المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل): في مكروهات الصلاة - شرح المقدمة الحضرمية المسمى بشرى الكريم بشرح مسائل التعليم

[سعيد باعشن]

فهرس الكتاب

- ‌(فصل) في الاجتهاد

- ‌(فصل) في سنن الوضوء

- ‌(فصل) في شروط الوضوء

- ‌(فصل) في المسح على الخفين

- ‌(فصل) في الاستنجاء

- ‌(فصل) في موجبات الغسل

- ‌(باب النجاسة وإزالتها)

- ‌(فصل) في إزالة النجاسة

- ‌(باب التيمم)

- ‌(فصل) في الحيض

- ‌(باب الصلاة)

- ‌(فصل) في مواقيت الصلاة

- ‌(فصل) في الصلاة المحرمة من حيث الوقت

- ‌(فصل) في الأذان والإقامة

- ‌(باب صفة الصلاة)

- ‌(فصل: في سنن الصلاة)

- ‌(فصل): في شروط الصلاة

- ‌(فصل): في مكروهات الصلاة

- ‌(فصل:) في سجود السهو

- ‌(فصل): في صلاة النفل

- ‌(فصل): في شروط الإمام

- ‌(فصل): في صفات الأئمة المستحبة

- ‌(فصل): في بعض سنن الجماعة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌(فصل) فيما يتحقق، وينتهي به السفر، وبعض شروط القصر

- ‌(فصل) في بقية (شروط القصر)

- ‌(فصل) في الجمع بين الصلاتين بالسفر والمطر

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌(فصل): في بعض سنن الخطبة والجمعة

- ‌(فصل): في سنن الجمعة

- ‌(فصل) في اللباس

- ‌(باب صلاة العيدين)

- ‌(فصل) في توابع ما مر

- ‌(باب صلاة الكسوف)

- ‌(باب صلاة الاستسقاء)

- ‌(فصل) في توابع ما مر:

- ‌(فصل) في حكم تارك الصلاة

- ‌(باب الجنائز)

- ‌(فصل) في غسل الميت وما يتعلق به

- ‌(فصل) في أركان الصلاة على الميت

- ‌(فصل:) في الدفن وما يتعلق به

- ‌(باب الزكاة)

- ‌(فصل) في زكاة الغنم

- ‌(فصل) في بعض ما يتعلق بما مر

- ‌(باب زكاة النبات)

- ‌(فصل) في واجب ما ذكر وما يتبعه

- ‌(باب زكاة النقد)

- ‌(فصل) في زكاة التجارة

- ‌(فصل) في زكاة الفطر

- ‌(فصل) في النية في الزكاة وتعجيلها

- ‌(فصل) في صدقة التطوع

- ‌(كتاب الصوم)

- ‌(فصل) فيما يبيح الفطر

- ‌(فصل) في سنن الصوم

- ‌(فصل) في بيان كفارة جماع رمضان

- ‌(كتاب الاعتكاف)

- ‌(باب الحج)

- ‌(فصل) في المواقيت

- ‌(فصل) في أركان الحج

- ‌(فصل) في سنن تتعلق بالإحرام

- ‌(فصل) في واجبات السعي وبعض سننه

- ‌(فصل) في الوقوف بعرفة وما يذكر معه

- ‌(فصل) في الحلق

- ‌(فصل:للحج تحللان)

- ‌(فصل) في أوجه أداء النسكين

- ‌(فصل) في دم الترتيب والتقدير

- ‌(فصل) في محرمات الإحرام

- ‌(فصل) في الإحصار والفوات وما يذكر معهما

- ‌(باب الأضحية)

- ‌(فصل) في العقيقة

- ‌(فصل) في محرمات تتعلق بالشعر ونحوه

- ‌خاتمة

الفصل: ‌(فصل): في مكروهات الصلاة

لا عقلياً كجمع الضدين كالطول والقصر لشيء واحد في وقت واحد؛ إذ التعليق ينافي الجزم حتى بالمستحيل عادةً؛ لإمكان وقوعه، بخلاف المستحيل العقلي؛ لعدم إمكانه، وهذا في التعليق القلبي.

أمَا اللفظي: فمبطل مطلقاً، ولكن قد علم مما مر.

السادس عشر: أن لا يصرف صلاته لصلاة أخرى فتبطل بذلك.

