الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عين إذا تيمم لغيره، ولا يجاوز الوجه واليدين، وتبطله الردة، ويجب قصد التراب فيه، ونقله، وضربتان، ولا يصح قبل الوقت، ولا قبل معرفة القبلة، ولا قبل ازلة النجاسة، وتجب الإعادة فيه في صور، ولا يستحب تجديده ولا تثليثه، بخلاف الوضوء في جميع ذلك.
(ومن لم يجد ماء ولا تراباً .. صلى الفرض) المكتوب (وحده)؛ لحرمة الوقت، كالعاجز عن نحو السترة، وهي صلاة صحيحة في أحكامها، لكنها تبطل بتوهم التراب ولو بمحل لا يسقط القضاء، كما نقله (سم) عن (م ر)، وتجوز منه أول الوقت وإن رجى أحد الطهورين في الوقت عند (حج).
وخرج بالفرض المذكور: النفل ومنه نحو سجدة تلاوة ومس مصحف ونحوه، وقراءة قرآن سوى الفاتحة في الصلاة، ومر أن تمكين الحليل في رتبة مس المصحف، وبالمكتوب: النذر، وبالأداء: القضاء؛ لعدم الضرورة إلى جميع ما ذكر، وصلاة الجنازة كالنفل عند (م ر)، وفي "التحفة": يصلي قبل الدفن، ثم يعيد إذا وجد الماء أو التراب (و) إذا صلى فاقد الطهورين الفرض .. (أعاد) بالماء مطلقاً، أو بالتراب بمحل يسقط به الفرض؛ لأنه عذر نادر لا يدوم، والمراد بالإعادة: ما يشمل القضاء.
فرع من "العباب": (وجد فاقد الطهورين في الوقت بعد فعل الصلاة التراب بمحل لا تسقط فيه الصلاة بالتيمم وجب فعلها) اهـ
واختار النووي القول: بأن كل صلاة وجبت في الوقت مع خلل، لا تجب إعادتها؛ لأن القضاء بأمر جديد ولم يثبت.
* * *
(فصل) في الحيض
والاستحاضة والنفاس.
و (الحيض): دم جبلة يخرج في وقت مخصوص من أقصى الرحم، والأصل فيه آية:(وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ)[البقرة:222] وخبر الصحيحين: "هذا شيء كتبه الله على بنات آدم".
(وأقل) زمن (الحيض) -تقطع أو اتصل- أربع وعشرون ساعة، وهي قدر (يوم وليلة) متصلاً بأن تكون لو أدخلت فرجها نحو قطنه .. لتلوثت، وذلك باستقراء الشافعي
فيه وفيما بعده، إذ لا ضابط لشيء من ذلك لغةً، ولا شرعاً، فرجع فيه إلى المتعارف بالاستقراء، فما نقص عن ذلك يقيناً .. فليس بحيض، بخلاف ما بلغه ولو بالشك -كما قاله (م ر) - في العدد، ولو مفرقاً في خمسة عشر يوماً بلياليهن، ولو أصفر أو أكدر؛ إذ كل منهما أذىً، فشملته الآية وإن لم يتقدمه قوي وخالف العادة.
(وأكثره) زمناً (خمسة عشر يوماً بلياليها) إن بلغ مجموعه منها قدر يوم وليلة وإن لم يتصل، وهو مع نقاء تخلله حيض إن لم يجاوز مع النقاء خمسة عشر يوماً؛ لأنه حينئذٍ يشبه الفترة بين دفعات الدم، فسحب عليه حكم الحيض.
أمَّا الذي لم يبلغ أقله أو جاوز أكثره .. فاستحاضة، وكذا ما أتى قبل تسع سنين أو قبل أقل الطهر.
(وغالبه: ست أو سبع).
(و) أول إمكان (وقته) ووقت إنزال صبي وصبية (تسع سنين) قمرية ولو ببلاد باردة تقريباً، فيتسامح قبل تمامها بما لا يسع أقل حيض وطهر، ولا آخر لسنه.
(وأقل) زمن (طهر) فاصل (بين) زمني (الحيضتين) لا بين حيض ونفاس؛ إذ يجوز أن يكون أقل من ذلك قال (ع ش): (بل يجوز أن لا يكون بينهما طهر أصلاً). (خمسة عشر يوماً بلياليها)؛ لأنه أقل ما ثبت وجوده، ولا حد لأكثره إجماعاً؛ إذ قد لا تحيض المرأة أصلاً، ولو اطردت عادة امرأة، أو أكثر بمخالفة شئ من ذلك .. لم تتبع؛ لأن بحث الأولين أتم، وحمل دمها على الفساد أولى من خرق العادة المستمرة، وإنما خرقوها فيمن رأت الدم بعد سن اليأس، حيث حكموا بأنه حيض؛ لأن الاستقراء هنا أتم منه هناك؛ لعدم الخلاف فيه عندنا، بخلافه ثم.
