الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال بعضُ العلماءِ: إنَّ الموزون نفس الأعمال بأنْ تجسد ثم توزن والصواب ما تقدم على أن هذا لا ينافيه والله أعلم.
فائدتان:
الأولى: قال النسفي: إنَّ الإيمانَ لا يوزن؛ لأنه ليسَ له ضد يوضع في كفةِ الميزان الأخرى؛ لأنَّ ضده الكفر. والإيمان والكفر لا يكونان في الإنسانِ الواحد (1).
قُلْتُ: قد تقدم أنَّ كلمة الإخلاص وهي من الإيمان بل هي أس الإيمان ونحن نقول: الذي يوزن ثواب الإيمانِ وثواب العمل الصالح هذا الذي يظهر لي والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقال العلامة: قلت: وورَدَ أنَّ البكاء مِن خشية اللهِ لا يوزن لعظمهِ عند اللهِ. أخرجَ الإمامُ أحمد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نزلَ عليه جبريل وعنده رجل يبكي قال: "من هذا؟ " قال: "فلان" قال جبريل عليه السلام: "إنا نزن أعمالَ بني آدم كلها إلَاّ البكاء فإنَّ اللهَ يطفي بالدمعة الواحدة بُحُورًا من جهنم"(2). وأخرجَ البيهقي: "لو أنَّ باكيًا بكى في
(1) قال محقق تحقيق البرهان (66) بعد كلام سبق يبدو لي أن الذي جرهم إلى القول بأن الإيمان لا يوزن، اعتقادهم بأن الإيمان اسم لمجرد التصديق بالقلب، وهو بسيط مركب، لا يقبل الزيادة والنقصان وهو مذهب غير صحيح، والذي عليه السلف أن الإيمان هو قول باللسان واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، يقبل الزيادة والنقصان.
(2)
رواه أحمد في "الزهد" ص (35).
أمَّةٍ مِنَ الأممِ لرحموا وما من شيء إلا له مقدار وميزان، إلا الدمعة فإنها يطفئ بها بحار من جهنم" (1). وأخرج البزار، والطبراني، والدارقطني، والأصبهاني عن أنسٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "يؤتى يوم القيامةِ بصحف مختمة فتنصب بين يدي اللهِ تعالى فيقول اللهُ: ألقوا هذه. فتقول الملائكة: وعزتك ما كتبنا إلَاّ ما عملَ فيقول عز وجل: إنَّ هذا كان لغير وجهي وإنيِّ لا أقبل اليوم إلَاّ ما ابتغي به وجهي" (2) فهذا الحديث دلنا على أنَّ ما لم يقصد به وجه اللهِ لا يوزن فنسأل الله بمنهِ وكرمه أنْ يرزقنا علمًا، وعملاً، وإخلاصًا فإنَّه لا سبيل لواحدٍ من ذلك إلا بمعونةِ المالك.
الثانية: اختلفَ العلماء رحمهم الله تعالى ما الحكمة في وزنِ الأعمالِ مع أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى عالم بكلِّ شيء على وجه التفصيل والإجمال؟ فقال الثعلبي: قولاً سنيًا. وحاول وجها يصير به اللبيب مرضيًا فقال: ذلك لتعريفِ الله عباده ما لهم عنده مِنَ الجْزاء من خيرٍ أو شرٍ ويعلم كلّ منهم أو امتحانهم بالإيمان في الدَّنيا وجعل ذلك علامة لأهْلِ السعادةِ، والشقاوة في العقبى وإقامة الحجة عليهم وإلا فهو يعلم ما لديهم.
(1)"شعب الإيمان" 1/ 494 (811). وقال: هذا مرسل، وقد روي من قول الحسن البصري أيضًا برقم (812).
(2)
رواه البزار كما في "كشف الأستار" 4/ 157 (3435). والطبراني في "الأوسط" 3/ 97 (2603). والدارقطني في "سننه" 1/ 51.