نعم؛ قد تنصرف نفلاً مطلقاً، وذلك كأن ظن دخول وقت فأحرم بفرضه، فبان عدم دخوله، أو صلى ما ظنه عليه، فبان أنه ليس عليه، أو أحرم بفرض قاعداً، وهو قريب عهد بالإسلام ونحو ذلك، وفي نفي مقيد أحرم به قبل وقته جاهلاً، فتنقلب صلاته فيما ذكر نفلاً مطلقاً، ولا يلزم من بطلان الخصوص بطلان العموم.

نعم؛ يسن لمنفرد رأى جماعة أن يقلب فرضه نفلاً مطلقاً، لا معيناً.

فتبطل بشرط كون صلاته ثلاثية أو رباعية، وأن لا يقوم إلى الثالثة، فإن كان في ثنائية أو قام لثالثة .. لم يسن بل يجوز، فيسلم في الأولى من ركعة، ليدرك الجماعة، فإن خشي فوت الجماعة لو قلبها .. ندب قطعها، ويصلي جماعة، وأن يتسع الوقت، وإلا .. حرم قلبها، وأن لا يكره الاقتداء بإمام الجماعة، وأن لا يرجو جماعة غيرها، وإلا .. جاز القلب فيهما، وأن تكون الجماعة مطلوبة، فلو كانت صلاته فائتة والجماعة القائمة في حاضرة .. حرم القلب.

ومن الشروط أيضاً للصلاة -بمعنى التحرز عن المبطل- عدم تطويل الركن القصير عمداً، واقتداء بنحو امرأة، وغير ذلك.

* * *

(فصل): في مكروهات الصلاة

.

(يكره) لكل مصل (الالتفات) فيها (بوجهه) بغير قصد لعب، وإلا .. بطلت يميناً أو شمالاً، وقيل: يحرم؛ لخبر: "لايزال الله مقبلاً على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا التفت .. أعرض الله عنه"، وصح أنه اختلاس من الشيطان.

أمَا بصدره .. فتبطل (إلا لحاجة) .. فلا يكره، بل قد يسن، كالالتفات إلى معصوم يخاف عليه.

ص: 281

ومثله الإشارة، فتكره إلا لحاجة كرد سلام بيد أو رأس.

(ورفع البصر إلى السماء) وغيرها مما علا؛ لخبر: "ما بال أقوام يرفعون أبصارهم في الصلاة، لينتهن أو لتخطفن أبصارهم".

(وكف شعره أو ثوبه) بنحو تشمير كمه أو شد وسطه، لخبر:"أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، ولا أكف شعراً ولا ثوباً".

وحكمته: أن ذلك يمنع من سجودها معه، وينافي الخشوع والتواضع.

ومن ثم كره كشف الرأس فيها، أو إحدى المنكبين والاضطباع.

(ووضع يده على فمه بلا حاجة)؛ للنهي الصحيح عنه، ولمنافاته لهيئة الخشوع.

أمَّا لحاجة .. فيسن كما للتثاؤب؛ لخبر صحيح فيه.

وهل يضع اليمنى أو اليسرى؟ قال (م ر): اليسرى، و (حج): يتخير، والسنة تحصل بكلًّ سواء ظهر الكف أو بطنها.

فال بعض الحفاظ: نهي في الصلاة عن مسح الحصا والجبهة من التراب والنفخ وتفقيع الأصابع وتشبيكها والسدل وتغطية الفم والأنف.

(ومسح جبهته) قبل السلام، أما بعده .. فيسن.

(وتسوية الحصا) ونحوه (في محل سجوده)؛ للنهي، ولأنه ينافي الخشوع كما فيما قبله.

(والقيام على رجل) واحدة (وتقديمها) على الأخرى (ولصقها بالأخرى)؛ لمنافاته الخشوع، ولا بأس بالاستراحة على أحدهما لنحو طول قيام.

قال في "الإحياء": نهي عن الصفين والصفد في الصلاة، والصفد: اقتران القدمين معاً، والصفن: رفع إحدى الرجلين، لكن يسن الصفد للمرأة.

(والصلاة حاقناً) بالنون أي: بالبول (أو حاقباً) بالباء أي: بالغائط (أو حازقاً) لأي: بالريح؛ للنهي عنها مع مدافعة الأخبثين.

