الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب صلاة العيدين)
عيد الفطر والأضحى وما يتعلق بهما، وهي كالكسوف والاستسقاء من خواص هذه الأمة.
والعيد مشتق من: العود؛ لتكرره بتكرر السنين، أو لعود السرور فيه.
وأوّل عيد صلاه النبي صلى الله عليه وسلم عيد الفطر من السنة الثانية من الهجرة، وشرع فيها كالأضحية، وفرض رمضان في شعبانها، وزكاة الفطر في رمضانها.
وصلاة عيد الأضحى أفضل من صلاة عيد الفطر، ويوم من رمضان أفضل من يوم عيد الفطر، والتهنئة بالعيد سنة.
ويدخل وقتها في عيد الفطر بمغرب ليلته، وفي الأضحى بصبح عرفة كالتكبير، وبالعام والشهر.
(هي سنة) مؤكدة؛ لمواظبته صلى الله عليه وسلم عليها، وإنما ترك صلاة عيد النحر بمنى؛ لكثرة ما عليه من الأشغال في ذلك اليوم، ولا دليل أنه تركها مطلقاً، بل روي أنه فعلها، وحمل على أنه فعلها منفرداً، ولذلك كانت للحاج منفرداً ولو بغير منى أفضل من الجماعة، ولغيره جماعة لو مسافرين أفضل.
ويكره تعدد الجماعة فيها بلا حاجة.
وهي فرض عين عند أبي حنيفة، وكفاية عند أحمد، وقول عندنا.
(ووقتها بعد طلوع) أوّل شيء من (الشمس) وإن قل، وقيل: بعد تمام طلوعها (إلى الزوال) من اليوم الذي يعيد فيه الناس وإن تأخر يوماً، كما في الوقوف بعرفة.
(ويسن تأخيرها إلى الارتفاع) للشمس قدر رمح؛ للاتباع، وخروجاً من خلاف مالك، وقول عندنا، ففعلها قبل ذلك خلاف الأولى.
(وفعلها في المسجد)؛ لشرفه، وتقف الحيض ببابه؛ ليسمعن الخطبة، لندبه لهن وحرمة دخولهن المسجد، و (ال) في المسجد للجنس الصادق بالمتعدد.
نعم؛ مرَّ كراهة التعدد بلا حاجة (إلا إذ ضاق) المسجد عن الناس، ولا نحو مطر .. فتندب في الصحراء، ويكره مخالفة ذلك فيهما.
نعم؛ مسجد مكة وبيت المقدس لا يضيقان بأهلهما.
وألحق ابن الأستاذ بهما مسجد المدينة؛ لأنه الأن متسع، واعتمداه في "المغني" و"النهاية".
وإذا خرج إلى الصحراء .. استخلف في المسجد من يصلي بالضعفة ومن لم يرد الخروج، ولا يخطب إلا بإذنه.
(و) يسن (إحياء ليلتهما) ولو جمعة (بالعبادة) من نحو صلاة وقراءة وذكر؛ لخبر: "من أحيا ليلتي العيد .. أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب"، ويحصل بإحياء معظم الليل وبصلاتي الصبح والعشاء في جماعة، بل وبصلاة الصبح جماعة.
نعم؛ الحاج لا يسن له من الصلاة غير الرواتب، بل اختار جمع عدم سن الرواتب له، بل أنكر ابن الصلاح سن إحيائها للحاج.
(و) يسن (الغسل) لكل من العيدين.
ويدخل وقته (من نصف الليل)؛ ليتسع الوقت لأهل السواد الآتين إليها قبل الفجر؛ لبعد خطتهم.
(والتطيب والتزين) بما مر في الجمعة، إلا إنه هنا يسن له أن يلبس أحسن ثيابه ولو غير بياض، وعند التساوي البياض أولى.
وفارق الجمعة بأن المراد هنا إظهار النعم، وهو بالأعلى أولى، وفي الجمعة إظهار الكمال، وهو في البياض أعلى، وإلا أنه هنا يسن الغسل والتزين والتطيب (للقاعد) أي: لمن لم يرد الخروج لصلاة العيد (والخارج) لها (والكبار، والصغار للمصلي) منهم ولو منفرداً (وغيره)؛ لأن الغسل هنا لليوم، بخلافه في الجمعة فلمريد الحضور، ولذا لم يسن لغيره.
