الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل) في العقيقة
.
وهي لغة: شعر رأس المولود حين ولادته.
وشرعاً: ما يذبح عن المولود.
ويسن كون ذبحه عند حلق شعره، وقال أحمد: العقيقة نفس الذبح؛ لأن (عقَّ) لغةً: قطع.
والأصل فيها: أخبار، كخبر "الغلام -أي: الولد ولو أنثى- مرتهن بعقيقته"، أي: لا ينمو مع تركها نمو أمثاله، قال أحمد: أو لا يشفع لأبويه.
وشرعت؛ إظهاراً للبشر ونشراً للنسب.
وكره الشافعي تسميتها عقيقة؛ للفأل القبيح، بل تسمى نسيكه أو ذبيحة، ونقل (ب ج) عن سلطان: عدم كراهة تسميتها عقيقة.
وإنما لم تجب؛ لخبر أبي داوود: "من أحب أن يعق عن ولده .. فليفعل".
ولو نوى بها العقيقة والضحية .. حصلا عند (م ر) ولم تحصل واحدة منهما عند (حج)، قال: لأن كلاً منهما مقصودة، والقصد بالضحية الضيافة العامة، وبالعقيقة الخاصة، ولاختلافهما في أمور كما يأتي.
وإنما صح الغسل بنية الجنابة وسنة نحو الجمعة؛ لبناء الطهارة على التداخل.
(العقيقة: سنة) مؤكدة؛ لما مر، ويحصل بها أصل السنة ولو قبل انفصال الولد بعد إمكان نفخ الروح، فتسن عن سقط بلغ ذلك.
والمخاطب بها من عليه نفقة الولد لو كان فقيراً، وإنما يعق الأصل من مال نفسه؛ لأنها تبرع، وهو لا يجوز من مال الولد، ويبقى طلبها من الموسر إلى بلوغ الولد، وهذا إن كان الأصل موسراً بما مر في الفطرة في أيام أكثر النفاس، فإن أيسر بعد ذلك .. لم تصح منه كما في"الإيعاب".
لكن في (ع ش) على (م ر): أنه يسقط بها الطلب عن الولد.
نعم؛ تسن للولد بعد بلوغه إن لم يعق عنه، وتطلب من الأمهات في ولد الزنا، لكن لا يظهرنها.
والولد القن لا يعق عنه عند (م ر) وعند (حج): يعق عنه أصله الحر.
وهي (كالأضحية) سِنّاً وجنساً وسلامة من العيوب ونية ووجوباً بالنذر ونحوه، وامتناع الأكل من الواجبة، والتصدق بجميعها وغير ذلك.
نعم؛ تخالفها في أمور قليلة، منها:
أن ما يهدي منها للغني يملكه، وأنها يسن طبخها بحلو تفاؤلاً، وإعطاء رجلها إلى أصل الفخذ والأفضل اليمنى للقابلة وإن تعددت.
ولو تعددت العقيقة .. كفى لهن رجل واحدة في أصل السنة، ولا يجب التمليك من لحمها نيئاً، بل يطبخه، ولا يكسر عظامها كما يأتي.
(وقتها: من الولادة) في حق الأصل الموسر كما مر (إلى البلوغ) فإنِ أعسر بها الأصل في مدة أكثر النفاس .. لم يؤمر بها على ما مر (ثم) بعد البلوغ يسقط الطلب عمن خوطب به، ويسن له أن (يعق عن نفسه)؛ تداركاً لما فات كما مر.
(والأفضل) ذبحها (في اليوم السابع) من الولادة، فيدخل يومها في حساب السبع ولو قبيل الغروب، فإن حصلت الولادة ليلاً .. لم تحسب تلك الليلة، بل اليوم الذي يلي الولادة، بخلاف الختان فلا يحسب يوم الولادة من السبع؛ لأنه كلما أخر .. كان أخف ألماً.
ومحل ندب ختانه يوم السابع إن أطاقه، وإلا .. أخر حتماً، فإن ختنه الولي في وقت لا يحتمل لنحو ضعف أو شدة برد .. لزمه القصاص ما لم يكن أصلاً، وإلا .. فالدية المغلظة، فإن ظن احتماله .. فلا قود بل دية، فإن احتمله .. فلا ضمان ولو كان الولي غير أصل، ما لم يكن الخاتن له أجنبياً فيقتل به وإن قصد إقامة الشعار؛ لتعديه.
(فإن لم يذبح فيه .. ففي الرابع عشر، وإلا .. ففي الحادي والعشرين) وهكذا في الأسابيع.
وقيل: إن تكررت السبعة ثلاث مرات .. فات وقت الاختيار، وكلام المصنف يومئ إليه.
وأقل الكمال في العقيقة لغير ذكر: شاة عند (حج)، وعند (م ر) الخنثى كالذكر.
و (الأكمل) أي: أقل الكمال (شاتان) ويسن تساويهما (للذكر)؛ لخبر عائشة (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعق عن الغلام بشاتين متكافئتين، وعن الجارية بشاة) ولكونها فداء النفس أشبهت الدية في كون الأنثى على النصف من الذكر كما في "التحفة".