ويسن تفريغ نفسه قبل الصلاة وإن خاف فوت الجماعة، وهذا (إن وسع الوقت) وإلا .. وجبت الصلاة مع ذلك؛ لحرمة الوقت إلَاّ أن يخاف ضرراً .. فتحرم.

ص: 282

(ومع توقان الطعام) أي: المأكول والمشروب، وكل ما اشتغل به قلبه، بحيث يختل خشوعه لو قدمها عليه كوطء حليلته؛ للأمر بتقديم العشاء، وياكل ما يتوفر معه الخشوع، فإن لم يتوفر إلا بالشبع .. شبع، وهذا (إن وسع) الوقت (أيضاً) وكان المتوق إليه حاضراً، أو قريباً من الحضور، وإلا .. صلى فوراً وجوباً؛ لما مر.

(وأن يبصق) بالصاد والزاي (في غير المسجد) ولو خارج الصلاة (عن يمينه)؛ للنهي عنه، بل عن يساره؛ إكراماً لملك اليمين، ولأن ملك اليسار يتنحى عنه في الصلاة إلى فراغها، فالبصاق حينئذٍ إنما يقع على القرين، وهو شيطان الشخص الذي يولد بولادته، ويموت بموته، وهذا في غير مسجده صلى الله عليه وسلم، وحيث لم يكن إنسان عن يساره، وإلا .. بصق عن يمينه؛ احتراماً لهما وإن تردد في "التحفة" في مسجده صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أحق بالاحترام من الأنسان الذي عن يساره مع جزمه بأنه لا يبصق عن يساره الذي في ناحيته إنسان.

وإطلاقهم يشمل الطائف، فيبصق عن يساره وإن كانت الكعبة عن يساره.

نعم؛ إن أمكن أن يطأطئ رأسه فيبصق لجهة السفل لا يميناً ولا شمالاً .. فهو أولى (أو قبالته) وإن، لم يكن من هو خارج الصلاة مستقبلاً عند (حج).

(ويحرم في المسجد) البصاق إن اتصل بشئ من أجزائه وإن لم يكن في صلاة ولا مستقبلاً، بل يبصق في نحو ثوبه وإن وقع على نجس معفو عنه، ويحك بعضه ببعض؛ لخبر:"البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها" أي: إن أمكن.

أمَّا ما لا يمكن كالمبلط .. فتجب إزالتها منه، ولا يكفي دلكها فيه. والمعنى أن دفنها يقطع الإثم لا أصله، ويجب على من علم بمستقذر في مسجد إخراجه وإن، عين شخص لإزالته منه.

(وأن يضع يده) اليمنى أو اليسرى (على خاصرته) لغير حاجة؛ للنهي عنه، وأنه راحة أهل النار، وأن الشيطان أهبط من الجنة كذلك.

(وأن يخفض رأسه) أو يرفعه عن ظهره (في ركوعه) وإن لم يبالغ؛ لما مرَّ.

ويكره ترك السورة في الركعتين الأولتين من كل صلاة، وترك تكبير الانتقالات،

ص: 283

وأذكار ركوع واعتدال وسجود وجلوس بين السجدتين والأبعاض؛ لتأكدها، وللخلاف في وجوب بعضها.

(وقراءة السورة في) الركعة (الثالثة والرابعة) من الرباعية، والثالثة من المغرب.

ولعل مراده بالكراهة في هذه خلاف الأولى، قال الكردي:[1/ 200]: خلاف الأولى، وخلاف السنة شيء واحد على المعتمد، ومقابله يفرق بينهما، وهو ظاهر "شرح الشيخ" حيث قال:(والمعتمد أن قراءتها فيهما ليست خلاف الاولى، ولا خلاف السنة، بل ليست بسنة) أي: بل مباحة. اهـ

فمن يدخل خلاف الأولى في المكروه، كما هو عادة المتقدمين .. يقولون: مكروه كراهة غير شديدة، وهو خلاف الأولى، وكراهة شديدة، وهو: المكروه.

ومن فرق بينهما، كما في "جمع الجوامع: .. قال: ما نهي عنه غير جازم، فإن كان مخصوصاً، كما في خبر:"إذا دخل أحدكم المسجد .. فلا يجلس حتى يصلي ركعتين"، وخبر:"لا تصلوا في أعطان الإبل" .. فمكروه.

