكذا لو كان المشتبهان مستعملاً وطهوراً؛ لعدم المحذور.

تنبيه: ما أصله الطهارة، وغلب على الظن تنجسه؛ لغلبة النجاسة في مثله .. فيه قولان: الأصل والظاهر، والأرجح الطهارة، لكن يكره استعمال ما قوي احتمال تنجسه، وهذا إن لم يعضد الظاهر رؤية النجس، كأن بالت ظبية في ماء ثم وجد متغيراً، فنحكم بنجاسته؛ عملاً بالظاهر من أن تغيره من بولها وإن احتمل كونه من غيره.

(ولو أخبره بتنجسه) أي: الماء أو غيره، أو باستعماله (ثقة) ولو عبداً أو امرأة، ولو عن عدلٍ آخر (وبين السبب) لتنجسه، أو استعماله (أو) أطلق، و (كان فقيهاً) بأحكام الطهارة (موافقاً) له في المذهب، قال في "التحفة":(أو عارفاً بمذهب المخبر -بفتح الباء- وإن لم يعتقده؛ إذ الظاهر أنه إنما يخبره باعتقاده لا باعتقاد نفسه)( .. اعتمده) وجوباً.

وخرج بـ (الثقة): الصبي والمجنون والفاسق، فلا يقبل خبرهم إلا إن بلغ غير المجانين عدد التواتر، أو أخبر عن فعل نفسه، كقوله: بلْتُ فيه، أو وقع في القلب صدقه .. فيجب حينئذٍ قبول خبرهم، ولو واحداً.

* * *

(فصل: ويحرم) على المكلف ولو أنثى (استعمال أواني الذهب والفضة) في طهارة وغيرها لنفسه وغيره ولو صغيرة، أو على وجه غير مألوف، كأن كبه واستعمل أسفله فيما

ص: 85

لا يصلح له؛ لخبر الشيخين: "لا تشربوا في أواني الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها"، وقيس به سائر وجوه الاستعمالات، كالاحتواء على مجمرة من أحدهما، أو شم رائحة منها من قرب، بحيث يعد عرفاً متطيباً بها.

والحيلة في حل استعمال ما في إنائهما: أن يصب مما فيه إلى نحو يده بقصد الإخراج منه، ثم يستعمله.

نعم؛ هي لا تمنع حرمة الوضع فيه، ولا اتخاذه.

ويحرم تزيين البيوت حتى الكعبة والمساجد والقبور بالذهب والفضة (إلا) في حال استعمالها؛ (للضرورة) بأن لم يجد غيرهما ولو بأجرة مع اضطراره إلى استعمالهما لشرب مثلا.

(و) يحرم أيضاً (اتخاذها) أي اقتناؤها من غير استعمال؛ لأنه يجر إليه غالباً (ولو) كان المستعمل أو المتخذ (إناء صغيراً) جداً، وإن ساوى الضبة المباحة، (كمكحلة) ومرود لغير حاجة الجلاء، وخلال وإبرة، وإن لم تسم آنية عرفاً على الإطلاق؛ لعموم النهي عن الإناء.

وتحل حلقة الإناء وسلسلته ورأسه من فضة؛ لانفصالها عنه مع أنها لا تستعمل، ولا تسمى إناءً. قال في "الأسنى":(قال الرافعي: ولك رده بأنه مستعمل بحسبه)، وفي "التحفة":(محل تجويزهم اتخاذ رأس للإناء من النقد إن لم يسم إناء بأن كان صفيحة، ومع ذلك: يحرم وضع شيء عليها لنحو الأكل منها؛ لأنها حينئذ إناء بالنسبة إليه).

(و) يحرم استعمال، واتخاذ (ما ضبب بالذهب) أو طليت ضبته به إن حصل منه شيء بالعرض على النار وإن صغرت؛ لشدة الخيلاء فيه.

(ولا يحرم ما ضبب بالفضة) ضبة صغيرة أو كبيرة لحاجة أو لا (إلا ضبة كبيرة للزينة) وحدها، أو مع الحاجة .. فتحرم؛ لما فيها من السرف والخيلاء، بخلاف الكبيرة لحاجة فقط وإن عمت الإناء عند (م ر)، والصغيرة لزينة ولو مع الحاجة .. فيحلان مع الكراهة وإن لمعت من بعد وكانت بموضع الاستعمال؛ لانتفاء الخيلاء في الثانية، والإسراف في الأولى، بخلاف الصغيرة لحاجة فقط .. فمباحة؛ لانتفاء الأمرين.

