الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث في نزول سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام
أخرجَ الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم، حكمًا عدلا، فيكسرُ الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية"(1) الحديث وفي رواية لمسلم عنه "واللهِ لينزلَنَّ ابن مريم حكمًا عادلًا فَليكسرنَّ الصليب"(2) بنحوه.
وأخرج مسلم عن جابر قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزالُ طائفةٌ من أمّتي يقاتلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة قال: فينزلُ عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم: تعال صَلِّ لنا فيقولُ: لا، إنَّ بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة"(3).
وقال العلامة في "البهجة"(4) هو أي نزول عيسى ثابت بالكتاب والسنة، وإجماع الأمّة أما الكتاب فقوله تعالى {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا
(1) رواه البخاري (2222)، ومسلم (242).
(2)
رواه مسلم (243).
(3)
رواه مسلم (247).
(4)
"البهجة" ص 202 - 203.
لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] أي: ليؤمننَّ بعيسى قبلَ مِوت عيسى، وذلك عند نزوله من السماء آخر الزمان (1)، حتى تكونَ الملّةُ واحدة، ملةُ إبراهيم حنيفا مسلما، ونوزع في الاستدلال بهذه الآية: وإن الضميرَ في قوله "قبل موته" لليهود ويؤيده قراءة أُبيّ قبل موتهم (2).
(1) جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرويه ابن عباس في قوله: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61] قال: "نزول عيسى ابن مريم من قبل يوم القيامة" رواه الإمام أحمد 1/ 317، والطبراني مطولًا 12740، والطبري في تفسيره 25/ 90. يقول ابن كثير رحمنا الله وإياه في تفسيره الصحيح أن الضمير عائد على عيسى عليه السلام فإن السياق في ذكره واستبعد القول الثاني: أي هاء الكفاية في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} قولان أحدهما: أنها ترجع إلى عيسى عليه السلام. والثاني: أنها ترجع إلى القران.
-أعود إلى كلام ابن كثير- حيث قال: ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة كما قال تبارك وتعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} ، قال: وهكذا روي عن أبي هريرة وابن عباس وأبي العالية وأبي مالك وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم، قال: وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بنزول عيسى ابن مريم عليه السلام قبل يوم إمامًا عادلًا، وحكمًا مقسطًا والقراءة الأخرى هي بفتح العين واللام وهي قراءة ابن عباس وأبي رزين وأبي عبد الرحمن وقتادة وحميد وابن محيض كما في زاد المسير (7/ 325) وقرأ الجمهور {لْعِلْمٌ} بفتح اللام وكسر العين، قال ابن قتيبة من قرأ بكسر العين فالمعنى أنه يُعلم به قرب الساعة ومن فتح العين واللام فإنه بمعنى العلامة والدليل. ا. هـ قلت: وعلى كلا المعنيين والقرآنين فيه دليل على نزوله في آخر الزمان والله أعلم.
(2)
انظر الكشاف (1/ 313).
وأما السُّنّة فلا نزاع فيها (1).
وأما الإجماع فقد أجمعت الأمّة على نزوله، ولم يُخالف فيه أحد من أهل الشريعة، وإنما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة (2)، وقد انعقد إجماع الأمّة على أنه متبع لهذه الشريعة المحمدية، وليس بصاحب شريعة
(1) نقتصر علي ما ورد من الأحاديث الصحيحة فمنها رواية أبي هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا، يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد" رواه البخاري (2222)، ومسلم (155)(242)، وأحمد (2/ 240، 537)، وغالب كتب الحديث أخرجته.
ومنها حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: سمعت رسوله الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون علي الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسي ابن مريم، فيقول أميرهم: تعال صل لنا فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة" رواه مسلم (156)، وأحمد (3/ 384، 345).
ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجًا أو معتمرًا، أو ليثنينهما" رواه مسلم (1252)، والبغوي (4278)، والحميدي (1005)، وأحمد (2/ 240، 272، 513، 540)، وعبد الرزاق (20842)، وحديث أبي هريرة رواه أبو داود (4324)، والطبري في تفسيره (10830)، وأحمد (2/ 406، 437).
وحديث عائشة رواه أحمد (6/ 75)، وابن حبان (6822)، وحديث النواس بن سمعان رواه مسلم (2937)، وابن ماجه (4075)، وأبي هريرة رواه مسلم (155)، وأحمد (2/ 493، 494)، والبغوي (4276).
(2)
وأنكره أيضًا بعض المعتزلة والجهمية.