أو غير مخصوص، بل استفيد من الأمر كالنهي عن ترك المندوبات المستفاد من أوامرها؛ إذ الأمر بالشيء نهي عن تركه .. فخلاف الأولى.

قال المحلي: فالخلاف في شئ أمكروه هو، أو خلاف الاولى؟ اختلاف في وجود المخصوص فيه، كصوم يوم عرفة للحاج خلاف الاولى.

وقيل: مكروه؛ لحديث أبي داوود وغيره: "أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة" اهـ، أي: من قال: إنه مكروه .. قال: سببُ الكراهة النهي المخصوص في خبر أبي داوود، ومن قال: إنه خلاف الأولى .. قال: سببه: النهي لمأخوذ من فطرة صلى الله عليه وسلم بعرفة، ونحن مأمورون باتباعه في الفطر، والأمر بالفطر نهي عن ضده، وهو الصوم.

فإذا علمت ما تقرر .. ظهر لك أن قراءة السورة في الثالثة والرابعة ليس مكروهاً.

وأما كونه خلاف الأولى .. فإن قلنا بالمعتمد من عدم سنها فيهما وأن الاتباع تركه فيهما .. فهي خلاف الاولى؛ لما مر في صوم يوم عرفة، ولأنا مأمورون باتباعه، والأمر بالشيء نهي عن ضده.

فقول (حج) في "الشرح"، و"الإمداد": إن قراءتها فيهما ليست خلاف السنة،

ص: 284

بل ليست سنة، فيه نظر؛ لأنه كون قراءتها مباحة، ولا طلب فيها بفعل ولا كف، وليس كذلك، بل المطلوب فيها الكف؛ للاتباع، والمباح لا طلب فيه فعلاً ولا تركاً.

فالوجه أن خلاف السنة وخلاف الأفضل مرادفان لخلاف الأولى.

نعم؛ قد يكون خلاف الأفضل مستحباً أيضاً كالأفضل، كالإقعاء المسنون في الصلاة، فإنه وإن كان مسنوناً فالافتراش أفضل منه، فهو وإن كان مستحباً خلاف الأفضل، بل وخلاف الأولى، كما في:"كاشف اللثام" للكردي، فهو داخل في حيز المنهي عنه؛ لما في الإتيان به من ترك الأفضل وإن كان مسنوناً في نفسه.

أمَّا إن قلنا بسنية قراءتها في الأخيرتين كما هو مقابل الأظهر في "المنهاج"، وثبت في "صحيح مسلم" .. فلا كلام في سنيتها، فضلاً عن كونها غير سنة، هذا ما ظهر، فليتأمل.

(إلا لمن سبق بالأولى والثانية) أو أحدهما ( .. فيقرؤها) أي: السورة (في الأخيرتين) من صلاة الإمام؛ لأنهما أوليا صلاته، فإن لم يتمكن من قراءتها فيهما .. قرأها في أخيرتيه؛ لئلا تخلو صلاته عنها، وكسبقه بالأولتين ما لو لم يتمكن من قراءة السورة فيهما .. فيقرأها في أخيرتيه إن تمكن، ولو سبق بالاولى فقط أو لم يتمكن من قراءة السورة فيها .. قرأها في الثانية والثالثة.

أمَّا إذا تمكن من قراءتها ولم يقرأها .. فلا يتداركها لتقصيره.

ومحل ذلك حيث لم تسقط عنه، تبعاً للفاتحة أو بعضها، وإلا .. فلا يتداركها، ومرَّ أن المأموم إذا فرغ من فاتحته قبل ركوع إمامه أنه يقرؤها ولو في الأخيرتين.

(والاستناد إلى ما تسقط بسقوطه)، للخلاف في صحته حينئذٍ، ومحله إن سمي قائماً، وإلا بأن أمكنه رفع قدميه .. فلا تصح؛ لأنه معلق لا قائم.

(والزيادة في جلسة الاستراحة على قدر) أقل (الجلوس بين السجدتين، وإطالة التشهد الأول، والدعاء فيه، وترك الدعاء في الأخير) كما مر فيها.