قال (ح ل): (لو تعددت الصغيرة وكان الجميع بقدر الكبيرة .. حرم) وتردد فيه في

ص: 86

"الامداد"، وأفتى بعض فقهاء اليمن بحرمة ما جرت به عادة كثير من تعميم بيوت -نحو الجنابي- بالفضة، ويؤيده قولهم:(إن التحلية جعل عين النقد في محال مفرقة مع الإحكام حتى تصير كالجزء منها، وليس هذا كذلك).

وضابط الصغر والكبر: العرف.

ولو شك في كبرها، أو في أن الكبيرة لزينة، أو لحاجة .. فالأصل في الإناء الإباحة، فتستصحب وإن كان الأصل في النقد التحريم.

والمراد بـ (الحاجة): الغرض المتعلق بالتضبيب غير الزينة، كإصلاح كسر وتقوية، وليس منها تحلية رأس المرش بلا كسر.

(ويحل) استعمال واتخاذ (المموه بهما) أي: الذهب والفضة مطلقاً، إن لم يحصل منه شيء يقيناً بالعرض على النار؛ لقلة المموه به حينئذٍ، فكأنه عدم، فإن حصل .. حرما في غير حلي امرأة، وحرم في حليها فعله لا استعماله.

ولو شك أيحصل منه شيء بالنار أم لا؟ حرم، ولا يشكل بما مر في الضبة؛ لأنه أضيق منها، بدليل حرمة فعله مطلقاً، وإن جاز استعماله بعد في حلي النساء، قال الشوبري:(ويحتمل الحل).

أما إناء أحد النقدين إذا غشي بشيء بحيث يستره .. فيحل وإن لم يحصل منه شيء بالنار عند (حج)، قال:(لأن علة التحريم العين مع الخيلاء، وهما موجودان في المموه بهما إن حصل منهما شيء بالعرض على النار، بخلاف المموه منهما بنحو نحاس، فالموجود العين دون الخيلاء).

وخرج بـ (إنائهما): إناء غيرهما من سائر الأواني الطاهرة ولو نفيسة، فتحل استعمالاً واتخاذاً؛ لأن الفقراء يجهلونها، فلا تنكسر قولبهم برؤيتها، لكن مع الكراهة في النفيسة ذاتاً كياقوت، أما النجسة .. فيحرم استعمالها مع الرطوبة إلا في ماء كثير.

* * *

(فصل:) في الخصال التي تطلب في خلقة الآدمي (يسن) استعمال (السواك في كل حال) من غير إفراط؛ للأحاديث الكثيرة الشهيرة فيه.

ص: 87

(ويتأكد للوضوء) والغسل والتيمم.

(و) عند إرادة (الصلاة لكل إحرام) بفرض أو نفل أو سجدة تلاوة أو شكر، ولو لفاقد الطهورين وإن لم يتغير فمه، واستاك عن قرب قبله؛ لحديث:"ركعتان بسواك خير من سبعين ركعة بغير سواك" وليس أفضل من الجماعة في الصلاة؛ لأن كلاً من درجاتها الخمس والعشرين تعدل كثيراً من درجاته السبعين، ولو تذكر أنه تركه وهو في الصلاة .. تداركه بفعل قليل أو كثير غير متوال.

(و) عند (إرادة قراءة القرآن، والحديث، والذكر) والعلم الشرعي وآلته، والأفضل كونه قبل الاستعاذة.

(و) عند (اصفرار الأسنان) أي: تغيرها وإن لم يتغير فمه.

(و) عند (دخول البيت) أي: المنزل ولو غير بيت، ولو لغيره .. قال الشارح:(ويصح أن يراد به: الكعبة) لكن تعقبه الكردي: (بأنهم أطبقوا على أنه المنزل، ويدل عليه الحديث).

(و) عند (القيام من النوم)؛ لأنه يغير الفم.

(و) عند (إرادة النوم)؛ ليخفف التغير الناشىء منه.

(و) يتأكد أيضاً (لكل حال يتغير فيه الفم) ريحاً أو لوناً أو طعماً، وعند كل طواف وخطبة وأكل، وبعد الوتر، وفي السحر، وللصائم قبل الزوال، وعند الاحتضار.