(ويحرم به) أي: الحيض (ما يحرم بالجنابة)؛ لأنه أغلظ، بل يزيد بأنه يحرم به الطهر بنية التعبد في غير نحو نسك وعيد.
(ومرور المسجد) أي: فيه (إن خافت تلويثه) ولو احتمالاً؛ احتياطاً له، ومثلها كل ذي خبث يخشى منه تلويثه، فإن أمنته .. كره؛ لغلظ حدثها، وبه فارقت الجنب، وذا الخبث. قال (م ر):(ومحل كراهة عبورها إذا لم تكن لها حاجة إلى العبور).
(والصوم) إجماعاً (والطلاق فيه) لزوجة موطوءة ولو في الدبر، أو في طهر وطئها فيه إن أمكن حبلها إن لم تبذل له مالاً في مقابلة؛ لتضررها بطول مدة التربص؛ إذ ما بقي منه لا يحسب من العدة، ومن ثم لو كانت حاملا بلاحق بالمطلق ولو احتمالاً .. لم يحرم.
(والاستمتاع بما بين السرة والركبة) بوطء مطلقاً أو بغيره بلا حائل؛ لآية: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ)[البقرة:222]، وخبر:"لك ما فوف الإزار"، كناية عن حل ما بينهما بحائل بغير وطء، وحل غيره مطلقاً، وقيل: إنما يحرم الوطء؛ لخبر: "اصنعوا كل شئ إلا النكاح" لكنه معارض للخبر الأول، فقدم الأول؛ لما فيه من الاحتياط.
وعبر بالاستمتاع كـ"الروضة"، وجرى عليه (حج) في غالب كتبه، فشمل النظر واللمس بلا حائل، لكنه يختص بالشهوة. وعبر في "التحقيق" وغيره بالمباشرة المختصة باللمس بلا حائل بشهوة، وبغيرها دون النظر ولو بشهوة. قال الكردي: والأول أوجه.
ومحل جواز مباشرة ما ذكر ما لم يعلم من عادته أنه إذا باشر .. وطئ؛ لقلة تقواه وقوة شبقه، وإلا .. حرم.
ويجوز تمتع الزوجة بما بين سرته وركبته وإن كانت هي المستمتعة عند (م ر)، ويستمر تحريم ما ذكر إلى أن تغتسل أو تتيمم.
نعم؛ الصوم والطلاق والطهر يحل بالانقطاع، ويستحب لمن وطئ في أول الدم أن يتصدق بدينار أو قدره ولو على فقير واحد، وبنصفه أو قدره لمن وطئ في آخره زوجاً كان أو غيره، وهو من الكبائر، وكذا يندب لمن ارتكب كبيرة التصدق بدينار، ولمن ارتكب صغيرة التصدق بنصفه.
(ويجب عليها) أي: الحائض (قضاء الصوم) بأمر جديد؛ لأن منعها من الصوم عزيمة، والمنع والوجوب لا يجتمعان (دون الصلاة) إجماعاً فيهما؛ لخبر عائشة:"كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة"؛ للمشقة في قضائها، لأنها تكثر، ولم يبن أمرها على التأخير ولو بعذر، بخلاف الصوم، بل يكره قضاؤها عند (م ر)، ويحرم ولا يصح عند (حج).
* * *
(فصل) في المستحاضة.
والاستحاضة: دم علة يخرج من عرق فمه في أدنى الرحم.
وتنحصر بأنها: الدم الخارج في غير أوقات الحيض والنفاس، فهي الدم الخارج قبل تسع سنين أو بعدها، ونقص عن قدر يوم وليلة، والزائد على خمسة عشر يوماً بلياليها، والآتي قبل تمام أقل الطهر، أو مع الطلق ولم يتصل بحيض قبله.
وقيل: هي المتصلة بدم الحيض فقط، وغيره دم فساد.
والاستحاضة حدث دائم، فلا يمنع شيئاً مما يمتنع بالحيض من نحو صلاة ووطء ولو مع جريان الدم.