ص: 285

(ومقارنة الإمام في أفعال الصلاة) أو أقوالها؛ للخلاف في صحة صلاته حينئذٍ، وهذه الكراهة ونحوها من كل مكروه من حيث الجماعة تفوت فضلها، لكن نقل المناوي عن السيوطي: أن فضيلة التضعيف -وهوعود بركة الجماعة بعضهم على بعض- لا تفوت وإن فاتت فضيلة الجماعة.

وعليه: فينبغي أن يطلب الجماعة التي كثرت وتوفر صلاحها؛ ليعظم التضعيف.

(والجهر في موضع) ندبِ (الإسرار، والإسرار في موضع) نَدبِ (الجهر والجهر) للمأموم (خلف الإمام) في غير ما يندب له فيه خلفه، كما مر في التأمين؛ وذلك لمخالفته الاتباع المتأكد في ذلك.

(ويحرم) على المصلي حيث لا عذر (الجهر) في الصلاة وخارجها (إن شوش على غيره) من مصل أو قارئ وغيرهما؛ للضرر، ويؤخذ بقول المتشوش ولو فاسقاً؛ إذ لا يعرف إلا منه، وهذا إن اشتد التشويش، وإلا .. فهو مكروه، وبه يجمع الخلاف، أما من له عذر، كأن كثر اللغط فاحتاج للجهر، ليأتي بالقراءة على وجهها .. فلا كراهة ولا حرمة.

(وتكره الصلاة) أيضاً (في المزبَلة) -بفتح الموحدة أجود من ضمها- موضع الزبل (والمجزرة) موضع الجزر، أي: الذبح؛ لصحة النهي عنها، ولمحاذاة النجاسة فيهما؛ لأنه بفرشه طاهراً عليها يحاذي النجاسة، ومحاذاتها مكروهة، كما مر.

(و) في (الطريق في البناء) أو الصحراء وقت مرور الناس فيه ولو احتمالاً؛ لأنه يشغله، ومن ثم كان استقباله كالوقوف فيه حيث لم يبعد عنه، بحيث إنه لو نظر إلى محل سجوده فقط .. اشتغل بمرورهم، وكذا يقال لو صلى تجاه نحو شباك.

وتكره أيضاً في الأسواق والرحاب الخارجة عن المسجد، وفي الوادي الذي نام فيه صلى الله عليه وسلم، وهو وادي القرى شآم المدينة.

(و) في (بطن الوادي مع توقع السيل) ونحوه: من كل محذور كحية؛ لخشية

ص: 286

الضرر، وانتفاء الخشوع ومحله -فيما مر ويأتي- إن اتسع الوقت للخروج مما ذكر وفِعلِ الصلاة ولم يخش فوات جماعة، وإلا .. صلى فيه وحيث لم يتحقق الضرر، وإلا .. وجب الخروج منه وتأخير الصلاة.

(و) في (الكنيسة) وهي متعبد اليهود، و (البيعة) وهي متعبد النصارى -بفتح الباء- ونحوها من أماكن الكفرة، بل يحرم دخولها إن منعوه، أو كان فيها صورة محرمة.

(و) في (المقبرة) -بتثليث الباء وفيه كلام في "الأصل"- إن لم تنبش، أو نبشت وصلى على حائل طاهر؛ للخبر الصحيح:"الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" مع النهي عن اتخاذ القبور مساجد، والعلة محاذاة النجاسة تحته ولو بأجزاء الميت، فاستوى فيها المنبوشة وغيرها، وما تحته وما أمامه، أو بجانبه، بل قال (حج) و (م ر):(ولو دفن ميت بمسجد .. كانت الصلاة فيه مكروهة) اهـ.

ويؤخذ من ذلك أنها لا تكره بمقبرة من لا تأكل الارض أجسادهم كالأنبياء والشهداء، وفيه كلام في "الأصل".

(و) في (الحمام) ولو جديداً عند (حج)، أو مسلخته؛ للخبر المتقدم، ولأنه محل كشف العورات والشياطين.

ومثله: كل محل معصية أو غضب، كأرض ثمود، وكل موضع غير مأهول، كالمفازات والشعوب والأرحبة الخراب، وكل موضع يتشوش فيه الإنسان أو يتخوف؛ لأنه مأوى الشياطين.