ويسن التخليل للأسنان قبل السواك وبعده، ومن أثر الطعام، وهو أمان من تسويسها.

ويسن كونه من عود السواك، وباليمنى كالسواك.

ويكره بعود القصب والآس، ويكره أكل ما خرج من بين الأسنان إن خرج بنحو عود.

ويندب لمن يصحب الناس التنظيف بالسواك ونحوه، والتطيب وحسن الأدب.

(ويكره) الاستياك (للصائم) والممسك (بعد الزوال) وإن احتاج إليه لإزالة تغير فمه من غير الصوم كنوم عند (حج)؛ لأنه يزيل الخلوف الذي هو أطيب عند الله من ريح

ص: 88

المسك، ولو لم يتعاط مفطراً يتولد منه تغير قطعاً .. كره له السواك من الفجر؛ لأنه يزيل الخلوف الناشئ من الصوم السابق، وحيث كان في ضمن عبادة كالوضوء لم يحتج لنية؛ لشمول نيتها له، وإلا .. توقف حصول السنة به على أن ينوي به السنة، أو لنحو الصلاة.

وأما آلته .. فقد أشار إليها بقوله: (ويحصل بكل خشن) طاهر ولو نحو أشنان، وكذا نجس عند (حج)؛ إذ الحرمة لأمر خارج، بخلافه بنحو ماء الغاسول وإن نقى الأسنان وأزال القلح؛ لأنه لا يسمى سواكاً (إلا إصبعه) المتصلة به؛ لأنها لا تسمى سواكاً، لكونها جزءاً منه، قال في "الإمداد":(وفيه ما فيه) ويجزئ بأصبع غيره المتصلة وكذا المنفصلة، وبأصبعه المنفصلة عند (حج)، إن خشنت في الجميع وإن وجب دفنها فوراً لموت صاحبها.

وهل تكره إزالة الخلوف بما لا يسمى سواكاً؟ قال في "التحفة": (الأقرب للمدرك نعم، ولكلامهم لا).

(والأراك أولى) من غيره، وأغصانه أولى من عروقه (ثم النخل) ثم الزيتون، ثم ذو الريح الطيب، ثم العود الذي لا رائحة له، وفي معناه الخرقة.

(ويستحب أن يستاك بيابس ندي بالماء)؛ لأن في الماء من التنظيف ما ليس في غيره، والمندى بغير الماء أولى من الرطب.

(و) أن يستاك (عرضاً) أي: في عرض الأسنان ظاهرها وباطنها؛ لخبر: "إذا استكتم .. فاستاكوا عرضاً"، ويكره طولاً؛ لأنه قد يدمى اللثة، ومع الكراهة يحصل أصل السنة؛ لأنها لأمر خارج (إلا في اللسان) .. فيندب طولاً؛ لخبر فيه، ويندب كونه باليد اليمنى إن كانت اليد لا تباشر القذر، وأن يبدأ بجانب فمه الأيمن ويذهب به إلى الوسط، ثم بالأيسر ويذهب به إليه أيضاً، وأن يعوده الصبي؛ ليألفه، ويجعل خنصره وإبهامه تحته، وبقية الأصابع فوقه، ويبلع ريقه أول استياكه بسواك جديد؛ لأنه أمان من كل داء، ولا يمصه، ويجعله خلف أذنه، ولا يعرضه إذا طرحه بل ينصبه، ولا يزيد طوله على شبر، ولا يستاك بطرفيه، وحرم بسواك الغير، إلا إن ظن رضاه .. فخلاف الأولى إلا لتبرك، وبضار كبذي سم، وقد يجب كأن توقفت إزالة النجاسة عليه، أو ريح كريه في يوم جمعة.

ص: 89

وفوائده كثيرة أنهاها بعضهم إلى نيف وسبعين، أعظمها رضا الله، وتذكير الشهادة عند الموت.

(و) يستحب (أن يدهن غباً) أي: وقتاً بعد وقت، أي: عند الحاجة.

(و) أن (يكتحل) وأن يكون بالإثمد و (وتراً) ثلاثة في اليمنى وثلاثة في اليسرى.

(و) أن (يقص الشارب) حتى تبين حمرة الشفة بياناً ظاهراً، ولا يزيد على ذلك.

