الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب الصلاة)
هي اسم مصدر صلى، مأخوذة من صلَيْتُ العود بالنار بالتخفيف إذا عطفته؛ لانعطاف أعضاء المصلي، أو من صلَّيت بالتشديد إذا حركت الصلوين عرقين في جانبي الخاصرتين ينحنيان عند انحناء المصلي.
وهي أفضل أركان الإسلام بعد الشهادتين، فالصوم، فالحج، فالزكاة.
وهي أيضاً أفضل عبادة البدن، ففرضها أفضل الفروض، ونفلها أفضل النفل، وإنما قدم الطهارة عليها؛ لأنها شرط لها، وهو مقدم طبعاً فيقدم وضعاً.
وخرج بعبادة البدن: عبادة القلب، كالإيمان والتفكر والمعرفة والتوكل والصبر ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم، فهي أفضل من عبادة البدن.
وشرعت ليلة الإسراء من غير واسطةِ وحيٍ في أشرف الأوقات والأحوال، ولم يشاركها في ذلك شيء من الواجبات الشرعية.
وهي لغة: الدعاء بخير. وشرعاً: أفعال وأقوال مفتتحةٌ بالتكبير، مختتمة بالتسليم غالباً، أو وضعاً فما خرج عن ذلك كصلاة المريض الذي يجريها على قلبه، والأخرس .. فمن غير الغالب أو لعارض، وسميت صلاة؛ لاشتمالها على الدعاء الذي هو صلاة لغة.
(تجب) أي: الصلاة المكتوبة، وهي الخمس المعلومة من الدين بالضرورة في كل يوم وليلة، والجمعة في يومها من الخمس، ولم تجتمع لعير نبينا صلى الله عليه وسلم، بل لآدم منها الصبح، ولداوود الظهر، ولسليمان العصر، وليعقوب المغرب، وليونس العشاء.
ويجب كل منها بدخول وقته وجوباً موسعاً إلى أن يبقى من وقته ما يسعها مع مقدماتها، فحينئذٍ يضيق.
(على كل مسلم) ولو فيما مضى، فتشمل المرتد ذكراً كان المسلم أو أنثى،
بخلاف الكافر الأصلي، فلا يطالب بها في الدنيا؛ لعدم صحتها منه وإن عذب على تركها -كغيرها من فروع الشريعة المجمع عليها- في الآخرة؛ لتمكنه من فعلها بالإسلام.
(بالغ عاقل) بلغته الدعوة -لا صبي- وإن لزم وليه أمره بها وصحت منه -ولا مجنون ومغمىً عليه وسكران بلا تعد، ولا من لم تبلغه الدعوة؛ لعدم تكليفهم، ووجوبها على متعد بنحو جنونه، وجوب انعقاد سبب؛ لوجوب القضاء.
(طاهر) لا حائض ونفساء وإن استعجلتا ذلك بدواء؛ لأنهما مكلفتان بتركها.
(فلا قضاء على كافر) أصلي أسلم؛ ترغيباً له في الإسلام؛ ولآية (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)[الأنفال:38]، أي: من حقوق الله، أما حقوق الآدمي .. فلا تسقط عنه، وكذا بعض حقه تعالى، كما لو زنى وأسلم فلا يسقط عنه الحد، وجزم (م ر) بعدم انعقاد قضاء أيام كفره، قال الكردي: والتحقيق خلافه، بل قوله بانعقاد قضاء الحائض يرد عليه.
(إلا المرتد) فيلزمه قضاء أيام ردته حتى زمن جنونه أو إغمائه أو سكره فيها، ولو بلا تعد تغليظاً عليه، بخلاف زمن نحو حيضها؛ إذ إسقاطها عنها عزيمة، فلم تؤثر فيها الردة، وعن نحو المجنون رخصة فأثرت؛ إذ ليس هو من أهلها، وأمر الحائض بترك الصوم مع وجوب قضائه خارج عن القياس؛ اتباعاً للنص.
(ولا) على (صبي) ولا صبية لما فاتهما في الصبا؛ لعدم تكليفهما، ويسن قضاء ما فاتهما فيه ولو قبل التميز، على خلاف فيه (ولا) على (حائض ونفساء)؛ لأنهما مكلفان بتركها، ومن ثم قال (حج):(يحرم قضاؤهما) -كما مر- (ولا) على (مجنون)؛ لعدم تكليفه (إلا المرتد) فيلزمه قضاء أيام جنونه؛ تغليظاً عليه (ولا) على نحو (مغمىً عليه) كمعتوه ومبرسم وسكران؛ لعدم تكليفهم، إلا المرتد .. فيلزمه القضاء مطلقاً كما مر، و (إلا السكران المتعدى بسكره) .. فيلزمه قضاء الزمن الذي ينتهي إليه السكر غالباً دون ما زاد عليه من أيام الجنون ونحوه، وفارق المرتد بأن من جُنَّ في ردته .. مرتد في جنونه حكماً، ومن جُنَّ في سكره .. ليس بسكران في دوام جنونه قطعاً.