(و) في (عطن الإبل) ولو طاهراً، وهو ما تنحى إليه إذا شربت؛ ليشرب غيرها، فإذا جمعت .. سيقت منه إلى المرعى، أو لتشرب ثانياً؛ للخبر الصحيح:"صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل؛ فإنها خلقت من الشياطين" وجميع مباركها كالعطن، فالكراهة في أعطان الإبل لعلتين، وفي محال غيرها لعلة، وهي النجاسة إن كانت نجسة (و) على (سطح الكعبة)؛ لأنه خلاف الأدب.

(و) في (ثوب) أو إليه، أو عليه (فيه تصاوير، أو شيء) آخر (يلهيه) كخطوط؛ للخبر الصحيح: أنه صلى الله عليه وسلم صلى وعليه ثوب ذات أعلام فلما فرغ قال: "ألهتني هذه"، قال (حج): وزَعْمُ عدم التأثر بها حماقة، وظاهرٌ أن هذا في البصير.

ص: 287

وكالثوب كل ما يشتغل به قلبه، كآدمي يستقبله.

(والتلثم) للرجل، (والتنقب) لغيره؛ للنهي عن الأول، والقياس عليه في الثاني.

(وعند غلبة النوم) والغضب؛ لفوات الخشوع.

وإنما لم تقتض الكراهة فيما ذكر الفساد كالكراهة للزمان؛ لأن لشارع جعل للصلاة أوقاتاً مخصوصة لا تصح في غيرها، ولم يجعل لها مكاناً مخصوصاً، فكان الخلل في الزمان أشد منه في الأمكنه، فالنهي فيها ليس راجعاً لذات العبادة، ولا للازمها، فلم يقتض الفساد، بل ولا يمنع أصل الثواب، كما في "فتاوى م ر"، وبقي من المكروه أمور، منها:

الإقعاء، كما مر، والصلاة خلف أقلف، وموسوس، وولد زنا، وافتراش السبع في السجود، والإسراع بأن يقتصر على أقل الواجب وغيرها.

* * *

(فصل: يستحب) لكل أحد (أن يصلي) ويسجد لنحو تلاوة (إلى شاخص) من نحو عمود أو جدار وإن لم يقصد الاستتار به، لكن يشترط عدم الصارف، فإن عَسُرَ عليه .. فإلى نحو عصا، وهي أولى، أو متاع يجمعه.

ولا بد من كون طول جميع ما ذكر: (قدر ثلثي ذراع) بذراع الآدمي المعتدل هنا وفيما يأتي فأكثر وإن لم يكن له عرض و (بينه) أي: وبين أصابع قدميه عند (م ر)، وعقبيهما عند (حج) في القائم، وبين أليتي الجالس (وبينه) أي: الشاخص (ثلاثة أذرع فما دون، فإن لم يجد) بأن عسر، أو تعذر عليه ما مر ( .. بسط مصلى) كسجادة -بفتح السين، وكسرُها لحن- (أو خطَّ خطاً) قبالته طولاً -وهو أولى- أو عرضاً، والارتفاع معتبر في الجميع كما في "المنهج"، وفي الثلاثة الأول كما في "التحفة"، وظاهرِ هذا المتن، والقربُ بثلاثة أذرع في الجميع، لكن العبرة في الخط والمصلى بأعلاهما، فإن بعد أعلاهما أكثر من ثلاثة أذرع .. لم يكف.

ص: 288

ولو صلى على نحو فروة طولها ثلثا ذراع .. حرم المرور على الفروة فقط.

ولو طال المصلى أو الخط بأن كان بينه وبين أعلاه أكثر من ثلاثة أذرع .. لم يعتبر.

(ويندب) للمصلي وغيره ممن ليس في صلاة (دفع المار) بينه وبين سترته (حينئذٍ) أي: حين استتاره بمعتبر مما مر، حيث لم يخش ذهاب خشوعه، ولم يقصر بنحو وقوفه بطريق.

(ويحرم المرور) بينه وبين سترته المعتبرة (حينئذٍ) أي: حين إذ استتر بسترة معتبرة، وإن لم يجد المار طريقاً إلا لضرورة كخوف محذور عليه أو على غيره.

بل اعتمد الإسنوي ما نقله الإمام عن الأئمة: أن له المرورَ حيث لا طريق غير ما بين المصلي وسترته.