(و) أن (يقلم الظفر) والأفضل يوم الخميس أو الإثنين أو بكرة الجمعة.

وأن يبدأ بسبابة اليمنى فالوسطى فالبنصر فالخنصر فالإبهام، ثم بخنصر اليسرى إلى إبهامها، وفي الرجلين من خنصر اليمنى إلى خنصر اليسرى.

(و) أن (ينتف الإبط) إن قدر، وإلا .. فليحلقه، ويحصل أصل السنة بحلقه وإن قدر على نتفه.

(و) أن (يزيل شعر العانة) والأفضل للذكر حلقه، ولغيره نتفه.

ويكره تأخير الدهن وما بعده إلى هنا عن وقت الحاجة، وعن أربعين يوماً أشد كراهة.

وأن يفرق شعر رأسه، ويرجله (ويسرح اللحية، ويخضب الشيب بحمرة أو صفرة)؛ للاتباع، ويحرم بالسواد ولو لامرأة، على خلاف فيها.

(و) أن تخصب (المزوجة يديها، ورجليها بالحناء) إن كان حليلها يحبه، وأن تبدأ في كل ذلك باليمنى، أما غيرها .. فلا يسن لها ذلك، بل يحرم عليها الخضب بسواد، وتطريف الأصابع وتحمير الوجنة والنقش إن كانت غير مفترشة، أو لم يأذن لها حليلها، وكذا يحرم عليها وصل شعرها بنجس أو شعر آدمي مطلقاً، وبطاهر إن لم تكن فراشاً، أو لم يأذن لها، والوشر وهو: تحديد أطراف الأسنان وتفريقها، كالوصل بطاهر غير شعر آدمي.

(ويكره القزع) وهو حلق بعض الرأس من موضع واحد، أو متفرق. والكراهة في الصغير على وليه، ولا بأس بحلقه لمن لم يَخِفَّ تعهده عليه ولا يسن إلا في نسك لذكر،

ص: 90

ولمن خشي من تركه مشقة، وفي المولود، والكافر إذا أسلم، ولا بتركه لمن يخف تعهده عليه.

(ونتف الشيب)؛ لأنه نور، بل قال في "المجموع":(ولو قيل بتحريمه .. لم يبعد) ونص عليه في "الأم".

(ونتف اللحية)؛ إيثار للمرودة، وتبيضها بالكبريت؛ استعجالاً للشيخوخة، وتصفيفها طاقة فوق طاقة؛ تحسيناً، والزيادة فيها والنقص منها؛ للأمر في الصحيحين بـ (توفير اللحى وتركها شعثة)؛ إظهاراً لقلة المبالاة، ولا بأس بترك السبالين.

(و) يكره بلا عذر (المشي في نعل واحد)؛ لصحة النهي عنه؛ لأنه يختل به المشي، وكالنعل الخف ونحوه.

(والانتعال) بما يخشى منه السقوط حال كونه (قائماً) أما المداس المعروفة الآن .. فلا يكره فيها الانتعال قائماً؛ لعدم خوف السقوط منها، ويسن خلعهما إذا جلس، ويجعلهما خلفه أو بجنبه الأيسر إن لم يكن يساره أو وراءه أحد، وإلا .. تعين بين رجليه أو تحته.

* * *

(فصل) في أول مقاصد الطهارة وهو الوضوء اسم مصدر توضأ، ومصدر إن أُخذ من وضؤ، وليس من خصوصيات هذه الأمة، بل الخاص بها الغرة والتحجيل فقط، أو مع الكيفية المخصوصة، والأفصح ضم واوه إن أريد به الفعل، وفتحها إن أريد به الماء الذي يتوضأ به.

مأخوذ من الوضاءة وهي النضارة؛ لإزالته ظلمة الذنوب.

وفرض مع الصلاة ليلة الإسراء، وهو معقول المعنى؛ لأن الصلاة مناجاة للرب، فطلب التنظيف لها، ولا يرد أن الرأس لا غسل فيه لأنه مستور غالباً، فخفف فيه.

وموجبه -كالغسل-: الحدث، وإرادة فعل ما يتوقف عليه.

والأصل فيه: الكتاب، والسنة، والإجماع.