(ويجب على) نحو (الولي) من كلٍّ من الأبوين وإن علا ولو من جهة الأم، والوجوب على الكفاية، فيسقط بفعل أحدهما؛ لأنه من الأمر بالمعروف، ولذا خوطبت به الأم ولا ولاية لها، ثم الوصي، ثم القيم، ثم الملتقط (والسيد) -والمودع، والمستعير، فالإمام، فصلحاء المسلمين- تعليم المميز من ذكر وأنثى، ما يضطر لمعرفته من الأمور الضرورية التي يشترك فيها العام والخاص وإن لم يكفر جاحدها.
ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم رسول الله، واسمه محمد بن عبد الله، وأنه من قريش وأمه آمنة، ولونه أبيض وولد بمكة، وبعث بها، وهاجر إلى المدينة ودفن بها، وبيان النبوة والرسالة، وغير ذلك مما لا يسع المكلف جهله.
وأول ما يجب: معرفته صلى الله عليه وسلم بوجه، ثم معرفته تعالى بما لا بد منه، بمعرفة عقيدة على مذهب أهل السنة، فأول ما يجب تعليمه المميز ذلك.
ثم بعد ذلك يجب (أمر) كل من (الصبي المميز) والصبية المميزة مع التهديد بغير ضرب (بها) أي: الصلاة ولو قضاء، وبغيرها من أمور الشرع الظاهرة ولو سنة، كسواك، وينهاه عن منيهاته (لسبع) أي: عقب تمامها إن ميز وإلا .. فعند التميز، بأن يأكل ويشرب ويستنجي وحده، وإنما لم يجب أمره قبلها؛ لندرة التميز حينئذٍٍ.
(و) يجب (ضربه) وضربها (عليها) أي: على تركها أو ترك شيء من واجباتها، أو المجمع عليه من غيرها ضرباً غير مبرح، فإن لم يفد إلا المبرح .. تركه، وسن للمؤدب أن لا يزيد على ثلاث ضربات، ويحرم تبليغه أدنى الحدود (لعشر) أي: ولو في أثنائها عند (م ر)؛ للخبر الصحيح: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع"، لكن قال "الجمل": التفريق ليس بواجب، والصوم كالصلاة إن أطاقه.
وحكمة ذلك: التمرين عليها، ويستحب أمر قن صغير لا يعلم سابيه بها؛ ليألفها بعد البلوغ، واحتمال كفره إنما يمنع الوجوب فقط، ويستمر طلب ما ذكره الى بلوغه رشيداً.
ويجب ضرب زوجة كبيرة على نحو ترك الصلاة إن أمن نشوزاً، والصغيرة وجوب تعليمها على الأبوين، فإن عدما .. فالزوج، وبجوز للولي استخدام صغير وإعارته، وكذا الأجنبي، كما في "تشييد البنيان" فيما لا يقابل بأجرة؛ لمسامحة الشرع بذلك.
(وإذا) زال مانع إيجاب الصلاة، كأن (بلغ الصبي) أو الصبية (أو أفاق المجنون أو) نحو (المغمى عليه أو أسلم الكافر أو طهرت الحائض أو النفساء قبل خروج الوقت ولو بتكبيرة) أي: بقدر زمن يسع تكبيرة (التحرم) فأكثر ( .. وجب القضاء) لصلاة ذلك الوقت إن لم يمكنه الأداء في الوقت أو الأداء إن أمكنه.
وإنما يجب (بشرط بقاء السلامة من الموانع بقدر ما يسع الطهارة) وكذا بقية شروط الصلاة عند (حج)، قال: نعم الصبي والكافر لا يحتاجان إلى الشروط في الوقت؛ لإمكان تقديمها على زوال مانعها.
(و) بقدر زمن يسع تلك (الصلاة) بأخف ممكن منها، كركعتين للمسافر وإن أراد الإتمام؛ تغليباً للإيجاب، كما لو اقتدى قاصر بمتم لحظة .. لزمه الإتمام.
(ويجب) أيضاً (قضاء ماقبلها إن جمعت معها) كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء؛ لاتحاد الوقتين في العذر، ففي الضرورة أولى (بشرط بقاء السلامة من الموانع) بعد زوال العذر (قدر الفرضين) بأخف ممكن.
(والطهارة) عن النجس والحدث وإن تعددت كما في طهر الضرورة، ولا بد أن يسع مع ذلك مؤداة وجبت، فلو بلغ، ثم جن -مثلاً- قبل ما يسع شيئاً من الفروض المذكورة .. فلا وجوب وإن زال الجنون عن قرب.
ولو أدرك ركعة من العصر -مثلاً- فعاد المانع بعد ما يسع المغرب .. وجبت فقط؛ لأنها صاحبة الوقت، وما فضل لا يكفي للعصر، هذا إن لم يشرع فيها قبل الغروب، وإلا .. تعينت عند (حج). ولو أدرك من العصر قدر ركعتين، ومن المغرب كذلك .. وجبت العصر عند (حج)، ولم تجب واحدة منهما عند (ر م). ولو أدرك ما يسع العصر والمغرب مع الطهارة دون الظهر .. تعين صرفه للمغرب والعصر، وسقط الظهر، وكذا يقال فيما لو أدرك آخر العشاء، فقس عليه. ولو أدرك أول العشاء قدر ثلاث ركعات .. لم تجب هي، ولا المغرب.