نعم؛ لا يزيل شيئا من بدنه في الأضحى حتى يضحي من معه أضحية.
(و) يسن (خروج العجوز) بإذن زوجها لصلاة العيد والجماعات (ببذلة) أي: في
ثياب مهنتها (بلا طيب) ويتنظفن بالماء، ويكره مع التزين أو التطيب، كما يكره لذات هيئة ولو عجوزاً، ولشابه ولو مبتذلة، بل يصلين في بيوتهن، ولا بأس بجماعتهن، ولا بأن تعظهن واحدة منهن، وندب التزين لمن لم يخرج منهن.
(والبكور) لمريد صلاة العيد ومن الفجر؛ ليحوز فضيلة القرب من الإمام وإنتظار الصلاة، هذا إن خرجوا للصحراء، وإلا .. فيسن خروجه بما يريده من الزينة، ويمكث بعد صلاة الفجر.
فإن لم يخرج بذلك أو أراد زيادة تزيين .. ذهب وتزين، ورجع فوراً، ولو تعارض البكور وتفريق الفطرة .. فالأولى تفريقها، أو والغسل .. أخر له.
ومحل ندب التبكير (لغير الإمام) أمَّا هو .. فالسنة حضوره وقت صلاته (والمشي) إلى المصلى (ذهاباً) أي: في ذهابه إلا لعذر وبسكينة؛ للخبر الصحيح في الجمعة: "وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة".
أمَّا مع العذر، كبعد أو ضعف .. فلا بأس بركوبه، كما في رجوعه منها.
(والرجوع) من المصلى (بطريق آخر أقصر) من طريق الذهاب؛ للاتباع.
والحكمة: أن أجر الذهاب أعظم، فندب تطويله؛ ليكثر الأجر بكثرة الخطا، وليستفتى ويتصدق ويزور فيهما، ولتشهد له الطريقان، وغير ذلك (كما في سائر العبادات) فيسن فيها ما ذكر؛ لما ذكر إلا في الحج والغزو .. فيسن فيهما الركوب مطلقاً.
(و) يسن للإمام (الإسراع) في الخروج إلى الصلاة (في) عيد (النحر، والتأخر) قليلاً (في) الخروج إلى صلاة عيد (الفطر)؛ لخبر مرسل فيه، وهو حجة في مثل هذا.
وحكمته: اتساع وقت الأضحية بعد الصلاة.
ووقت إخراج الفطرة قبلها؛ فإن هذا أفضل أوقاتهما.
(و) يسن لكل أحد (الأكل) والشرب (فيه) أي: الفطر (قبلها) أي: الصلاة ولو في الطريق أو المسجد، ولا تنخرم به المروءة؛ للعذر.
(و) يسن (تمر، ووتر) أي: كون مأكوله ذلك، وألحق به الزبيب.
ويمسك في الأضحى؛ للاتباع، وليمتاز يوم العيد عما قبله بالمبادرة بالأكل أو تأخيره، أي: من حيث الأصل وإن كان صائماً فيما قبل الأضحى، ومفطراً فيما قبل عيد الفطر؛ لأن المراد شأنه ذلك.
وصلاة العيد: ركعتان، وهي كغيرها فيما يجب، ويسن، ويكره لكنها تزيد على غيرها بأمور تندب فيها (و) منها:
أنه (يكبر) مصليها (في الأولى) ولو قضاء (قبل القراءة) والتعوذ (سبعاً يقيناً) غير تكبيرة الإحرام والركوع، فإن شك أخذ بالأقل (مع رفع اليدين) في كل تكبيرة حذو المنكبين كما مر في صفة الصلاة، وأن يضع يمناه على يسراه بين كل تكبيرتين.