(وفروض الوضوء) أي: مجموع أركانه ولو مندوباُ (ستة) أربعة ثابتة بالكتاب، واثنان بالسنة:

ص: 91

النية بحديث "إنما الأعمال بالنيات"، والترتيب بخبر "ابدأوا بما بدأ الله به" وهو وإن كان وارداً في السعي، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولأن العرب لا ترتكب تفريق المتجانس إلا لنكتة، وقد فرق في الآية بين المغسولات بالممسوح، فعلمنا أنه لنكتة الترتيب.

(الأول) النية؛ لخبر: "إنما الأعمال -أي صحتها- بالنيات".

وحقيقتها لغة: القصد، وشرعاً: قصد الشيء مقترناً بفعله إلا في صوم، ونحو زكاة .. فيغتفر تقديمها؛ للعسر، أما المتقدم على الفعل .. فعزم.

وحكمها: الوجوب، ومحلها: القلب.

والمقصود بها: تمييز العبادة من العادة، أو تمييز رتب العبادة ككون العبادة صلاة، وكونها فرضاً.

وشرطها: إسلام الناوي، وتمييزه، وعلمه بالمنوي، وتحقق المقتضي وقدرته على المنوي، وعدم إتيانه بما ينافيها من ردة، ونية قطع، وتردد فيه، وتعليق.

وكيفيتها تختلف بحسب الأبواب، فيجزىء السليم هنا (نية رفع الحدث) أي: المعهود ذهناً، وهو الذي عليه، وهو هنا: الأصغر، ويصح أن يراد به: الأمر الاعتباري، أو المنع، أو هما؛ بناءً على استعمال المشترك في معنييه، والمرتفع فيهما نفس الحدث المنوي منهما، وأن يراد به: السبب، فيقدر مضاف، أي: رفع حكمه، وهو المنع من الصلاة، فيرجع إلى الثاني.

فإذا قال: نويت رفع الحدث وأطلق .. انصرف إلى حكمه وإن لم يلاحظ ذلك، فإن نوى رفع السبب نفسه .. لم يصح؛ لأن الواقع لا يرتفع.

ولو نوى رفع بعض الأحداث، كأن نام وبال، فنوى رفع حدث النوم لا البول .. صح؛ لأن الحدث لا يتجزأ، إذا ارتفع بعضه .. ارتفع كله، كما لو نوى رفع غير حدثه، كأن بال فنوى رفع حدث النوم .. فيصح، وقيده (حج) بكونه غالطاً.

ولو نوى أن يصلي به في محل نجس .. لم يصح؛ لعدم القدرة على المنوي. وتدخل السنن هنا -كالصلاة- تبعاً عند إتيانه بنحو هذه النية، أو فرض الطهارة.

(أو الطهارة للصلاة) أو عن الحدث، أو أداء فرض الطهارة، أو أداء الطهارة، أو الطهارة الواجبة، (أو نحو ذلك) كنية فرض الوضوء، أو أداء الوضوء، وكذا نية

ص: 92

الوضوء، لكنه خلاف الأولى؛ للخلاف فيه، وكنية استباحة مفتقر إلى وضوء كالصلاة ومس المصحف، لا استباحة ما يستحب له الوضوء كقراءة القرآن أو الحديث، فلا يصح؛ لأنه يستبيحه بلا وضوء.

ويجب كون ما ذكر من النيات (عند غسل الوجه) فمتى اقترنت بجزء منه .. كفت، وفي اقترانها بما لا يتم الواجب إلا به خلاف، وما قارنها هو أوله، فيجب إعادة ما غسله قبلها.

نعم؛ يكفي اقترانها بسنة قبل الوجه، كغسل اليدين إن استحضرها عن الوجه، لكن لو انغسل جزء من الوجه مع المضمضة كحمرة الشفة .. أجزأت النية وفاتت المضمضة والاستنشاق بغسل ذلك الجزء؛ إذ محلها قبل الوجه، ويجب إعادة غسل ذلك الجزء؛ للصارف، وفيه كلام مبسوط في غير هذا الكتاب.

والمخلص من ذلك: أن ينوي عند غسل الكفين سنن الوضوء، وعند غسل الوجه فرض الوضوء أو غيره من النيات المجزئة كما مر ويجوز تفريق النية على الأعضاء، كأن ينوي عند كل عضو رفع حدثه، لكن لا ينوي في المندوب نحو رفع الحدث بل نحو الوضوء.