(والمستحاضة) إن لم تستنج بالحجر بشرطه (تغسل) وجوباً (فرجها) من النجاسة (ثم تحشوه) بنحو قطنه وجوباً؛ دفعاً للنجس أو تخفيفاً له (إلا إذا) تأذت به، كأن (أحرقها الدم) .. فلا يلزمها الحشو (أو كانت صائمة) .. فيلزمها تركه، والاقتصار على الشد نهاراً؛ رعاية لمصلحة الصوم، وإنما لم تراع الصلاة هنا، كمن ابتلع بعض خيط وطرفه من خارج حيث يؤمر بنزعه، أو بلعه ويفطر؛ لأن المحذور هنا -وهو النجس- لا ينتفي بالكلية (فإن لم يكفها) الحشو ( .. تعصبه) بعد الحشو (بخرقة) مشقوقة الطرفين على كيفية التلجم المشهور، ولا يضر بعد ذلك خروج الدم، إلا إن قصرت في الشد.
(ثم) بعد ما ذكر (تتوضأ أو تتيمم)؛ لوجوب الموالاة عليها في جميع ما ذكر.
وإنما يصح الطهر (في الوقت) ولو لنفل لا قبله؛ لأنه طهارة ضرورة كالتيمم.
ومن ثم كانت كالمتيمم في تعيين نية الاستباحة، وأنها لا تجمع به بين فرضي عين، ولا تصلي به فرضاً إذا تطهرت لنفل وغير ذلك، لكنها يصح طهرها قبل إزالة النجس.
(وتبادر) وجوباً عقب ما مر (بالصلاة) ولو نفلاً؛ تقليلاً للحدث، لكن لا يضر الفصل بدون ركعتين خفيفتين (فإن أخرت) زائداً على ذلك (لغير مصلحة الصلاة) كأكل ( .. استأنفت) جميع ما مر وجوباً وإن لم تزل العصابة عن محلها، ولا ظهر دم
لتكرر حدثها مع استغنائها عن احتماله، بخلاف ما هو لمصلحتها كإجابة مؤذن، وانتظار جماعة من كلِّ كمالٍ مطلوب لأجل الصلاة، فلا يضر وإن خرج الوقت.
(وتجب الطهارة، وتجديد العصب) وإن لم يزل عن محله وغير ذلك -مما مر- (لكل فرض) عيني ولو نذراً، ولكل حدث غير حدثها الدائم، ولها مع الفرض ما شاءت من النوافل ولو بعد الوقت.
(وسلس البول و) سلس (المذي) والودي والريح والغائط والمني (مثلها) -في جميع ما مر- وذو جرح سائل مثلها في وجوب الشد، وغسل الدم لكل فرض.
نعم؛ سلس المني يلزمه الغسل لكل فرض، وبقية أحكام المستحاضة تعلم من المطولات.
فائدة: (السلس) بالكسر: الشخص، وبالفتح: المصدر.
(وأقل) زمن (النفاس) وهو لغة: الدم الخارج أوله قبل خمسة عشر يوما بعد فراغ الرحم من جميع الولد، ولو علقة أو مضغة فيها صورة خفية؛ إذ لا يسمى ولادة إلا حينئذٍ من النفس، وهو الدم؛ إذ به قوام الحياة، أو لخروجه عقب نفس فأوله من خروج الدم، وإن تأخر عن الولادة .. فزمن النقاء بعد الولادة يلزمها فيه أحكام الطاهرات، لكنه يحسب من الستين (لحظةٌ) أي: ما وجد منه، فهو نفاس وإن قل.
(وأكثره) زمناً (ستون يوماً، وغالبه أربعون) يوماً بالاستقراء.
(ويحرم به ما يحرم بالحيض) -مما مر- لأنه دم حيض مجتمع قبل نفخ الروح، وبعده يكون غذاء الولد، ولا يؤثر في لحوقه بالحيض مخالفته له في أنه لا تتعلق به عدة، ولا استبراء، ولا بلوغ؛ لحصولها قبله بالولادة، والإنزال الناشئ عنه العلوق.
تتمة: يجب على النساء تعلم ما يحتجن من هذا الباب وغيره، فإن كان نحو زوجها عالماً .. لزمه تعليمها، وإلا فليسأل لها ويخبرها، أو لتخرج لتعلم ذلك، وليس لها الخروج لغير تعلم واجب من نحو مجلس ذكر إلَاّ برضاه، وبمحرم أو نحوه معها إن خرجت عن سور أو عمران البلد، بخلاف الواجب فتخرج له ولو غير تعلم ولو وحدها إذا أمنت، والله أعلم.
* * *