ووقت التكبيرات المذكورة (بين الاستفتاح والتعوذ) فلو تركها ولو سهواً، وشرع في التعوذ، أو في قراءة السورة قبل الفاتحة .. لم تفت، أو في الفاتحة هو أو إمامه قبل تمام المأموم التكبيرات المذكورة .. فاتت؛ لفوات محلها، فلا يتداركها.
ولو أتى به بعد (الفاتحة) .. سن له إعادتها وإن حصل تكرير ركن قولي، وهو مبطل في قول؛ لأنه ضعيف جداً؛ ولأن محله حيث لا عذر، أمَّا معه كما هنا .. فلا، أو بعد الركوع بأن ارتفع ليأتي به .. بطلت صلاته إن علم وتعمد.
(وفي الثانية خمساً) يقيناً، سوى تكبيرة القيام، نظير ما تقرر في الأولى.
ولو ترك إمامه التكبيرات .. لم يأت بها، أو نقص أو زاد .. وافقه سواء أتى به قبل القراءة أو بعدها وقبل الركوع.
نعم؛ الزيادة التي لا يراها أحدهما لا يوافقه فيها.
وإنما أتى المأموم بدعاء الافتتاح، وتكبير الانتقال وإن تركه إمامه؛ لأنهما سنة من الصلاة، والتكبير سنة فيها؛ ولأنهما آكد بكونهما مجمعاً عليهما.
وعبارة (سم): (ولو تركه الإمام .. لم يأت به المأموم، فإن أتى به .. لم تبطل صلاته؛ لأنه ذكر هذا إن اتحدت صلاتهما، أمَّا لو اقتدى مصلي العيد بمصلي الصبح مثلاً .. فإنه يأتي بالتكبير؛ لأن المخالفة مع اتحاد الصلاة تفحش في الجملة، وتعد افتئاتاً على الإمام) اهـ
ويكره ترك التكبيرات والزيادة فيها والنقص منها، وترك رفع اليدين والذكر بينهما.
(ولا يكبر المسبوق إلا ما أدرك) من التكبيرات مع إمامه.
قال في "الشرح": (فلو اقتدى به في الأولى مثلاً، وأدرك منها تكبيرة .. كبرها فقط، أو في أوّل الثانية .. كبر معه خمساً فقط، وأتى في ثانيته بخمس فقط؛ لأن في قضاء ذلك ترك سنة أخرى) اهـ
قال (ب ج): قال (م ر): ويسن أن يتدارك المتروك مع تكبيرها قياساً على قراءة الجمعة من الركعة الأولى من الجمعة، فإنه إذا تركها فيها .. سن له أن يقرأها مع المنافقين في الثانية، وجرى (حج) على أنه لا يتدارك.
(و) سن (قراءة "ق") في الأولى (و"اقتربت") في الثانية، وإن أمَّ بجمع غير محصورين (أو "الأعلى") في الأولى (و"الغاشية") في الثانية بكمالها؛ للاتباع، والأوليان أولى، ومرَّ أنه يجهر في العيد ولو قضاء.
(ويقول) ندباً (بين كل تكبيرتين) من السبع والخمس المتقدمة (الباقيات الصالحات) المذكورة في آية: (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ)[الكهف:46] وهي عند ابن عباس، وجماعه:(سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) ولو زاد ذكراً آخر .. جاز إن لم يطل فصل.
ومن الجائز: ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ويسن كون ذلك (سراً) والتكبير جهراً، وكونه (واضعاً يمناه على يسراه) تحت صدره (بينهما) أي: بين كل من التكبيرات المذكورة، ولو والى التكبير والرفع .. لم تبطل صلاته، حيث لم يزد على المسنون عند (م ر).
وقال (حج): (تبطل، وإنه لو اقتدى بحنفي والى التكبير والرفع .. لزمه مفارقته، قال: وليس كما مر في سجود الشكر من أنه لا يلزمه مفارقته إذا سجد في (ص)؛ لأن المأموم يرى مطلق السجود في الصلاة، لا توالي الأفعال اختياراً، ويظهر ضبط الموالاة بأن لا يستقر العضو بحيث ينفصل رفعه من هويه، حتى لا يسميان حركة واحدة) اهـ
ولا تبطل بالشك في الموالاة.