(وينوي سَلِسِ البول ونحوه) ممن دام حدثه، بحيث لا يصلي صلاة بعد الطهارة بلا حدث، كمستحاضة في الوضوء للفرض (استباحة فرض) نحو (الصلاة) أو غيرها من النيات، دون نية رفع الحدث أو الطهارة عنه؛ لأن حدثه لا يرتفع، ويستبيح السلس به ما يستبيحه المتيمم، كما يأتي.

وفي "الإيعاب" عن "المجموع": شرط نية استباحة الصلاة: قصد فعلها بتلك الطهارة، وإلا .. فهو متلاعب.

(وإن توضأ للسنة .. نوى استباحة الصلاة) أو غيرها مما مر من غير ذكر فرض، ومجدد الوضوء لا ينوي الاستباحة ولا رفع الحدث، بل غيرهما، لكن كلام "التحفة" يفيد الصحة فيهما إلا أن ينوي الحقيقة كما في الصلاة المعادة، ولو نوى مع نية الوضوء تبرداً أو تنظفاً .. لم يضر، لكن لا ثواب فيه عند ابن عبد السلام.

وقال الغزالي: (يثاب بقدر قصده إن غلب باعث الآخرة) وقال (حج): (بقدر

ص: 93

قصده مطلقاً) وكالوضوء سائر العبادات.

ولو نوى تبرداً بعد نية الوضوء .. اشترط كونه ذاكراً لنية الوضوء، وإلا .. لم يصح الوضوء من حين نوى التبرد؛ لأنه صارف، ولذلك لو بقي رجلاه فسقط في ماء .. لم يرتفع حدثهما إلا إن كان ذاكراً للنية، بخلاف ما لو غمسهما أو تعرض بهما لمطر؛ إقامة لفعله مقام ذكره للنية.

(الثاني: غسل) ظاهر (الوجه) أي: انغساله ولو بفعل غيره، أو بسقوطه في ماء مع استحضاره للنية، وكذا يقال في باقي الأعضاء.

وخرج بـ (ظاهره): باطن أنف وعين وفم وإن ظهر بنحو قطع؛ لأنه باطن أصالة، وإنما جعل ظاهراً في النجاسة؛ لغلظها.

نعم؛ يجب غسل ما باشره القطع من ذلك.

(وحده) -أي الوجه- طولاً (ما بين منبت شعر رأسه) أي: ما من شأنه ذلك، (و) أسفل (مقبل ذقنه) بفتح المعجمة.

(و) عرضاً (ما بين أذنيه)؛ لأن الوجه ما يقع به المواجهة، وهي تقع بذلك.

(فمنه الغمَمُ) وهو ما ينبت عليه الشعر من جبهة الأغم؛ إذ لا عبرة بنباته في غير محله، كما لا عبرة بانحسار شعر الناصية.

(والهدب) -بضم فسكون المهملة، وضمها وفتحها- وهو النابت على أجفان العين.

(والحاجب) وهو الشعر النابت من أعلى العين، سمي بذلك؛ لأنه يحجب عن العين شعاع الشمس.

(والشارب) وهو ما ينبت على الشفة العليا، سمي بذلك؛ لأنه يلاقي الماء عند الشرب.

(والعذار) وهو الشعر النابت على العظم الناتئ بقرب الأذن، ومثله البياض الذي بينه وبين الأذن.

(والعنفقة) وهي الشعر النابت على الشفة السفلى.

فيجب غسل جميع الوجه الشامل لما ذكر وغيره (بشراً) حتى ما يظهر من حمرة

ص: 94

الشفتين مع إطباق الفم، ومن أنف مجدوع مما باشره القطع فقط، (وشعراً) ظاهره وباطنه إلا باطن كثيف ثلاثة شعور:

الأول: باطن كثيف ما خرج عن حد الوجه، وهو ما لو مد .. خرج بالمد عن جهة نزوله ولو من امرأة وخنثى عند (م ر).

(و) الثاني والثالث: باطن كثيف (شعر اللحية) من رجل، وهي الشعر النابت على الذقن التي هي مجتمع اللحيين.