ويجزئ في أصل السنة شاة أو سبع بدنة أو بقرة عن الذكر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم عقَّ عن كل من الحسن والحسين بشاة، وآثر الشاة؛ تبركاً باللفظ الوارد، وإلا .. فالأفضل هنا سبع شياه ثم الإبل فالبقر فالضأن فالمعز، فسبع بدنة فسبع بقرة كالأضحية.
بل قضية (كونه صلى الله عليه وسلم ضحى بمائة بدنة نحر منها بيده ثلاثاً وستين، وأمر علياً أن ينحر باقيها): أن لا حد لهما.
ولو ذبح بدنة أو بقرة عن سبعة .. جاز، وكذا لو أراد بعضهم بسبعه اللحم، وبعضهم بسبعه العق.
(و) من السنة هنا بخلاف الأضحية (أن لا يكسر عظمها) سواء العاق والآكل؛ تفاؤلاً بسلامة أعضاء الولد.
وقضية هذا: أنه لا بأس بكسرها فيما لو عقّ عنه بعد موته، فإن كسره .. فخلاف الأولى لا مكروه؛ لعدم النهي.
ولو ضحى بسبع بدنة وأمكن قسمها بلا كسر .. كان الكسر خلاف الأولى.
(وأن يتصدق به مطبوخاً وبحلو)، ويكره كما في "النهاية" طبخه بحامض.
(والإرسال) به مع مرقة على وجه التصدق للفقراء (أكمل) من دعائهم إليه.
والأفضل: ذبحها بعد طلوع الشمس، وأن يقول عند ذبحها: بسم الله والله أكبر، اللهم لك وإليك، اللهم هذه عقيقة فلان؛ لخبر البيهقي به.
(و) يسن (حلق شعره) أي: شعر رأسه (بعد الذبح) كما في الحاج ولو أنثى، وأن يكون يوم السابع كالتسمية، ولو سقطاً بلغ أوان النفخ .. فيعق عنه، ويُسمَّى؛ احتياطاً، والتسمية لمن له الولاية وإن لم تجب عليه النفقة، كالأب فالجد، ولا عبرة بتسمية غيرهما، وينبغي كونها قبل الذبح.
(والتصدق بزنته) أي: شعر رأسه (ذهباً، ثم) إن لم يفعل .. تصدق بزنته
(فضة)؛ لما صح من أمره فاطمة رضي الله عنها أن تزن شعر الحسنين، وتتصدق بزنته فضة، وألحق بها الذهب بالأولى، وبالذكر الأنثى.
(وتحنيكه بتمر) ذكراً أو أنثى بأن يمضغه ويدلك به حنكه حتى يصل بعضه لجوفه، ويقدم الرطب على التمر كما في الصيام (ثم حلو) لم تمسه نار.
وينبغي كون المحنك من أهل الصلاح؛ لتحصل للمولود بركة ريقه.
(ويكره تلطيخ رأسه) أي: المولود (بالدم)؛ لأنه فعل الجاهلية، وإنما لم يحرم؛ لأنه قيل: بندبه: لخبر فيه ضعيف.
(ولا بأس) بتلطيخه (بالزعفران) بل يسن كما في "المجموع"، ولخبر الحاكم عن بريدة:(كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة، ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإسلام .. كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بالزعفران).
وتسن تهنئة الوالد، ونحوه ببارك الله لك في الموهوب، وشكرت الواهب، وبلغ أشده، ورزقت بره.
ويسن الرد عليه بجزاك الله خيراً، وتمتد ثلاثاً بعد العلم كالتعزية.
(والعتيرة) -بفتح المهملة وكسر الفوقية- وهي ما تذبح في العشر الأول من رجب.
(والفرع) -بفتح الفاء والراء وبالعين المهملة- وهي أوّل نتاج البهيمة، تذبح رجاء بركتها وكثرة نسلها مندوبتان؛ لأن القصد بهما ليس إلا التقرب إلى الله تعالى بالتصدق بلحمهما على المحتاجين، ولا يثبت لهما أحكام الأضحية أفاده في "التحفة".
ويسن أن يؤذن من حضر ولو امرأة في أذن المولود اليمنى ولو غير ذكر، ويقيم في أذنه اليسرى؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أذَّن في أذن الحسين حين ولد، وليكون أوَّل ما يطرق سمعه ذكر الله تعالى، ولأن الشيطان ينخسه حينئذٍ، فإذا سمع الأذان .. أدبر، ولما ورد:(أنه إذا فعلا له .. لم تضره أم الصبيان).
وأن يقرأ في أذنه اليمنى على إرادة النسمة (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[آل عمران:36].
ويقرأ عندها حال طلقها (آية الكرسي)، و (إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي) [الأعراف:54]
…
إلخ، و (المعوذتين).
ويكثر من دعاء الكرب، وهو: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم.
* * *