الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في الدجَّال وما يتعلق به، والكلام عليه في أربع مقامات
المقامُ الأول في اسمه ونسبه ومولده:
فأما اسمه فإنه صافي بن صياد أو صائد ومولده المدينة، بناء على أن ابن صيّاد هُو الدجال، كما يأتي.
وقيل: أن الدجال شيطانٌ مُوثَّق في بعض الجزائر وهوَ من أولاد الشق الكاهن المشهور، أو هُو شق نفسه وكانت أمه جِنيَّة فعشقت أباه فاوْلَدها شقا وكانت الشياطين تعمل له العجائب، فحبسه سُليمانُ وليس بشيء.
وأمَّا لقبُه: فالمسيحُ بفتح الميم وكسر السين، مُخفَّفة وبالحاء المُهْمَلَة، وسُمِعَ مَسّيحُ، بالتشديد، قاله الأزهريُّ (1) على وزن فَعّيل فرقًا بينَه وبينَ عيسى عليه السلام قال الغنيمي الشافِعيُ في رسالته:"الأجْوبةُ المفيدة على الأسئلة العديدة" ما نصُّه: قال ابن دِحية: عن شيخه أبي القاسم عن أبي عمران موسى بن عبد الرحمن، قال: سمعتُ الحافظ أبا عمر بن عبد البر (2) يقول: ومنهمُ من قال ذلك بالخاء المعجمة، وذلك عند أهل العلم خطأ ولذا ثبتَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه نطق به بالحاء المهملة، ونقله الصحابة المبلغون عنه وقال الراجز: إذا المسيحُ قتل المسيحا، يَعني: عيسى عليه السلام، يقتُلُ الدجال. انتهى (3). مُلخّصًا وقد بُسَط الكلامَ على ذلك، فليُراجَع.
(1)"تهذيب اللغة" مادة: مسح.
(2)
انظر "التمهيد"(14/ 188).
(3)
"التذكرة" ص 768.
وأمّا صِفتُه: فالدجَّالُ: مشتق من الدجل وهو خلط واللبس والخدع، فمعنى الدجال الخَداع الملبِّسُ على النّاس، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم، حينَ خَطبَ إليه (1) أبو بكر فاطمة رضي الله عنها:"إني وعدتهُا لعلّي ولستُ بدجَالٍ" أي: لستُ بخدّاع ولا مُلبِّس عليك أمرك.
وأما تَلقيبُهُ بالمسيح: فقيل؛ لأنّ عينَه الواحدة ممسوحَة، يقال: رجل مَسيحُ (2) الوَجْه؛ إذا لمْ يَبقَ على أحَد شقي وجهه عينٌ ولا حاجبٌ إلا استوى. وقيل لأنَّه يمسحُ الأرض أي: يَقطعُها. وقال أبو الهيثم: هو مسيحٌ بوزنِ سكّيت، وهو الذي مسحَ خلقهُ وشوّهَ.
وزعم بعضهُم أن الدجَّالَ بالخاء المعجمة، وعيسى بالمهملة قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": وبَالغَ القاضي ابن عربي فقال: ضَلَّ قومٌ فروَوْهُ بالخاء المُعجَمة، وشدَّدَ بعضُهم السين، ليُفرّقُوا بينه وبين المسيح ابن مريم عليه السلام، وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الدجّال:"مسيحُ الضلالة"(3)، فدل أن عيسى مسيحُ الهُدى، فأرادَ هؤلاء تعظيمَ عيسى، فحرفوا الحديث (4). قال في "القاموس" (5): اجتمع لنا في تسمية المسيح خمسون قولاً قُلْتُ: لم أرَ في كتب اللُّغَةِ بعدَ الفحصِ التام، والحرصِ على مُراجعةِ هذه المادَّة أحدًا ذكر أنَه
(1) ذكره في "مجمع الزوائد"(9/ 204)، و"الموضوعات" لابن الجوزي (1/ 382)، و"غريب الحديث" للخطابي (1/ 626)، و"الفائق"(1/ 421)، و"المجموع المغيث"(1/ 640) بألفاظ متقاربة.
(2)
انظر "لسان العرب" مادة: مسح.
(3)
أحمد (2/ 291).
(4)
"فتح الباري" 13/ 94.
(5)
انظر "تاج العروس" مادة: مسح.