(و) باطن كثيف شعر (العارض) من رجل، وهو الشعر الذي بين اللحية والعذار، وإنما وجب غسل باطن الكثيف في الجنابة مطلقاً؛ لقلة وقوعها، فإذا علمت ذلك، فشعر اللحية والعارض (إن خف) بأن كانت البشرة ترى من خلاله في مجلس التخاطب عادة ( .. غسل ظاهره وباطنه) مطلقاً (وإن كثف) بأن لم تر البشرة من خلاله في ذلك المجلس ( .. غسل ظاهره) ولا يجب غسل باطنه؛ للمشقة إن كان رجلاً، وإلا .. غسل باطنه وإن خرج عن حد الوجه عند (حج)؛ لندرة لحيته، ولو خف البعض وكثف البعض .. فلكل حكمه إن تميز، وإلا .. وجب غسل الجميع.

ويجب غسل كل ما نبت في حد الوجه كسلعة وإن خرجت عن حد الوجه؛ لحصول المواجهة بها، وجزء من سائر الجوانب المجاورة للوجه احتياطاً؛ ليتحقق تعميم الوجه، فهو من باب: ما لا يتم الواجب إلا به .. فهو واجب، ومن له وجهان من قبله .. وجب غسلهما، أو رأسان .. كفى مسح أحدهما، ولو أغفل لمعة، فانغسلت في تثليث .. كفى، لكن لا تحسب ثانية إلا بعد تمام العضو، أو في تجديد أو وضوء احتياط .. فلا.

وليس النزعتان من الوجه، ولا موضع الصلع، وموضع التحذيف، ووتد الأذن، لكن يندب غسل ذلك، وكل ما قيل إنه من الوجه كالأذنين، ويسن أخذ الماء بيديه جميعاً؛ للاتباع.

(ويستحب تخليل اللحية الكثة) وغيرهما مما لا يجب غسل باطنه، وكونه بماء جديد

ص: 95

(بأصابعه) اليمنى (من أسفل)؛ للاتباع.

الفرض (الثالث: غسل اليدين) أي: كل يد أصلية، أو زائدة التبست بالأصلية أو حاذتها (مع المرفقين) بكسر الميم وفتح الفاء، أفصح من عكسه.

والمرفق: مجتمع عظم الساعد والعضد، فلو قطع بعض ما يجب غسله .. وجب غسل الباقي، فإن أبين الساعد فرأس العضد، أو من فوق المرفق .. سن غسل باقي العضد.

(و) يجب غسل (ما عليهما) من شعر وإن كثف وطال، وظفر وإن طال، كيد نبتت في محل الفرض، وشق وثقب، وحكمهما في يدٍ وغيرها وجوب غسل ما هو في الجلد منهما دون ما جاوزه إلى اللحم إن لم يظهر الوضوء من الشق الآخر، وإلا .. وجب غسل جميعه حيث لا ضرر، والشوكة إن استترت .. فواضح، أو ظهر رأسها .. وجب إخراجها إن لم تجاوز الجلد، وإلا .. فلا، ويكفي غسل قشر جرح وإن لم يتألم به، وإن خرج بعد غسله، كما لو قطع شعراً وظفراً بعد طهره .. لا يجب غسل ما ظهر منهما.

الفرض (الرابع: مسح) أي: وصول البلل، سواء كان بفعل فاعل أم لا، بمسح أو غسل أو غيرهما إلى (شيء) وإن قل جداً (من بشرة الرأس) كالبياض الذي وراء الأذن وإن لم يكن في حده (أو) من (شعره في حده) أو من شعرة في حده بأن لا يخرج عنه بالمد من جهة نزوله، فجهة نزول شعر الناصية: الوجه، وشعر القرنين: المنكبان، ومؤخر الرأس: القفا، فما يخرج .. لا يجزئه المسح عليه وإن مسحه في حد الرأس، ولو وضع يده المبتلة على خرقة على رأسه فوصله البلل .. أجزأه وإن لم يقصد الرأس عند (حج) لما مر من أنه: إذا وقع الغسل بفعله .. لا يحتاج إلى تذكر النية، والمسح مثله.

الفرض (الخامس: غسل الرجلين مع الكعبين) من كل رجل، أو مسح خفيهما بشرطه كما يأتي (و) مع (شقوقهما) وغيرهما مما مر في اليدين، وتجب إزالة ما فيها من نحو شمع لم يصل لغور اللحم.

(السادس: الترتيب) كما ذكر؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يتوضأ إلا مرتباً فلو لم يجب .. لتركه في وقت، أو دل على جوازه، ولخبر:"ابدؤوا بما بدأ الله به" كما مر

ص: 96