الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(والستر) للعورة وإن قلنا بالأصح إنها ليست بدلاً عن ركعتين؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي عقب الخطبة، فالظاهر أنه يخطب متطهراً مستوراً.
فالشروط المذكورة: ثمانية، ويزاد: كونهما ممن يصح الاقتداء به كما مر، وكونهما قبل الصلاة، وترتيب أركانهما الثلاثة الأول على ما اعتمده الرافعي، والمعتمد سنة.
* * *
(فصل): في بعض سنن الخطبة والجمعة
.
(تسن) الخطبة (على منبر) ولو بمكة، خلافاً لمن قال: يخطب بباب الكعبة؛ للاتباع، ويسن وضعه يمين المحراب، أي: يمين المصلي فيه، وكان منبره عليه الصلاة والسلام ثلاث درج غير المسماة بالمستراح.
نعم؛ إن طال .. وقف على السابعة.
(فإن لم يتيسر) المنبر ( .. فعلى مرتفع)؛ لأنه أبلغ في الإعلام، فإنِ فقد .. استند إلى نحو خشبة.
(وأن يسلم) الخطيب (عند دخوله) المسجد على أهل كل صف، لكنه على من عند دخوله (و) من (عند طلوعه) المنبر آكد، ولا تندب له التحية إن قصد المنبر من حال دخوله، وإلا .. ندبت.
(و) أن يسلم أيضاً (إذا أقبل عليهم) بعد صعوده الدرجة التي تلي المستراح؛ لأنه استدبرهم في صعوده، فكأنه فارقهم.
قال (ب ج): (ويؤحذ منه: أنَّ من فارق غيره ثم عاد إليه سن له السلام عليه وإن قصرت المسافة جداً) اهـ قاله (ع ش).
وكون ما ذكر مفارقة فيه نظر، وأمَّا سنه .. فلا يبعد أنه خصوصية للخطيب؛ إذ من استدبر غيره في مكان واحد .. لا يعد مفارقاً له، وفي المرات كلها يلزم المأمومين الرد عليه على الكفاية.
وإنما ندب له استقبالهم مع أن فيه استدبار القبلة؛ لأنه اللائق بالخطاب، وأبلغ في قبول الوعظ.
ومن ثم كره خلافه إلا لمن بالمسجد الحرام؛ لأنه من ضرورة الاستدارة المندوبة في الصلاة.
(وأن يجلس) على المستراح (حالة الأذان)؛ ليستريح من تعب الصعود.
(وأن يقبل عليهم) بوجهه، ويرفع صوته زيادة على الواجب، ولا يعبث؛ للاتباع، وأن يؤذن بين يديه، ويسن اتخاذ المؤذن إلا لعذر وبفراغ الأذان يشرع في الخطبة، وهذا الأذان هو الذي كان في زمنه صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ثم لما كثر الناس في زمن عثمان رضي الله عنه .. أمر بالأذان الأوّل.
قال الشافعي: وتركه أحب إليَّ.
وفي "التحفة"، و"النهاية": إن قراءة المرقي آية (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ)[الأحزاب:56] ثم الحديث، بدعة حسنة؛ إذ فيه ترغيب للصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وتحذير من الكلام، وكان صلى الله عليه وسسلم يأتي بالخبر المذكور في خطبه، وهو صحيح.
(وأن تكون) الخطبة (بليغة) اي: في غاية من الفصاحة، ورصانة السبك، وجزالة اللفظ؛ لأنه أوقع في القلوب، ومن لازم البلاغة رعاية ما يقتضيه الحال، ويحسن تضمينها آيات وأحاديث مناسبة؛ إذ الحق أن التضمين والاقتباس جائز منهما ولو في الشعر وإن غير نظمها، ولا محذور أن يراد بالقرآن غيره كـ (ادخلوها بسلام آمنين) لمن استأذنه في الدخول.
نعم؛ إن كان في ذلك مجون .. حرم، بل ربما يكون كفراً.
(و) أن تكون (مفهومة)؛ لأن الغريب الوحشي لا ينتفع به أكثر الناس.
قال علي كرم الله وجهه: (حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟!).
(قصيرة) بالنسبة للصلاة؛ لخبر مسلم: "أطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة"،
فتكون متوسطة، ولا يعارضه خبره:"إن صلاته صلى الله عليه وسلم كانت قصداً"؛ لأن الطول والقصر من الأمور النسبية.
فعلم: أنَّ سَنَّ قراءة (ق) في الأولى لاينافي كونها قصيرة.
قال الأذرعي: وحسن أن يختلف ذلك باختلاف الأحوال، فقد يقتضي الحال الإسهاب، كالحث على الجهاد إذا قرب العدو أو صال، وكالنهي عن محرم عم فيهم.
(وأن يعتمد) حال خطبته (على نحو عصاً) أو سيف أو قوس (بيساره)؛ للاتباع، وإشارة إلى أن هذا الدين قام بالسلاح (ويمناه بالمنبر) إن لم يكن به نحو عاج، او نحو ذرق طير؛ لاشتراط الطهارة فيها كالصلاة.
فإن لم يشغلها بذلك .. وضع اليمنى على اليسرى، أو أرسلهما إن أمن العبث، ولو شغل اليمنى بحرف المنبر وأرسل اليسرى .. فلا بأس.
ويسن التيامن في المنبر الواسع، وإن يختم الخطبة الثانية بقوله: أستغفر الله لي ولكم.
(و) أن (يبادر بالنزول) إذا فرغ من الخطبة؛ ليبلغ المحراب مع فراغ المؤذن من الإقامة؛ مبالغة في تحقيق الموالاة بين الخطبة والصلاة ما أمكن.
(ويكره) ما ابتدعه جهلة الخطباء، ومنه:
(التفاته) في الخطبة الثانية، والإشارة بيده أو غيرها، لكن استثنى في "الإيعاب" الإشارة بالسبابة للحاجة، كتنبيههم؛ لخبر مسلم بذلك.
(ودق درج المنبر) في صعوده برجله أو نحو سيف، والدعاء إذا انتهى إلى المستراح قبل جلوسه عليه، والوقوف في كل مرقاة وقفة خفيفة يدعو فيها.
وساعة الإجابة إنما هي من جلوسه إلى فراغ الصلاة على الأصح من خمسين قولاً.
والمبالغة في الإسراع في الثانية، وخفض الصوت فيها.
(ويقرأ) ندباً (في) الركعة (الأولى: "الجمعة" وفي التانية: "المنافقون"، أو في الأولى: "سبح الأعلى" وفي الثانية "الغاشية") للاتباع فيهما، رواه مسلم، لكن الأوليان أفضل.