أمَّا سن الاستتار بترتيبه السابق؛ فللاتباع في الإسطوانة والعصا مع أخبار كثيرة، منها: خبر أبي داوود: "إذا صلى أحدكم .. فليجعل أمام وجهه شيئاً، فإن لم يجد .. فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا .. فليخط خطاً، ثم لا يضره ما مر أمامه" أي: في إكمال صلاته، وقاسوا المصلى بالخط وقدموه عليه؛ لأنه أظهر في المراد.

وما اقتضاه المتن من جعل العصا في رتبة الجدار، والخط في رتبة المصلى .. تبع فيه الإسنوي، والمعتمد ماقدمته، ويكفي في أصل السنة مقابلته لجزء منها وإن قل.

والأفضل: جعل السترة بحيث تحاذي أحد حاجبيه الأيمن أو الأيسر وهو الأولى عند المدابغي، قال: لأن الشيطان يأتي من جهته.

وقال (ع ش): الأيمن أولى؛ لشرفه، ولأن الشيطان إذا رأى السترة .. لا يأتي بالكلية، وهذا لا يتأتى في الجدار والمصلى، إلا أنه يمكن في الجدار بأن يفصل طرفه أو شيء من وسطه، كما هو مشاهد. وإنما سن جعلها يمينه أو يساره؛ لكراهة الصمد إليها، للنهي عنه، لكن لو صمد إليها .. لم تخرج عن كونها سترة معتبرة، ولو لم يمكن إلا الصمد إليها .. فلا كراهة.

وأمَّا سن الدفع .. فللخبر الصحيح: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه .. فليدفعه، فإن أبى .. فليقاتله، فإنما هوشيطان".

ويؤخذ منه أنه يلزمه تحري الأسهل فالأسهل في الدفع، كما في الصائل، وليحذر من دفعه بثلاث حركات متوالية؛ فإنها مبطلة.

ص: 289

وأمَّا حرمة المرور .. فلخبر: "لو يعلم المار بين يدي المصلي -أي: المستتر كما أفاده الحديث السابق- ماذا عليه من الإثم .. لكان أن يقف أربعين- أي: سنة كما في رواية- خير له من أن يمر بين يديه".

والخبر الدال على عدم الحرمة ضعيف، ولو رآه مستتراً بالأدون، فشك في تقصيره بالاستتار به .. حرم المرور.

وكل صف سترة لمن بعده عند (حج).

تنبيه: العبرة في الدفع باعتقاد المصلي، وفي حرمة المرور باعتقاد المار.

ولم يجب الدفع، وإن كان من باب النهي عن المنكر؛ للاختلاف في تحريم المرور، ولأن الإنكار إنما يجب حيث لا خوف فوت مصلحة أو وقوع في مفسدة، وهنا يؤدي إلى فوات الخشوع، قاله (م ر).

لكن قال (حج): (علة الدفع مركبة من: عدم تقصير المصلي، وحرمة المرور، فلذا لايدفع المراهق؛ لعدم الحرمة عليه) اهـ

ولو تعارض الرداء والسترة .. قدمت إن كان مستور العاتقين، وإلا .. سترهما وإن فاتت، أو الخشوع والسترة، أو الصف الأول .. قدم الخشوع عليهما، أو الصف الأول والسترة .. قدِّم.

ويحرم المرور مع السترة في جميع الأحوال (إلا إذا صلى في قارعة الطريق) أو درب ضيق، أو باب مسجد، أو نحو ذلك (وإلا لفرجة) تركت (في الصف المتقدم) أو سعة بحيث لو دخلها .. لوسعته معهم بلا مشقة، أو استتر بما يشتغل به قلبه كامرأة ورجل استقبله، أو لم تستجمع سترته الشروط المتقدمة .. فلا يحرم المرور ولو في محل سجوده، لكنه خلاف الأولى، ويحرم حينئذٍ الدفع.

ولو صلى بلا سترة فوضعها غيره بين يديه ولو بلا إذنه .. اعتد بها، زاد في "الفتح": إن نوى الاستتار بها.

ويجوز المنع من الوقوف في حريم المصلي أو القارىء، وهو قدر ما يسجد فيه.

وحيث منعنا المرور بين يدي المصلي، فهل يجوز مد نحو اليد فيه حال عدم سجوده؟ قال في "القلائد": نعم، ونقل (ب ج) عن (ع ش) المنع.

* * *

ص: 290